زوال المانع في الشهادة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو تحمل
الشهادة الصبي، أو
الكافر، أو العبد، أو الخصم، أو الفاسق ثم زال المانع وشهدوا قبلت شهادتهم بعد استجماع الشرائط الأُخر؛ لوجود المقتضي وانتفاء الموانع.
ولو تحمل الشهادة الصبي، أو
الكافر، أو العبد، أو الخصم، أو الفاسق المعلن، أو نحوهم من مردودي
الشهادة ثم زال المانع الموجب لردّها وشهدوا قبلت شهادتهم بعد استجماع الشرائط الأُخر؛ لوجود المقتضي وانتفاء الموانع؛ وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
منها زيادةً على ما مرّ في المسألة السابقة من الصحيحين والقوية، وما مرّ في مسألة قبول
شهادة القاذف بعد توبته من المعتبرة المستفيضة
الصحيح وغيره
: عن نصراني كما في الثاني ويهودي كما في الأوّل اشهد على شهادة ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال: «نعم».
ونحو الثاني صحيح آخر
.
والصحيح: عن الصبي والعبد والنصراني يشهدون شهادة، فيسلم
النصراني، أتجوز شهادته؟ قال: «نعم»
.
والقوي: «
اليهودي والنصراني إذا اشهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم»
.
وأمّا الصحيح: عن نصراني اشهد على شهادة ثم أسلم بعد، تجوز شهادته؟ قال: «لا»
.
فقال الشيخ: إنّه شاذّ، وحمله على
التقية، قال: لأنّه مذهب بعض
العامّة. ويحتمل الحمل على ما لو شهد بها في حال كفره، فلا تقبل وإن أسلم بعد. أو على فسقه بعد
الإسلام. أو على
التهمة في إسلامه، بأن كان مستتراً لكفره وشهد، فردّ لأجله، ثم أسلم وأعادها دفعاً لعار
الكفر.
ولكنه خلاف المعروف من مذهب الأكثر
كالفاضلين في
الشرائع والتحرير،
وفخر الدين وغيرهم
في نظير المسألة، وهو مسألة الفاسق المستتر لفسقه إذا أقام الشهادة فردّت لأجله ثم تاب وأعادها؛ حيث اختاروا فيها القبول.
ولكن تردّد فيه الفاضل في
القواعد، ولعلّه ينشأ: من وجود المقتضي للقبول، وهو العدالة الثابتة بالتوبة، وانتفاء المانع؛ إذ ليس بحكم الفرض إلاّ
الفسق، وقد ارتفع بالتوبة. ومن حصول التهمة بدفع عار
الكذب، وهي مانعة عن قبول الشهادة كما عرفته.
وحكى هذا قولاً، ولم أقف على قائله، فكأنّه شاذّ، ومع ذلك ردّ بأنّ
العدالة دافعة لمثل هذه التهمة.
وهو حسن مع ظهور صدق
التوبة والثقة بعدم استنادها إلى ما يوجب التهمة، وربما أشعر به بعض المعتبرة، كالقوي: «أنّ
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) شهد عنده رجل وقد قطعت رجله ويده، فأجاز شهادته، وقد كان تاب وعرفت توبته»
فتأمّل.
ولعلّ مراد الأصحاب ذلك أيضاً، ولكن
إطلاق كثير من المعتبرة المتقدمة في قبول شهادة القاذف بعد توبته كفاية إظهارها ولو لم يظهر صدقها، ولعلّه لذا قال
الشيخ والحلّي بقبول شهادة المتجاهر بالفسق بعد توبته بعد أن يقول له الحاكم: تب لأقبل شهادتك.
ولكن المشهور خلافه، فلم يقولوا به، بل اعتبروا اختباره مدّةً يغلب على
الظن فيها أنّه قد أصلح عمله وسريرته، وأنّه صادق في توبته، ولعلّ هذا هو الأصح.
وكيف كان، فلا خلاف في شيء مما ذكر عدا ما مرّ فيه من الخلاف حتى في قبول شهادة الفاسق المعلن بعد توبته مطلقاً، سواء شهد بها قبل التوبة ثم أعادها بعدها، أو شهد بغيرها من دون إعادة، قالوا: والفرق بينه وبين الفاسق المستتر حيث اتفق على قبول شهادة الأوّل بعد التوبة مطلقاً واختلف فيه في الثاني، وإن كان المشهور مساواتهما حرص المستتر على إصلاح الظاهر ودخول الغضاضة عليه بظهور كذبه، بخلاف المعلن بالفسق؛ لأنّه لا يدخله غضاضة مع ظهوره، بل ربما يفتخر به، فيحصل التهمة في الأوّل دون الثاني.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۳۱۳-۳۱۶.