صاحِبُكُم (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
صاحِب، صاحِبُكُم:
(بِصاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ) «الصاحب»: هو
الملازم و الرفيق و الجليس، و الوصف هذا مضافا الى أنّه يحكي عن تواضع
النّبي (صلّىاللّهعليهوآلهوسلّم) مع جميع
الناس فلم يرغب يوما في الاستعلاء على أحد منكم، فإنّه قد عاش بينكم حقبة طويلة، و جالسكم، فلمستم عن قرب رجاحة عقله و حسن درايته و أمانته، فكيف تنسبون له
الجنون؟! و كلّ ما في الأمر إنّه قد جاءكم بعد بعثته بتعاليم تخالف تعصبكم الأعمى و تحارب أهواءكم الجاهلية، فما راق لكم الانضباط و الترابط، و حبذتم الانفلات و التراخي، فوليتم الأدبار عن تعاليمه الربانية و نسبتم إليه الجنون، فرارا من هدي دعوته المباركة! و نسبة الجنون إلى النبّي (صلّىاللّهعليهوآلهوسلّم).
و يمكن أن يكون المراد ب (
«صاحب») أحد رؤساء ثمود، و كان أحد أشرارهم المعروفين و يعرف في التاريخ ب (
قدارة بن سالف).
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«صاحِب، صاحِبُكُم» نذكر أهمها في ما يلي:
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَ فُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: و المراد بصاحبكم النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) نفسه و الوجه في التعبير به تذكرتهم بصحبته الممتدة لهم أربعين سنة من حين ولادته إلى حين بعثته ليتذكروا أنهم لم يعهدوا منه اختلالا في فكر أو خفة في رأي أو أي شيء يوهم أن به جنونا.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) معناه أن يقوم
الرجل منكم وحده أو مع غيره ثم تتساءلون هل جربنا على محمد (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كذبا أو هل رأينا به جنة ففي ذلك دلالة على بطلان ما ذكرتم فيه و ليس معنى
القيام هنا القيام على الأرجل و إنما المراد به القصد للإصلاح و الإقبال عليه مناظرا مع غيره و متفكرا في نفسه لأن
الحق إنما يتبين للإنسان بهما و قد تم الكلام عند قوله
(تَتَفَكَّرُوا) و ما للنفي قال
قتادة أي ليس بمحمد (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) جنون و أن جعلت تمام الكلام آخر الآية فالمعنى ثم تتفكروا أي شيء بصاحبكم من الجنون أي هل رأيتم من منشئه إلى مبعثه وصمة تنافي النبوة من كذب أو ضعف في
العقل أو اختلاف في القول و الفعل فيدل ذلك على الجنون.
(فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان:
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) المراد بصاحبهم
عاقر الناقة، و التعاطي التناول و المعنى: فنادى القوم عاقر الناقة لعقرها فتناول عقرها فعقرها و قتلها.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) أي دبروا في أمر الناقة بالقتل فدعوا واحدا من أشرارهم و هو قدار بن سالف عاقر الناقة.
(وَ مَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان:
(وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) عطف على قوله:
(إِنَّهُ لَقَوْلُ) إلخ ورد لرميهم له (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بالجنون.
و في التعبير عنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بقوله:
(صاحِبُكُمْ) تكذيب لهم في رميهم له بالجنون و تنزيه لساحته- كما قيل- ففيه إيماء إلى أنه صاحبكم لبث بينكم معاشرا لكم طول عمره و أنتم أعرف به قد وجدتموه على كمال من العقل و رزانة من الرأي و صدق من القول و من هذه صفته لا يرمى بالجنون.
وتوصيف
جبريل بما مر من صفات المدح دون النبي (صلىاللهعليهوآله) لا دلالة فيه على أفضليته من النبي (صلىاللهعليهوآله) لأن الكلام مسوق لبيان أن القرآن كلام الله سبحانه منزل على النبي (صلىاللهعليهوآله) من عنده سبحانه من طريق
الوحي لا من أوهام الجنون بإلقاء من
شيطان والذي يفيد في هذا الغرض بيان سلامة طريق الإنزال وتجليل المنزل ـ اسم فاعل ـ بذكر أوصافه الكريمة والمبالغة في تنزيهه عن
الخطإ و
الخيانة، وأما المنزل عليه فلا يتعلق به غرض إلا بمقدار الإشارة إلى دفع ما يرتاب فيه من صفته وقد أفيد بنفي الجنون الذي رموه به والتعبير عنه بقوله :
(صاحِبُكُمْ) كما تقدم توضيحه، كذا قيل.
وفي مطاوي كلامه تعالى من نعوت النبي (صلىاللهعليهوآله) الكريمة ما لا يرتاب معه في أفضليته (صلىاللهعليهوآله) على جميع الملائكة، وقد أسجد الله
الملائكة كلهم أجمعين للإنسان الذي هو خليفته في
الأرض.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ ما صاحِبُكُمْ) الذي يدعوكم إلى الله و إخلاص طاعته و إخلاص طاعته «بِمَجْنُونٍ» و المجنون المغطى على عقله حتى لا يدرك الأمور على ما هي عليه للآفة الغامرة له و بغمور الآفة يتميز من النائم لأن النوم ليس بآفة و هذا أيضا من جواب القسم أقسم
الله (عزاسمه) أن
القرآن نزل به
جبرائيل و أن محمدا (صلىاللهعليهوآله) ليس على ما يرميه به أهل
مكة من الجنون.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.