مكان صلاة الطواف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
( و ) من لوازمه أن ( يصلّي ركعتين ) وجوباً في
الطواف الواجب ، وندباً في المندوب ، ويجب إيقاعهما (في
المقام ).
ويجب إيقاعهما (في المقام)
مقام إبراهيم حيث هو الآن، لا حيث كان على عهد
النبي صلي الله عليه و آله وسلم وإبراهيم عليه السلام، فالمعتبر في مكانهما خارج المطاف، وهو مكان المقام الآن. للصحيح : أُصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة، أو حيث كان على عهد
رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم ؟ فقال : «حيث هو الساعة».
والموجود فيه وفي غيره من النصوص الكثيرة
اعتبار الخلف، فما في المتن وعن النهاية والمبسوط والوسيلة و
المراسم والسرائر والشرائع والتذكرة والتبصرة والتحرير والمنتهى والإرشاد
من اعتبار الوقوع فيه لا وجه له، إلاّ أن يراد به عنده، كما في جملة من النصوص، وعن
الاقتصاد والجمل والعقود وجمل العلم والعمل وشرحه والجامع،
ويؤيده
استدلال الفاضل على ما في المتن بما نصّ على فعلهما عنده أو خلفه.
وعن الشهيد أنه قال : وأمّا تعبير بعض الفقهاء بالصلاة في المقام فمجاز تسميةً لما حول المقام باسمه؛ إذ القطع حاصل بأن الصخرة التي فيها
أثر قدم
إبراهيم عليه السلام لا يصلّي عليها.
والأحوط أن لا يصلّي إلاّ خلفها، كما عن الصدوقين والإسكافي والشيخ في
المصباح ومختصره والقاضي في المهذّب؛
للأخبار الدالة عليه،
وعدم تعارض بينها وبين الأخبار المتضمنة للصلاة عنده إلاّ تعارض العموم والخصوص المطلق فيجب التقييد.
وعن الشهيد أنه قال : لا خلاف في عدم جواز التقدم على الصخرة والمنع عن استدبارها، والتعبير ب «في» للدلالة على وجوب
الاتصال والقرب منه بحيث يتجوّز عنه بالصلاة فيه، لظاهر الآية.
انتهى.
وهو حسن، ومقتضاه وجوب إيقاعهما في البناء الذي فيه الصخرة.
ولا ينافيه
إطلاق الأخبار بالصلاة خلف المقام أو عنده، الصادق على الخارج عن البناء؛ لانصرافه إلى الداخل فيه لا الخارج.
ولعلّه لذا رتّب الماتن بين الداخل والخارج بقوله بعد ما مرّ : (فإن منعه زحام) عن
الصلاة في المقام (صلّى) على (حياله) أي خلفه أو أحد جانبيه من خارج البناء، ويوافقه عبائر كثير
وإن اختلفت في التخيير بين الخلف وأحد الجانبين، أو الترتيب بينهما بتقدم الخلف على الجانب مع
الإمكان ، كما هو الأحوط. وعلى الجملة : يجب تحرّي القرب منه ما أمكن، فإذا تعذّر لزحام جاز البُعد بقدر الضرورة؛ للصحيح في الكافي
وإن ضعف في التهذيب
: رأيت
أبا الحسن موسى عليه السلام يصلّي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريباً من ظلال المسجد. وفي التهذيب : «قريباً من الظلال لكثرة الناس». قيل : وللأصل، وإطلاق الأخبار بالصلاة خلفه، وللآية باتّخاذ المصلّى منه بمعنى
ابتداء المصلّى أو اتّخاذه منه بكونه بحياله. وأما وجوب تحرّي الأقرب منه بقدر الإمكان وعدم جواز البُعد إلاّ بقدر الضرورة فللأخبار الآمرة بفعلها عنده، واحتمال «مِن» في الآية الاتصالية والابتدائية التي في نحو : اتّخذت الخاتم من الفضّة، وللاحتياط. وأما جواز الصلاة إلى أحد الجانبين فللأصل، وإطلاق الآية وأخبار الفعل عنده، واحتمال هذا الخبر، والأحوط الخلف. وفي جواز التباعد لمجرد الزحام أيضاً نظر ما لم يتضيق الوقت؛ لضعف الخبر.
أقول : وفيه نظر؛ لما عرفت من صحة السند في الكافي وكون الضعف في
التهذيب .نعم في الدلالة نظر؛ لعدم التصريح فيه، بل ولا ظهور بفعله عليه السلام الركعتين ثمة في سعة الوقت، بل هو مجمل، فينبغي
الاقتصار فيه على المتيقن. ثم إنّ هذا الحكم أعني وجوب صلاة ركعتي طواف الفريضة خلف المقام أو إلى أحد الجانبين بحيث لا يتباعد عنه عرفاً، أو على النهج المتقدم مع
الاختيار قول المعظم، وعليه الأكثر، وفي عبائر جمع أنه الأشهر. ولعلّه الأظهر؛ للكتاب، والسنّة المستفيضة، وفيها الصحاح والمعتبرة. خلافاً للخلاف فيستحب، فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأ.
وللحلبي فجعل محلّهما
المسجد الحرام مطلقاً،
كما عن ابني بابويه في ركعتي طواف النساء خاصة
ومستندهم غير واضح، عدا ما قيل من
الأصل ، وعدمِ صراحة الآية فيه، لأنها إن كانت من قبيل
اتّخاذ الخاتم من الفضة، أو كانت «مِن» فيها بمعنى «في» لزم أن يراد بالمقام : المسجد، أو الحرم، وإلاّ وجب فعل الصلاة على الحجر نفسه. وإن أُريد الاتصال والقرب التام، وبالمقام الحجر، فالمسجد كلّه بقربه. وإن وجب الأقرب فالأقرب لزم أن يكون الواجب في عهده صلي الله عليه و آله وسلم في
الكعبة ، لكون المقام عنده، وكذا كلّما نقل إلى مكان وجبت الصلاة فيه، لعلّه لا قائل به؛ وإطلاقِ بعض الأخبار
لمن نسيهما في فعلهما في مكانه.
وفي الجميع نظر؛ لوجوب الخروج عن الأصل بما مرّ.
وظهورِ الآية فيه بظهور
الاحتمال الأول على ما اعترف به القائل، ومنع ما أُورد على تقديره من لزوم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم، باحتمال أن يراد به ما جاوره ممّا يقرب منه، بل لعلّه المتعين، لأنه أقرب المجازات إلى الحقيقة المتعذرة، ومرجعه إلى وجوب مراعاة الأقرب إلى المقام فالأقرب، كما هو مقتضى الاحتمال الأخير أيضاً. ومنعه بعدم قائل بما يلزمه ممنوع بعدم بلوغ مثله إجماعاً سيّما مع عدم تعرض أحد له.
وحمل غير الناسي على الناسي قياس. مع أن هذه الوجوه لو صحّت لثبت بها القول الأوّل، وأما الآخران فلم أقف لهما على مستند عدا الأخير فله الرضوي،
وفي مقاومته لأدلة الأكثر نظر، فضلاً من أن يقوّي عليها ويترجّح. وأمّا ما عن الخلاف من أنه لا خلاف في أن الصلاة في غيره يعني فيما عدا خلف المقام تجزئه ولا تحب عليه
الإعادة .
فعلى تقدير سلامته من تطرّق الوهن إليه بوجود الخلاف سيّما من الأكثر، معارض بالنصوص الآمرة بالإعادة المترجّحة عليه من وجوه لا تخفى على من تدبّر. ثم إن هذا الخلاف إنما هو في ركعتي
طواف الفريضة.
رياض المسائل، ج۷، ص۲۰- ۲۴.