المقذوف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في بيان المقذوف الذي يُحَدّ قاذفه كاملاً: ويشترط فيه:
البلوغ، وكمال
العقل،
والحرية،
والإسلام،
والستر.
ويشترط فيه لذلك:
الإحصان، بلا خلاف، كما في
الآية الكريمة «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً»
. ولمّا كان له معانٍ متعدّدة قالوا: المراد به هنا:
البلوغ، وكمال
العقل،
والحرّية،
والإسلام،
والستر أي
العفّة عن الزناء واللواط وعدم التظاهر بهما.
فمن قذف صبيّاً أو مجنوناً أو مملوكاً أو كافراً أو متظاهراً بالزناء واللواط لم يُحَدّ ويعزَّر إجماعاً كما في كلام جماعة
، والنصوص به مع ذلك مستفيضة:
منها زيادةً على ما مرّ إليه الإشارة
الصحيح وغيره
: «لا حدّ لمن لا حدّ عليه» يعني: لو أنّ مجنوناً قذف رجلاً لم أر عليه شيئاً، ولو قذفه رجل فقال له: يا زان، لم يكن عليه حدّ.
والصحيح: في الرجل يقذف الصبية يجلد؟ قال: «لا، حتى تبلغ»
.
ومنها: «من افترى على مملوك عزّر
لحرمة الإسلام»
.
ومنها: «لو أُتيت برجل قد قذف عبداً مسلماً
بالزناء لا نعلم منه إلاّ خيراً لضربته الحدّ حدّ الحرّ إلاّ سوطاً»
.
ومنها: عن الافتراء على
أهل الذمّة وأهل الكتاب هل يجلد المسلم الحدّ في
الافتراء عليهم؟ قال: «لا، ولكن يعزّر»
.
وقد مرّ ما يدلّ على اعتبار الستر.
وأمّا الخبر: «كلّ بالغ من ذكر أو أُنثى افترى على صغير أو كبير، أو ذكر أو أُنثى، أو
مسلم أو
كافر، أو حرّ أو مملوك، فعليه حدّ الفرية»
فمع إرساله، شاذّ لا عامل به، وحمله
الشيخ على الافتراء على أحد أبوي الصغير أو المملوك أو الكافر مع إسلامه وحرّيته وغيره؛ على أنّ المراد بالحدّ فيه ما يعمّ
التعزير. ولا بأس به وإن بَعُدَ جمعاً.
وظاهر العبارة وجماعة تعزير قاذف المتظاهر بالزناء
.
وهو خلاف ما دلّ على نفي تعزيره؛ معلّلاً بعدم حرمته. ولذا مال
الشهيدان إلى العدم
، ووجّه ثانيهما ما هنا بعموم الأدلّة
وقبح
القذف مطلقاً، بخلاف مواجهة المتظاهر بالزناء بغيره من أنواع الأذى. وهو كما ترى.
نعم، ربما يؤيّده فحوى ما دلّ على تعزير قاذف الكافر، فتأمّل.
وكذا يشترط فيه انتفاء البنوّة فالأب لو قذف ولده المحصن لم يحدّ، بل يعزّر.
وكذا لو قذف زوجته الميّتة ولا وارث لها إلاّ ولده، نعم، لو كان لها ولد من غيره كان لهم
الحدّ تامّاً.
كلّ ذلك للصحيح: عن رجل قذف ابنه (بالزناء) فقال: «لو قتله ما قتل به، وإن قذفه لم يجلد له» قال: «وإن كان قال لابنه: يا ابن الزانية، وأُمّه ميّتة، ولم يكن لها من يأخذ بحقّها منه إلاّ ولدها (منه)، فإنّه لا يقام عليه الحدّ؛ لأنّ حقّ الحدّ قد صار لولده منها؛ وإن كان لها ولد من غيره فهو وليّها (يجلد له)؛ وإن لم يكن لها ولد من غيره، وكان لها قرابة يقومون بحقّ الحدّ، جلد لهم»
.
ولا خلاف في شيء من ذلك ولا في أنّه يحدّ الولد لو قذفه أي قذف
الأب وكذا يحدّ لو قذف
الأُمّ أو الأقارب مطلقاً، ويحدّون لو قذفوه؛ للعموم.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۳-۴۶.