العتق في نكاح المماليك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا أُعتقت
الأمة تخيّرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج حرا على الاظهر؛ ولا خيرة للعبد لو أعتق ولا لزوجته ولو كانت حرة؛ وكذا تتخير الأمة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت؛ ويجوز أن يتزوجها ويجعل
العتق صداقها؛ ويشترط تقديم لفظ
التزويج في
العقد؛ وقيل: يشترط تقديم العتق؛ وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا؛ ولو مات جاز بيعها؛ وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها؛ ولو عجز النصيب سعت في المتخلف؛ ولا يلزم الولد السعى على الاشبه؛ وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إن لم يكن غيرها.
فإذا أُعتقت
الأمة التي قد زوّجها مولاها قبل
العتق كملاً تخيّرت في فسخ نكاحها مطلقاً كان العتق قبل الدخول أم بعده إذا كانت تحت عبد، إجماعاً من المسلمين كما حكاه جماعة
، والنصوص به من الطرفين مستفيضة:
منها
الصحيح: عن المملوكة تكون تحت العبد ثم تُعتَق، فقال: «تخيّر، فإن شاءت قامت على زوجها، وإن شاءت فارقته»
.
وكذا لها الفسخ إن كان زوجها حرّا على الأظهر الأشهر، سيّما إذا كانت مكرهة واستمرّ. لإطلاق
الخبر بل الصحيح كما اشتهر: «أيّما امرأة أُعتقت فأمرها بيدها، إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته»
. وخصوص المعتبرة، منها
المرسل كالموثّق: في رجل حرّ نكح أمة مملوكة، ثم اعتقت قبل أن يطلّقها، قال: «هي أملك ببضعها»
. وفي معناه خبران آخران
قصور سندهما كالأول إن كان منجبر بعمل الأعيان، مع عدم معارض لها في المقام، عدا
الأصل، الذي يجب الخروج عنه بهذه الأخبار في المضمار.
فما في
الشرائع وعن
المبسوط والخلاف من نفي الخيار
ضعيف جدّاً.
وظاهر
إطلاق الأخبار كأصالة بقاء
الخيار عدم الفوريّة، إلاّ أنّها متّفق عليها بين الجماعة كما حكاه طائفة
؛ وهو
الحجّة فيه إن تمّ، لا ما قيل من الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن
، كيف؟! وفوريّة الخيار على خلاف الأصل، وأصالة بقاء الزوجيّة ولزوم المناكحة بالعتق منقطعة، فينعكس الأصل ويصير مقتضياً لبقاء الخيار وعدم الفوريّة.
وربما استُدِلّ
عليها ببعض الروايات العاميّة
، من حيث اشتمالها على تعليق الخيار على العتق بالفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة. والمناقشة فيه مع ضعفه واضحة، لكن لا خروج عمّا عليه الأصحاب.
ولو أخّرت الفسخ لجهلها بالعتق أو الخيار، فالظاهر عدم سقوطه كما قطع به الأصحاب؛ للأصل.
وفي الجهل بالفوريّة وجهان، ولعلّ الأقرب عدم السقوط؛ لما مرّ. وكذا لو نسيت أحدها. والظاهر أنّه يُقبَل دعواها الجهل أو
النسيان مع
اليمين بشرط الإمكان في حقّها؛ لأنّ ذلك لا يعرف إلاّ من قبلها،
وأصالة الجهل مستصحبة جدّاً، فتأمّل.
ولو أُعتق بعض الأمة فلا خيار؛ لتعلّق الحكم في
النصّ بحكم
التبادر على كمال العتق، فيقتصر فيما خالف الأصل على مورده. ولو كانت صغيرة أو مجنونة ثبت لها الخيار عند الكمال، وليس للمولى هنا تولّي الاختيار. وللزوج
الوطء قبله؛ لبقاء الزوجيّة ما لم تفسخ، وكذا القول قبل اختيارها وهي كاملة، حيث لا ينافي الفوريّة، كما لو لم تعلم بالعتق.
واستثنى جماعة
تبعاً للعلاّمة
صورة واحدة، وهي ما إذا كانت لشخص جارية قيمتها ثلث ماله، وهو يملك ثلثاً آخر، فزوّجها بثلث آخر، ثم أعتقها في مرض
الموت قبل الدخول، فإنّه حينئذٍ لا يثبت لها خيار؛ لأنّ الفسخ من جانب الزوجة قبل الدخول مسقط للمهر، فإذا سقط انحصرت التركة فيها وفي الثلث الآخر، فلم ينفذ العتق في جميعها، بل يبطل فيما زاد على ثلث التركة، وحينئذٍ يبطل خيارها؛ لأنّ الخيار إنّما هو مع عتقها كملاً كما مضى، فيكون ثبوته مؤدّياً إلى عدم ثبوته، وهو دور، فتعيّن الحكم بانتفاء الخيار حينئذ.
وهو حسن إن أوصى بالعتق أو نجّزه وقلنا إنّ المنجّزات كالوصايا تحسب من الثلث، كما هو الأشهر. وما ربما يستفاد من ظاهر العلاّمة من اشتراط وقوع
التزويج في المرض كالعتق في الاستثناء غير ظاهر الوجه أصلاً كما لا يخفى، وبعدم الفرق بينه وبين الوقوع في الصحّة صرّح جماعة من أصحابنا
.
ولا خيرة للعبد إذا أُعتق للأصل، واختصاص النصّ المثبت لها بالأمة المعتقة، دون العكس. وقياسه على الأول مع فساده عندنا غير صحيح هنا؛ لثبوت الفارق بثبوت تخلّص العبد بالطلاق، دون الأمة، فليس لها دفع الضرر والتخلّص منه إلاّ بالفسخ والفراق، فتأمّل.
فالقول المحكيّ عن
الإسكافي بثبوت الخيار له مطلقاً قياساً على الأمة
ضعيف جدّاً، كضعف المحكيّ عن
ابن حمزة من الموافقة له في صورة وقوع التزويج من العبد على
الكراهة، وربما أشعر باختياره عبارة العلاّمة
، ولعلّه لا يخلو عن قوّة بشرط استمرار الكراهة إلى حال الاختيار، ولعلّه مراد ابن حمزة والعلاّمة.
وكذا لا خيار لزوجته مطلقاً وإن كانت حرّة لما مضى. وللصحيح: قلت: فللحرّة الخيار عليه إذا أُعتق؟ قال: «لا، قد رضيت به وهو مملوك، فهو على نكاحه الأول»
.
ولأنّها قد رضيته عبداً فبأن ترضاه حرّا أولى، وبه وقع التصريح في بعض أخبارنا: في رجل زوّج أُمّ ولد له من عبد، فأُعتق العبد بعد ما دخل بها، يكون لها الخيار؟ قال: «لا، قد تزوّجته عبداً ورضيت به، فهو حين صار حرّا أحقّ أن ترضى به»
.
وكما تتخيّر الأمة بعتقها فيما مضى كذا تتخيّر الأمة لو كانا أي هي وزوجها لمالك واحد أو مالكين مطلقاً بالتشريك كان أم لا فأُعتقا معاً، مقارناً كان عتقهما أم لا، بشرط عدم ما ينافي الفوريّة قطعاً، أو أُعتقت هي خاصّة دونه، بلا خلاف فيهما. مضافاً إلى الصحيح في الثاني: عن الرجل ينكح عبده أمته ثم أعتقها، تخيّر فيه أم لا؟ قال: «نعم، تخيّر فيه إذا أُعتقت»
وما مضى من الإطلاقات أو العموم فيهما.
ولا ريب في الحكم في الأول مطلقاً على المختار. والصحيح الدالّ بانقطاع نكاح المملوكين لمعتقهما بالعتق، شاذٌّ نادر.
ويشكل على القول باختصاص الخيرة لها بصورة ما إذا كانت تحت عبد لا مطلقاً، فيما إذا أُعتقا معاً متقارنين أو أُعتق العبد أولاً؛ لاستلزام ثبوت الخيار لها هنا ثبوته للأمة وهي تحت حرّ، وهو خلاف ما مضى، فالجمع بين الحكمين ثمّة وهنا كما فعله الماتن في
الشرائع، وحكي عن
الفاضل في
التحرير غريب جدّاً.
واعلم أنّه من الأُصول المسلّمة: أنّه لا يجوز تزويج الرجل بأمته بمهر مطلقاً، إلاّ في صورة واحدة، وهي أن يتزوّجها، ويجعل العتق منه لمجموعها صداقها فيقول: قد تزوّجتك وأعتقتك، وجعلت مهرك عتقك. والمستند في الاستثناء:
إجماع أصحابنا، وبه استفاض أخبارنا
، بل ربما ادُّعي تواترها
؛ وبهما يظهر الجواب عمّا قيل: إنّه كيف يتزوّج جاريته، وكيف يتحقّق
الإيجاب والقبول وهي مملوكة؟! وما قيل من أنّ
المهر يجب أن يكون متحقّقاً قبل
العقد، وليس كذلك مع تقديم التزويج كما هو المشهور، وأنّه يلوح منه الدور، فإنّ العقد لا يتحقّق إلاّ بالمهر الذي هو العتق، والعتق لا يتحقّق إلاّ بعد العقد
.
مندفع بمنع اعتبار تقديمه، بل يكفي مقارنته للعقد، وهو هنا كذلك؛ وبمنع توقّف العقد على المهر وإن استلزمه، وإذا جاز العقد على الأمة وهي صالحة لأنّ تكون مهراً لغيرها جاز جعلها أو فكّ ملكها مهراً لنفسها؛ مع أنّ ذلك كلّه في مقابلة النصّ الصحيح، فلا يسمع، وحيث اختصّ بنا أنكره مخالفونا، وجعلوه من خصائص
نبيّنا (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم).
ويشترط في صحة هذا التزويج على الأشهر تقديم لفظ التزويج في العقد على العتق كما عبرنا في المثال. لئلاّ تعتق، فلا تصلح لجعل عتقها مهراً. ولأنّها بالعتق لو قُدّم تملك أمرها، فلا يصحّ تزويجها بدون رضاها.
وللخبرين، أحدهما الصحيح: عن رجل قال لأمته: أعتقتك وجعلت مهرك عتقك، فقال: «عتقت وهي بالخيار، إن شاءت تزوّجته، وإن شاءت فلا، فإن تزوّجته فليعطها شيئاً، فإن قال: قد تزوّجتك وجعلت مهرك عتقك، فإنّ
النكاح واقع بينهما ولا يعطيها شيئاً»
، وهو مرويّ في
قرب الإسناد كذلك، إلاّ أنّه بدل. النكاح واقع: «كان النكاح واجباً»
.
وفي الجميع نظر، أمّا فيما عدا الخبر فبعدم لزوم العتق ومالكيّة الأمر إلاّ بعد انقضاء تمام الصيغة المشتملة على الأمرين، وبعده كما يلزم العتق ومالكيّة الأمر كذا يلزم الموجب لهما وهو النكاح؛ لمساواتهما في الاندراج تحت
الصيغة التي يترتّب على تمامها لزوم الأول.
وأمّا فيه فلاحتمال استناد المنع فيه إلى عدم التصريح بلفظ التزويج المعتبر التصريح به عند الكلّ كما قيل
لا تقديم العتق، وهو غير المتنازع؛ مع معارضتهما لما سيأتي من الأخبار.
وقيل: هو
الشيخان يشترط تقديم العتق على التزويج، فيقول: أعتقتك وتزوّجتك وجعلت صداقك عتقك؛ استناداً إلى بطلان تزويج المولى بأمته.
ويضعّف بما مرّ في الجواب عمّا عدا الخبر في القول الأشهر، وبأنّه يستلزم عدم جواز جعل العتق مهراً؛ لأنّه لو حكم بوقوعه بأول الصيغة امتنع اعتباره في التزويج المتأخّر؛ مع أنّ ذيل الصحيحة المتقدّم صريح في الجواز.
فإذاً الأظهر جواز الأمرين وفاقاً لأكثر المتأخّرين؛ أمّا البدأة بالتزويج فللصحيح المتقدّم؛ وأمّا العكس فللعمومات، وظواهر المعتبرة المستفيضة، منها الحسن: «إذا قال الرجل لأمته: أعتقتك وأتزوجك وجُعِل صداقك عتقك، فهو جائز»
ونحوه
الحسن الآخر
والموثّق
والخبر
.
ولو احتيط بالأشهر كان أجود؛ لقوّة الشبهة فيه؛ لاعتضاد خلاف الاحتمال المتقدّم في الصحيح المبنيّ عليه الاستدلال للمشهور بفهمهم، وإن لم يكن له في نفسه ظهور، إلاّ بمعونة المفهوم في الذيل، المضعَّف اعتباره فيه باحتمال تعلّقه بخصوص التزويج؛ بناءً على الاحتمال المتقدّم، الموجب لظهور السياق منطوقاً ومفهوماً في الحكم لخصوص التزويج نفياً وإثباتاً.
وفي وجوب قبول
الأمة بعد تمام الصيغة أم العدم، قولان، ناشئان من اشتمال الصيغة على عقد النكاح المركّب شرعاً من الإيجاب والقبول، ولا يمنع منه كونها حال الصيغة رقيقة؛ لأنّها بمنزلة الحرّة حيث تصير حرّة بتمامه، فرقّيّتها غير مستقرّة، ولو لا ذلك امتنع تزويجها. ومن أنّ مستند شرعيّة هذه الصيغة هو النقل المستفيض عنهم، وليس في شيء منه ما يدلّ على اعتبار القبول، ولو وقع لنُقِل؛ لأنّه ممّا يعمّ به البلوى. وأنّ حِلَّ
الوطء مملوك له، فهو بمنزلة التزويج، فإذا أعتقها على هذا الوجه كان في معنى استثناء بقاء الحلّ من مقتضيات العتق. وأنّ القبول إنّما يعتبر من الزوج لا من
المرأة، وإنّما وظيفتها الإيجاب ولم يقع منها.
وهذا أشهر وأقوى، لا لما ذكر لتطرّق الوهن إلى جملتها، كتطرّقه إلى الوجه للقول الذي مضى بل لما مضى من الصحيح الصريح في نفي مشيّتها واختيارها عن الزوجيّة، ولزومها بما ذكر في ذيلها من الصيغة، سيّما على النسخة الأخيرة. ولو شرط القبول في الصحّة لانتفت بانتفائه، فلم يكن النكاح بمجرّد تلك الصيغة واجباً ولازماً، وهو خلاف نصّه.
نعم،
الأحوط ذلك؛ لأصالة بقاء أحكام الأمتية، وعدم ترتّب أحكام الزوجيّة، وظاهر الموثّقة: عن رجل له (زوجة و) سريّة، يبدو له أن يعتق سريّته ويتزوّجها، قال: «إن شاء شرط عليها أنّ عتقها صداقها، فإنّ ذلك
حلال، أو يشترط عليها إن شاء قسم لها، وإن شاء لم يقسم، وإن شاء فضّل الحرّة، فإن رضيت بذلك فلا بأس»
فتأمّل.
ثم إنّ ظاهر إطلاق أكثر النصوص والفتاوي الاكتفاء في العتق الممهورة به بذكره في الصيغة بغير لفظ الإعتاق، كقوله: جعلت عتقك صداقك؛ وربما استدلّ له بالصحيح. فإن قال: قد تزوّجتك وجعلت مهرك هذا الثوب، فإنّها تملكه بتمام العقد، من غير احتياج إلى صيغة تمليك، فكذا إذا جعل مهراً، فإنّها تملك نفسها، ولا حاجة للعتق إلى صيغة أُخرى. وقولهم: تملك نفسها، مجاز، من حيث حصول غاية الملك، فلا يرد عليه: أنّ الملك إضافة فلا بُدَّ فيها من تغاير المضافين بالذات.
خلافاً للمحكيّ عن ظاهر
المفيد والحلبي، فاعتبرا لفظ الإعتاق ونحوه من الألفاظ الصريحة في العتق
؛ لعدم وقوعه إلاّ بها. وهو أحوط.
وربما كان فيما قدّمناه من المعتبرة لتجويز تقديم لفظ
العتق على التزويج عليه دلالة؛ إذ مفهوم ما مضى من الحسن اشتراط ذكر لفظ الإعتاق في جواز الصيغة ونفوذ حكمها، مضافاً إلى ظهور كثير من أخبار الباب فيه. ففي
الموثّق: «أيّما رجل شاء أن يعتق جاريته ويتزوّجها ويجعل صداقها عتقها فعل»
. وفي الخبر: «إن شاء الرجل أعتق وليدته وجعل عتقها مهرها»
.
وبهذه الظواهر مضافاً إلى الأصل يقيّد إطلاق ما مرّ من النصوص، مع احتمال الاتّكال فيها والحوالة إلى الظهور، وهو أحوط لو لم يكن أقوى.
وحيث كان الحكم في هذه الصورة مخالفاً للأُصول المقرّرة، وجب الاقتصار فيها على القدر المتيقّن والمتبادر من النصوص الواردة فيها، وليس إلاّ عتق الجميع، فالتعدّي إلى عتق البعض للإطلاق ضعيف جدّاً.
وأُمّ الولد للمولى رقّ إجماعاً؛ للأصل، وانتفاء ما يوجب العتق عليه أو على الولد ولكن إن كان ولدها باقياً تشبّثت بذيل الحرّية في الجملة.
ولو مات الولد في
حياة أبيه جاز بيعها لعودها إلى
الرقّية المحضة.
وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها: من نفسها إن وفى بها، أو منها ومن غيرها من التركة إن كان مع عدم الوفاء؛ لانعتاق المملوك له منها عليه كلاًّ أو بعضها؛ لعموم ما دلّ على انعتاق الوالدين على الولد إذا ملكهما
. وأمّا انعتاق المتخلّف الزائد عن نصيبه منها من نصيبه من التركة فلعموم النصوص بانعتاقها من نصيب ولدها
، الشامل لنصيبه منها ومن أصل التركة.
ولو عجز النصيب له منها ومن أصل التركة عن فكّها كملاً سعت هي خاصّة في الأشهر في فكّ المتخلّف منها.
ولا يلزم الولد شراؤه وفكّه من ماله من غير التركة، خلافاً للمبسوط، فأوجبه
.
ولا السعي في فكّه مع عدم المال على الأشبه الأشهر هنا وفي السابق، خلافاً لابن حمزة هنا، فأوجب السعي
.
ومستندهما غير واضح كما صرّح به جماعة
، مع مخالفتهما للأصل، ولظواهر النصوص الحاكمة بانعتاقها عليه من نصيبه، المشعرة باختصاص ذلك بالنصيب، وإلاّ لعبّر بانعتاقها عليه من ماله، فتدبّر.
مضافاً إلى صريح الخبر: «وإن كانت بين شركاء فقد عُتِقت من نصيب ولدها، وتستسعى في بقيّة ثمنها»
.
نعم، ذكر
ابن المفلح بعد نسبة الأخير إليهما:
الرواية يونس بن يعقوب. ولم أقف عليها، ولا على ما يحتمل الدلالة عليه، سوى الخبر المشار إليه؛ بناءً على احتمال تبديل التاء الاولى في: «تستسعى» بالياء، لكنّه مضبوط كما ذكرنا من دون تبديل.
وتمام الكلام يأتي في بحث
الاستيلاد إن شاء الله تعالى؛ وإنّما ذكر ذلك هنا ليتفرّع عليه بعض ما سيجيء، فإنّه من مسائل
النكاح.
وتباع مع وجود الولد في ثَمن رقبتها إذا لم يكن غيرها بلا خلاف عندنا مع
وفاة المولى، بل مطلقاً على الأظهر الأشهر بين أصحابنا. لإطلاق الخبر: عن أُمّ الولد تباع في
الدين؟ قال: «نعم في ثَمن رقبتها»
وقصور
السند بالشهرة انجبر. وللصحيح: «أيّما رجل اشترى
جارية، فأولدها، ثم لم يؤدّ ثمنها، ولم يدع من المال ما يؤدّى عنه، أُخذ ولدها منها وبيعت وأُدّي ثمنها» قلت: فيُبَعن فيما سوى ذلك من دين؟ قال: «لا»
.
وفي شموله لحياة المولى إشكال؛ لظهور قوله فيه: «ولم يدع من المال ما يؤدّى عنه» في
البيع بعد الموت، فلا يتمّ الاستدلال به على الجواز مطلقاً، ولذا قيل: إنّ القول بالمنع هنا لا يخلو عن قوّة وإن كان في غاية الندرة
.
وربما يمكن أن يوجّه بمنع انحصار وجه البيع والأداء عنه في الموت؛ إذ غايته الدلالة على عدم مباشرته لهما، والسبب فيه أعمّ منه، فلعلّه الغيبة أو الممانعة والليّ عن أداء المال بالمرّة، فيتولاّهما حاكم الشرع البتّة؛ وربما يؤيّد العموم سؤال
الراوي عمّا سوى الثمن من الديون، ولم يسأل عنه في حال حياة السيّد وأنّه هل تباع فيها كحال
الموت أم لا، وهو مشعر بفهمه العموم من الكلام، بحيث يشمل حال الموت والحياة، فتأمّل.
ويأتي تمام التحقيق فيه في بحثه بعون الله وتوفيقه.
ولو اشترى الأمة نسيئة، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها مهرها، فحملت، ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها، فالأشبه الأشهر سيّما بين المتأخّرين أنّ العتق لا يبطل وكذا التزويج؛ لوقوعهما من أهلهما في محلّهما. ولا يرقّ الولد لنشوئه بين حرّين، فيتبعهما إجماعاً. وقيل: هو الإسكافي
والطوسي والقاضي: تباع في ثمنها، ويكون حملها كهيئتها في الرقيّة. لرواية
هشام بن سالم:
الصحيحة المرويّة في
الكافي وموضع من التهذيب عنه عن
مولانا الصادق (علیهالسّلام)، وفي موضع آخر منه عنه، عن
أبي بصير عنه (علیهالسّلام)
، فهي مضطربة عند مشهور الطائفة، وفيها: عن رجل باع جارية بكراً إلى سنة، فلمّا قبضها المشتري أعتقها من الغد، وتزوّجها، وجعل مهرها عتقها، ثم مات بعد ذلك بشهر، فقال (علیهالسّلام): «إن كان للّذي اشتراها إلى سنة مال، أو عقدة (العقدة بالضم الضيعة والعقار
) تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها، كان عتقها ونكاحها جائزاً، وإن لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من
الدين في رقبتها كان عتقه ونكاحه باطلاً؛ لأنّه أعتق ما لا يملك، وأرى أنّها رقّ لمولاها الأول» قيل له: فإن كان علقت من الذي أعتقها وتزوّجها، ما حال الذي في بطنها؟ قال: «الذي في بطنها مع أُمّه كهيئتها».
وهي وإن صحّت سندها إلاّ أنّ باضطرابها ومخالفتها الأُصول القطعيّة المجمع عليها، المعتضدة بالشهرة هنا لا يجسر في تخصيصها بها، وقد ورد في رواياتنا: أنّهم: أمرونا بعرض ما يرد علينا من أخبارهم بسائر أحكامهم، ثم قبول ما وافقها وطرح ما خالفها
،
والأمر هنا كذلك جدّاً، ولذا تفادياً من طرحها تأوّلها جماعة من أصحابنا
بتأويلات بعيدة جمعاً بينها وبين الأُصول المرعيّة لكن لا يلائم شيء منها الرواية، ولذا أنّ المصنّف تبعاً للحلّي
أطرحها رأساً، وتبعهما جماعة
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۳۹۳-۴۰۷.