ضمان الدية في حالة السكر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لو شرب أربعة فسكروا فوجد جريحان وقتيلان، ففي رواية
محمد بن قيس: أن
عليا (علیهالسّلام) قضى بدية المقتولين على المجروحين بعد أن أسقط جراحة المجروحين من
الدية؛ وفي رواية
السكوني عن
أبي عبدالله (علیهالسّلام): أنه جعل دية المقتولين على قبائل الآربعة وأخذ دية المجروحين من دية المقتولين: والوجه أنها قضية في واقعة، وهو أعلم بما أوجب ذلك الحكم.
لو شرب أربعة مسكراً فسكروا فوجد بينهم جريحان وقتيلان، ففي رواية
محمّد بن قيس: أنّ
علياً (علیهالسّلام) قضى بدية المقتولين على المجروحين بعد أن أسقط جراحة المجروحين أي دية جراحتهما من الدية وقال (علیهالسّلام): «إن مات أحد المجروحين فليس على أحد من أولياء المقتولين شيء»
.
وفي رواية النوفلي، عن
السكوني عن
أبي عبد الله (علیهالسّلام) أنّه قضى في نحو هذه القضية فجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة وأخذ دية المجروحين من دية المقتولين
.
والرواية الأُولى مشهورة بين الأصحاب، كما صرّح به جماعة ومنهم
الفاضل المقداد في
التنقيح، قال: حتى أنّ
ابن الجنيد قال: لو تجارح اثنان فقتل أحدهما قُضي بالدية على الباقي ووضع منها
أرش الجناية
.
ومع ذلك صحيحة؛ لكون
الراوي هو
الثقة بقرينة ما قبله وما بعده، وبذلك صرّح من المحقّقين جماعة
، لكنّها مخالفة للأُصول، إمّا لعدم استلزام الاجتماع المذكور والاقتتال كون القاتل هو المجروح وبالعكس، أو لما ذكره
الشهيد من أنّه إذا حكم بأنّ المجروحين قاتلان فلِمَ لا يستعدي منهما، وأنّ إطلاق الحكم بأخذ دية الجرح وإهدار الدية لو ماتا لا يتم أيضاً، وكذا الحكم بوجوب الدية في جراحتهما؛ لأنّ موجَب العمد القصاص
. وقريب منه ما ذكره
الحلّي.
ويمكن دفع هذا بكون
القتل وقع منهما حالة
السكر، فلا يوجب إلاّ الدية في مال القاتل، وفاقاً لجماعة
. ومنه يظهر الجواب عن الرواية الثانية، مع ما هي عليه من قصور
السند وعدم المقاومة للرواية الصحيحة المشهورة.
ويدفع الإشكال بإهدار
الدية لو ماتا: بفرض الجرح غير قاتل؛ ووجوب دية الجرح لوقوعه أيضاً من السكران، أو لفوات محل
القصاص، فانحصر الوجه في مخالفتها للأصل فيما ذكرنا.
والوجه أنّها كالثانية قضية في واقعة لا عموم لها يعمّ جميع الصور حتى ما يخالف منها للأُصول وهو أعلم بما أوجب ذلك الحكم الذي حكم به فيها، فلعلّه كان شيئاً يوافق الحكم معه مع الأُصول.
والشهرة بنفسها سيّما المحكية منها ليست بحجة، ومع ذلك ليس بمعلوم كونها على
الفتوى، فيحتمل كونها على الرواية خاصّة، ولو سلّم فهي ليست بمحقّقة، وحكايتها موهونة؛ إذ لم نجد مفتياً بها صريحاً أصلاً، ولم يحك عن أحدٍ إلاّ عن
الإسكافي والقاضي، وهما نادران جدّاً.
نعم رواها
الكليني والصدوق والشيخان
وابن زهرة وغيرهم
من غير أن يقدحوا فيها بشيء بالكلية، وهو بمجرّده ليس صريحاً في الفتوى بها، بل ولا ظاهراً ظهوراً يعتدّ به.
وعلى هذا الوجه فما الذي ينبغي أن يحكم في هذه القضية؟ ذكر جماعة
أنّها صورة لوث، فلأولياء المقتولين
القسامة على المجروحين؛ لأنّ كلّ واحد من المقتولين والمجروحين يجوز أن تكون الجناية عليه مضمونة، ويجوز أن تكون مباحة بتقدير أن يكون غريمه قصد دفعه فيكون هدراً.
وهو حسن، لكنّه منحصر فيما إذا كان هناك أولياء مدّعون، ويشكل مع عدمهم، ولعلّ الأخذ بالرواية الصحيحة في هذه الصورة غير بعيد؛ لعدم أصل ظاهر يرجع إليه فيها، ويمكن تنزيلها عليها، بل لعلّها ظاهرها، فتأمّل جدّاً.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۴۰۱-۴۰۴.