طريق التخلص من الربا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وقد يتخلّص من الربا) إن أُريد بيع أحد الربوبين بالآخر متفاضلاً بالضميمة (بأن يجعل مع الناقص) منهما، أو معهما إن اشتبه ناقصهما (متاع من غير جنسه) أي الناقص، فتكون الضميمة في مقابلة الزيادة (مثل) بيع (درهم ومدٍّ من تمر بمدّين) منه، أو درهمين، وأمداد ودراهم أي بيع درهم ومد من تمر بأمداد ودراهم. فتكون الأمداد في مقابل الدرهم والدراهم في مقابل المدّ. بلا خلاف بين الطائفة، بل عليه
الإجماع في الخلاف والغنية والمسالك والتذكرة وغيرهما من كتب الجماعة؛
وهو الحجة.مضافاً إلى
الأصل ، والعمومات،
واختصاص أدلّة الحرمة بحكم
التبادر والسياق بغير مفروض المسألة.
ومع ذلك المعتبرة وفيها الصحيح وغيرها به مستفيضة، بل كادت تكون متواترة، منها زيادة على ما يأتي إليه
الإشارة في بحث الصرف في بيع السيوف المحلاّة بالذهب والفضّة ـ المعتبرة المستفيضة، منها الصحيحان، في أحدهما : قلت له : أشتري ألف درهم ودينار بألفي درهم، فقال : «لا بأس بذلك، إنّ أبي كان أجرأ على
أهل المدينة منّي، وكان يقول هذا، فيقولون : إنّما هذا الفرار، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، وكان يقول لهم : نِعْمَ الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال».
وفي الثاني : «لا بأس بألف درهم ودرهم بألف درهم ودينارين إذا دخل فيهما ديناران أو أقلّ أو أكثر فلا بأس به».
والخبر : عن الدراهم بالدراهم وعن فضل ما بينهما، فقال : «إذا كان بينهما نحاس أو ذهب فلا بأس به».
وإطلاقها ككلام أكثر الأصحاب يقتضي
إطلاق الجواز ولو مع عدم قصد صرف كلٍّ إلى ما يخالفه، وبه صرّح في
الدروس ،
وأنّه لا يشترط في الضميمة أن تكون ذات وقع في مقابل الزيادة.وحصول
التفاوت عند المقابلة وتوزيع الثمن عليهما
باعتبار القيمة على بعض الوجوه غير قادح، لحصوله حينئذٍ بالتقسيط لا بالمعاوضة الجديدة، فإنّه إنّما وقع على المجموع بالمجموع، فالتقسيط غير معتبر ولا مفتقر إليه.
نعم لو عرض سبب يوجبه، كما لو تلف الدرهم المعيّن قبل القبض، أو ظهر مستحقاً وكان في مقابله ما يوجب الزيادة المفضية إلى
الربا ، كما لو باع درهماً معيّناً ومدّاً بمدّين ودرهمين وتلف الدرهم :
ففي
بطلان البيع من أصله بناءً على لزوم التفاوت في الجنس الواحد.أو
بالإضافة إلى مخالف التالف خاصّة، بناءً على أنّ كلاًّ من الجنسين قد قوبل بمخالفه، فإذا بطل بطل ما قوبل به خاصة.أو الصحة والتقسيط على وجه لا يلزم منه الرباء، بناءً على أنّ أجزاء المبيع لمّا قوبلت بأجزاء الثمن على طريق الشيوع لم يجب أن يقع التقسيط على وجه يلزم معه المحذور؛ صيانةً للعقد عن الفساد مهما أمكن.
احتمالات، أجودها : الأخير، بناءً على
استصحاب الصحة، وعدم وضوح ما استشكل فيها من أنّ مقتضى التقسيط مقابلة كلّ من الجنسين بما قابلة على النسبة إلاّ على تقدير وجود دليل على لزوم صرف كلّ جنس إلى ما خالفه، وهو غير واضح؛ لما عرفت من إطلاق النصوص وأكثر الفتاوي وصريح بعضها في الصحة، من دون
إيماء فيها إلى التقييد بالقصد إلى ذلك أو أنّه المنشأ في الصحة ولا إشارة.
(أو) يتخلّص منه (بـ) أن (بيع أحدهما سلعته لصاحبه) بجنس غيرها (ويشتري الأُخرى بذلك الثمن) فيسقط اعتبار
المساواة ، وكذا لو وهبه سلعته ثم وهبه الآخر، أو أقرضه وتباريا، أو تبايعا ووهبه الزيادة، ولكن من غير شرط في الكلّ، لأنّ الشرط حينئذٍ زيادة في العوض المصاحب له.
ولا يقدح في ذلك كون هذه الأُمور غير مقصودة بالذات والعقود تابعة للقصود؛ لأنّ القصد إلى عقد صحيح وغاية صحيحة كافية في الصحة، ولا يشترط فيه قصد جميع الغايات المترتّبة عليه، فإنّ من أراد شراء دار مثلاً ليؤاجرها ويتكسّب بها فإنّ ذلك كافٍ في الصحة وإن كان له غايات أُخر أقوى من هذه وأظهر في نظر العقلاء كالسكنى وغيره.
وقد ورد في النصوص ما يدلّ على جواز الحيلة على نحو ذلك، منها زيادة على ما مرّ الصحيح : عن رجل يريد أن أُعينه المال أو يكون لي عليه مال قبل ذلك، فيطلب منّي مالاً أزيده على مالي الذي عليه، أيستقيم أن أزيده مالاً وأبيعه لؤلؤة تسوي مائة درهم فأقول له : أبيعك هذه اللؤلؤة بألف درهم على أن أُؤخّرك بثمنها وبمالي عليك كذا وكذا شهراً؟ قال : «لا بأس».
وفي الموثق : يكون لي على الرجل دراهم فيقول : أخّرني بها وأنا أُربحك، فأبيعه جبّةً -في «ق» و «ت» وبعض المصادر : حبّة.- تقوّم عليّ بألف درهم، بعشرة آلاف درهم، أو قال : بعشرين ألفاً وأُؤخّره بالمال، قال : «لا بأس».
رياض المسائل، ج۸، ص۴۳۹-۴۴۲.