مندوبات السعي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والمندوب) أيضاً أُمور (أربعة :المشي طرفيه) والهرولة ، والدعاء، وأن يسعى ماشياً.
المشي طرفيه) أي طرفي
السعي أي في أوّله وآخره، أو طرفي المشي من البطء و
الإسراع ، ويعبّر عنه بالاقتصاد.
(و الإسراع ) يعني الهرولة، ويقال له الرَّمَل أيضاً (ما بين
المنارة وزقاق العطّارين) للرجل خاصة. بلا خلاف ظاهر ولا محكي، إلاّ عن الحلبي في
الإسراع فأوجبه،
وعبارته المحكية عن إفادة الوجوب قاصرة، ومع ذلك فهو نادر، بل على خلافه
الإجماع في الغنية وغيرها.
والمعتبرة بفضيلة الأمرين قولاً وفعلاً مستفيضة :
ففي الصحيح : «ثم انحدر ماشياً وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة وهي طرف المسعى فاسع مِلء فروجك وقل : بسم الله وبالله والله أكبر، وصلّى الله على محمد و
آله ، وقل : اللهم اغفر وارحم واعف عمّا تعلم إنك أنت الأعزّ الأكرم، حتى تبلغ المنارة الأُخرى، فإذا جاوزتها فقل : يا ذا المنّ والفضل والكرم والنعماء والجود اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت، ثم امش وعليك السكينة والوقار».
ونحوه غيره إلى قوله : «حتى تبلغ المنارة الأُخرى» إلى أن قال : «ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة».
وفي الموثق : «إنما
السعي على الرجال وليس على النساء سعي»
ونحوه غيره.
والمراد بالسعي فيهما
الهرولة والإسراع في المشي دون العدو، وهو المشار إليه في الصحيح المتقدم بقوله : «اسع مِلء فروجك». هذا إذا كان راجلاً، وإذا كان راكباً حرّك دابته بسرعة في موضع الرَّمَل إجماعاً كما عن التذكرة،
وللصحيح : «وليس على الراكب رمل ولكن ليسرع شيئاً».
وفي
الدروس ما لم يؤذ أحداً.
(ولو نسي الهرولة رجع القهقرى) أي إلى خلف استحباباً (وتدارك) ها موضعها؛ للمرسل : «من سها عن السعي حتى يصير من
المسعى على بعضه أو كلّه ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفاً، ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي».
قيل : وهو إن سلم فينبغي
الاقتصار على القهقرى وأطلق القاضي العود والتخصيص بما إذا ذكر في شوط أنه ترك الرمل فيه، فلا يرجع بعد
الانتقال إلى شوط آخر، والأحوط أن لا يرجع مطلقاً، ولذا نسبه إلى الشيخ في المنتهى.
انتهى. ولا بأس به.
وإذا تركه اختياراً لم يكن عليه شيء؛ للأصل، والصحيح.
(و
الدعاء ) في موضع الهرولة بما مرّ في الصحيح وغيره.
(وأن يسعى ماشياً) فإن أفضل الأعمال أحمزها، ولأنه أدخل في الخضوع، وقد ورد أن المسعى أحبّ الأراضي إلى الله تعالى لأنه يذلّ فيه الجبابرة.
وللصحيح : «والمشي أفضل».
ويجوز راكباً بالإجماع الظاهر، المصرَّح به في
الغنية وغيرها؛
والصحاح، منها زيادةً على ما مضى عن الرجل يسعى بين
الصفا والمروة على الدابة؟ قال : «نعم، وعلى - المحمل -».
(ويجوز الجلوس في خلاله للراحة) على الأشهر الأظهر، بل لا خلاف فيه يظهر إلاّ من الحلبيّين، فمنعا عنه مطلقاً حتى مع العجز و
الإعياء ، وجوّزا فيه الوقوف خاصة،
وهما نادران. بل على خلافهما الإجماع الآن. للصحاح، منها : عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة، أيستريح؟ قال : «نعم، إن شاء جلس على الصفا والمروة أو بينهما فيجلس».
ونحوه آخر، لكن في صورة الإعياء خاصة.
وفي ثالث اشتراطه، والنهي عنه من دونه.
ومقتضى الجمع تقييد الجواز بصورة الإعياء خاصة، ولعلّه ظاهر نحو العبارة حيث قيّد الجواز بقوله : للاستراحة.
ويمكن الجمع بحمل النهي في الأخير على الكراهة؛ للأصل، وقوة
الإطلاق ، واعتضاده بما دلّ على جواز السعي راكباً فإنه ملازم للجلوس غالباً، وهو عامّ لخالتي
الاختيار و
الاضطرار إجماعاً، وإليه الإشارة في الصحيح : عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة، يجلس عليهما؟ قال : «أو ليس هوذا يسعى على الدواب».
وهو وإن كان مورده جوازه على المروة والصفا، ولا خلاف فيه حتى منهما، إلاّ أن قوله عليه السلام: «أو ليس» إلى آخره في قوة الجواب له بنعم، مع تعليله بما بما يعمّ الجلوس بينهما، بل التعليل أنسب بهذا كما لا يخفى. وكيف كان، فهذه الصحاح مع صحتها واستفاضتها واعتضادها بالأصل والشهرة بين الأصحاب صريحة في ردّهما، بل ظاهر الأخير جوازه بينهما مطلقاً ولو لغير
الاستراحة كما في السعي بينهما راكباً، نعم يكره لغيرها، لما مضى.
رياض المسائل، ج۷، ص۱۲۰- ۱۲۴.