الاختبار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو العلم بالشيء، لكن كأنّه لا يطلق على العلم بظاهر الشيء بل
بباطنه ممّا لا يعلم إلّا بالتجربة.
اختبار- وزان افتعال- مصدر اختبر أصله من الخُبر وهو العلم بالشيء، يقال: خَبَرتُ الشيء أخبرُه خُبراً وخُبرة وخِبراً أي عَلِمتُه،
لكن كأنّه لا يطلق على العلم بظاهر الشيء بل
بباطنه ممّا لا يعلم إلّا بالتجربة؛ ولذلك قال
الجرجاني : «الخِبرة: المعرفة ببواطن الامور».
وقال الخليل وغيره: «الخُبْر: مَخْبرَة الإنسان إذا خُبِر أي جُرِّب فبدت أخباره أي أخلاقه».
وقال
ابن منظور : «خبَرت
الأمر أخبره إذا عرفته على حقيقته».
وقال
الطريحي : «والتحقيق: أنّ
الأصل الواحد في هذه المادّة هو
الاطّلاع النافذ والعلم بالتحقيق و
الإحاطة والدّقة».
ومع ذلك فقد قال
الراغب : «الخُبْر: العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخَبَر... وقيل: الخِبرة المعرفة ببواطن الأمر».
والخِبرة: بمعنى الاختبار
و
اسم منه،
والاختبار فعل ما يظهر به الشيء، ومنه
ابتلاء اللَّه سبحانه الناس
لإظهار ما يعلم من أسرار خلقه.
وبمعناه
الامتحان .
وليس للفقهاء
اصطلاح خاصٌّ بهم فيما يتعلّق بلفظ (اختبار)، فهم يستعملونه بمعناه عند
أهل اللغة.
وهو الاختبار مرّة بعد اخرى.
والفرق بينه وبين الاختبار أنّ التجريب تكرار الاختبار و
الإكثار منه بخلاف الاختبار، فإنّه يصدق بالمرّة الواحدة، والتجريب يُنسب إلى غير اللَّه سبحانه، والاختبار يُنسب إليه وإلى غيره.
قيل: إنّه مرادف للاختبار،
لكن بعض أهل اللغة فرّق بينهما بأنّ الابتلاء لا يكون إلّا بتحميل المكاره والمشاقّ، والاختبار يكون بذلك وبفعل المحبوب، ولذلك يقال: اختبره
بالإنعام عليه، ولا يقال: ابتلاه بذلك، ولا هو مبتلى بالنعمة، كما قد يقال: إنّه مختبر بها. وربّما قيل: إنّ الابتلاء يقتضي
استخراج ما عند المبتلى من الطاعة والمعصية، والاختبار يقتضي وقوع الخبر بحاله في ذلك، والخبر: العلم الذي يقع بكنه الشيء وحقيقته.
كما فُرّق بينهما أيضاً بأنّ الابتلاء تكليف بالأمر الشاقّ، وبأنّ الاختبار لازم التكليف لا نفسه.
ثمّ إنّ الابتلاء لا يستعمل في الجمادات، فلا يقال: ابتليت الحجر والطعام، ويقال: اختبرتهما.
قيل: هو الاختبار، لكن كأنّ أصله التنقية والتخليص اللذين يلازمهما الاختبار.
•
موارد الاختبار، يعتبر
الاختبار من جملة المداخل التي لا تنحصر موارده بفروع معيّنة، ولا تقتصر على موضوعات خاصّة؛ لأنّ الحاجة إليه موجودة في كلّ موضوع يشكّ في تحقّقه، ويتعذّر
إحرازه بدون تعريضه للاختبار. وقد ذكر الفقهاء في كتبهم عدداً من الموارد، من جملتها: ۱- الدماء المشتبهة، ۲- رشد الصغير والسفيه، ۳- جهالة أحد العوضين، ۴- الشك في مقدار الجناية، ۵- الشك في العدالة، ۶- اللحم المشتبه.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۲۶۰-۲۶۲.