تبعية الطفل والدية في الإسلام والكفر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وحكم الطفل) الذي لم يبلغ الحلم مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى (حكم والديه) في
الإسلام والكفر، وما يتبعهما من الأحكام
كالطهارة والنجاسة وغيرهما، بالإجماع الظاهر والنصّ المستفيض بل المتواتر.ففي الصحيح المرويّ في الفقيه : عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحِنْث قال : «كفّار» وغلام لم يدرك الحِنث.
أي : لم يجرِ عليه القلم..
وفي الخبر المروي فيه : «أولاد المشركين مع
آبائهم في النار، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة».
وفي المرسل المروي في
الكافي : «أطفال المؤمنين يلحقون بآبائهم، وأولاد المشركين يلحقون بآبائهم».
إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في مواضع متشتّتة، كمسألة جواز
إعطاء أطفال المؤمنين من الزكوات والكفّارات،
وجواز العقد عليهم مطلقاً،
مع اشتراط الإسلام في جميع ذلك اتّفاقاً فتوًى ونصاً.وبالجملة : فالحكم أوضح من أن يحتاج إلى مزيد بيان.
وعليه (فإن أسلما) أي
الأبوان (أو أحدهما أُلحق)
الولد (بحكمه) أي المسلم منهما. أمّا مع إسلامهما فواضح. وأمّا مع إسلام أحدهما فلأنّ «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه»
مضافاً إلى فحوى ما دلّ على لحوق الولد بأشرف أبويه في الحريّة، ففي الإسلام أولى.وذكر جماعة تبعيّته للسابي المسلم إذا سباه منفرداً عنهما، كالشيخ والقاضي والإسكافي، فيما حكاه عنهم الفاضل في
المختلف متنظّراً فيه وفيما وقفت عليه من كتبه. وتبعه جماعة ومنهم شيخنا
الشهيد الثاني .
ولعلّه في محله؛ لعدم دليل يعتدّ به عليها كليةً إلاّ في الطهارة خاصةً.فلا بأس بها وفاقاً لجماعة.
لا لما قيل من ظهور عبائر الجماعة في
الإجماع عليها
ووشرح المفاتيح للوحيد البهبهاني (مخلوط).لمنعه بظهور عبارة الذكرى في تفرّعها على التبعية مطلقاً.
فإن قلنا بها كذلك ثبتت، وإلاّ فلا.ولا لما في المعالم من أصالة الطهارة ولزوم
الاقتصار فيما خالفها على المتيقن المجمع عليه، وليس إلاّ النجاسة قبل السبي، وأمّا بعده فيجب المصير إليها، لعدم المخصّص لها.
لابتنائه على
انحصار دليل النجاسة في الإجماع وعدم حجيّة
الاستصحاب . ويمنعان بوجود
الإطلاق نصّاً وفتوى كما مضى بالتبعيّة في الكفر المقتضية للنجاسة، خرج منه ما إذا أسلم أبواه أو أحدهما ويبقى الباقي تحته مندرجاً، وثبوت حجيّة الاستصحاب.بل لمنع شمول الإطلاق محلَّ البحث؛
لاختصاصه بحكم
التبادر وغيره بغير صورة سبي المسلم.والاستصحاب إنّما يكون حجّة حيث يسلم عن المعارض، وفي محلّ البحث ليس بسالم، لمعارضة استصحاب النجاسة باستصحاب طهارة الملاقي له، فكما أنّ الأوّل يقتضي بقاء نجاسة المَسبيّ، فكذا الأخير يقتضي بقاء طهارة ملاقيه.
وهذا أيضاً لا يخلو عن نظر، فإنّ الأوّل وارد على الثاني فليقطع به إن ثبتت المعارضة بينهما باتّحاد متعلّقهما معنىً، ولو تغايرا محلاًّ بإجماع ونحوه، وإلاّ فالواجب العمل عليهما كلّ من محلّه، ومرجعه حينئذٍ إلى نجاسة المَسبيَّ وطهارة الملاقي. فإن لم يناف الإجماع وأمكن القول بهما لم يثبت المطلب من الحكم بطهارة المَسبيّ، وإنّما الثابت طهارة ملاقيه، ولا تلازم بينهما كما فرضنا، ونظائره كثيرة.
نعم لم يتبيّن حينئذ أثر نجاسة في هذا الفرع، ولكن قد يتبيّن في فرع آخر، كمنعه عن دخول المساجد ونحوه، إذ لا معارض له في هذا الفرع، فيتوجّه الحكم بنجاسته مطلقاً باستصحابها الخاصّ الوارد على استصحاب طهارة الملاقي كما مضى.
وحيث إنّ الفرع الأعظم هو طهارة الملاقي أو نجاسته مع عدم وجود الإجماع المركب المقطوع به على تعارض الاستصحابين، تعيّن القول بطهارته في هذا الفرع، سيّما مع التأيّد بالإجماع المنقول المتقدم. ولا يعارضه عبارة الذكرى المتقدمة، لكونه راجحاً عليها، مضافاً إلى
استلزام نجاسته العسر والحرج المنفي. ولكن
الاحتياط واضح.هذا إذا سبي منفرداً.وأمّا إذا سبي مع أبويه أو أحدهما، كان كافراً ولم يتبع
السابي قولاً واحداً منّا.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۰۹-۱۱۲.