كفارة وطء الحائض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وفيها مباحث منها : وجوب الكفارة،
استحباب الكفارة، مقدار كفارة وطئها.
(وفي وجوب الكفارة على الزوج) بل الواطئ مطلقاً، لعموم المستند، مع ثبوت الحكم في بعض الصور بطريق أولى ـ فتأمل جدّاً ـ وإن اختص بعض الأخبار به في الظاهر (بوطئها) المحرّم (روايتان، أحوطهما الوجوب) بل الأظهر عند أكثر المتقدمين كالمفيد والمرتضى وابني بابويه والشيخ في الخلاف و
المبسوط ،
بل عليه
الإجماع عن الحلّي و
الانتصار والخلاف والغنية؛
تمسّكاً بظواهر بعض المعتبرة، كرواية
داود بن فرقد المقيّدة هي ـ كالرضوي
ـ لغيرها من المعتبرة كالحسن : عمّن أتى امرأته وهي طامث، قال : «يتصدّق بدينار ويستغفر اللّه تعالى».
والموثق : «من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدّق به».
والخبر : عن الرجل يأتي
المرأة وهي حائض، قال : «يجب عليه في
استقبال الحيض دينار وفي وسطه نصف دينار».
وهي ـ مع
اعتبار سند أكثرها، واعتضادها بالشهرة العظيمة بين متقدمي الأصحاب والإجماعات المنقولة التي هي كأربع أحاديث صحيحة ـ مخالفة لما عليه الجمهور من العامة منهم مالك و
أبو حنيفة كما حكاه العلّامة.
خلافاً لأكثر المتأخرين، فحكموا بالاستحباب
للأصل، والصحيح : عن رجل واقع امرأته وهي طامث، قال : «لا يلتمس فعل ذلك وقد نهى اللّه تعالى أن يقربها» قلت : إن فعل عليه كفارة؟ قال : «لا أعلم ( فيه ) شيئاً، يستغفر اللّه تعالى»
ومثله الموثق،
والخبر
لكنه في المجامع خطأً.
مضافاً إلى اختلاف الأخبار الموجبة، لأنها بين مطلق للدينار، ومطلق لنصفه كما في الموثقين المتقدمين، ومقيّد له بما يأتي كما في الرواية المتقدمة، وموجب للتصدّق على مسكين بقدر شبعه مطلقاً كما في رواية،
وموجب له على عشرة كذلك كما في الموثق إلّا أنه في وطء
الجارية ،
وموجب له على سبعة في استقبال الدم مع التصريح بلا شيء عليه في غيره مطلقاً كما في الصحيح.
ولقائلٍ الجواب عن الأول : بالعدول عنه بما تقدّم.
وعن الثاني : بحمله على
التقية المؤيد بكون روايته عن
الصادق عليه السلام وفتوى أبي حنيفة في زمانه مشتهرة. مع ورود الخبر الثالث في الخاطئ منه، والمراد منه إمّا الجاهل بالموضوع كما حمله الشيخ عليه،
أو الحكم كما يناسبه ذيله من نسبته إلى العصيان. ولا كفارة عليه على التقدير الأول إجماعاً، وكذلك على التقدير الثاني،
لاشتراط العلم في الوجوب كما عن الخلاف والجامع،
أو الرجحان المطلق كما عن
المنتهى والتذكرة والتحرير و
نهاية الإحكام والشرائع والذكرى،
بل وعن بعض الأصحاب الإجماع عليه أيضاً.
فعدّ مثله من أدلة
الاستحباب واضح الفساد.
وعن الثالث : بصحته مع استفادته من المعتبرة لا مطلقاً. وليس المقام كذلك إذ
الاختلاف الذي تضمنته المعتبرة إنما هو بحسب
الإطلاق والتقييد، ومقتضى القاعدة المسلّمة حمل الثاني على الأوّل.
وأمّا باقي الاختلافات فليس المشتمل عليها بمعتبر، إمّا سنداً، كالموجب للتصدق على مسكين بقدر شبعه، لاشتمال سنده على جهالة. أو من حيث العمل، كهو وغيره وإن اعتبر سنده بالصحة في بعض والموثقية في آخر، لعدم مفت بالتصدق بقدر الشبع لمسكين إلّا نادراً،
أو العشرة، أو السبعة في استقبال الدم مع عدم شيء في غيره مطلقاً لا وجوباً ولا استحباباً. بل وربما نص على خلاف بعضها كالمتضمن للتصدق على عشرة، فإنّها وردت في الجارية وقد أفتى الأصحاب وادعى عليه الإجماع في
السرائر والانتصار
ورود في الرضوي
بكون التصدق فيها بثلاثة أمداد، وظاهره عدم اتساعها العشرة، بل وعن بعضهم التصريح بالتفريق على ثلاثة وهو الانتصار و
المقنعة والنهاية والمهذّب والسرائر والجامع.
فهي شاذّة لا عمل عليها.
وبعد
تسليم اعتبار مثل هذا الاختلاف فليس يبلغ درجة اعتبار تلك الإجماعات المنقولة التي هي بمنزلة الأخبار الصحاح الصراح المستفيضة؛ إذ غاية الاختلاف التلويح والإشارة، وأين هو من الظهور فضلاً عن الصراحة. ولعلّه لهذا لم يحكم المصنف هنا وفي الشرائع
بالاستحباب بل صرّح في الثاني أوّلا بالوجوب، ومثل الكتاب
اللمعة .
وظاهرهم التردد والتوقف كشيخنا البهائي،
ولعلّه في محلّه، إلّا أنّ
الاحتياط في مثل المقام كاد أن يكون لازما، فلا يترك على حال.
(وهي أي الكفارة) فيما عدا وطء
الأمة (دينار) أي مثقال ذهب خالص إجماعاً، مضروب على الأصح، وفاقاً لجماعة
للتبادر. خلافا لآخرين فاجتزؤا بالتبر؛
لإطلاق
الاسم . وهو ضعيف.
وفي
إجزاء القيمة عنه قولان، أصحّهما : العدم؛ جمودا على ظاهر النص، مع اختلافها وعدم
انضباطها . وقيل بالجواز.
ولا دليل عليه.
(في أوّله) أي الحيض (ونصف في وسطه، وربع في آخره).
ويختلف بحسب اختلاف الحيض الذي وطئت فيه، فالثاني أوّل لذات الستة، ووسط لذات الثلاثة، وهكذا.
وبالجملة : التثليث مرعيّ
بالإضافة إلى أيام الحيض مطلقاً، ذات عادة كانت أم غيرها، كانت العادة عشرة أم لا. هذا هو الأشهر الأظهر؛ عملا بظاهر الخبر.
وعن المراسم تحديد الوسط بما بين الخمسة إلى السبعة،
فلا وسط ولا آخر لمن حيضها خمسة فما دون، ولا آخر إن لم يزد حيضها عن منتهى الحدّ. وهو لعدم الدليل عليه ضعيف. كاعتبار الراوندي التثليث بالإضافة إلى أقصى الحيض مطلقاً،
فلا وسط ولا آخر لذي الثلاثة، ولا آخر لذي الأربعة وإن كان لها وسط وهو الثلثان الباقيان من اليوم الرابع. وهو الفارق بينه وبين القول الأوّل؛ لأنّه في هذه الصورة على تقديره لا وسط لها، لقصورها عن الخمسة التي خامسها مبدأ الوسط.
والمستند في هذا التفصيل رواية داود بن فرقد، والخبر المتقدم لكن ليس فيه ذكر الآخر، ومثل الأوّل الرضوي.
وقصور سندها مجبور بالعمل، مضافاً إلى
اعتبار الأخير في نفسه.
ومصرفها عند الأصحاب مستحق الزكاة. ولا يعتبر فيه التعدّد؛ للأصل، وإطلاق الخبر.
وهي في وطء الأمة ما تقدّم لما تقدّم، مع شذوذ ما دلّ على خلافه.
ولا كفارة على الموطوءة مطلقاً ولو كانت مطاوعة؛ للأصل، و
اختصاص دليلها بالواطئ. نعم : عليها
الإثم حينئذ.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۲۹۶-۳۰۱.