الانجماد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ما هو مقابل
الذوب.
الجمد ـ بالفتح فالسكون ـ لغة : ما جمد من
الماء وغيره ، وهو نقيض الذوْب ، يقال : جمد الماء وغيره جمداً من باب قتل ، وجموداً ، إذا صلب .
والجَمَد ـ بالتحريك ـ : جمع جامد ، مثل خدم وخادم
، وهو الذي تماسكت أجزاؤه فصار جليداً ، وهو الماء الجامد المقرَّس ، الذي جعله
البرد في حالة تشبه حالة المصاب بخَدَر
.
وليس لدى
الفقهاء معنى خاص بهم وإنّما استعملوه في نفس معناه اللغوي .
تعرّض الفقهاء في الأبحاث
الفقهية تارةً لأحكام الجوامد بالذات و
بالأصالة فراجع بحثه في مصطلح ( جامد ).
واُخرى للانجماد بوصفه حالة طارئة على الشيء تترتّب عليها بعض الأحكام ، وهو كما يلي .
إذا انجمد بعض ماء الحوض والباقي لا يبلغ كراً فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه يتنجّس بالملاقاة للنجاسة ، ولا يعصمه ما جمد .
واستدلّ على ذلك بأنّ المستفاد من أدلّة
اعتصام الکر هو أنّ الكرّ من الماء هو الذي لا ينفعل بشيء ، وهذا العنوان لا يصدق على الجامد ؛ لأنّ الماء هو ما فيه
اقتضاء السيلان ، فهو يسيل لو لم يمنع عنه مانع وسادّ كما في مياه الأحواض ؛ لأنّها تسيل لولا
ارتفاع أطرافها ، وهذا بخلاف الجامد ؛ لأنّه بطبعه وإن كان ماء إلاّ أنّه ليس بسائل فعلي بحسب الاقتضاء ، فلا يشمله دليل
اعتصام الماء الكرّ ، فإذا جمد نصف الكرّ ولاقى الباقي نجساً فيحكم بنجاسته ، كما يحكم بنجاسة ما يذوب من الجامد شيئاً فشيئاً ، إلاّ على القول بكفاية
التتميم كرّاً
.
ذكر الفقهاء من شرائط الحكم بنجاسة ملاقي
النجس أو المتنجّس السراية ، وأنّه لابدّ فيه من وجود الرطوبة المسرية في كليهما أو في أحدهما ، وأمّا الرطوبة المعدودة من
الأعراض بالنظر العرفي فهي غير كافية في الحكم المذكور أبدا ، كما أنّ تنجّس جزء من أجزاء غير المائعات لا يوجب سراية
النجاسة إلى أجزائها الاُخر ولو مع الرطوبة المسرية
.
وقد وردت في المسألة عدّة نصوص ، فصّل في بعضها بين الذوبان والجمود ، كما في حسنة
زرارة عن
أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا وقعت
الفأرة في
السمن فماتت فيه ، فإن كان جامداً فألقها وما يليها وكُلْ ما بقي ، وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به ، و
الزيت مثل ذلك »
.
وفي بعضها التفصيل بين الزيت وغيره من السمن و
العسل ، كما في رواية
إسماعيل بن عبد الخالق عن
أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأله
سعيد الأعرج السمّان ـ وأنا حاضر ـ عن الزيت والسمن والعسل تقع فيه الفأرة فتموت ، كيف يصنع به ؟ قال : « أمّا الزيت فلا تبعه إلاّ لمن تبيّن له فيبتاع للسراج ، وأمّا
الأكل فلا ، وأمّا السمن فإن كان ذائباً فهو كذلك ، وإن كان جامداً والفأرة في أعلاه فيؤخذ ما تحتها وما حولها ، ثمّ لا بأس به ، والعسل كذلك إن كان جامداً »
.
وفي ثالث التفصيل بين
الصيف و
الشتاء ، كما في
صحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الفأرة والدابّة تقع في
الطعام و
الشراب فتموت فيه ، فقال : « إن كان سمناً أو عسلاً أو زيتاً فإنّه ربما يكون بعض هذا ، فإن كان الشتاء فانزع ما حوله وكُلْه ، وإن كان الصيف فارفعه حتى تسرج به ، وإن كان ثُرداً فاطرح الذي كان عليه ولا تترك طعامك من أجل دابّة ماتت عليه »
.
والمراد بالصيف والشتاء فيها إنّما هو التفصيل بين الذوبان والانجماد ، فقد دلّتنا هذه الأخبار على أنّ
المائع إذا جمد ووقع فيه شيء من النجاسات أو المتنجّسات فيؤخذ منه النجس وما حوله دون بقية أجزائه .
وكذلك الحال في الجوامد بالأصالة ،
كالأرض الرطبة إذا مشى عليها
الكلب ـ مثلاً ـ فإنّه لا ينجس منها إلاّ خصوص موضع الملاقاة ، وهو موضع قدم الكلب لا جميعها ولو مع الرطوبة المسرية .
اللهمّ إلاّ أن يدخل في المائعات كما إذا كان وحلاً ، فإنّ وقوع النجاسة فيه يوجب تنجّس الجميع كما هو الحال في جميع المائعات
.
الأحكام المترتّبة على النجاسات المائعة ـ كالخمر و
البول ـ تظلّ على حالها حتى مع انجماد هذه النجاسات ، فلو انجمد البول يبقى على النجاسة ، ولا يكون الانجماد
استحالةً حتى يثبت به
التطهير.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۶۶-۶۸.