الحالات التي يحرم فيها الأكل
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وكما هناك حالات يجب فيها
الأكل بلحاظ حال الآكل كذلك توجد حالات يحرم فيها الأكل بلحاظ الحال نفسه، وأبرزها:
صرّح
الفقهاء بأنّ المصلّي لو أكل أو شرب حال الصلاة عمداً بطلت صلاته وإن لم يكثر منهما،
فيكون الأكل حراماً له بناءً على حرمة إبطال العبادة أو مطلق الواجب.لكن قيّده بعضهم بما إذا كان ماحياً لصورة الصلاة، قال
السيّد اليزدي في معرض عدّ مبطلات الصلاة: «الأكل والشرب الماحيان للصورة، فتبطل الصلاة بهما، عمداً كانا أو سهواً».
وبعض آخر بما إذا كان داخلًا تحت الفعل الكثير، قال
العلّامة الحلّي : «الأولى أنّ مطلق الأكل والشرب غير مبطل ما لم يتطاول بحيث يدخل تحت الفعل الكثير، فيكون
إبطاله مستنداً إلى الكثرة لا إلى كونه أكلًا وشرباً».
يحرم الأكل في أيّام
شهر رمضان إلّا لمن كان معذوراً كالمسافر،
وقد ادّعي عليه
الإجماع .
وكذا يحرم الأكل عمداً في الصوم المعيّن أو عند قضاء شهر رمضان مضيّقاً، أو إذا كان بعد الزوال.قال العلّامة الحلّي : «يجب
الإمساك عن الأكل والشرب نهاراً من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بالنصّ والإجماع»؛
لقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ».
ولما رواه
أبو بصير ، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام فقلت: متى يحرم الطعام والشراب على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟فقال: «إذا اعترض الفجر وكان كالقبطية البيضاء فثمّ يحرم الطعام ويحلّ الصيام وتحلّ الصلاة صلاة الفجر...».
يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب عمداً، فلو أكل تجب به
الفدية ؛
لعموم الأخبار الدالّة على منعه من أكل طعام فيه طيب أو شربه واستعمال الطيب مطلقاً،
وادّعي عليه الإجماع.
وتفصيل البحث موكول إلى محلّه.
لا يجوز أن يأكل الإنسان من الهدي الواجب عليه- وهو كلّ ما يلزمه في
النذور والكفّارات - غير هدي التمتّع، فإنّه يستحبّ أكله بل يجب، كما صرّح به الفقهاء،
بل ادّعي عليه الإجماع،
ولو أكل ضمن القيمة وتصدّق بثمن ما أكل وفاقاً للمشهور؛
للروايات الواردة في ذلك:
منها: ما عن
أبي بصير ، قال: سألته عن رجل أهدى هدياً فانكسر، فقال: «إن كان مضموناً- والمضمون ما كان في يمين، يعني نذراً أو جزاءً- فعليه فداؤه»، قلت: أيأكل منه؟
فقال: «لا، إنّما هو
للمساكين ، فإن لم يكن مضموناً فليس عليه شيء»، قلت: أيأكل منه؟ قال: «يأكل منه».
واستدلّ له في
التذكرة بأنّ: «جزاء
الصيد بدل، والنذر جعل للَّهتعالى، والكفّارة عقوبة، وكلّ هذه لا تناسب جواز التناول».
وأمّا الروايات المجوّزة- نحو ما روي عن عبد الملك القمّي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «يؤكل من كلّ هدي، نذراً كان أو جزاءً»
- فقد حملها الشيخ على الضرورة وعلى صاحبها
الصدقة بالقيمة.
المشهور
بين الفقهاء حرمة الأكل على مائدة يشرب عليها شيء من المسكرات
والفقاع .
لما رواه
جرّاح المدائني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر ».
وتدلّ على حرمة الجلوس عليها صحيحة
هارون بن الجهم ، قال: كنّا مع أبي عبد اللَّه عليه السلام بالحيرة حين قدم على
أبي جعفر المنصور ، فختن بعض القوّاد ابناً له وصنع طعاماً ودعا الناس، وكان أبو عبد اللَّه عليه السلام فيمن دعي، فبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدّة على المائدة فاستسقى رجل منهم، فاتي بقدح فيه شراب لهم، فلمّا صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد اللَّه عليه السلام عن المائدة، فسئل عن قيامه؟
فقال: «قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: ملعون ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر».
بل قال العلّامة الحلّي: «الأقرب التعدية إلى
الاجتماع للفساد واللهو
والقمار ».
يحرم تناول مال الغير وإن كان
كافراً محترم المال بدون
إذنه ورضاه، وكذا يحرم أكل طعام لم يدع إليه،
بالإجماع، بل الضرورة، والكتاب، والسنّة.
أمّا الكتاب فقد قال اللَّه سبحانه: «لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ».
وقال سبحانه: «فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً»،
دلّ بمفهوم الشرط على عدم جواز الأكل بدون الطيبة.
وأمّا السنّة فلخبر
الحسين بن أحمد المنقري عن خاله، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «من أكل طعاماً لم يدع إليه فإنّما أكل قطعة من النار».
وفي أحاديث
الخمس عن صاحب الزمان عليه السلام: «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا؟!».
وعن
حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السلام في وصيّة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام قال: «يا
علي ، ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلّا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدعَ إليها، والمتأمّر على ربّ البيت، وطالب الخير من أعدائه...».
وكذا
استتباع المدعوّ إلى طعام ولده.
لما ورد عن
السكوني عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يتبعنّ ولده فإنّه إن فعل أكل حراماً ودخل
غاصباً ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۲۸۰-۲۸۴.