دية المملوك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
دية العبد قيمته، ولو تجاوزت
دية الحر ردت اليها؛ وتؤخذ من مال الجاني إن قتله عمدا أو شبيها بالعمد؛ ومن عاقلته إن قتله خطأ. ودية أعضائه بنسبة قيمته: فما فيه من
الحر ديته فمن العبد قيمته، كاللسان والذكر؛ وما فيه دون ذلك فبحسابه. والعبد أهل للحر فيما لا تقدير فيه؛ ولو جنى جان على
العبد بما فيه قيمته، فليس للمولى المطالبة حتى يدفع العبد برمته؛ ولو كانت الجناية بما دون ذلك أخذ
أرش الجناية وليس له دفعه والمطالبة بالقيمة؛ ولا يضمن المولى جناية العبد، لكن يتعلق برقبته، وللمولى فكه بأرش الجناية، ولا تخير لمولى المجني على؛ ولو كانت جنايته لا تستوعب قيمته تخير المولى في دفع الأرش أو تسليمه ليستوفي المجني على قدر الجناية استرقاقا أو بيعا. ويستوي في ذلك
الرق المحض
والمدبر، ذكرا كان أو انثى أو ام ولد على التردد.
دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحرّ ولو تجاوزت دية الحرّ ردّت إليه ودية الأمة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرّة.
والاعتبار بدية الحرّ
المسلم إن كان المملوك مسلماً وإن كان مولاه ذمّيا على الأقوى، وبدية
الذمّي إن كان المملوك ذمّيا ولو كان مولاه مسلماً على الأقوى أيضاً، وقد مضى الكلام في المسألة وما يتعلّق بها مستوفى في كتاب
القصاص في الشرط الأوّل من شرائطه، فلا وجه لإعادته.
وهي كدية الأحرار تؤخذ من مال الجاني إن قتله أي
العبد عمداً أو شبيهاً به، ومن عاقلته إن قتله خطأً.
ودية أعضائه وجراحاته تؤخذ بنسبة العضو إلى الكل من حيث قيمته على قياس نسبة أعضاء الحرّ إلى كلّه من حيث
الدية فما أي أيّ عضو فيه أي في ذلك العضو حال كونه من الحرّ ديته أي دية الحر ففي ذلك العضو من العبد قيمته، كاللسان والذكر واليدين والرجلين، فلو جنى عليها من العبد كان فيها تمام قيمته ما لم يتجاوز دية الحرّ، كما أنّه لو جنى عليها من الحرّ كان فيها كمال ديته.
وما فيه أي أيّ عضو من الحرّ في الجناية عليه دون ذلك أي دون كمال الدية من نصفها أو ثلثها مثلاً ففي الجناية عليه من العبد من قيمته بحسابه أي بحساب ما يؤخذ فيه من الدية في
الحرّ، فلو قطع إحدى يديه الصحيحة مثلاً يؤخذ من قيمته نصفها، كما أنّه يؤخذ نصف دية الحرّ لو قطعت منه، وفي حكم العبد بالنسبة إلى الحرّ الأمة بالنسبة إلى الحرّة.
وبالجملة: الحرّ أصل للعبد في المقدّر له وينعكس في غيره، فيكون العبد أصل الحرّ فيما لا تقدير فيه منه، فيفرض الحرّ عبداً سليماً من الجناية وينظر كم قيمته حينئذٍ، ويفرض عبداً فيه تلك الجناية وينظر كم قيمته، وينسب إحدى القيمتين إلى الأُخرى، ويؤخذ له من الدية بتلك النسبة.
والوجه في جميع ذلك واضح، مع عدم خلاف فيه أجده، وفي
المسالك أنّه كالمتفق عليه
، ويشهد له
النصوص المستفيضة، منها زيادةً على الموثقة الآتية القوي: «جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن»
.
ومنها: «إذا جرح الحرّ العبد فقيمة جراحته من حساب قيمته»
.
ومنها: في رجل شجّ عبداً موضحة، قال: «عليه نصف عشر قيمته»
.
ولو جنى جان على العبد وفي معناه
الأمة بما فيه قيمته فليس للمولى المطالبة بها حتى يدفع العبد برمّته أي بتمامه إلى الجاني أو عاقلته إن قلنا بأنّها تعقله، بلا خلاف أجده، بل عليه
الإجماع في عبائر جماعة حدّ الاستفاضة
، وبه صريح الموثّقة: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أنّه يؤدّي إلى مولاه قيمة العبد، ويأخذ العبد»
.
وفيهما
الحجة، دون ما علّل به من استلزام جواز المطالبة مع عدم دفعه الجمع بين
العوض والمعوّض عنه؛ لاندفاعه بأنّ القيمة عوض الجزء الفائت لا الباقي، ولذا قيل بجوازها معه فيما لو كان الجاني على العبد غاصباً له
، وإنّما قيل بعدم الجواز في غيره للنص
والوفاق.
أقول: لا اختصاص لهما بغير الغاصب، بل يشملانه إطلاقاً، بل عموماً في الأوّل من حيث ترك الاستفصال فيه المفيد له على الأقوى، فتأمّل جدّاً.
ولو كانت الجناية على المملوك بما دون ذلك أي بما لا يبلغ قيمته أخذ المولى
أرش الجناية بنسبته من القيمة وليس له أي للمولى دفعه أي العبد إلى الجاني والمطالبة بالقيمة أي بتمام قيمة العبد إلاّ برضاء الجاني، بل يمسكه ويطلبه بدية الفائت مع التقدير، أو أرشه مع عدمه في الحرّ، فإنّه حقّه، دون الدفع والمطالبة بتمام القيمة؛ لأنّ ذلك معاوضة لا تثبت إلاّ بالتراضي.
قيل: وللعامّة قول بأنّ له ذلك
.
ولا يضمن المولى جناية العبد مطلقاً، ولكن يتعلّق برقبته، وللمولى
الخيار بين دفعه أو فكّه بأرش الجناية أو بأقلّ الأمرين منه ومن القيمة، على الخلاف المتقدم في
القصاص في البحث المتقدم إليه قريباً الإشارة.
ومضى ثمة أيضاً الكلام في أنّه لا تخيّر لوليّ المجني عليه بل للمولى إذا كانت الجناية خطأً، وينعكس إذا كانت عمداً.
وأنّه لو كانت جنايته لا تستوعب قيمته تخيّر المولى أيضاً في دفع الأرش أو تسليمه ليستوفي المجني عليه منه قدر الجناية
استرقاقاً أو
بيعاً ويكون المولى معه فيما يفضل شريكاً.
وأنّه يستوي في جميع ذلك
الرقّ المحض
والمدبّر مطلقاً ذكراً كان أو أُنثى، أو
أُمّ ولد على التردّد في الأخير لم يسبق ذكره فيما مضى، ينشأ: من عموم الأدلّة على أنّ المولى لا يعقل مملوكه، ومن أنّ المولى باستيلاده منع من بيع رقبتها فأشبه ما لو أعتق الجاني عمداً.
مضافاً إلى النص: «أُمّ الولد جنايتها في حقوق الناس على سيّدها، وما كان من حقوق الله عزّ وجلّ في
الحدود فإنّ ذلك في بدنها»
الحديث.
وهذا خيرة
الشيخ في ديات
المبسوط، نافياً الخلاف فيه إلاّ عن
أبي ثور، قال: فإنّه قال: أرش جنايتها في ذمّتها يتبع به بعد
العتق، وتبعه
القاضي.
والأوّل مذهبه في استيلاد المبسوط
والخلاف، مدّعياً عليه إجماع الفرقة وأخبارهم على أنّها مملوكة يجوز بيعها، وتبعه
الحلّي وأكثر المتأخّرين، كالفاضلين في
الشرائع والتحرير والقواعد،
وفخر الدين في شرحه، والشهيدين في ظاهر المسالك وصريح
اللمعة، ونسبه في شرحها إلى المشهور. ولعلّه أقوى.
ويمنع عن كون
الاستيلاد مانعاً من البيع هنا؛ لأنّ حق الجناية من الاستيلاد أقوى.
والنصّ قاصر سنداً بالجهالة، وإن روى عن موجبها
الحسن بن محبوب الذي قد أجمع على تصحيح ما يصح عنه العصابة؛ لعدم بلوغه بذلك درجة الصحة فضلاً أن يعارض به الأدلّة المعتضدة بالشهرة الظاهرة والمحكية.
ونفي الخلاف موهون بنقل النافي له الإجماع على الخلاف، مع نفي الحلّي الخلاف عنه أيضاً
، بل ظاهره إجماعنا عليه كما في الخلاف، وأنّ خلافه مذهب أهل الخلاف، وعليه يتعيّن حمل
الرواية على
التقية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج، ص۳۶۸-۳۷۳.