لواحق الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
فـاعلم أن من السنة حكايته أي
الأذان عند سماعه ممن يشرع منه.
(وأما اللواحق : فـ) اعلم أن (من السنة حكايته) أي
الأذان (عند سماعه) ممن يشرع منه، بالإجماع المستفيض النقل،
والمعتبرة المستفيضة، ففي الصحيح «كان
رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم أذان سمع المؤذّن يؤذّن، قال مثل ما يقول في كل شيء».
وظاهره ـ كإطلاق البواقي ـ استحباب
الحكاية له بجميع فصوله حتى
الحيعلات .
خلافا للدروس، فجوّز الحولقة بدل الحيعلة،
ورواها في
المبسوط ،
والظاهر أنها عاميّة، كما ذكره جماعة،
قال بعضهم : فإنه قد روى مسلم في صحيحه وغيره في غيره بأسانيد عن عمر ومعاوية أن رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم.
. وذكر نحو الرواية.
وعليه فيشكل الخروج بها عن ظواهر المستفيضة، كما صرّح به جماعة.
وهل يختص الحكم بالأذان، أم يعمّ
الإقامة ، ظاهر
الأصل و
اختصاص أكثر الفتاوى والنصوص بالأوّل يقتضيه، وبه صرّح جمع.
خلافا للمحكي عن
النهاية والمبسوط والمهذب، فالثاني.
وهو غير بعيد، لعموم التعليل في بعض تلك المستفيضة بأنّ ذكر الله تعالى حسن على كل حال،
ولا ريب أن الإقامة كالأذان في كونها ذكرا.
ثمَّ إن
استحباب الحكاية ثابت على كل حال، إلاّ في الصلاة مطلقا، على ما حكي عن المبسوط والتذكرة و
نهاية الإحكام،
لأن
الإقبال على الصلاة أهمّ. وإن حكى فيها جاز، إلاّ أنه يبدّل الحيعلات بالحولقات.
وذكر جماعة
أنه يستحب حكاية الأذان المشروع، فلا يحكى أذان عصر الجمعة و
المرأة حيث يكون حراما. قيل : ولا أذان الجنب في المسجد.
وفيه نظر، لعدم تعلق النهي به، بل باللبث الخارج من أذانه.
(وقول ما يخلّ به المؤذّن) من فصوله عمدا وسهوا، تحصيلا للأذان الكامل، وفي الصحيح : «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من أذانه».
(والكفّ عن الكلام بعد قول المؤذّن : قد قامت الصلاة، إلاّ) أن يكون (بما يتعلق بالصلاة) من تقديم إمام، أو تسوية صفّ، أو نحو ذلك، بل يكره ذلك كراهة مغلظة، حتى أنه قال بتحريمه جماعة، كما تقدم إليه
الإشارة .
وهنا (مسائل ثلاث):
( إذا سمع
الإمام أذانا جاز أن يجتزئ به) عن أذانه (في) صلاة (الجماعة ولو كان) ذلك (المؤذّن منفردا) في صلاته وأذانه، على المشهور، بل لا خلاف فيه على الظاهر، المصرّح به في بعض العبائر،
إلاّ من نادر،
لظاهر الصحيح السابق، مضافا إلى الخبرين المنجبرين بالعمل، في أحدهما : صلّى بنا
أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار و
رداء ، ولا أذان ولا إقامة ـ إلى أن قال ـ : «وإني مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك».
وفي الثاني : كنّا معه عليه السلام فسمع إقامة جار له بالصلاة، فقال : «قوموا» فقمنا فصلّينا معه بغير أذان ولا إقامة، وقال : يجزئكم أذان جاركم».
وظاهرهما ـ من حيث التضمن للفظ
الإجزاء ـ كون السقوط هنا رخصة لا عزيمة، وبه صرّح جماعة.
وكذا ظاهرهما جواز
الاجتزاء بالإقامة عنها أيضا، لكن يستفاد من أوّلهما
اشتراط عدم التكلم بعدها. وهو حسن، لأن الكلام من المقيم بعد الإقامة مقتض لإعادتها، كما مضى، وهذه الإقامة أضعف حكما، فبطلانها بالكلام بعدها أولى. وهل يجتزئ المنفرد بأذان المنفرد؟ قال الشهيد ; : فيه نظر، أقربه ذلك، لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.
وهو حسن. ثمَّ إن
إطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في المؤذّن بين كونه مؤذّن مصر، أو مسجد، أو منفردا. وجزم بعضهم
باختصاص الحكم بمؤذّن الجماعة والمصر، ومنع من الاجتزاء بسماع أذان المنفرد بأذانه ـ وهو ما عدا مؤذّن الجماعة والمصر ـ وحمل قولهم : وإن كان منفردا، على أن المراد بالمنفرد المنفرد بصلاته لا بأذانه. وهو خروج عن إطلاق النصوص والفتاوى المتقدمين، بل ظاهر الأخيرين منها.
(من أحدث) في
الأذان والإقامة بنى بعد الطهارة وقبلها إذا لم يقع فصل فاحش، ولا يستأنف، بناء على عدم اشتراط الطهارة فيهما. ولكن الأفضل
إعادة الإقامة، لتأكّد استحبابها فيها، وللخبر المروي عن
قرب الإسناد : عن المؤذّن يحدث في أذانه أو في إقامته، قال : «إن كان الحدث في الأذان فلا بأس، وإن كان في الإقامة فليتوضّأ وليقم إقامة».
وقريب منه آخر : «الإقامة من الصلاة»
ومن حكمها
الاستيناف بطروّ الحدث في أثنائها، فتكون الإقامة كذلك (ويأتي على القول بالاشتراط وجوبها). ولو أحدث (في الصلاة أعادها) أي الصلاة (ولا يعيد الإقامة إلاّ مع الكلام) بما لا يتعلق بالصلاة، وإن أوجبنا الإعادة مع الحدث في الإقامة، كما عن صريح المبسوط.
قيل : والفرق ظاهر.
ولعلّ وجهه ما ذكره في
المنتهى ـ بعد أن عزا الحكم إلى الشيخ ـ من أن فائدة الإقامة ـ وهي الدخول في الصلاة ـ قد حصل.
والأولى الإعادة، كما يفهم من الرواية الأخيرة. وأما الإعادة مع التكلّم فللصحيح : «لا تتكلّم إذا أقمت، فإنك إذا تكلّمت أعدت الإقامة».
(: من صلّى خلف من لا يقتدى به أذّن لنفسه وأقام) لما مر : من عدم
الاعتداد بأذان المخالف،
(ولو خشي فوات
الصلاة ) خلفه (اقتصر من فصوله على تكبيرتين وقد قامت الصلاة) مرتين وتهليلة، كما في الصحيح المتقدم في بيان فصول الأذان والإقامة.
رياض المسائل، ج۳، ص۱۰۲- ۱۰۷.