التشاح في الأذان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا تشاحّ الناس في
الأذان ففي تقديم أحدهم بالقرعة أو بالمرجّحات المأخوذة في المؤذّن خلاف بين الفقهاء يرجع إلى أربعة أقوال:
الرجوع إلى
القرعة من أوّل الأمر، كما ذهب إليه
الشيخ الطوسي والقاضي وابن سعيد الحلّي ،
حيث قالوا: لو تشاحّ الناس في الأذان اقرع بينهم؛ وذلك لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «لو يعلم الناس ما في الأذان والصفّ الأوّل ثمّ لم يجدوا إلّا أن يستهموا عليه، لفعلوا».
فإنّه دليل جواز استهام
أو
الإسهام فيه.
تقديم الأعلم بأحكام الأذان التي من جملتها معرفة الأوقات، ومع التساوي فالقرعة، كما ذهب إليه
المحقق والعلّامة في بعض كتبه
والسبزواري والفاضل الهندي .
ودليلهم أنّ الأعلميّة صفة راجحة موجبة للتقديم.ومقتضى القولين المتقدّمين عدم
اعتبار الصفات المرجّحة في الأذان، أو عدم اعتبار غير العلم من الصفات.ونوقش فيه بأنّه منافٍ لقاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أمره لعبد اللَّه بن يزيد
بإلقاء الأذان على
بلال ؛ لأنّه أعلى منك صوتاً،
ولنحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يؤذّن لكم خياركم»،
بل أنّه منافٍ
لمراعاة مصلحة المسلمين في التصرّف في بيت مالهم.
تقديم من تتوفّر فيه الصفات المرجّحة، ومع
التساوي فالقرعة، كما ذهب إليه جملة من الفقهاء
وإن اختلفوا في ترتيب المرجّحات.
تقديم من تتوفّر فيه الصفات المرجّحة، إلّا أنّه مع التساوي يرجع إلى
التخيير، كما صرّح بذلك الفاضل النراقي، حيث قال: «والظاهر حينئذٍ (أي مع التشاحّ) تقديم من جمعت فيه الشرائط المعتبرة، ومع التساوي يتخيّر متولّي بيت المال أو الموقوف».
هذا، ولكن توقّف المحدّث البحراني في المسألة؛ لعدم النص القاطع لمادّة
الإشكال .
ثمّ إنّ التشاحّ في الأذان إنّما يحصل طلباً للرزق
والأجرة من بيت المال حيث لا يحتاج إلى التعدّد، وإلّا فلا محلّ للتشاحّ؛ لجواز أن يؤذّن الجميع كما تقدّم.
ولكن
إطلاق بعض العبارة يقتضي فرض التشاحّ بين المؤذّنين وإن تطوّعوا.
ويؤيّده أيضاً قوله عليه السلام: «لو يعلم الناس ما في الأذان...».
إلّا أن يقال: لا منافاة بين أخذ الرزق والثواب مع
الإخلاص وفي فرضه مع التطوّع بُعدٌ؛
لإمكان أذان الجميع مترتّبين أو مجتمعين بحسب سعة الوقت وضيقه، اللهمّ إلّا أن يخرجوا بالتعدّد عن المعتاد بحيث يؤدّي إلى نفور النفس من كثرة أصواتهم، فإنّ
إقبال النفوس على الطاعة أمر مطلوب شرعاً.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۲۴۲-۲۴۴.