• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

بيع الوقف

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لايجوز بيع الوقف ولا هبته، ولا غير ذلك من الأسباب الناقلة للعين، إلاّ أن يقع خلف بين أربابه يؤدّي إلى فساده وخرابه.




(و) كذا (لا) يجوز (بيعه) ولا هبته، ولا غير ذلك من الأسباب الناقلة للعين، بلا خلاف فيه في الجملة، وبالإجماع كذلك صرّح جماعة، كالمرتضى والحلّي و المسالك وغيرهم من الجماعة؛ وهو الحجة فيما‌ عدا محل النزاع والمشاجرة، كسائر ما تقدّم من الأدلّة. مع منافاته لحبس العين وتسبيل الثمرة، وخصوص بعض المعتبرة فيمن شرى وقفاً بجهالة : «لا يجوز شراء الوقف، ولا تدخل الغلّة في ملكك، ادفعها إلى من أُوقف عليه» قلت : لا أعرف لها ربّاً، قال : «تصدّق بغلّتها».
مضافاً إلى التأيّد بالوقوف الواردة عن أهل العصمة سلام الله عليهم وقد تضمّنت النهي عن بيعها وشرائها وهبتها، فلا شبهة في ذلك.



(إلاّ أن يقع خلف) بين أربابه (يؤدّي إلى فساده) وخرابه، فيجوز بيعه حينئذٍ عند الشيخين وغيرهما،
[۱۲] التنقيح الرائع، ج۲، ص۳۳۰.
بل في الغنية على الجواز إجماع الإماميّة ، وكذا في كلام المرتضى، إلاّ أنهما عبّرا عن السبب الموجب بغير ما في العبارة، ومع ذلك قد اختلفا بأنفسهما :
فجعله الأوّل صيرورته بحيث لا يجدي نفعاً، وخيف خرابه، وكانت بأربابه حاجة شديدة، ودعت إلى بيعه الضرورة. ونحوه الثاني، إلاّ أنه لم يذكر خوف خرابه، وجعل كلاًّ من الأوّل والثالث سبباً على حدة، لا جزء سبب كما يقتضيه عبارة الأوّل، إلاّ أن يجعل الواو فيها بمعنى أو. وكيف كان، فالحكم بالجواز في جميع ذلك (على تردّد) ينشأ من أن المقصود من الوقف استيفاء منفعته فإذا تعذّر جاز بيعه؛ تحصيلاً للغرض. وأن الجمود على العين مع تعطيلها تضييع للمال وتعطيل لغرض الواقف.

۲.۱ - الاستدلال بالرواية الشريفة


وللصحيح : إن فلاناً ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس، ويسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض أو يقوّم على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقوفة؟ فكتب عليه السلام: «أعلِم فلاناً أنّي آمره ببيع حقّي من الضيعة و إيصال ثمن ذلك إليّ، وإن ذلك رأيي إن شاء الله تعالى، أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له». وكتبت إليه : إن الرجل كتب إليّ أن بين من وقف بقيّة هذه الضيعة عليهم اختلافاً شديداً، فإنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن نبيع هذا الوقف وندفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته، فكتب بخطّه إليّ : «وأعلِمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس».
وفحوى الخبر عن بيع الوقف إذا احتاج إليه الموقوف عليهم ولم يكفهم ما يخرج من الغلّة؟ قال : «نعم، إذا رضوا كلّهم وكان البيع خيراً لهم باعوا».

۲.۲ - تفسير الرواية الشريفة


ومن الأصل ، وعمومات الأدلّة المانعة، وضعف المجوّزة عن المعارضة لها،

۲.۲.۱ - الرأي الأول


فالأوّل : بأن المقصود من الوقف استيفاء المنفعة من نفس العين الموقوفة، ودعوى اختصاصه بحال الاختيار دون الضرورة فيجوز بيعه فيها مصادرة.

۲.۲.۲ - الرأي الثاني


والثاني : بالشك في صلوحه لتخصيص أدلّة المنع، سيّما مع رجاء زوال الاختلاف بغير البيع، وأن أهل الطبقة الاولى في الوقف المؤبّد لا اختصاص لهم بالوقف، بل نسبتهم إليه كنسبة سائر الطبقات المتأخّرة، فهو من قبيل المال المشترك الذي لا يجوز لأحدٍ من الشركاء التصرف فيه كملاً، وإنما يبيع حصّته المختصة به، والموقوف عليه هنا ليس له حصّة في العين، وإنما له الانتفاع به مدّة حياته ثم ينتقل إلى غيره، كما هو مقتضى الوقف، فبيعهم له واختصاصهم بثمنه منافٍ لغرض الواقف، وإن كان موافقاً له من وجه آخر على تقدير تسليمه. اللهم إلاّ أن يجعل الثمن في وقف آخر يضاهي وقف الواقف، لكن ينافي هذا الدليل الاستدلال بالصحيح، لظهوره في دفع الثمن إليهم، فتأمّل.

۲.۲.۳ - الرأي الثالث


والثالث : بدلالة صدره على جواز بيع حصّته الموقوفة عليه عليه السلام، وليس ثمّة شي‌ء من الأسباب الموجبة للبيع ونحوه، ولم يقولوا به عدا الصدوق، حيث جوّز بيع الوقف إذا كان على قوم دون غيرهم مطلقا، ومنع عن بيع الوقف المؤبّد كذلك، فيخرج بعضه عن الحجّية، وهو وإن لم يقدح في أصلها، إلاّ أن مثله معتبر في مقام التراجيح البتة، هذا.

۲.۳ - قول محمدباقر المجلسي


مع قصور الدلالة بما ذكره خالي العلاّمة طاب رمسه، فقال : ويخطر‌ بالبال إمكان حمل هذا الخبر على ما إذا لم يقبضهم الضيعة الموقوفة عليهم ولم يدفع إليهم، وحاصل السؤال أن الواقف يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل منهم الاختلاف ويشتدّ، لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم في تلك الضيعة أو في أمر آخر، أيدعها موقوفة ويدفعها إليهم، أو يرجع عن الوقف، لعدم لزومه بعدُ ويدفع إليهم ثمنها، أيّهما أفضل؟ فكتب عليه السلام: البيع أفضل؛ لمكان الاختلاف المؤدّي إلى تلف النفوس والأموال، فظهر أن هذا الخبر ليس صريحاً في جواز بيع الوقف، كما فهمه القوم واضطرّوا إلى العمل به مع مخالفته لأُصولهم، والقرينة : أن أوّل الخبر محمول عليه كما عرفته، وهذا الاحتمال وإن لم ندّعِ أظهريّته أو مساواته للآخر فليس ببعيدٍ بحيث تأبى عنه الفطرة السليمة في مقام التأويل.
[۲۹] ملاذ الأخيار، ج۱۴، ص۴۰۰.
انتهى كلامه، عَلَتْ في فراديس الجنان أقدامه.
ولنعم ما قاله، بل ذكر بعض من عاصرته : أنه لا معنى للخبر غير ما ذكره، فإنه هو الذي ينطبق عليه سياقه، ويؤيّده زيادة على ما ذكره وقوع البيع في الخبر من الواقف، وهو ظاهر في بقاء الوقف في يده، والمدّعى في كلام الأصحاب أن البيع من الموقوف عليهم لحصول الاختلاف في الوقف، والخبر لا صراحة فيه بحصول الاختلاف. انتهى. وفيما ذكره من عدم معنىً للخبر غير ما قالاه نظر؛ لعدم صراحته في عدم القبض، بل ولا ظهوره فيه، وترك الاستفصال في الجواب عن حصول القبض وعدمه يقتضي عدم الفرق بينهما في الحكم، بل ظاهر التعليل المذكور فيه هو اختصاص الحكم في الجواب بالأوّل، وإلاّ لكان الأنسب‌ التعليل بعدم القبض، وليس في الصدر المتضمّن للرخصة في بيع حصّته عليه السلام من الضيعة دلالة على العكس، بناءً على احتمال أن يقال : إن عدم القبض في حقه عليه السلام الظاهر من الخبر لا يستلزم عدمه بالإضافة إلى الباقين، فلعلّه حصل بالإضافة إليهم دونه.
والحاصل : أن علمه عليه السلام بعدم القبض في حقّه لا يستلزم العلم بعدمه في حقّهم، هذا. مع أنه ربما يمكن أن يقال : إن غاية ما يستفاد من السؤال جعل الواقف شيئاً منها له عليه السلام، وهو أعمّ من وقفه عليه وعدمه، فلعلّ الرخصة في البيع لعدم الوقف عليه. نعم، ربما ينافيه قول السائل فيما بعد : أو يدعها موقوفة، ولكن يمكن أن يراد به معناه اللغوي، أي متروكة بحاله، يعني لا يبيعه، فتأمّل. وبالجملة ظهور الرواية فيما ذكره الأصحاب لا شك فيه ولا شبهة، ولذا أن الخال عليه الرحمة أطلق على ما ذكره لفظ الحمل، ولم ينكر الظهور بالمرّة، لكن في الاكتفاء بمثل هذا الظهور لتخصيص الأدلّة القاطعة مناقشة واضحة؛ لفقد الصراحة أو القوّة في الدلالة المشترطة في صحة تخصيص العمومات في هذه الرواية، مع احتمال الاكتفاء به بعد اعتضاده بفهم الطائفة، و اشتهار الحكم بينهم، مع الإجماعات المحكيّة.

۲.۳.۱ - الرأي الرابع


والرابع : بقصور السند بالجهالة، والدلالة بأنّها فرع قبولهم الحكم بما في متن الرواية من جواز البيع مع رضاء الموقوف عليهم به جملة، وكونه أنفع لهم، ولم يقولوا به، بل لم يحك القول به إلاّ عن شذوذ من الطائفة، كالمفيد وغيره. والذبّ عن قصور السند وإن كان ممكناً بانجباره بوجود ابن محبوب فيه وقد أجمع على تصحيح رواياته، إلاّ أن في بلوغ الرواية بذلك مرتبة الصحة مناقشة، سيّما وأن يخصّص بها الأدلّة المانعة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون لنا الآن إجماع الطائفة.



ولما ذكرناه من قوّة الأدلّة المانعة بالكلية ذهب الإسكافي والحلّي و فخر الإسلام إلى القول بالمنع مطلقا،
[۳۶] إيضاح الفوائد، ج۲، ص۳۹۲.
وادّعى الثاني عليه إجماع الإمامية. ولا يخلو عن قوة، وإن كان القول بالجواز في مورد العبارة والصحيحة المتقدمة غير بعيد؛ للشهرة العظيمة، وما تقدّم من الإجماعات المحكية القوية الاحتمال للشمول لموردهما، وهي على إجماع الحلّي راجحة باشتهار محصّلها ولو في الجملة بين الطائفة. لكن ينبغي صرف ثمنه إلى وقف آخر يضاهي وقف المالك؛ توصّلاً إلى غرضه أو ما يقرب منه مهما أمكن، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور .
خلافاً للمحكي عن المفيد والمرتضى، فجوّزا الدفع إلى الموجودين لينتفعوا به. وهو في الوقف الغير المؤبّد غير بعيد، وعليه ينزل الصحيح المتقدم، ويشكل في غيره، فلا يترك ما قلناه فيه، بل في الأوّل أيضاً، لمنافاة الدفع‌ إليهم ما مرّ من عدم انتقال الوقف الغير المؤبد عن ملك المالك ورجوعه بعد انقراض الموقوف عليه إليه دون غيره.



وربما يستثني أيضاً عن منع البيع صورتان أُخريان : إحداهما : إذا حدث بالموقوف عليهم ما يمنع الشرع به من معونتهم والقربة إلى الله تعالى بصلتهم. وفي استثنائها نظر، وإن نزّلت على قصد الواقف معونتهم بصلاحهم وديانتهم ثم يخرج أربابه من هذا الوصف إلى حدّ الكفر، فحينئذٍ يمكن خروجهم عن الاستحقاق ؛ لأن الخروج عن صفة الاستحقاق لا يستلزم جواز البيع، مع إمكان أن يلحقه حكم الوقف على مصلحة بطل رسمها، فيصرف في وجوه البرّ ، كما مرّ.
والثانية : ما ذكره الشهيد الثاني وغيره، وهو ما لو خرج الموقوف عن الانتفاع به فيما وقف عليه، كجذعٍ منكسر، وحصيرٍ خلق، ونحوهما، فيتولّى المتولّي الخاص بيعه، أو الحاكم مع عدمه، أو سائر عدول المؤمنين، وشراء ما ينتفع فيه. وهو غير بعيد حيث لا ينتفع به فيه بوجه من الوجوه؛ لأنه إحسان محض وتحصيل لغرض الواقف بقدر الإمكان ، ولا ريب أنه أولى من إلغائه، و الأمر بعدم بيعه حينئذٍ كاد أن يلحق بالعبث.


 
۱. الانتصار، ج۱، ص۴۶۲.    
۲. السرائر، ج۳، ص۱۵۲.    
۳. المسالك، ج۵، ص۳۹۸.    
۴. الغنية (الجوامع الفقهية)، ج۱، ص۲۹۸.    
۵. الكافي، ج۷، ص۳۷، ح ۳۵.    
۶. التهذيب، ج۹، ص۱۳۰، ح ۵۵۶.    
۷. الاستبصار، ج۴، ص۹۷، ح ۳۷۷.    
۸. الوسائل، ج۱۹، ص۱۸۵، أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ۶، ح ۱.    
۹. الوسائل، ج۱۹، ص۱۸۵، أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ۶.    
۱۰. المقنعة، ج۱، ص۶۵۲.    
۱۱. المبسوط، ج۳، ص۲۸۷.    
۱۲. التنقيح الرائع، ج۲، ص۳۳۰.
۱۳. المسالك، ج۵، ص۳۹۸.    
۱۴. كفاية الأحكام، ج۲، ص۲۰.    
۱۵. الغنية (الجوامع الفقهية)، ج۱، ص۲۹۸.    
۱۶. الانتصار، ج۱، ص۴۶۹.    
۱۷. الكافي، ج۷، ص۳۶، ح ۳۰.    
۱۸. الفقيه، ج۴، ص۲۴۱، ح۵۵۷۵.    
۱۹. التهذيب، ج۹، ص۱۳۰، ح۵۵۷.    
۲۰. الاستبصار، ج۴، ص۹۸، ح۳۸۱.    
۲۱. الوسائل، ج۱۹، ص۱۸۷- ۱۸۸، أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ۶، ح ۵.    
۲۲. الوسائل، ج۱۹، ص۱۸۸، أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ۶، ح ۶.    
۲۳. الكافي، ج۷، ص۳۵، ح ۲۹.    
۲۴. الفقيه، ج۴، ص۲۴۳، ح ۵۵۷۷.    
۲۵. التهذيب، ج۹، ص۱۳۳، ح ۵۶۵.    
۲۶. الاستبصار، ج۴، ص۹۹، ح ۳۸۲.    
۲۷. الوسائل، ج۱۹، ص۱۹۰، أبواب أحكام الوقوف والصدقات ب ۶، ح ۸.    
۲۸. الفقيه، ج۴، ص۲۴۳.    
۲۹. ملاذ الأخيار، ج۱۴، ص۴۰۰.
۳۰. الحدائق، ج۱۸، ص۴۴۳.    
۳۱. رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۷۱.    
۳۲. المقنعة، ج۱، ص۶۵۲.    
۳۳. الانتصار، ج۱، ص۴۶۸.    
۳۴. المختلف، ج۶، ص۲۸۷.    
۳۵. السرائر، ج۳، ص۱۵۳.    
۳۶. إيضاح الفوائد، ج۲، ص۳۹۲.
۳۷. المقنعة، ج۱، ص۶۵۲.    
۳۸. الانتصار، ج۱، ص۴۶۸.    
۳۹. رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۵۴.    
۴۰. المسالك، ج۵، ۴۰۰.    
۴۱. جامع المقاصد، ج۹، ص۱۱۶.    




رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۷۱- ۱۷۸.    



جعبه ابزار