فصول الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وفصولهما على أشهر الروايات) والأقوال، بل المجمع عليه بين الأصحاب، على الظاهر، المستفاد من كثير من العبارات (خمسة وثلاثون فصلا،
الأذان ثمانية عشر فصلا) التكبير أربع، ثمَّ الشهادة بالتوحيد، ثمَّ بالرسالة، ثمَّ قول : حيّ على الصلاة، ثمَّ حيّ على الفلاح، ثمَّ حيّ على خير العمل، ثمَّ التكبير، ثمَّ
التهليل ، كل فصل مرتان.
(و
الإقامة سبعة عشر فصلا) بنقص تكبيرتين من الأربع، وإبدالهما ب «قد قامت الصلاة» مرتين، بعد حيّ على خير العمل، وحذف تهليلة من آخرها.
(و) على هذا فـ (كله) أي كل من
الأذان والإقامة (مثنى) مثنى (عدا التكبير في أوّل الأذان، فإنه أربع، والتهليل في آخر الإقامة، فإنه مرة) واحدة.
ففي الموثق كالصحيح : سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول : «الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا، فعدّ ذلك بيده واحدا واحدا، الأذان ثمانية عشر حرفا، والإقامة سبعة عشر حرفا».
وهو وإن كان مجملا غير مبيّن لفصولهما بالنحو المشهور، إلاّ أنه غير ضائر بعد ثبوت البيان من
الإجماع ، إذ لا قائل بما دلّ عليه من فصولهما معا، وكونها خمسة وثلاثين، والأذان ثمانية عشر، والإقامة سبعة عشر، مع تغيير الفصول عما عليه المشهور.
مضافا إلى ثبوت بيان فصول الأذان من نصوص أخر معتبرة، ففي الحسن وغيره، الواردين فيه إنه : «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أنّ محمدا رسول الله، أشهد أنّ محمدا رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، حيّ على خير العمل، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله إلاّ الله لا إله إلاّ الله».
وفي
الصحيح : «تفتح الأذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين».
مع أنّه لم أجد لهذه النصوص معارضا عدا النصوص الدالّة على تثنية التكبير في أوّله،
وهي وإن كانت معتبرة مستفيضة، متضمنة للصحيح و
الحسن وغيرهما، إلاّ أنها شاذّة لا قائل بها، بل على خلافها الإجماع في صريح الخلاف والناصرية و
الغنية والمنتهى،
وظاهر غيرها من كلمة كثير من أصحابنا.
مع أنها غير صريحة في المخالفة، لأنها ما بين مصرّح في بيان الفصول بتثنية التكبير، وهو يحتمل كون المقصود
إفهام السائل التلفّظ به، لا بيان تمام عدده، كما ذكره
شيخ الطائفة .
وهو وإن بعد في الغاية ـ كما ذكره جماعة
ـ إلاّ أنه أولى من طرحه، أو حمله على الجواز مع كون الفضل في الأربع، كما يستفاد من
النهاية وغيره،
أو على كون التكبيرتين الأوليين للإعلام، كما يستفاد من غيرهما،
فإنّ في ذلك خروجا عن الأخبار المعتمدة المجمع عليها، وهو غير جائز، وإن شهد لصحة الأخير الخبر المروي في علل الفضل : عن
مولانا الرضا عليه السلام أنه قال : «علّة تربيع التكبير في أوله إن أوّل الأذان إنما يبدأ غفلة، وليس قبله كلام ينبّه المستمع له، فجعل الأوليان تنبيها على الأذان».
لعدم معارضته للأدلّة القاطعة، بل لا يبعد دعوى ظهوره في موافقتها، كما لا يخفى.
وبين دال على أن الأذان مثنى مثنى، كالصحيحين
وغيرهما،
وهو يحتمل القصد إلى بيان أغلب فصولهما، ولا بعد فيه، ألا ترى إلى الرضوي : «أن الأذان ثماني عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة» وذكر فيه صورة الأذان والإقامة بالتفصيل، بكون التكبير في أوّلهما أربعا، والباقي مثنى مثنى، إلاّ التهليل في آخر الإقامة، فإنه واحدة، ثمَّ بعد تمام الذكر التفصيلي لهما قال : «الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى على ما وصفت لك».
وهو حجّة أخرى على كون
التكبير في أوّل الأذان أربعا، كما أنّه حجّة على وحدة التهليل في آخر الإقامة، فيكون مبيّنا ـ بالنسبة إليه ـ
لإجمال الرواية السابقة،
مضافا إلى ثبوت بيانه أيضا بأدلّة أخر، كالإجماع الظاهر المحكي في صريح الناصرية والغنية والمنتهى،
وظاهر غيرها،
والأخبار الأخر، منها الصحيح : «إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتمّ بصاحبه وقد بقي على
الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذّن وأقام أن يركع فليقل : قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله».
ومنها الخبر المروي عن
دعائم الإسلام : «الأذان والإقامة مثنى مثنى، وتفرد الشهادة في آخر الإقامة بقول : لا إله إلاّ الله، مرة واحدة».
وأمّا النصوص الدالة على أن الإقامة مثنى مثنى كالأذان،
فالجواب عنها كما تقدم الآن، ومن جملته شذوذها، لعدم قائل بها حتى
الإسكافي ،
ومن حكي عنه الخلاف في
المبسوط والخلاف،
لتفصيل الأوّل بين الإقامة منفردة عن الأذان فالتهليل فيها مثنى مثنى، ومعه فمرّة واحدة، ومصير الثاني إلى كون فصولها كالأذان حتى في التكبير أربعا أوّلهما مع زيادة : قد قامت الصلاة، فيها مرّتين.
وليس في شيء من تلك النصوص دلالة على شيء من هذين القولين، كما لا دلالة لغيرها عليهما أيضا.
ومنه ـ زيادة على ما مر ـ يظهر ضعفهما، وضعف ما حكي في المبسوط والخلاف من القول بتربيع التكبير في آخرهما.
ثمَّ إن كل ذا مع
الاختيار ، ويجوز إفراد فصولهما عند الحاجة و
الاستعجال ، كما ذكره جماعة من الأصحاب،
للصحيح : رأيت أبا جعفر عليه السلام يكبّر واحدة واحدة في الأذان، فقلت له : لم تكبّر واحدة واحدة؟ فقال : «لا بأس به إذا كنت مستعجلا».
وفي المرسل : «لأن أقيم مثنى مثنى أحبّ إليّ من أن أؤذّن وأقيم واحدا واحدا».
وفي الخبر : «الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة، والأذان واحدا واحدا والإقامة واحدة واحدة».
وفي آخر : «يجزيك من الإقامة طاق طاق في السفر».
-طاق طاق أي : من غير تكرار. -
(و
الترتيب ) بينهما وبين فصول كل منهما (شرط) في صحتهما بالإجماع، والنصوص. فإن تعمّد خلافه أثم إن قصد شرعيته، وإلاّ بطل فقط، كما إذا سها أو جهل فأخلّ، ويأتي بما يحصل معه الترتيب حينئذ.
رياض المسائل، ج۳، ص۸۳- ۸۸.