شروط الرضاع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وإنّما يحرم
الرضاع بشروط أشار إليها بقوله (وشروطه أربعة) : الأول: كون
اللبن عن نكاح، الثاني: الكميّة ، الثالث: أن يكون في الحولين، الرابع: أن يكون اللبن لفحل واحد.
(الأوّل : أن يكون اللبن عن نكاح) أي وطء صحيح إجماعاً وإن كان شبهة، كما هو المشهور؛ للعمومات،
وإلحاقها بالعقد في النسب. وتردّد فيه الحلّي؛
ولعلّه للأصل، ومنع العموم في الرضاع المطلق في الآية
والأخبار،
المنصرف إلى غير الشبهة؛ لندرتها، و
اختصاص الملحق لها بالنسب من الإجماع بغير محلّ الخلاف، ولا نصّ عامّاً يدلّ عليه. مضافاً إلى ما سيأتي من أدلّتهم لنفي النشر عن لبن الزناء من مفهوم الصحيح وغيره،
ومال إليه بعض المتأخّرين؛
لذلك. ولا يبعد جعل الشهرة العظيمة كاشتراكها مع المنكوحة بالمناكحة الصحيحة في أغلب الأحكام الشرعيّة قرينةً لإدخالها في إطلاق الأدلّة.
ويمكن نقض أدلّته بمثلها في جانب الحرمة، بمعارضة أصالة
الإباحة بأصالة الحرمة السابقة على المناكحة. ومنع العموم فيما دلّ على إباحة نكاح النسوة؛ لانصرافه إلى غير الشبهة؛ لندرتها. وبعد التعارض يرجع إلى الترجيح، ولا ريب أنّه من جهة الشهرة مع أصالة الحرمة، وبعد
تسليم التساوي الموجب للتساقط تحتاج الإباحة إلى دلالة، فتأمّل جدّاً. وسيأتي الجواب عن الصحيح وغيره.
وكيف كان، فالعمل على المشهور إن أمكن ، وإلاّ فيحتاط بالطلاق ونحوه. وعلى تقدير الأشهر، يختصّ النشر بمن اختصّت به، فلا نشر في الآخر؛ لإلحاقه بالزناء الغير الناشر.
ويعتبر مع صحّة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد بالنكاح المزبور، (فلو درّ) اللبن من الخالية منهما لم يعتبر وإن كانت منكوحة نكاحاً صحيحاً؛ للأصل، وعدم شمول أدلّة النشر لمثله، مع دعوى
الإجماع صريحاً
وعدم الخلاف فيه ظاهراً. وخصوص الموثّق : عن
امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت جارية وغلاماً بذلك اللبن، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاعة؟ قال : «لا».
ومنه يظهر وجه عدم
اعتبار الدرّ من دون نكاح، فإنّه بطريق أولى.
(أو) معه ولكن (كان من زناء) فإنّه (لم ينشر) حرمة، مع دعوى الإجماع هنا أيضاً،
بل لعلّه ظاهر. وربما استدلّ له بالصحيح : عن لبن الفحل، قال : «ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك وَلَدَ امرأة أُخرى فهو حرام».
وفيه نظر؛ لاحتمال الورود مورد الغالب، مع عدم
اشتراط كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن، بل يكفي كونها مملوكة أو موطوءة شبهة أو متعة، مع عدم صدق : «امرأتك» المتبادر منها الزوجة الدائمة على المذكورات. فالعمدة هو الإجماع.
وفي اشتراط الولادة، أم
الاكتفاء بالحمل، قولان، أصحّهما وأشهرهما كما قيل
ـ : الأوّل، وفاقاً للتحرير والتذكرة والنهاية وحكي عن السرائر والخلاف والغنية مدّعين الإجماع عليه؛
وهو الحجّة، مع الأصل، وفقد المخصِّص؛ لعدم انصراف
الإطلاق إليه؛ للندرة، وخصوص الموثّق المتقدّم. ونحوه الخبر : عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت ذكراناً وأُناثاً، أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ فقال : «لا».
خلافاً للقواعد والمسالك وظاهر الروضة والمحكيّ عن المصنّف وموضع من
المبسوط فالثاني؛
للعموم، وهو ضعيف.
ولا يشترط البقاء على الحبالة، فلو طلّقها أو مات عنها وهي حامل أو مرضع، فأرضعت ولداً رضعةً ناشرةً للحرمة، نَشَرَ الحرمة كما لو كانت في حبالته، وإن تزوّجت بغيره مطلقاً، حملت منه أم لا، بقي اللبن بحاله أم زاد بعد
انقطاع ؛ للعموم، مع دعوى الإجماع عليه.
إلاّ أن تلد منه وترضع بلبنها المستمرّ إلى الولادة، فلا تنشر الحرمة في حقّ من خرجت من حبالته، وفي
التذكرة : الإجماع عليه من الكلّ.
وكذا لو حبلت منه وانقطع اللبن انقطاعاً بيّناً، ثم يعود من وقت يمكن أن يكون للثاني، فلا ينشر حرمةً في الأول، كما نُسِبَ إلى الأصحاب.
وفي نشره لها في الثاني الخلاف المتقدّم، والأصحّ : العدم، كما تقدّم.
ويعتبر في النشر حياة المرضعة وفاقاً، كما يظهر من التذكرة
والصيمري، فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل النصب ميتةً لم ينشر حرمة وإن تناوله إطلاق العبارة وصَدَق عليه
اسم الرضاع؛ حملاً له كإطلاق الأدلّة على الأفراد المعهودة المتعارفة وهو إرضاع الحيّة ودلالةِ الأدلّة اللفظيّة على
الإرضاع بالاختيار، كقوله سبحانه (وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ)
مع
أصالة الإباحة.
•
كمية الإنبات في الرضاع،
•
قيود الرضاع،
رياض المسائل، ج۱۱، ص۱۲۸- ۱۳۹.