ما يستحب بعد النفر من منى
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ومع عوده) إلى مكة ودخوله في الكعبة: ( استحب ) له (
الصلاة في زوايا الكعبة )، والصلاة على الرخامة الحمراء، و
الطواف بالبيت، و
استلام الأركان، (و)
إتيان (المستجار) ، و... .
(استحب) له (الصلاة في زوايا الكعبة) الأربع في كل زاوية ركعتين، يبدأ في بالزاوية التي فيها الدرجة، ثم الغربية، ثم التي فيها
الركن اليماني ، ثم التي فيها
الحجر الأسود ، كما عن القاضي،
داعياً بالمأثور.
(وعلى الرخامة الحمراء) التي بين الأُسطوانتين اللتين تليان الباب، وهي مولد
مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام كما قيل
ركعتين، يقرأ في الأُولى بعد الحمد حم السجدة ويسجد لها ثم يقوم فيقرأ الباقي، وفي الثانية بقدرها من الآيات، لا الحروف والكلمات.
(و
الطواف بالبيت) للوداع، وهو كغيره سبعة أشواط.
(و
استلام الأركان) كلّها وخصوصاً اليماني والذي فيه الحجر في كل شوط، وأقلّه أن يفتتح به ويختم.
(و)
إتيان (المستجار) والدعاء عنده في الشوط السابع أو بعد الفراغ منه ومن صلاته.
(والشرب من
زمزم ) .
والخروج من باب الحنّاطين) قيل : وهو باب بني جمح، وهي قبيلة من قبائل قريش، وهو بإزاء
الركن الشامي على التقريب.
(والدعاء) عند الخروج بالمأثور (والسجود) عند الباب هو (مستقبل القبلة، والدعاء) بقوله : اللهم إني انقلب على لا إله إلاّ الله. قيل : وزاد القاضي قبله الحمد والصلاة، وفي المقنعة مكان ذلك : اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك الحرام.
(و
الصدقة بتمر يشتريه بدرهم) كفارة لما لعلّه فعله في
الإحرام أو الحرم، وعن الجعفي يتصدّق بدرهم،
وفي
الدروس : لو تصدّق ثم ظهر له موجب يتأدّى بالصدقة أجزأ على الأقرب.
كلّ ذا للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :
ففي الصحيح : «إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها، ولا تدخلها بحذاء، وتقول إذا دخلت : اللهم إنك قلت (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) فآمنّي من عذاب النار، ثم تصلّي ركعتين بين الأُسطوانتين على
الرخامة الحمراء، تقرأ في الركعة الأُولى حم السجدة، وفي الثانية عدد آياتها من
القرآن ، وتصلّي في زواياه وتقول : اللهم من تهيّأ أو تعبأ أو أعدّ واستعدّ لوفادة إلى مخلوقٍ رجاءَ رده وجائزته ونوافله وفواضله، فإليك يا سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك، فلا تخيّب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل، فإني لم آتك اليوم لعمل صالح قدّمته ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكني أتيتك مقرّاً بالظلم و
الإساءة على نفسي، فإنه لا حجّة لي ولا عذر، فأسألك يا من هو كذلك أن تصلّي على محمّد وتعطيني مسألتي وتقيلني عثرتي ولا تردّني مجبوهاً ممنوعاً ولا خائباً، يا عظيم ثلاثا أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلاّ أنت» قال : «ولا تدخلها بحذاء، ولا تبزق فيها ولا تمتخط فيها» الحديث.
وفيه : «إذا دخلته فادخل بسكينة ووقار».
وفيه : «إذا أردت أن تخرج من مكة وتأتي أهلك فودِّع البيت وطف أُسبوعاً، وإن استطعت أن تستلم
الحجر الأسود والركن اليماني في كلّ شوط فافعل، وإلاّ فافتتح به واختم، وإن لم تستطع ذلك فموسّع عليك، ثم تأتي
المستجار فتصنع عنده ما صنعت يوم قدمت مكة، ثم تخيّر لنفسك من الدعاء» إلى أن قال : «ثم ائت زمزم واشرب من مائها ثم اخرج وقل : آئبون تائبون عابدون، لربّنا حامدون، إلى ربنا منقلبون راغبون، إلى الله تعالى راجعون إن شاء الله تعالى» قال : وإن أبا عبد الله عليه السلام لمّا ودّعها وأراد أن يخرج من المسجد خرّ ساجداً عند باب المسجد طويلاً، ثم قام وخرج.
وفيه : رأيت أبا
جعفر الثاني عليه السلام في سنة خمس عشرة ومائتين
- ودّع البيت - بعد
ارتفاع الشمس وطاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط، فلمّا كان الشوط السابع استلمه واستلم الحجر ومسح بيده ثم مسح وجهه بيده، ثم أتى المقام فصلّى خلفه ركعتين، ثم خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه، ثم وقف عليه طويلاً يدعو، ثم خرج من باب الحنّاطين وتوجّه، قال : فرأيته في سنة تسع عشرة ومائتين ودّع البيت ليلاً يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل شوط، فلمّا كان الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريباً من الركن اليماني وفوق الحجر المستطيل، وكشف الثوب عن بطنه، ثم أتى الحجر فقبّله ومسحه، وخرج إلى المقام فصلّى خلفه، ثم مضى ولم يعد إلى البيت، وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط وبعضهم ثمانية.
وفيه : رأيت أبا الحسن عليه السلام ودّع البيت فلمّا أراد أن يخرج من باب المسجد خرّ ساجداً، ثم قام فاستقبل
القبلة فقال : «اللهم إني أنقلب على - أن - لا إله إلاّ الله».
وفيه : سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو خارج من الكعبة وهو يقول : «الله أكبر» حتى قالها ثلاثاً، ثم قال : «اللهم لا تجهد بلاءنا، ربّنا ولا تشمت بنا أعداءنا، فإنك أنت الضارّ النافع».
وفيه : «ينبغي للحاج إذا قضى مناسكه وأراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمراً يتصدّق به، فيكون كفارة لما لعلّه دخل عليه - في حجّه - من حكّ أو قمّلة سقطت أو نحو ذلك».
(ومن المستحب
التحصيب ) للنافر في الأخير، إجماعاً كما عن التذكرة والمنتهى وفي المدارك وغيره؛
للصحيح : «إذا نفرت وانتهيت الى الحصباء وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلاً» فإنّ
أبا عبد الله عليه السلام قال : «كان أبي ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير أن ينام بها».
والموثق كالصحيح : عن الحصبة، فقال : «كان أبي ينزل الأبطح قليلاً، ثم يجيء فيدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح» الخبر.
وظاهره أنه النزول بالأبطح من غير أن ينام، وقيل في تفسيره غير ذلك.
وظاهر إطلاق العبارة استحبابه مطلقاً ولو في النفر الأول، وهو خلاف
الإجماع الظاهر، المصرَّح به في بعض العبائر،
وفي ذيل الموثق السابق : أرأيت من يعجل في يومين عليه أن يحصب؟ قال : «لا».
(والنزول بالمعرَّس) معرَّس
النبي صلي الله عليه وآله وسلم (على طريق المدينة) بذي الحليفة (وصلاة ركعتين فيه) وهو بضمّ الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة، ويقال بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الراء، مسجد يقرب مسجد الشجرة وبإزائه ممّا يلي القبلة، كما في كلام جماعة.
واستحباب نزوله والصلاة فيه مجمع عليه كما في كلام جماعة؛
للصحاح والموثقات :
ففي الصحيح : «إذا انصرفت من
مكة إلى المدينة فانتهيت إلى ذي الحليفة وأنت راجع من مكة فائت مكة فائت معرَّس النبي صلي الله عليه وآله وسلم، فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصلِّ فيه، وإن كان في غير وقت صلاة فانزل فيه قليلاً، فإن
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد كان يعرّس فيه ويصلّي فيه».
وفيه : «التعريس هو أن تصلّي فيه وتضطجع، ليلاً مرَّ به أو نهاراً».
ويستفاد منه أنه لا فرق في
استحباب التعريس والنزول به بين أن يحصل المرور به ليلاً أو نهاراً، وبه صرّح جماعة.
وأظهر منه الموثق : إن مررت به ليلاً أو نهاراً فعرّس فيه؟ وإنما
التعريس في الليل؟ فقال : «نعم إن مررت به ليلاً أو نهاراً فعرِّس فيه، فإنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يفعل ذلك».
وقوله : إنما التعريس في الليل،
إشارة إلى معناه اللغوي، أو ما فعله النبي صلي الله عليه وآله وسلم. وهو كذلك، كما يظهر من المحكي عن القاموس والجوهري. ففي الأول : أعرس القوم نزلوا في آخر الليل للاستراحة، كعرّسوا، وليلة التعرّس الليلة التي نام فيها النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
وعن الثاني : المعرس محل نزول القوم في السفر آخر الليل.
ويستفاد من الصحيح الأول أن التعريس إنما يستحب في العود من مكة إلى المدينة، لا في المضي إلى مكة، وهو صريح الموثق : «وإنما المعرس إذا رجعت إلى
المدينة ، ليس إذا بدأت».
ويستفاد من جملة من المعتبرة وفيها الصحيح والموثق تأكّد استحباب التعريس حتى لو تجاوز المعرس بلا تعريس رجع فعرَّس.
(والعزم على العود) فإنّ العزم على الطاعات من قضايا
الإيمان ، وأخبار الدعاء بأن لا يجعله آخر العهد ناطقة به، مضافاً إلى خصوص النصوص :
منها : «من خرج من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره».
ومنها : «من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه».
وفي ثالث : كنّا مع أبي عبد الله عليه السلام وقد نزلنا الطريق فقال : «ترون هذا الجبل نافلاً؟ إنّ يزيد بن معاوية عليهما اللعنة لمّا رجع من الحج مرتحلاً إلى الشام ثم أنشأ يقول : إذا تركنا ثافلاً يميناً، فلن نعود بعده سنيناً، للحج والعمرة ما بقينا فأماته الله قل أجله»
رياض المسائل، ج۷، ص۱۷۲- ۱۸۰.