مكروهات الكفن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يكره في التكفين أمور، منها: بل خيوط
الكفن بالريق، جعل الكم للكفن المبتدأ به، التكفين بالكتان، التكفين في السواد، تجمير الأكفان، تطييب الأكفان بغير
الكافور والذريرة، الكتابة على الكفن بالسواد، جعل الحنوط في سمع الميت وبصره، وقطع الكفن بالحديد.
ويكره بلّ الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق ماء الفم، بلا خلاف كما يفهم من
المعتبر. ولا بأس به وإن خفي مستنده. ولا يكره بغيره؛ للأصل من دون معارض ولا
فتوى فقيه واحد، بل صرّح به
الشهيد وغيره
.
وأن يعمل لما يبتدأ به من الأكفان أكمام للقميص. ولا بأس بها لو كانت في قميصه الذي يراد تكفينه به. وعن الأصحاب القطع بهما
؛
للمرسل: «إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كمّاً، فأما إذا كان ثوباً لبيساً فلا يقطع منه إلّا الأزرار»
. وسأل ابن بزيع في الصحيح
أبا جعفر (علیهالسّلام) قميصاً لكفنه، فبعث به إليه، فسأله كيف يصنع؟ فقال: «انزع أزراره»
.
وفي الخبرين في العلل: إن
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) كفّن
فاطمة بنت أسد في قميصه
. ونحوهما في المجالس
. وليس فيها قطع الأزرار. والجمع بينها وبين الصحيح يقتضي الحمل على
الاستحباب إن اعتبر أسانيدها، وإلّا
فالوجوب إن لم يكن إجماع على عدمه. وكيف كان : فالاحتياط قطعها؛ عملاً بظاهر الأمر به.
وأن يكفن في الكتان، وفاقاً للأكثر؛ للنهي عنه في
الخبر. خلافاً لظاهر
الصدوق فلا يجوز
؛ عملاً بظاهره. ولكن ضعفه بالإرسال مع دعوى
الإجماع على الجواز في الغنية
يمنع من العمل به.
والأحوط الترك
اختياراً لكون الإرسال بعدّة من الأصحاب الملحق مثله بالمسند الصحيح على الصحيح. مع أصالة عدم حصول الامتثال؛ لعدم انصراف الإطلاقات في التكفين إلى مثله.
والإجماع المحكي موهون لدعواه على فضل البياض من الكتان مع أنّ كراهته مطلقاً مشهور بين الأعيان، فتأمّل.
وفي الخبر: «الكتان كان
لبني إسرائيل يكفنون به، والقطن لأمة
محمّد (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)»
.
وفي الرضوي: «لا تكفّنه في كتان ولا ثوب إبريسم»
. وهو كالنص في حرمة التكفين به؛ لتعلق النهي عن الإبريسم الذي هو للتحريم إجماعاً به أيضاً. فلا يمكن الحمل على
الكراهة؛ إذ هو على تقدير جواز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو خلاف التحقيق. ولو لا
الشهرة العظيمة بين الطائفة القريبة من الإجماع بل إجماع على الظاهر حقيقة على الكراهة لتعيّن المصير إلى ما عليه الصدوق ضرورة.
وأن يكفّن في السواد إجماعاً كما عن
التذكرة ونهاية الإحكام والمعتبر
والمنتهى، ولكن فيه بلا خلاف؛ للخبرين في أحدهما: «لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفّن به»
. وعن
الذكرى مطلق الصبغ
، بل وعن
المهذّب والإصباح المنع عنه
.
ولا دليل عليه سوى ما دلّ على استحباب البياض والأمر به في
الموثّق ونحوه
. ولا دلالة فيه على الكراهة إلّا على تقدير كون ترك المستحب مكروها، وهو خلاف التحقيق. ولا على المنع إلّا على تقدير حمل الأمر فيه على ظاهره، وهو في حيّز المنع بناءً على تعلقه بعينه باللبس وهو بالإضافة إليه ليس للوجوب، فكذا بالنسبة إلى
التكفين، لما مرّ قريباً. ومع ذلك لا بأس بالكراهة للمسامحة، وتأسيّاً بصاحب الشريعة، فتأمّل.
وأن يجمّر الأكفان بالدخنة الطيّبة على المشهور بين الطائفة؛ للنهي عنه في الروايات المستفيضة، منها الخبر: «لا تجمروا الأكفان، ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلّا بالكافور، فإنّ
الميت بمنزلة
المحرم»
ونحو صدره المرسل
. وفي الخبر: رأيت
جعفر بن محمّد (علیهماالسّلام) ينفض بكمّه المسك عن الكفن
. وعن
الخلاف: الإجماع على كراهية تجمير الكفن بالعود وخلط
الكافور بالمسك أو العنبر
.
وفي
الحسن: «أكره أن يتبع بمجمرة»
. خلافاً
للفقيه فأمر به
لما روي من تحنيط
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) بمثقال مسك سوى الكافور
وأنه: سئل
أبو الحسن (علیهالسّلام) هل يقرب إلى الميت المسك والبخور؟ فقال: «نعم»
. وهما مع ضعفهما بالإرسال محمولان على
التقية، أو على الرخصة الغير المنافية للكراهة، مع احتمال الاختصاص به (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)، والسؤال في الأخير عن فعل
العامة.
أو يطيّب بغير الكافور والذريرة لما تقدّم. وفي
القواعد وعن
الغنية: المنع من تطييب الميت به
ولعلّه للخبر المتقدم أوّل المستفيضة. ولكن ضعفها بوجوه عديدة يعيّن حملها على
الكراهة.
نعم: في الخبر المعتبر الذي في سنده سهل ومرسل بالعدّة وقد عرفت عدم القدح بهما في
الحجية: «لا يسخن للميت
الماء، ولا يعجّل له النار، ولا يحنّط بمسك»
. إلّا أن السياق ربما أشعر بالكراهة. ولا ريب أن
الاحتياط تركه؛ لأنه من شعار العامة
الذين ليسوا على شيء من الحنيفية وقد أمرنا بمخالفتهم لذلك في المعتبرة
.
أو يكتب عليه بالسواد كما عن
الوسيلة والجامع وكتب المصنف
. وعن
النهاية لا يجوز
. ويحتملهما
المقنعة والمبسوط والاقتصاد والمصباح ومختصره
والمراسم. ويجوز إرادتهم شدة الكراهة.
ومستنده بالخصوص غير واضح. نعم: ربما يشمله عموم النهي عن التكفين في السواد، كالخبر المتقدم
، وأقرب منه الآخر: «لا يكفن
الميت في سواد»
وهما لقصور
السند قاصران عن إفادة
التحريم. وعن
المفيد المنع عن سائر الأصباغ
. ولا بأس به.
وأن يجعل في سمع الميت أو بصره شيء من الكافور على الأشهر الأظهر
للصحيح: «لا تجعل في مسامع الميت حنوطا»
. والمرسل بالرجال: «ولا تجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا وجهه قطناً ولا كافوراً»
. والرضوي: «ولا تجعل في فمه ولا منخره ولا في عينيه ولا في مسامعه ولا على وجهه قطنا ولا كافورا»
.
وغيرها من الأخبار المعتضد قصور أسانيدها بفتوى الأخيار، وخلوّ ما عداها عن الأمر به مع تضمن الأمر بغيره ممّا يستحب تحنيطه، مضافاً إلى ما فيه من إضاعة المال المرغوب عنها. خلافاً
للصدوق فاستحبّه
؛ لورود الأمر به في المعتبرة كالصحيح: «تضع في فمه ومسامعه وآثار السجود من وجهه ويديه»
ونحوه الموثقان
، وخبر آخر
. وليس في شيء منها ذكر البصر. ومع ذلك موافقة للعامة
، كما صرّح به بعض الأجلّة
.
وقيل وهو الشيخان
يكره أن يقطع الكفن بالحديد ففي
التهذيب: سمعناه مذاكرة من الشيوخ وكان عليه عملهم. وعن
المعتبر: يستحب متابعتهم تخلّصاً من الوقوع فيما يكره
. ولا بأس به.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۴۱۲-۴۱۸.