أحكام السلم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي فروعات مختلفة في أحكام بيع السلم.
(الثاني : في أحكامه، وهي مسائل :)
•
بيع السلم قبل وبعد حلوله،هنا يأتي أحكام جواز أو عدم جواز بيع السلم قبل وبعد حلوله.
(وكذا) حكم (بيع الدين) فلا يجوز قبل الأجل مطلقاً، ويجوز بعده كذلك، بلا خلاف في الأخير إلاّ في
البيع على غير من هو عليه، فمنعه الحلّي مدّعياً
الإجماع عليه.
والأظهر الأشهر خلافه؛ للأصل، والعمومات السليمة عن المعارض سوى الإجماع المحكي، وهو بعد
اشتهار خلافه عن التخصيص قاصر.
وأمّا الأوّل ففيه خلاف، فبين مصرّح بالمنع، كالشهيد في
الدروس ،
وهو ظاهر الإرشاد
والمتن، لظاهر التشبيه.ومصرّح بالجواز، كما في
الروضة وعن التذكرة،
وهو ظاهر المختلف واللمعة وجماعة.
ومستند القولين قد مرّ، وضعف الثاني منهما قد ظهر، لكن في جريان وجه الضعف هنا مطلقا نظر ينشأ من ابتنائه ثمّة إمّا على الإجماع الظاهر المحكي، وهو مفقود هنا، أو على عدم
انتقال السلم حين العقد المستلزم لعدم الملكيّة للبائع.
ومنه ينقدح فساد المعاملة قبل حلول الأجل، ولا كذلك مطلق الدين؛ لحصول الملكيّة بمجرّد السبب في بعض أفراده، وغاية
الأمر توقّف المطالبة على
انقضاء الأجل، كما في مهر الزوجة والقرض المشترط فيهما الأجل اللازم. ولعلّه لذا أفتى الأصحاب من غير خلاف يعرف بالمنع في السلف، واختلفوا في المسألة، وصار إلى الجواز فيها الجماعة المزبورة التي يمكن أن يطلق عليهم
بالإضافة إلى المخالف الشهرة.
ويحتمل
إرجاع التشبيه في العبارة إلى ما يوافق هؤلاء الجماعة، بأن يراد منه التشبيه للسلف في أصل جواز البيع لا مطلقا. وحيث جاز (فإن باعه بما هو حاضر) مشخّص بنحو
الإشارة (صحّ) بلا خلاف ولا ريبة؛ للأصل، والعمومات التي هي عن المعارض سليمة.
(وكذا) صحّ (إن باعه بمضمون حالّ).
إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق فيه بين ما لو كان مؤجّلاً ثم حلّ الأجل، أو كان غير مؤجّل في
الأصل ، كما إذا بيع بدينار كلّي غير مستقرّ في ذمّة قبل البيع. ولا
إشكال فيه؛ لما مرّ، مع عدم صدق الدين عليه حقيقة كما يأتي.
ويشكل في الأوّل إن لم يكن إجماع، كما هو ظاهر الروضة،
حيث جعل الجواز أقوى. وهو مشعر بل ظاهر في وقوع الخلاف، ووجهه قوّة احتمال صدق الدين عليه، بناءً على تضمّنه الأجل ولو في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذٍ بيع الدين بالدين.
ووجه الجواز إمّا الشك في الصدق، أو لزوم
الاقتصار في المنع عن بيع الدين بالدين المخالف للأصل على محلّ الوفاق، وليس منه محلّ الفرض، لوقوع الخلاف. والخبر المانع عنه وإن كان عامّاً إلاّ أنّه قاصر سنداً يشكل
الاعتماد عليه فيما عدا الإجماع. وربما يوجّه
باختصاص الدين بالمؤجّل، كما في كلام الأصحاب وجماعة من أهل اللغة،
ومحلّ الفرض بعد انقضاء أجله ليس كذلك.
وفيه نظر؛ إذ لا يبعد أن يكون المراد من اعتبار الأجل فيه اعتباره حين ثبوته، بمعنى أنّ الدين ما يضرب فيه الأجل أوّل مرّة، ولا ينافيه خلوّه عنه في ثاني الحال، ولذا أنّ الأصحاب يطلقون على الدين بعد حلول أجله لفظه إطلاقاً حقيقيّا، وهو المتداول عرفاً، ولا يصلح السلب عنه فيه حينئذٍ جدّاً. وكيف كان فالمنع أقوى. ويحتمل أن يراد بالمضمون الحالّ في العبارة وغيرها هو المعنى الثاني، ولعلّه الظاهر، فلا خلاف فيه.
(ولو شرط تأجيل الثمن قيل : يحرم) كما عن الحلّي
وتبعه كثير
(لأنّه بيع دين بدين) منهيّ عنه بالنص والإجماع. وفيه نظر؛ لأنّ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضاً حال كونه ديناً بمقتضى تعلّق الباء به، والمضمون عند
العقد ليس بدين وإنّما يصير ديناً بعده، فلم يتحقق بيع الدين به، ولأنه يلزم مثله في بيعه بحالّ، ولم يلتزموه، والفرق غير واضح.
ودعوى إطلاق اسم الدين عليه إن أرادوا به قبل العقد فممنوع، أو بعده فمشترك بين الحالّ المؤجّل، فيلزم أن لا يصحّ بحال كما مر. وإطلاقهم له عليه عرفاً إذا بيع به فيقولون : باع فلان ماله بالدين، مجاز يقصد به أنّ الثمن بقي في ذمّته ديناً بعد البيع، ولو اعتبر مثل هذا الإطلاق جاء مثله في الحالّ إذا لم يقبضه، خصوصاً إذا أمهله به من غير تأجيل، فتأمّل.
(و) لذا (قيل : يكره) كما عن
النهاية (وهو الأشبه) بالأصل السليم عن المعارض كما ظهر، وهو خيرة
الشهيد الثاني .
هذا إذا كان الثمن ديناً بالعقد، كما هو فرض المتن والأصحاب.
و (أمّا لو باع ديناً) في ذمّة زيد بدين آخر له في ذمّته، أو في ذمة ثالث، أو ديناً (في ذمّة زيد بدين للمشتري في ذمّة عمرو لم يجز) قولاً واحداً، كما في المهذّب وغيره
(لأنّه بيع دين بدين) بلا إشكال. والأصل فيه بعد الإجماع النبوي العامي المانع عن بيع الكالي بالكالي،
والخاصّي : «لا يباع الدين بالدين».
قال في القاموس : الدين ماله أجل، وما لا أجل له فقرض،
والكالي والكُلْأة بالضم النسيئة.
ونحوه في الأوّل المحكي عن النهاية الأثيرية والغريبين،
وهو ظاهر الأصحاب أيضاً، وربما يحكى عن بعض
أهل اللغة أنّه القرض.
وهو ضعيف.
(الثانية : إذا دفع) المسلم إليه المسلم فيه (دون الصفة) أو المقدار المشترطين فيه لا يجب على المسلم قبوله، وإن كان أجود من وجه آخر؛ لأنّه ليس نفس حقّه، مع تضرّره به.
(و) لو (رضي المسلم) بذلك (صحّ) ولو كان ذلك لأجل التعجيل، بلا خلاف، بل في الغنية الإجماع عليه؛
لأنّه أسقط حقّه من الزائد برضاه، والنصوص به مع ذلك مستفيضة، منها
الصحاح ، في أحدها : عن الرجل يسلم في وُصَفاء بأسنان معلومة ولون معلوم، ثم يعطى دون شرطه أو فوقه، فقال : «إذا كان من طيبة نفس منك ومنه فلا بأس».
وفي الثاني والثالث : «ويأخذون دون شرطهم ولا يأخذون فوق شروطهم».
ومنها : أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شيء معلوم من الرقيق، فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطيبة النفس منهم، قال : «لا بأس».
ونحوه ما لو رضي بغير الجنس. (ولو دفع) المسلم فيه (بالصفة وجب القبول) أو إبراء المسلم إليه بعد حلول الأجل، ولو امتنع قَبَضَه الحاكم مع
الإمكان ، وإلاّ فيخلّي بينه وبينه ويبرأ بمجرّده على الظاهر.
(وكذا) يجب القبول أو
الإبراء بعد الحلول (لو دفع) إليه (فوق الصفة) في المشهور بين الأصحاب؛ قيل : لأنّه خير وإحسان ،
فالامتناع منه عناد، ولأنّ الجودة صفة لا يمكن فصلها، فهي تابعة
(ولا كذلك لو دفع أكثر) قدراً يمكن فصله ولو في ثوب.
وفيهما نظر، فالأوّل : بعدم دليل على وجوب قبول
الإحسان ، ولا يلزم أن يكون الامتناع منه عناداً، بل هو مطالبة لحقّه المشترط، والمؤمنون عند شروطهم؛ مضافاً إلى
اختلاف الأغراض، فقد يتعلّق بخصوص المشترط دون الزائد، كما يتّفق في كثير من الأحيان. هذا مضافاً إلى التأيّد بمفهوم الصحيح المتقدّم. والثاني : بأن عدم إمكان الفصل وتابعيّة الوصف لا يوجب على المسلم قبول ذلك المدفوع مع إمكان العدول عنه إلى الغير، ولعلّه لذا حكي عن
الإسكافي القول بعدم وجوب القبول كما قالوا به بلا خلاف في دفع الأكثر بحسب المقدار. وهو كما ترى في غاية القوّة وإن كان الأحوط للمسلم القبول.
(الثالثة : إذا تعذّر) المسلم فيه (عند الحلول، أو انقطع) حيث يكون مؤجّلاً ممكن الحصول بعد الأجل عادةً فاتّفق عدمه
ابتداءً أو بعد وجوده (فطالب) المسلم البائع إيّاه (كان مخيّراً بين الفسخ)
واسترداد الثمن أو مثله (و) بين (الصبر) إلى وجوده ولم ينفسخ العقد. بلا خلاف في الأخير؛ لأنّ تناول الدفع لهذه السنة لقضيّة الأجل، ومورد العقد إنّما هو الذمّة.
وعلى الأظهر الأشهر في الأول، بل عليه عامّة من تأخّر، وربما أشعر عبارة المختلف والدروس
بالإجماع عليه، بل ربما كانت الأولى ظاهرة في انعقاده؛ وهو الحجة. مضافاً إلى النصوص المستفيضة التي هي بين صريحة في ذلك، كالموثّق : عن رجل أسلف في شيء يسلف الناس فيه من الثمار، فذهب زمانها ولم يستوف سلفه، قال : «فليأخذ رأس ماله أو لينظره».
وظاهرة فيه، كالصحاح المتقدّمة في
بيع السلف بعد حلول الأجل ، كذا قيل.
وفيه نظر يظهر وجهه ممّا ثَمَّ قد مرّ، ولعلّها صالحة للتأييد وإن كان بعضها ظاهراً في البيع. ومنه زيادة على ما مرّ يظهر أنّ له أن لا يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمته حينئذٍ. وخلاف الحلّي بعدم
الخيار شاذّ لا يلتفت إليه في المضمار.
وليس هذا الخيار فورياً؛ للأصل السالم عن المعارض، فله الرجوع بعد الصبر إلى أحد الأمرين المخيّر بينهما ما لم يصرّح
بإسقاط الخيار، ويسقط معه، كما في الدروس والروضة.
ولو كان أحد موجبي الخيار من التعذّر
والانقطاع بعد بذله له ورضاه بالتأخير سقط خياره؛ لمجيء التقصير من قبله. ولا ينافيه إطلاق النص المتقدّم؛ لعدم شموله في الظاهر لمحلّ الفرض، ولا كذلك لو كان بعدم المطالبة أو بمنع البائع مع إمكانه.
وفي حكم انقطاعه عند الحلول موت المسلم إليه قبل الأجل وقبل وجوده؛ نظراً إلى أنّه دين فيشمله عموم ما دلّ على حلول ما على الميت من الدين بالموت. ولا كذلك العلم قبل الأجل بعدم المسلم فيه بعده، بل يتوقّف الخيار على الحلول؛
اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على لزوم العقد على مورد النص والإجماع، والتفاتاً إلى عدم وجود المقتضي له الآن؛ إذ لم يستحق حينئذٍ شيئاً.
ولو قبض البعض وتأخّر الباقي تخيّر أيضاً بين الصبر والفسخ في الجميع، والفسخ في الباقي؛ التفاتاً في الأوّل : إلى ضرر تبعّض الصفقة. وفي الثاني : إلى المعتبرة، منها الصحيحان، في أحدهما : أرأيت إن أوفاني بعضاً وعجز عن بعض، أيجوز أن آخذ بالباقي رأس مالي؟ قال : «نعم، ما أحسن ذلك».
وفي الثاني : «لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع ما عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم».
وفي تخيّر المسلم إليه مع الفسخ في البعض وجه قوي؛ لتبعّض الصفقة عليه، إلاّ أن يكون التأخير من تقصيرة فلا خيار له.
(الرابعة : إذا دفع) المديون إلى المدين (من غير الجنس) الذي استدانه على أنّه قضاء منه (ورضي الغريم) به (ولم يساعره) وقت الدفع (احتسب بقيمته يوم
الإقباض ) مطلقاً، سلفاً كان الدين أم لا، كان المدفوع عروضاً أم غيرها، بلا خلاف، بل عليه الوفاق في المسالك والكفاية وغيرهما؛
وهو الحجة.
مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة، منها الصحيحتان المكاتبتان المروية إحداهما في
التهذيب : في رجل كان له على رجل مال، فلمّا حلّ عليه المال أعطاه به طعاماً أو قطناً أو زعفراناً، ولم يقاطعه على السعر، فلمّا كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الطعام والزعفران والقطن أو نقص، بأي السعرين يحسبه؟ هل لصاحب الدين سعر يومه الذي أعطاه وحلّ ماله عليه، أو السعر الثاني بعد شهرين أو ثلاثة يوم حاسبه؟ فوقّع عليه السلام : «ليس له إلاّ على حسب سعر وقت ما دفع الطعام إن شاء الله تعالى»
الخبر.ونحوها الثانية المروية عن الكافي.
ومنها الموثقات، في أحدها : عن الرجل يكون لي عليه المال فيعطيني بعضاً دنانير وبعضاً دراهم، فإذا جاء يحاسبني ليوفيني يكون قد تغيّر سعر الدنانير، أيّ السعرين أحسب له، الذي يوم أعطاني الدنانير، أو سعر يومي الذي أُحاسبه؟ فقال : «سعر يوم أعطاك الدنانير، لأنّك حبست عنه منفعتها».
ونحوه الآخران
والخبران، في أحدهما : في الرجل يكون له على الرجل دراهم فيعطيه دنانير ولا يصارفه، فتغيّر الدنانير بزيادة أو نقصان، قال : «له سعر يوم أعطاه».
وعلل مع ذلك بأنّ جعل المدفوع قضاءً يقتضي كونه من جنس الدين، فلمّا لم يكن عند الدفع الذي هو وقت القضاء من جنسه فلا بدّ من
احتسابه على وجه يصير من الجنس، وذلك باعتبار قيمته يومئذ، سواءً كان مثليّا أو قيمياً.
(الخامسة : عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم) غير موجب للجهالة (فلا يبطل باشتراط بيع) فيه (أو هبة) شيء (أو عمل محلّل، أو صنعة) كأن يقول : أسلمت إليك هذه العشرة الدراهم في خمسين منّاً من تمر إلى مدّة كذا بشرط أن تبيع منّي أو توهب لي هذا الكتاب مثلاً، أو تعلّمني الصنعة الفلانية، ونحو ذلك ممّا يصحّ اشتراطه.
للأصل ، والعمومات السليمة عن المعارض عدا رواية
قاصرة السند، مجملة الدلالة، من حيث تضمّنها النهي عن سلف وبيع وعن بيعين في بيع واحد، فلعلّ المراد به ما قيل في تفسيره : من أنّ المراد أن يقول : بعتك منّاً من طعام حالاّ بعشرة وسلفاً بخمسة، ووجه المنع عنه حينئذٍ ظاهر على الأصح الأشهر.
وقد مرّ الكلام فيه في بيع شيئين بثمنين مختلفين إلى أجلين ، وقد مرّ الكلام في نظير المسألة في بحث جواز الجمع بين أُمور مختلفة في صيغة واحدة .(و) هنا مسألتان :
(لو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها) كأن يقول : أسلمت إليك هذه المائة في عشرين شاة مؤجّلاً إلى كذا بشرط أن تعطيني أصواف هذه النعجات بعينها (قيل :) كما عن الشيخ والفاضل
(يصحّ) للأصل، وما سيأتي من ضعف دليل المانع.
(والأشبه) عند الماتن وفاقاً للحلّي
(المنع) عن الصحة؛ لأنّ
السلم في المشاهد لا يجوز،لأنّه بيع مضمون ومن شرط صحته الأجل، وأن بيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز (للجهالة).
ويضعّف الأوّل : بأنّه يجوز السلم حالاّ إذا كان من قصدهما الحلول بقول : أسلمت إليك مثلاً، فيكون قد تجوّز
باستعمال لفظ «أسلمت» مكان «بعت» ولأنّ السلم قسم من أقسام البيع، وكما يجوز استعمال «بعت» في السلم فليجز استعمال «أسلمت» في البيع، لعدم الفارق.وفيه نظر. والأولى الجواب عنه بأن اشتراطها ليس سلماً فيها، بل شرط فيه خارج عنه، وهو جائز كباقي الشروط الجائزة بحكم ما تقدّم في صدر المسألة، ولعلّه لذا اقتصر الماتن في التعليل على الثاني خاصّة.
والثاني : بمنع المنع عن بيع الصوف على الظهر، بل هو جائز.وفي المهذب : أنّ موضوع المسألة أن يكون شرط الأصواف أن يجزّ حالاّ، فلو عيّنها وشرط تأجيل الجزّ إلى أمد السلف أو شرط أصواف نعجات في الذمة غير مشاهدة لم يصحّ قولاً واحداً.
لا يجوز
استناد السلف إلى معيّن؛ لأنّه
ابتياع مضمون كلّي في الذمة غير مشخص إلاّ بقبض المشتري. (و) يتفرّع عليه أنّه (لو شرط ثوباً من غزل امرأة معيّنة أو غلّة من قراح) أي مزرعة (بعينه لم يضمن) ولا يصحّ؛ لأنّ تشخيص المسلم فيه بأحد الأُمور المزبورة خروج عن حقيقة السلف، كما مرّت إليه
الإشارة .
نعم، لو استند إلى معيّن قابل
للإشاعة ولا يفضي التعسّر فيه إلى عسر
التسليم عادةً جاز، كما لو أسلف على مائة رطل من تمر البصرة، فإن ذلك يجري مجرى الصفات المشترطة في السلف في الحدارة والصراية، وعليه يحمل الخبران، أحدهما الصحيح : عن رجل اشترى طعام قرية بعينها، فقال : «لا بأس، إن خرج فهو له، وإن لم يخرج كان ديناً عليه».
وثانيهما : في الرجل يشترى طعام قرية بعينها : «وإن لم يسمّ له قرية بعينها أعطاه من حيث شاء».
رياض المسائل، ج۹، ص۱۲۸-۱۴۵.