الإشارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي
الإيماء بالكفّ أو
العين أو
الرأس أو
الحاجب، وهي ترادف
النطق في تفهيم
المعنى .
الإشارة:
الإيماء بالكفّ أو
العين أو
الرأس أو
الحاجب، وهي ترادف
النطق في
تفهيم المعنى ، كما لو استأذنه في
شيء فأشار
بيده أو رأسه أن يفعل أو لا يفعل.
والإشارة عند
إطلاقها حقيقة في
الحسّية . وإشارة
ضمير الغائب وأمثالها
ذهنية .
وإذا عدّيت الإشارة ب (إلى) فيكون
المراد بها الإيماء، أمّا لو عدّيت ب (على) فيراد منها الإشارة
بالرأي .
يقال: أشار إليه باليد، إذا أومأ، وأشار عليه بكذا، إذا أمره وأعطاه رأيه، وهي
الشورى .
لا تخرج الإشارة في اصطلاح
الفقهاء عن معناها
اللغوي المذكور .
ويستعملها
الاصوليّون بمعنى
خاص يعبّرون عنه ب (دلالة الإشارة)، وهي
دلالة اللفظ على معنى لازم لم يقصد
بالسياق و
العبارة ،
وسيأتي
الكلام فيها
مجملًا .
وكذا الإطلاق الثاني للإشارة، وهو ما إذا كان
المراد بها الإشارة بالرأي، فإنّه يبحث تحت عنوان (
استشارة ) أو (شورى)، وليس
مقصوداً بالبحث هنا، وإنّما المقصود هو
المعنى الأوّل، وهو ما إذا كان المراد بها الإيماء.
الدلالة : وهي
الإرشاد وما يقتضيه
اللفظ عند إطلاقه،
فهي كون الشيء بحالة يلزم من
العلم به العلم بشيء
آخر .
واستعملها الفقهاء بهذا المعنى.
والدلالة أعمّ من الإشارة من هذه
الناحية ، قال
الشهيد الثاني : «الدلالة أعمّ من الإشارة مطلقاً؛ لتحقّقها بالإشارة و
الكتابة و
القول وغيرها، و
اختصاص الإشارة بأجزاء
البدن كاليد والعين والرأس».
وهذا ما ذكره غيره أيضاً.
قد تصدر الإشارة من
الإنسان بوصفها فعلًا من
الأفعال ، وقد تصدر منه باعتبار أنّها بدل عن اللفظ و
الكلام . وفي
القسم الأوّل لا فرق بين
الأخرس وغيره من حيث
الحكم ، وأمّا القسم الثاني فيفرّق فيه بين الأخرس ومن بحكمه، وبين غيره ممّن هو
قادر على الكلام كما سيتّضح جليّاً من
خلال ذكر
موارد كلا القسمين:
والإشارة بهذا
اللحاظ - وبغضّ
النظر عن صدورها من الأخرس أو غيره- لها أحكام
عديدة نذكر بعضها فيما يلي:
ذكر بعض الفقهاء
أنّ الإشارة باليد والإيماء بالرأس في
الصلاة لإفهام
المخاطب عند
إرادة الحاجة غير
مبطل للصلاة، بل ادّعي
الإجماع على ذلك؛
لبعض
الأخبار :
منها: خبر
الحلبي أنّه سأل
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن
الرجل يريد
الحاجة وهو في الصلاة، فقال: «يومئ برأسه ويشير بيده ويسبّح...».
ومنها: خبر
ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة، فقال: «يومئ برأسه ويشير بيده...».
وقد اعتبروا ذلك خروجاً
بالدليل عن
القاعدة التي بنوا عليها
بطلان الصلاة بالفعل
الكثير . وإن خالف هذه القاعدة بعض الفقهاء وحصروا المبطل
بالماحي لصورة الصلاة.
قال
المحقّق النراقي في بحث مبطلات الصلاة: «لا يخفى أنّ ههنا أفعالًا نطقت
الروايات بجوازها في الصلاة، فيحكم به فيها ما لم يثبت الإجماع على خلافه وإن كان كثيراً، بل ولو كان ماحياً للصورة؛ إذ يكون ذلك خروجاً عن تحت القاعدة بالدليل، فيجوز غسل
الرعاف و...والإيماء و... كلّ ذلك للمعتبرة من الروايات».
صرّح جمع من الفقهاء بأنّه يستحبّ لإمام
الجماعة أن يومئ في
التسليم الأخير في الصلاة بصفحة
وجهه إلى
يمينه ، ويستحبّ
للمنفرد أن يومئ بمؤخّر عينه إلى يمينه،
بل عزي ذلك إلى
المشهور .
وأمّا
المأموم فإنّه يسلّم إلى
الجانبين إذا كان على
يساره أحد، وإلّا فعن يمينه، ويومئ بصفحة وجهه على المشهور
المصرّح به في أكثر كلماتهم.
وناقش بعض الفقهاء في ذلك كلّه على
أساس اختلاف الأخبار
الواردة في هذا
المجال وتضاربها.
تقوم الإشارة والإيماء مقام
الركوع و
السجود حال
العجز عنهما وتعذّرهما، فلو عجز
المكلّف عن
الإتيان بالركوع والسجود أومأ وأشار إليهما، وهذا حكم إجماعي عند الفقهاء.
وتتحقّق الإشارة بحركة الرأس، فإن عجز فبالعينين؛
لحسنة الحلبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن
المريض إذا لم يستطع
القيام والسجود، قال: «يومئ برأسه إيماءً...».
وتقوم الإشارة
مقام الركوع والسجود حال العجز و
التعذّر في موارد اخرى ذكرها الفقهاء:
منها: صلاة
المطاردة أو شدّة
الخوف .
ومنها: صلاة
العريان .
ومنها: صلاة
المتوحّل و
الغريق .
وربما تكفي الإشارة عن الركوع والسجود مطلقاً ولو مع عدم العجز، كما نصّوا
على ذلك في صلاة
النافلة على
الراحلة في
السفر ، بل و
الماشي في
الحضر ؛ للإجماع عليه كما في
الرياض ،
فيكتفى هنا بالإشارة والإيماء للركوع والسجود.
و
التفصيل موكول إلى محلّه.
صرّح جمع من الفقهاء باستحباب
استلام الحجر الأسود عند
الطواف باليد أو بسائر
أعضاء البدن،
فإن لم يتمكّن من الاستلام أشار إليه بيده بلا خلاف،
بل هو ممّا نصّ عليه الفقهاء،
وتدلّ عليه بعض الأخبار كرواية
معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام: «... فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه...».
وأمّا
فاقد اليد فيشير إليه بوجهه، وهو
مقتضى إطلاق أكثر الفقهاء.
وكذا يستحبّ استلام الحجر الأسود عند
إرادة الخروج إلى
السعي ؛
لصحيح معاوية بن عمّار.
يحرم على
المحرم الإشارة إلى
الصيد و
الدلالة عليه ليصيده آخر بلا خلاف فيه بين الفقهاء،
بل عليه الإجماع المصرّح به في
جملة من
عبائرهم والأخبار به
مستفيضة ،
كصحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام، ولا تدلنّ عليه محلّاً ولا محرماً، ولا تشر إليه فيستحلّ من
أجلك ، فإن فيه فداء لمن تعمّده».
وإنّما تحرم الإشارة والدلالة على الصيد إذا كان
المدلول جاهلًا و
مريداً للصيد، أمّا إذا كان عالماً به أو لم يقصد الصيد أصلًا فلا تحرم الإشارة إليه.
ومن
الواضح أنّ الإشارة بعنوانها ليست محرّمة هنا، وإن وردت في
الرواية ، وإنّما تحرم بوصفها دلالةً على الصيد، فالمحرّم هو الدلالة عليه لا مجرّد الإشارة مع عدم الدلالة، كما لو لم يكن هناك أحد بجانبه.
جعلت الإشارة في بعض الموارد وسيلةً من وسائل
التعيين :
منها: تعيين
إمام الجماعة بالإشارة:
لا خلاف بين الفقهاء
في أنّ المأموم لابدّ له من تعيين إمام الجماعة، ويحصل ذلك إمّا باسمه أو بصفته أو بالإشارة
الخارجية أو
الذهنية ، بل كأنّه
مجمع عليه كما ذكر المحقّق النجفي.
ومنها: تعيين العين
المستأجرة بالإشارة: ذهب بعض الفقهاء إلى
كفاية الإشارة في التعيين
المعتبر في
إجارة الأعيان و
الأعمال ، قال
المحقّق الحلّي : «ولا تصحّ إجارة
العقار إلّامع التعيين
بالمشاهدة أو بالإشارة إلى موضع معيّن
موصوف بما يرفع
الجهالة ».
ومنها: تعيين
الزوجين بالإشارة: يشترط في
النكاح تعيين كلّ
واحد من الزوجين؛ ليقع
التراضي عليه،
وهو ممّا لا خلاف فيه،
بل دعوى الإجماع عليه.
قال
المحقّق الكركي : «يشترط في كلّ من الزوجين أن يكون معيّناً إجماعاً، وينبّه عليه أنّ كلّ
عاقد و
معقود عليه لابدّ من تعيينهما
كالمشتري و
المبيع ، ولامتناع تعلّق النكاح و
استحقاق الاستمتاع بغير معيّن».
ويحصل
امتياز الزوج والزوجة عن غيرهما ولو بالإشارة
الرافعة للاشتراك أو غير ذلك ممّا يميّزهما ويشخّصهما في
الواقع .
ومنها: تعيين
المطلّقة بالإشارة: اشترط جمع من الفقهاء تعيين المطلّقة،
وذلك بأن يقول الزوج مثلًا: (فلانة طالق) بذكر اسمها
المميّز لها عن غيرها، أو بالإشارة الرافعة للاشتراك مع
فرض التعدّد ، كأن يقول: (هذه طالق) وقد عزاه غير واحد
إلى
المشهور ، بل جعله
السيّد المرتضى ممّا انفردت به
الإمامية .
وهذا
الأمر جارٍ في غير
الطلاق كاللعان وغيره.
يجب على
القاضي أن يساوي بين
الخصمين في كلّ شيء حتى في
نظره وإشارته،
بل هو المشهور بين الفقهاء؛
لرواية
السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة، وفي النظر، وفي المجلس»،
ونحوه النبوي.
وخالف في ذلك
ابن إدريس الحلّي حيث ذهب إلى
الاستحباب ، واختاره
العلّامة الحلّي في
خصوص كتاب
المختلف ،
وقوّاه المحقّق النجفي؛
استضعافاً لدليل
الوجوب ، و
للأصل .
من
اختصاصات النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحريم خائنة الأعين عليه، وهو
الغمز بها، بمعنى الإيماء بها إلى
مباح من
ضرب أو
قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به
الحال ، ولا يحرم ذلك على غيره إلّافي
محظور . ذكر ذلك جمع من الفقهاء
في كتاب النكاح، عند حديثهم عن خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال
الشهيد الثاني : «الأشهر أنّ ذلك
مختصّ بغير حالة
الحرب ».
والكلام فيه يقع في عدّة
مواطن نتعرّض إليها
إجمالًا فيما يلي:
عمدة
حديث الفقهاء في حكم إشارة
القادر على
التكلّم نجدها في كلماتهم في
العقود و
الإيقاعات :
ففي البيع ونحوه يختلف الفقهاء في اشتراط
الصيغة ، فمن يذهب إلى اشتراطها وأنّ
المعاطاة لا تفيد بيعاً، لا يقبل بالإشارة لتقوم مقام
النطق و
التلفّظ مع
القدرة على إيقاع البيع بالصيغة، وهذا ما نسب إلى المشهور.
ولعلّ هذا هو مراد- أو
قريب من مراد- من ذكر أنّ الإشارة مع القدرة على التلفّظ تفيد المعاطاة مع
الإفهام الصريح ؛
أو تفيد
الإباحة كالمعاطاة.
وأمّا من يرى المعاطاة بيعاً لا تختلف عنه في شيء، فإنّه يرتب آثار البيع على الإشارة ولو من القادر، طبقاً للقاعدة عنده. وهذا ما يفهم ممّا نقل عن
الشيخ المفيد من
الاكتفاء بمجرد التراضي ولو بالإشارة و
القرائن وإن لم تحصل بينهما ألفاظ دالّة على ذلك،
بل اختاره صريحاً
المولى النراقي، حيث قال: «تكفي الإشارة
المفهمة للنقل بعنوان البيع إذا أفادت
القطع ، وكذا
الكتابة ، سواء تيسّر التكلّم أو تعذّر».
فالمسألة تابعة تماماً للمبنى الذي يختاره
الفقيه في بحث المعاطاة.أمّا العقود
الإذنية المفيدة للإذن
كالوديعة و
الوكالة و
العارية فذهب جمع من الفقهاء
إلى
القول بقيام الإشارة فيها مقام اللفظ، فجوّزوا إيقاع العقود الإذنية بالإشارة.
وقد نسب
الشيخ الأنصاري ذلك إلى الفقهاء حيث قال: «والظاهر أنّهم توسّعوا في هذه العقود فجوّزوا الفعل في إيجابها، لا أنّ الفعل فيها من قبيل المعاطاة في العقود».
إلّاأنّ المحقّق النجفي يرى أنّ هذه العقود عندما تتحقّق بالفعل والإشارة فإنّها تفيد معنى المعاطاة في ذلك العقد ولا تفيد معنى العقد، فتكون الوكالة مثلًا معاطاتية لا عقدية،
وفي
الوصية نسب إلى المشهور القول باعتبار اللفظ في إيجاب الوصيّة مع
التمكّن منه، فلا تكفي الإشارة حينئذٍ،
خلافاً لما يظهر من جماعة من الفقهاء المتأخرين
من كفاية الإشارة الدالّة مع إمكان النطق.
تقوم الإشارة مقام اللفظ عند
التعذّر لخرس أو غيره، وهو ممّا لا خلاف فيه بين الفقهاء،
بل بناء
السيرة العقلائية على الاكتفاء بإشارة
العاجز عن النطق في إظهار
المقاصد و
المنويّات ،
وبيانه إجمالًا كما يلي:
۱- إشارته في العبادة: لا خلاف في وجوب الإشارة عند العجز عن النطق في
تكبيرة الإحرام و
القراءة في الصلاة وغيرهما من
الأذكار ونصّ الفقهاء أيضاً في كتاب
الحجّ في مسألة استلام الحجر و
التلبية على كفاية الإشارة في ذلك.
۲- إشارته في العقود والإيقاعات: لو تعذّر النطق لخرس أو غيره كفت الإشارة المفهمة في العقود والإيقاعات على حدّ سواء،
بلا خلاف فيه في طلاق الأخرس.
ووجّه ذلك بعضهم بقوله: «إنّ كلّ عقدٍ وإيقاعٍ ينشأ بما يكون
مبرزاً له
عرفاً تشمله
العمومات ، إلّاإذا ثبت بالدليل
اعتبار مبرز خاصّ فيه بحيث لو انشئ بغيره لم يكن ممّا يترتّب عليه
الأثر المقصود، فلو فرض قيام
الإجماع على اعتبار اللفظ في العقود والإيقاعات واغمض عن
المناقشة فيه، كان ذلك مختصّاً بالقادر على التلفّظ، فالعاجز عنه ينشئ العقد والإيقاع بكلّ مبرز عرفي، ولا دليل على حصر المبرز في حقّه باللفظ، فالأخرس وغيره ممّا يعجز عن التكلّم يصحّ عقده وإيقاعه بكلّ مبرز حصل، فلا ترتيب بين المبرزات للأخرس كما قيل».
أمّا فيمن تعذّر فيه النطق- كالأخرس- أو تعذّر فيه
السماع - وهو
الأصمّ - فذكر بعض الفقهاء
: أنّ انعقاد سلام الأخرس إنّما هو بالإشارة، وكذا ردّه
السلام . هذا في الأوّل.
وفي الثاني- أي الأصم- لا معنى للإشارة منه، إذا أراد هو أن يسلّم أو يردّ السلام، لفرض قدرته على الكلام، لكن لو اريد السلام عليه لزم ضمّ الإشارة إلى اللفظ ليحصل تفهيمه، وكذا لو اريد
الجواب على سلامه، على ما ذكره العلّامة الحلّي.
وأمّا في القادر على النطق فلا تكفي الإشارة عن اللفظ في
الردّ لوجوب الإسماع في الصلاة وغيرها، بل ذكر المحقّق البحراني: أنّه الظاهر من كلام
الأصحاب ؛
لإطلاق رواية
ابن القدّاح وغيرها. نعم، في حال الصلاة خاصّة قيل بعدم وجوب الإسماع؛
لصحيح
منصور بن حازم و
محمّد بن مسلم ،
وحينئذٍ يسلّم خفياً ويشير
بإصبعه كما في
الرواية . لكن حملهما جماعة
على
التقية ؛ لأنّ المشهور عند
الجمهور عدم الردّ لفظاً، بل بالإشارة.
اختلف الفقهاء فيما لو تعارضت الإشارة مع
النصّ فذكر
الشهيد في
القواعد والفوائد :
«إذا تعارضت الإشارة و
العبارة ففي
ترجيح أيّهما وجهان».
وذكرت بعض
المصاديق لهذه
الكلّية في أبواب متفرّقة من
الفقه :
منها: ما ذكره بعضهم
من أنّ وجهي
الصحّة و
البطلان يأتيان فيما لو قال: بعتك فرسي هذا وكان
بغلًا ، فترجيح الإشارة على
الاسم يعني الصحّة، و
عكسه يعني بطلان العقد.
ومنها: ما لو قال: زوّجتك هذه فاطمة وأشار إليها وكان اسمها زينب، ففي صحّة العقد وجهان؛ لوجود الإشارة فيلغى الاسم، و
العدم ؛
لانتفاء المسمّاة بفاطمة،
وقوّى بعضهم الأوّل.
ومنها: ما لو قال: خالعتك على هذا
الثوب الصوف وكان
قطناً .
ومنها: ما ذكروه في بعض مسائل
الأيمان ، كما لو قال: لا أكلت من هذه الحنطة، فطحنها
دقيقاً أو
سويقاً ، فإنّه ممّا تعارض فيه الاسم والإشارة؛ لأنّ (هذه) تقتضي تعلّق
اليمين بها ما دامت
موجودة وإن تغيّرت، وتقييدها بالحنطة والدقيق ونحوهما يقتضي
زوال اليمين بزوال
القيد .
وأجود الوجهين كما اختاره جماعة
عدم الحنث؛ لأنّ اسم
الحنطة قد زال
بالطحن وصورته قد تغيّرت.
والثاني:
الحنث ، وقد اختاره
ابن البرّاج .
قال المحقّق النجفي: «لعلّ
المتّجه في
المسألة مع فرضها بالإشارة والاسم ترجيح الإشارة، فيحنث حينئذٍ
بالخبز ، مع
احتمال العدم».
الإشارة عند
الاصوليّين قسم من الدلالات، فإنّ جمعاً منهم قسّموا
الدلالة إلى: دلالة
اقتضاء ، ودلالة إيماء و
تنبيه ، ودلالة إشارة، وعرّفوا دلالة الإشارة بأنّها دلالة
الكلام على أمر
لازم لمدلوله عرفاً لزوماً غير بيّن أو بيّناً بالمعنى
الأعمّ .
ومثاله قوله تعالى: «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً»
مع قوله تعالى: «وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ»،
حيث دلّ على
أقلّ مدّة الحمل وهو ستّة أشهر.
ومنه دلالة وجوب
الشيء على وجوب مقدّمته عند من يبني على ذلك.
وتفترق دلالة الإشارة عن دلالة الاقتضاء ودلالة الإيماء بأنّ دلالة الإشارة غير مقصودة للمتكلّم بالقصد الاستعمالي بحسب العرف بخلاف الدلالتين الاخريتين، فإنّه يشترط القصد عرفاً فيهما.
وتفصيله موكول إلى علم الاصول.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۶۴-۱۷۵.