الاستصحاب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلًا على ثبوته في الزمان الأوّل أو
إبقاء ما كان.
الاستصحاب-
لغة - هو
الملازمة ، يقال: استصحب الشيء إذا لازمه، واستصحبت الكتاب وغيره إذا حملته في صحبتك، ومن هنا قيل: استصحب الحال إذا تمسّكتَ بما كان ثابتاً، كأنّك جعلتَ تلك الحالة مصاحبةً غير مفارقة.
وقد استعمله
الفقهاء بهذا
المعنى في موارد، نشير إليها فيما يأتي، كما أنّهم استعملوه أيضاً بالمعنى المصطلح عند
الاصوليّين ، حيث قد عرّفوه بتعريفات مختلفة:
منها: أنّه
إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلًا على ثبوته في الزمان الأوّل.
ومنها: أنّه
إبقاء ما كان.
ومنها: أنّه الحكم ببقاء حكم أو
موضوع ذي حكم
شكّ في بقائه.
ومنها: أنّه حكم
الشارع ببقاء
اليقين في ظرف الشكّ من حيث الجري العملي.
بناءً على كونه
أصلًا عمليّاً لا
أمارة .
ومثاله: ما إذا كان
الإنسان على يقين من أنّ
الماء بطبيعته
طاهر ، فإذا أصابه شيء
متنجّس شكّ في بقاء
طهارته ؛ لأنّه لا يعلم أنّ الماء هل يتنجّس بإصابة المتنجّس أو لا؟ والاستصحاب حينئذٍ يحكم عليه بالالتزام عمليّاً بالطهارة التي كان على يقين منها، ومعنى ذلك ترتيب آثار الطهارة من الناحية العمليّة.
الكلام في
حجّية الاستصحاب بهذا المعنى وأركانه وتقسيماته وغير ذلك من مباحثه يطلب من
علم الاصول في بحث
الأدلّة العقلية ، كما في بعض الكتب الاصوليّة،
أو بحث الاصول العمليّة، كما في كثير منها.
يتعلّق بالاستصحاب بهذا المعنى أحكام عديدة، وهي تختلف باختلاف المتعلّق والمورد، وأهمّها كما يلي:
۱- يجب على
المرأة التي تريد
الحجّ استصحاب
المحرم ولو
بالاجرة مع عدم أمن الطريق، وإلّا فلا تكون
مستطيعة .
۲- من
آداب السفر ومستحبّاته استصحاب عدّة أشياء:
منها:
خاتم من
عقيق أصفر مكتوب على أحد جانبيه: (ما شاء اللَّه، لا قوّة إلّا باللَّه، استغفر اللَّه)، وعلى الجانب الآخر: (
محمّد وعليّ )، وخاتم آخر من
فيروزج مكتوب على أحد جانبيه: (اللَّه الملك)، وعلى الجانب الآخر: (الملك للَّه الواحد القهّار).
ومنها:
عصا من
اللوز المرّ.
ومنها:
السفرة . ويستحبّ التنوّق فيها إلّا في سفر
الحسين عليه السلام.
ومنها: جميع ما يحتاج إليه من
السلاح والآلات والأدوية ونحوها.
وكذا يستحبّ استصحاب
هديّة لأهله عند الرجوع اليهم. وأيضاً يصحب شيئاً من
طين الحسين عليه السلام؛ ليكون له
شفاء من كلّ
داء ،
وأماناً من كلّ
خوف .
۳- يستحبّ لمن يعود
المريض استصحاب هديّة له من
فاكهة ونحوها ممّا يفرحه ويريحه.
۴- يستحبّ استصحاب
الشيوخ والعجائز والأطفال من
المسلمين في
صلاة الاستسقاء ؛ لأنّهم أقرب إلى
الرحمة ، وأسرع
للإجابة .
۵- يجوز استصحاب
النساء في
الجهاد لمداواة الجرحى
ومعالجتهم وغير ذلك من المصالح، وبناءً على ذلك يستحبّ استصحاب العجائز منهنّ.
۶- يكره استصحاب
الدراهم البيض في
الخلاء ، وكذا كلّ ما عليه اسم اللَّه سبحانه، أو محترم آخر، إلّا إذا كان مستوراً.
۷- يكره في الصلاة استصحاب الدرهم الذي عليه
صورة ،
وكذا
الحديد البارز،
والوعاء الذي يكون من
جلد حمار أو
بغل .
۸- لا تبطل
الصلاة بحمل
الذهب واستصحابه كالساعة التي قابها من الذهب؛ لأنّه لا يصدق عليه عنوان
اللبس عرفاً. نعم، إذا كان لها زنجير من الذهب فعلّقه الرجل المصلّي على
رقبته أو
لباسه فتبطل صلاته؛ لصدق عنوان اللبس.
۹- كلّ ما يخرج من
القبل أو
الدبر - ما عدا
البول والغائط والدم والمني - فهو
طاهر ما لم يستصحب
نجاسةً ،
كالدود الخارج من الإنسان وإن لاقى
النجس في الباطن. نعم، لو أدخل شيئاً من الخارج كشيشة
الاحتقان فلاقى النجس في الباطن فذهب بعض
الفقهاء - على سبيل
الاحتياط الوجوبي - إلى لزوم
الاجتناب عنه وإن لم يستصحب شيئاً من النجاسة حين خروجه، إلّا أنّ غير واحد منهم اختار الطهارة وعدم لزوم الاجتناب في هذه الصورة أيضاً.
۱۰- لا ينتقض
الوضوء بخروج شيء من القبل أو الدبر ما لم يستصحب
حدثاً .
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۶۹-۳۷۱.