كراهة بيع الحيوان باللحم تماثلا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويُكره بيع الحيوان باللحم) المجانس له، كالشاة بلحمه مثلاً مطلقاً (ولو تماثلاً) في المقدار، نقداً أو نسيئة، حيّاً كان المبيع أو مذبوحاً، على ما يقتضيه
إطلاق العبارة جدّاً. ويحتمل أن يريد بالتماثل
التجانس ، وإنّما كان أخفى بناءً على
اختصاص أكثر فتاوى المنع
والإجماع المحكي
به جدّاً، وكون توهّم
الربا فيه أقوى. ووجه الكراهة في غيره إطلاق النص وبعض الفتاوى.
واختيار الماتن الجواز مطلقاً ضعيف جدّاً، وإن اختاره الحلّي والفاضل في
الإرشاد والتحرير وشيخنا
الشهيد الثاني والمحقق الشيخ علي،
إلاّ أنّهما خصّا المسألة بالمجانس والجواز بالحي، واختارا الحرمة في غيره، جمعاً بين الأدلّة بحمل ما دلّ منها على الجواز من
الأصل والعمومات كتاباً وسنةً على الصورة الأُولى خاصّة، وما دلّ منها على حرمة الربا على الثانية، بجامع فقد شرطه من التقدير بالكيل أو الوزن في الأُولى دون الثانية.
واعتماداً في الكراهة إلى الشبهة الناشئة من إطلاق القول والرواية بالحرمة.خلافاً للأكثر ومنهم الشيخان والديلمي والقاضي والإسكافي وابن حمزة وابن زهرة
وكذا في التنقيح، حيث قال : بيع اللحم الحاضر بالحيوان المخالف له جنساً جائز إجماعاً. وبيعه بالحيوان المماثل له مختلف فيه (منه رحمه الله).
فأطلقوا الحرمة، وإن اختلفت عبائرهم في اختصاصها بالمجانس، أو العموم له وللغير. ولا يبعد
إرادتهم الاختصاص، ويستفاد من الأخير والمحكي عن الخلاف الإجماع عليه وعلى أصل المنع فيه،
وبه تشعر عبارة المختلف والدروس، حيث نسبا القول الأوّل إلى الشذوذ والندرة.
وينبغي القطع بها في المجانس في الصورة الثانية، وأمّا في الأُولى فلعلّها أيضاً لا يخلو فيها عن قوّة؛ لإطلاقات الإجماعات المحكيّة، المعتضدة بالشهرة العظيمة، والموثقة : «أنّ
أمير المؤمنين عليه السلام كره اللحم بالحيوان».
وبهما يقيّد إطلاق أدلّة حصر الربا في المقدّر بأحد التقديرين؛ لكونهما أقوى منها بمراتب.
والمناقشة في الرواية بقصور السند والدلالة مدفوعة أوّلاً : بانجبارها -في «ق» و «ر» و «ت» :
انجبارهما .- بالشهرة، وثانياً : بكون الموثّقة في نفسها حجة، وأنّ القرينة على إرادة الحرمة من لفظ الكراهة فيها ظاهرة بمعونة ما تقدّم إليه
الإشارة غير مرّة، من دلالة المعتبرة بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام لا يكره الحلال، كما في بعض،
أو إلاّ الحرام، كما في آخر ولم نعثر عليه في المجامع الحديثيّة.
ومقتضى الرواية المنع عن مطلق المعاوضة، ولا كذلك عبائر الجماعة المحكيّة، فإنّها في
البيع خاصّة، وإرجاع كلّ منهما إلى الآخر ممكن بحمل الأدلّة على المعاملة الغالبة، وهي المبايعة خاصّة، دون نحو الصلح، لندرته
بالإضافة بالضرورة، والثانية على إرادة التمثيل منها لا الحصر، إلاّ أنّ مقتضى الأصل ولزوم
الاقتصار في المخالف له على القدر المتيقّن منعه من الفتوى والنص هو الاختصاص بصورة البيع.ولكن هذا إذا كان الحيوان حيّاً، وإلاّ
فالتعميم مطلقاً لعموم أدلّة حرمة الربا، بناءً على تحققه في المذبوح بوجود شرطه جدّاً أقوى.
رياض المسائل، ج۸، ص۴۳۶-۴۳۹.