مستحبات المدينة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الرابع من
لواحق كتاب الحج مستحبات المدينة و هي:الغسل لدخول المدينة، وزيارة
النبي صلي الله عليه وآله وسلم ، وزيارة
علي و
فاطمة عليهما السلام، وزيارة
الأئمة الأربعة بالبقيع، و
الصلاة بين القبر والمنبر، وصوم الاربعاء والخميس والجمعة بالمدينة، والصلاة ليلة الاربعاء عند اسطوانة أبي لبابة، والصلاة ليلة الخميس عند الاسطوانة وفي مساجد
المدينة ، و
إتيان قبور الشهداء خصوصاً قبر حمزة.
يستحب
الغسل لدخولها) كما في بحث
الأغسال من كتاب الطهارة قد مضى.
(وزيارةُ
النبي صلي الله عليه وآله وسلم ) وهو بالرفع عطف على الغسل، لا على الدخول وإن صحّ، لما مرّ ثمة من استحبابه لها أيضاً، فالتقدير : يستحب زيارته صلي الله عليه وآله وسلم (استحباباً مؤكّداً) ولذا جاز أن يجبر
الإمام الناس عليها لو تركوها مضى، وخصوصاً للحاج، فقد ورد : «من أتى مكة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له
الجنة ».
ونحو ذيله : الصحيح المروي بأسانيد كثيرة وألفاظ مختلفة، منها : ما لمن زار
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قاصداً؟ قال : «له الجنة».
(وزيارة) عليّ و (فاطمة عليهما السلام من) عند (
الروضة ) بناءً على أن قبرها (سلام الله عليها) هناك، كما هو ظاهر الماتن هنا وفي الشرائع،
وفاقاً للنهاية؛
لرواية، وفي اخرى إنها روضة من رياض الجنة.
وقيل في
البقيع ؛ لرواية أُخرى،
واستبعدها جماعة كالشيخ في التهذيب والنهاية و
المبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى، والحلّي، وابن سعيد في الجامع.
والأصح وفاقاً للصدوق وجماعة
أنها دفنت في بيتها، وهو الآن داخل في المسجد؛ للصحيح : عن قبر
فاطمة (سلام الله عليها) ، فقال : «دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد صارت في المسجد».
وحملت الروايتان السابقتان على
التقية ، مع عدم وضوح سندهما، ولكن الأحوط زيارتها في المواضع الثلاثة، كما في القواعد والدروس وغيرهما،
وخصوصاً في بيتها ومن عند الروضة وهي بين القبر والمنبر، كما ذكره الشيخ وغيره.
(و
الأئمة ) الأربعة (بالبقيع) والسبعة الباقين في مشاهدهم المشرّفة المعروفة مع
الإمكان ، وإلاّ فمن البعيدة. والنصوص الواردة في فضل زيارتهم : أكثر من أن تحصى.
وتتأكد في
الحسين عليه السلام ، بل ورد أن زيارته فرض على كل مؤمن.
وأن تركها ترك حق الله تعالى.
وأن تركها عقوق رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم،
وانتقاص في الإيمان والدين.
وأنه حق على الغني زيارته في السنة مرّتين والفقير مرّة.
وأن من أتى عليه حول ولم يأت قبره نقص من عمره حول،
وأنها تطيل العمر.
وأن أيام زيارته لا تعدّ من
الأجل ،
وتفرّج الغم،
وتمحّص الذنوب ولكل خطوة حج مبرور له.
وبزيارته أجر عتق ألف نسمة وحمل على ألف فرس في سبيل الله ورسوله.
وله بكل درهم أنفقه عشرة آلاف درهم.
ومن أتى بقبره عارفاً بحقه غفر الله تعالى ما تقدم من ذنوبه وما تأخر.
وأن زيارته خير من عشرين حجة.
وأن زيارته يوم عرفة مع المعرفة بحقه ألف حجة وألف عمرة متقبّلات وألف
غزوة مع نبي أو وصي،
وزيارته أول
رجب مغفرة الذنوب البتة،
ونصف
شعبان يصافحه مائة ألف نبي وعشرون ألف نبي،
وليلة القدر مغفرة الذنوب.
وأن لمن جمع في سنة واحدة بين زيارته ليلة
عرفة والفطر وليلة النصف من شعبان ثواب ألف حجة مبرورة وألف عمرة متقبلة وقضاء ألف حاجة في الدنيا والآخرة.
ومن زاره
يوم عاشوراء عارفاً بحقه كمن زار الله تعالى فوق عرشه.
ومن بعد عنه وصعد على سطحه ثم رفع رأسه إلى السماء ثم توجّه إلى قبره وقال : السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، كتب له زورة، والزورة حجة وعمرة.
ولو فعل ذلك كل يوم خمس مرات كتب الله تعالى له ذلك.
وكذلك زيارة
الرضا عليه السلام فقد ورد أنها كسبعين ألف حجة.
وسئل
الجواد عليه السلام : أزيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة الحسين عليه السلام؟ قال : «زيارة أبي أفضل، لأنه لا يزوره إلاّ الخواص من شيعته».
وعنه عليه السلام إن أفضله رجب.
وعنه عليه السلام إنها تعدل ألف ألف حجة لمن يزوره عارفاً بحقه.
وعن الرضا عليه السلام: «من زارني على بعد داري ومزاري أتيته
يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أُخلّصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً، وعند
الصراط ، وعند الميزان».
(و
الصلاة ) في
مسجد النبي صلي الله عليه وآله وسلم وخصوصاً (بين القبر) الشريف (والمنبر وهو الروضة) لأنها أشرف بقاع المسجد. وفي جملة من المعتبرة وفيها الصحيح وغيرها أنها روضة من رياض الجنة؛
ولعلّها كافية في
استحباب الصلاة فيها بخصوصها وإن لم نقف فيه على رواية بخصوصها.
(وأن يصام بها) أي بالمدينة (الأربعاء ويومان بعده) يعني الخميس والجمعة (للحاجة) و
الاعتكاف فيها بالمسجد.
(وأن يصلّى ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لُبابة) وهي أُسطوانة التوبة، قيل : وهي الرابعة من المنبر في المشرق على ما في خلاصة الوفاء، والقعود عندها يومه.
(و) الصلاة (ليلة الخميس عند الأُسطوانة التي تلي مقام الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أي المحراب، والكون عندها يومه. (والصلاة في المساجد) التي بها، كمسجد
الأحزاب وهو مسجد الفتح، ومسجد الفضيخ، و
مشربة أُم إبراهيم .
(و
إتيان قبور الشهداء) بأُحد (خصوصاً قبر حمزة).
كلّ ذلك للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :
ففي الصحيح : «إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فائت المنبر، فامسحه بيدك وخذ برمّانتيه وهما السفلا وإن وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال : إنه شفاء للعين، وقم عنده فاحمد الله تعالى وأثن عليه وسل حاجتك، فإنّ
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة والترعة هي الباب الصغيرة ثم تأتي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم فتصلّي فيه ما بدا لك، فإذا دخلت المسجد فصلِّ على النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك، وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم».
وفيه : «إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء، وتصلّي ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لُبابة، وهي أُسطوانة
التوبة التي ربط فيها نفسه حتى نزل عذره من السماء، وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي
الأُسطوانة التي تلي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم ومصلاّه ليلة الجمعة فتصلّي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلم بشيء في هذه الأيام فافعل إلاّ ما لا بدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة، ولا تنام في ليل ولا في نهار فافعل، فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل، ثم احمد الله تعالى في يوم الجمعة وأثن عليه وصلِّ على النبي صلي الله عليه وآله وسلم وسل حاجتك، وليكن فيما تقول : اللهم ما كانت لي إليك من حاجة، شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها، فإني أتوجه إليك بنبيك محمّد نبي
الرحمة في قضاء حوائجي، صغيرها وكبيرها، فإنك حريّ أن تقضى حاجتك إن شاء الله».
وفي الصحيح : «صم الأربعاء والخميس والجمعة، وصلِّ ليلة الأربعاء ويوم الأربعاء عند الأُسطوانة التي تلي رأس رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وليلة الخميس ويوم الخميس عند أُسطوانة أبي لُبابة، وليلة الجمعة ويوم
الجمعة عند الأُسطوانة التي تلي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وادع -ب - هذا الدعاء لحاجتك، وهو : اللهم إني بعزتك وقوتك وقدرتك وجميع ما أحاط به علمك أن تصلّي على محمد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا».
ونحوه آخر، إلاّ أنه ليس فيه ذكر الليل ولا هذا
الدعاء ، وفيه الصلاة يوم الجمعة عند مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم مقابل الأُسطوانة الكثيرة
الخلوق ، والدعاء عندهنّ جميعاً لكلّ حاجة.
وفيهما مخالفة لما سبقهما في الصلاة عند أُسطوانة أبي لبابة، ففيهما أنها في ليلة الخميس، وفيما سبقهما أنها ليلة الأربعاء، وللتخيير وجه، إلاّ أن الأشهر الثاني، و
الأخذ به أحوط.
وفيه : «لا تدع إتيان المشاهد كلّها : مسجد قُباء فإنه المسجد الذي أُسّس على
التقوى من أول يوم، ومشربة أُم إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء، و
مسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح» قال : «وبلغنا أنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان إذا أتى قبور الشهداء قال : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح : يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همّي وغمي وكربي كما كشفت عن نبيّك همّه وغمّه وكربه وكفيته هول عدّوه في هذا المكان».
رياض المسائل، ج۷، ص۱۹۳- ۲۰۰.