نفقة المملوك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
المملوك فنفقته واجبة على مولاه، وكذا الأمة؛ ويرجع في قدر
النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى؛ ويجوز مخارجة المملوك على شئ؛ فما فضل يكون له، فإن كفاه وإلا أتمه المولى. وتجب النفقة على البهائم المملوكة، فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت مقصودة
بالذبح.
نفقت المملوك واجبة على مولاه ذكراً أو أُنثى أو غيرهما وكذا
الأمة بإجماع الأُمّة على ما حكاه بعض الأجلّة
، مضافاً إلى
السنّة التي مضى بعضها في
نفقة القرابة. ولا فرق فيهما بين الصغير والكبير والقنّ وأُمّ الولد والمدبّر والمكاتب؛ لإطلاق
النصّ والفتوى، إلاّ أنّ الأخير نفقته في كسبه إن وفى به، وإلاّ أتمّه المولى، من دون فرق فيه بين كونه مشروطاً أو مطلقاً لم يؤدّ شيئاً.
ثم إن اتّحد المالك، وإلاّ وزّعت النفقة عليهم بحسب
الشركة قطعاً.
وحيث إنّه لا تقدير في
الشريعة لجنس النفقة وكيفيّتها، وجب أن يرجع في قدر
النفقة من الجهات المذكورة إلى عادة مماليك أمثال المولى من أهل بلده، بحسب شرفه وضعته وإعساره ويساره.
ولا يكفي ساتر العورة في اللباس ببلادنا، وإن اكتفي به في بلاد المماليك.
ولا فرق بين كون نفقة السيّد على نفسه دون الغالب في نفقة المملوك عادةً تقتيراً أو بخلاً أو رياضةً، وفوقه، فليس للمولى الاقتصار بالعبد على وجه نفقة نفسه في الأول.
ولا عبرة في الكمّية بالغالب في نفقة المملوك، بل تجب الكفاية لو قلّ الغالب عنها، كما لا يجب الزائد لو زاد عنها.
فإذاً المعتبر فيه الكيفيّة خاصّة، دون المقدار والكميّة.
فإذاً في
إطلاق الحكم بالرجوع في القدر المتبادر منه الكميّة إلى العادة كما في العبارة نوع مناقشة، إلاّ أن يخصّ القدر بما يخصّ الجنس والكيفيّة خاصّة.
وعن
المبسوط: اعتبار غالب قوت البلد وكسوته
. ولعلّ المؤدّى واحد.
ويستحبّ أن يطعمه ممّا يأكله ويُلبِسه ممّا يلبسه؛ للنبويّ: «إخوانكم وخَوَلكم جعلهم
الله تعالى تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل ويُلبِسه ممّا يلبس»
(والخَوَل : العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية
).
وفي آخر: «إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه وقد كفاه حرّه وعمله فليقعده فليأكل معه، وإلاّ فليناوله أكلةً من طعام»
.
ونحوه آخر، وفيه بدل: «فليناوله»: إلى آخره، «فليروِّغ له اللقمة واللقمتين»
والترويغ: أن يروّيه من الدَّسم، كما عن المبسوط
.
والمستفاد منهما
استحباب المؤاكلة مع العبيد، والنصوص به مستفيضة
.
ويجوز مخارجة المملوك على شيء أي ضرب خراج معلوم عليه يؤدّيه كلّ يوم أو مدّة ممّا يكتسبه فما فضل يكون له، فإن كفاه الفاضل لنفقته وإلاّ أتمّه المولى والأصل في جواز المخارجة بعد
الإجماع الذي حكاه بعض الأجلّة
المعتبرة:
منها
الصحيح: عن رجل أراد أن يعتق مملوكاً له وقد كان يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كلّ سنة ورضي بذلك المولى، فأصاب المملوك في تجارته مالاً سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة، فقال: «إذا أدّى إلى سيّده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك»
.
وفي هذه الصحيحة دلالة على تملّكه فاضل الضريبة، ولذا قطع به جماعة
، منهم: المصنّف في بحث
التجارة.
وفي جواز إجبار السيّد عبده على المخارجة، قولان، ثانيهما: نعم، ما لم يتجاوز مجهوده، كما عن
التحرير، وهو أقوى؛ عملاً بعموم ما دلّ على لزوم إطاعة المملوك لسيّده
، خرج عنه ما دون المجهود بالضرورة، كيف لا؟! ولا عسر ولا حرج في الملّة السهلة السمحة، ويبقى الباقي مندرجاً في عموم الأدلّة.
واعلم أنّ للسيّد الاستخدام فيما يقدر عليه المملوك، ولا يخرج عن وسعه عادةً، والملازمة عليه، إلاّ في أوقات اعتيد فيها
الاستراحة.
وأمّا الأفعال الشديدة الشاقّة التي لا يمكن عليها المداومة في العادة، فله الأمر بها في بعض الأزمنة، وعلى المملوك بذل الوسع مهما أمكنه.
وليس له تكليفه الخدمة ليلاً ونهاراً معاً؛ لأنّها فوق الوسع والطاقة، بل إذا عمل في أحدهما أراحه في الآخر، ويريحه في الصيف وقت
القيلولة.
وبالجملة: فالمتّبع العادة الغالبة.
•
نفقة البهائم، تجب
النفقة على البهائم المملوكة
؛ فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت مقصودة
بالذبح.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۱۹۰-۱۹۴.