تغطية الرأس في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يحرم تغطية الرأس للرجل دون
المرأة .
واعلم أن هذا وما سبقه أحد التروك المشار إليها في صدر البحث، فالأولى عطفهما على ما سبقهما وحذف «يحرم» فيهما، كما فعل في قوله : (وتغطية الرأس للرجل دون المرأة) بإجماع العلماء، كما عن
المنتهى والتذكرة،
وفي غيرهما بالإجماع؛
والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
ويستفاد من جملة منها عدم الفرق بين الكل والبعض، كما صرّح به جمع،
ففي الصحيح : ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ فقال عليه السلام: «لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك».
وفيه : عن المحرم يجد
البرد في أُذنيه، يغطّيهما؟ قال : «لا».
ويستفاد منه كون الأُذنين يحرم سترهما. وهو الأظهر، وفاقاً لجمع ومنهم الفاضل في
التحرير ،
خلافاً له في
التذكرة والمنتهى،
فتردّد في ذلك. ولا وجه له بعد ذلك. ورخّص في عصابتي القِربة و
الصداع ؛ للصحيحين،
قيل : وعمل بهما الأصحاب.
وكذا ستره بيده وبعض أعضائه على الأظهر، وفاقاً للمنتهى وجمع؛
للأصل، وما سيأتي من الصحيح على جواز الحكّ، والصحيح : «لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض».
أما الوجه فالأشهر الأظهر جواز تغطيته له اختياراً؛ للأصل، والصحاح المستفيضة، منها : الرجل المحرم يريد أن ينام، يغطّي وجهه من الذباب؟ قال : «نعم، ولا يخمّر رأسه»
». مضافاً إلى نقل
الإجماع عليه عن الخلاف والمنتهى والتذكرة.
خلافاً للمحكي عن العماني، فأوجب به
إطعام مسكين في يده؛
للصحيح،
ووافقه في التهذيب على
إيجاب الكفارة، لكن جوّزه اختياراً مع نيتها.
وحمل الكفارة على
الاستحباب كما عليه الأكثر لعلّه أولى، جمعاً بين النصوص، إذ لو وجبت لذكرت في مقام البيان في سائرها، فهي لذلك ظاهرة في عدم الوجوب، وللرجحان بالشهرة قدّمت على الصحيح، ولولاها لكان الجمع بالوجوب مقتضى الأُصول، وهو مع ذلك أحوط.
(وفي معناه
الارتماس ) و
إدخال الرأس في الماء؛ بالإجماع والصحاح.
دون غسله و
إفاضة الماء عليه، فيجوز بالإجماع، كما عن صريح التذكرة وظاهر المنتهى؛
للصحاح، منها : هل يحكّ رأسه أو يغتسل بالماء؟ فقال : «يحكّ رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصبّ على رأسه ما لم يكن ملبِّداً، فإن كان ملبِّداً فلا يفيض على رأسه الماء إلاّ من
احتلام ».
قيل : ومضمونه فتوى
المقنع والدروس، قلت : ولعلّ منع الملبِّد من الصبّ
للاحتراز عن سقوط الشعر، ولا يدل الخبر على جواز
التلبيد مطلقاً، فضلاً عنه
اختياراً ، وفي التذكرة والدروس القطع بجواز التوسد، لأنه يصدق عرفاً أنه مكشوف الرأس.
انتهى. وهو جيّد.
وهل التغطية محرّمة بأيّ شيء كان حتى ينحو من الطين والحِنّاء وحمل الطبق والمتاع ونحو ذلك، أم يختص بالمعتاد، كالستر بالثوب ووضع القناع؟ إشكال، إلاّ أن الأصل مع
اختصاص النواهي بالثاني يقتضيه وإن كان الأوّل أحوط؛ لإطلاق نحو الصحيح : «
إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه»
مؤيداً بأخبار الارتماس، سيّما وظاهر بعض الأفاضل أنه لا خلاف فيه إلاّ من العامة،
وعن
المبسوط أن من خضب رأسه أو طيّنه لزمه
الفداء كمن غطّاه بثوب بلا خلاف.
ويعضده ما ورد في بعض الأخبار من منع المرأة من ستر الوجه بالمروحة، بعد ملاحظة ما ورد من أن الإحرام للرجل في رأسه والمرأة في وجهها، فيكون منعها من المروحة إنما هو لمنافاة الستر بها للإحرام، فينبغي أن يكون ستر الرأس بها في الرجل كذلك، فتدبّر. (منه رحمه الله).
(ولو غطّى ناسياً ألقاه) أي الغطاء المدلول عليه بالمقام (وجوباً) على الظاهر، المصرَّح به في بعض العبائر
(وجدّد
التلبية ) للصحيحين
في الحكمين، إلاّ أن ظاهرهما وجوب التجديد؛ للأمر به فيهما. فقوله : (
استحباباً ) لا وجه له، إلاّ ما في كلام جماعة
من
الأصل وعدم قائل بالوجوب.
وفيه نظر؛ لوجوب الخروج عن الأصل بالأمر، ومنع عدم القائل، فقد حكي عن ظاهر الشيخ وابني حمزة وسعيد،
ومع ذلك فالوجوب أحوط.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۹۷- ۳۰۱.