حكم تملك أموال البغاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ولا تؤخذ أموالهم) أي
البغاة مطلقاً كانت لهم فئة أم لا، بلا خلاف في الأموال (التي ليست في العسكر) بل عليه
الإجماع في التحرير والمنتهى والمسالك والروضة
وغيرها؛
وهو الحجة فيه، دون عموم النبوي صلى الله عليه وآله وسلم الآتي : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ بطيب من نفسه»
لابتنائه على القول بإسلام البغاة، وهو منظور فيه، فإنّ
الإسلام الحقيقي ما يحقن به الدماء، ويردّ به الأمانات، ويردّ به الأمانات، كما في الأخبار المعتبرة، وهؤلاء غير محقوني الدم إجماعاً، ولذا وجب قتالهم.
وظاهر جملة من الأخبار العامية والخاصية كفرهم، كما عليه أصحابنا فيما حكاه الشيخ
وغيره،
لكن قال : ظاهرهم الإسلام.وكيف كان، فبعد الإجماع الظاهر والمحكي لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه.ومنه يستفاد تحريم أموال سائر فرق الإسلام وإن حكم بكفرهم، كما صرّح به شيخنا في
المسالك ، قال : لأنّ هذا الوصف ثابت في البغاة وزيادة، مضافاً إلى ما دلّ عليه من الكتاب والسنة.
أقول : وهذه الزيادة ما عرفته، مضافاً إلى أنّ المستفاد من بعض المعتبرة خلافه، وفيه : «خذ مال الناصب حيثما وجدته، وارفع إلينا الخمس»
فالاكتفاء
بالاستناد إلى الإجماع وفحواه أولى. ويحتمل أن يكون أراد بالزيادة تأييداً.
(وهل يؤخذ) من أموالهم (ما حواه العسكر ممّا ينقل فيه قولان) مشهوران (أظهرهما الجواز) وفاقاً لأكثر الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في جملة من العبائر،
بل في ظاهر الغنية وعن صريح الخلاف الإجماع عليه؛
وهو الحجة، مضافاً إلى
الأصل والأخبار والمستفيضة.
منها : زيادة على ما سيأتي إليه
الإشارة مرسلة العماني المتقدمة مستنداً لجماعة من
الشيعة في المسألة السابقة، والمرسلة الأُخرى المروية هي كالسابقة عنه في المختلف، وفيها : إنّ رجلاً من عبد القيس قام يوم الجمل، فقال : يا أمير المؤمنين ما عدلت حيث قسمت بيننا أموالهم، ولا تقسم بيننا نساءهم ولا أبناءهم، فقال له : «إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف، وذلك أنّ دار الهجرة حُرّمت ما فيها، وأنّ دار الشرك أُحلّت ما فيها، فأيّكم يأخذ امّه في سهمه؟»
الحديث.ونحوهما المرسلة الآتية.
والضعف
بالإرسال مجبور بالشهرة بين الأصحاب معتضدة بالأصل، وفحوى ما مرّ من الأخبار بجواز قتلهم وسبيهم، فأخذ أموالهم أولى.خلافاً للمرتضى والحلّي،
والفاضل في جملة من كتبه،
لكنّه رجع عنه إلى المختار في المختلف،
والشهيد في الدروس واللمعة،
لكن وافق المختار في خمس الدروس،
فمنعا عنه؛ للنبوي «المسلم أخو المسلم لا يحلّ دمه ولا ماله إلاّ بطيبة من نفسه».
وسيرةِ علي عليه السلام في
أهل البصرة ، فإنّه أمر بردّ أموالهم، فأُخذت حتى القدر كفاها صاحبها، ولم يصبر على أربابها.
وفي الأول : ما مرّ. ولو سلّم فيخصص بما سبق.
وفي الثاني : بأنه لنا لا علينا، إذ لولا جوازه لما فعله أوّلاً. وظاهر الحال وفحوى ما عرفت من الأخبار أنّ ردّها بطريق المنّ لا
الاستحقاق ، كما مَنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كثير من المشركين، كما صرّح به شيخنا في المسالك والروضة.
والمبسوط، ففصّل بين من لم يرجع إلى الحق وإلى طاعة
الإمام فالأول، ومن رجع إلى طاعة الإمام فالثاني.
واستوجهه في المهذب البارع شرح الكتاب فقال : هو الوجه استناداً إلى فعل
علي عليه السلام ، فإنه لم يقسّم أموال البصرة حيث يرجعوا إلى طاعته، وقسّم ما غنموه إلى
أهل الشام ، وكل ما ورد من منع القسمة فإنّه في واقعة البصرة.
ونحوهما الشهيد في الدروس،
بل ظاهره
انحصار الخلاف في الأول، حيث أفتى في الثاني بالمنع من غير نقل خلاف، ثم نقل الخلاف في الأول.وفيه نظر، فإنّه ظاهر كلمة الأصحاب المجوّزين والمانعين
الإطلاق من غير تفصيل، وفي المختلف
اختصاصه بالمبسوط.
وكيف كان، فالمختار الأول؛ لما مرّ مضافاً إلى مرسل آخر مرويّ في المبسوط فقال : وروى أصحابنا أنّ ما يحويه العسكر من الأموال فإنّه يغنم.
وظاهره
الإطباق على روايته.وهو مطلق كسابقيه لا وجه لتقييده بعد روايتها بقوله : هذا يكون إذا لم يرجعوا إلى طاعة الإمام، وأمّا إن رجعوا إلى طاعته فهو أحقّ بأموالهم.
وعدم قسمة علي عليه السلام أموال أهل البصرة لعلّة بطريق المنّ، كما عرفته.
ويدلّ عليه رواية صريحة، وفيها : إنّ الناس يروون أنّ عليّاً عليه السلام قتل أهل البصرة وترك أموالهم، فقال : «إنّ دار الشرك يحلّ ما فيها» فقال : «إنّ عليّاً عليه السلام إنّما مَنّ عليهم فأراد أن يُفتدى به في شيعته، فقد رأيتم آثار ذلك، هو ذا يسار في الناس بسيرة علي عليه السلام، ولو قتل علي عليه السلام أهل البصرة جميعاً وأخذ أموالهم لكان ذلك له حلالاً في النسخ : لكان في ذلك
إجلال .وما أثبتناه من المصدر.لكنّه مَنّ عليهم ليمنّ على شيعته من بعده».
وقريب منها آخر : «لولا أنّ عليّاً عليه السلام سار في أهل حربه بالكفّ عن السبي والغنيمة، للَقِيَتْ شيعته من الناس بلاءً عظيماً» قال : «والله لسيرته كانت خيراً لكم ممّا طلعت عليه الشمس».
وحيث قلنا بالجواز (تقسم كما تقسم أموال أهل الحرب) من المشركين بغير خلاف.
رياض المسائل، ج۸، ص۳۰-۳۵.