الاحتساب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي
الاعتدااد أو طلب
الثواب.
الاحتساب من الحسب
كالاعتداد من العدّ، والحسبة اسم منه كالعدّة من الاعتداد.
وتأتي في اللّغة بمعان:
منها: الاعتداد.
ومنها: طلب
الأجر ، يقال: احتَسَب الأجر على اللَّه أي نوى به وجه اللَّه لا يرجو ثواب
الدنيا .
وقيل برجوع الثاني إلى الأوّل وإنّما يقال لمن ينوي بعمله وجه اللَّه: احتَسَبَه؛ لأنّ له حينئذٍ أن يعتَدَّ عمله، فجعل في حال
مباشرة الفعل، كأنّه معتدّ به.
ويستعمل لدى
الفقهاء بالمعنى اللغوي المتقدّم، وأحياناً بمعنى آخر اصطلاحي، وهو التصدّي للُامور الحسبيّة التي أمر الدّين برعايتها
وإقامتها ولم يرض بتركها
كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
لا حكم للاحتساب في نفسه، بل قد يتعلّق به
حكم تكليفي أو
وضعي باعتبار متعلّقه وما يضاف إليه، وهي تختلف باختلاف الموارد. نشير إلى بعضها فيما يلي:
نسب إلى
المشهور اشتراط التوالي
والاستمرار في الثلاثة الاول التي هي أقلّ
الحيض ، بل ادّعي عدم
الخلاف فيه بل
الإجماع ،
وأمّا في العشرة فالمعروف والمشهور بين الفقهاء أنّ
النّقاء المتخلّل لأقلّ من العشرة يحتسب حيضاً واحداً إذا كان مجموع الدّمين والنّقاء المتخلّل عشرة أو أقلّ، وأمّا إذا زاد عن العشرة كما إذا رأت ثلاثاً ثمّ انقطع تسعاً ثمّ رأت ثلاثاً فله حكم آخر.
تجوز
الاستنابة في طلب الماء مع عدالة
النائب - مطلقاً أو مع تعذّر الطلب بنفسه-، بل قد تجب مع تعذّر الطلب بنفسه ولو
بأُجرة - ويشترط هنا أيضاً
العدالة مع
الامكان - ويحتسب لهما.
يجوز
إتيان النوافل جالساً، والأفضل احتساب كلّ
ركعتين بواحدة.
لو صلّى
العصر قبل
الظهر ناسياً في الوقت المشترك أجزأت واحتسبت عصراً وأتى بالظهر؛ لعدم اشتراط
الترتيب في هذا الحال.
وخالف فيه بعض الفقهاء فذهب إلى صحتها واحتسابها ظهراً، لكن احتاط بالإتيان بأربع ركعات بقصد ما في
الذمّة من دون تعيين أنّها الظهر أو العصر.
صرّح بعض الفقهاء بجواز احتساب صلاة جعفر رضى الله عنه من نوافل اللّيل أو النهار
أداءً وقضاءً وهو المنسوب إلى المشهور،
بل ظاهر بعضهم جواز احتسابها من قضاء
الفريضة ،
كما يظهر من آخرين القول بجواز جعلها من أدائها أيضاً.
قال
السيد اليزدي قدس سره: «يجوز احتساب هذه
الصلاة من نوافل اللّيل أو النهار أداءً وقضاءً فعن
الصادق عليه السلام: «صلّ صلاة جعفر أيّ وقت شئت من ليل أو نهار وإن شئت حسبتها من نوافل اللّيل وإن شئت حسبتها من نوافل النهار حسب لك من نوافلك وتحسب لك صلاة جعفر» والمراد من الاحتساب تداخلهما فينوي بالصلاة كونها نافلة وصلاة جعفر، ويحتمل أنّه ينوي صلاة جعفر ويجتزأ بها عن النافلة، ويحتمل أنّه ينوي النافلة ويأتي بها بكيفية صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضاً.
وهل يجوز اتيان الفريضة بهذه الكيفية أو لا؟ قولان، لا يبعد الجواز على
الاحتمال الأخير دون الأوّلين، ودعوى أنّه تغيير لهيئة الفريضة
والعبادات توقيفيّة مدفوعة بمنع ذلك بعد جواز كلّ ذكر
ودعاء في الفريضة، ومع ذلك الأحوط
الترك ».
المشهور بين الفقهاء
بل ادّعي عدم الخلاف فيه بين
المتأخرين أنّه لو أدرك المأموم
الإمام حال
الركوع جاز له الدخول معه وتحسب له ركعة.
وقيّده
الشيخ الطوسي والقاضي بإدراك تكبيرة الركوع، وأنّه إذا أدركه راكعاً فقد فاتت الركعة.
يجوز احتساب ما يزيد على
نفقة الحضر من سهم
أبناء السبيل إذا سافرت الزوجة
بإذن الزوج.
لو كان
الغارم مديناً لمن عليه
الزكاة جاز احتسابه عليه بأن يبرأ ذمّة الغارم زكاة،
بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاء للدّين وإن لم يقبضها المديون ولم يوكل في قبضها،
ولا يجب
إعلام المديون بالاحتساب عليه،
ولو وكّله الغارم في أخذ الزكاة جاز له أخذها مقاصّة مع حصول شرط المقاصّة.
ولا فرق في جواز الاحتساب بين كون الغريم حيّاً أو ميّتاً.
يجوز الحمل في
الطواف والسعي ، واختلف الفقهاء في احتساب الطواف والسعي للحامل والمحمول على أقوال:
منها: أنّه يحتسب لهما مطلقاً.
ومنها: إن كان
الحمل بأُجرة لم يحتسب للحامل مطلقاً، وإلّا يحتسب لهما.
حيث قال: «وإن كان الحمل بأُجرة على إشكال».
ومنها: أنّه لو استؤجر للحمل في الطواف أجزأ عنهما، وإن استؤجر للطواف لم يجز عن الحامل.
يستحبّ لصاحب الدّين إذا أهدى له المدين
هدية لم تكن قد جرت بها عادته أن يحتسبها من الدّين.
يحتسب من جملة أموال المفلّس معوّضات الدّيون،
كما يحتسب أعواضها منها،
وكان أربابها
بالخيار بين الرجوع بنفس المعوّضات والرجوع بعوضها.
يحتسب من تركة
الميّت الدّية في
الخطأ والعمد إن قبلها الوارث، ويُقضى دينه منها.
يحتسب التالف في مال
القراض بعد دورانه في
التجارة من
الربح وقاية لرأس المال، وفي التالف قبل الدوران في التجارة كلام وإشكال.
وصرّح بعضهم ببطلان
المضاربة عندئذ.
يحتسب الزيادات العينية في مال القراض كالثمرة والنتاج وغيرهما من الربح.
اختلف الفقهاء في كيفيّة احتساب منجزات المريض من
الهبة والوقف وما شابههما في المرض المتصل بالموت على قولين: الأوّل احتسابه من أصل المال مطلقاً.
الثاني احتسابه من أصل المال مع
إجازة الورثة وإلّا فمن الثلث.
وهو المنسوب إلى جماعة من المتقدّمين وعامّة المتأخّرين.
إذا كان للزوج على زوجته دين وكانت ممتنعة من أدائه جاز له أن يقاصّ النفقة الواجبة عليه يوماً فيوماً إذا كانت موسرة، ولو لم تكن ممتنعة من وفاء الدّين لم يكن له المقاصة؛ لأنّ تعيين الدّين من مالها موكول إليها، ولو كانت معسرة بحيث لا تملك قوتها من غيرها لم يجز له المقاصّة أيضاً؛ لأنّ قضاء الدّين إنّما يجب فيما يفضل عن القوت والمقاصّة تابعة لوجوب الأداء، ولو رضيت بالمقاصّة مع
إعسارها لم يكن له الامتناع إذا لم يتوجّه إليه ضرر بالقبول.
المرأة الحرّة المستقيمة الحيض تعتدّ بثلاثة أقراء، ولو طلّقها زوجها وحاضت بعد
الطلاق بلحظة احتسبت تلك اللّحظة قرءاً ثمّ أكملت قرءين آخرين، وإذا رأت الدّم الثالث خرجت من العدّة.
المشهور أنّ كلّ حكم قيّد في
الشريعة بالسنة أو العام أو الشهر فإنّه يحتسب سنة هلالية أو شهراً هلالياً.
ولا يحمل على السنين والشهور الشمسية؛
لأنّ ذلك هو المعهود في نظر الشرع، قال اللَّه تعالى:«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ...».
بل صريح بعضهم أنّ الأمر كذلك في
إطلاق السنة والشهر في لسان أهل العرف
عند عدم قيام قرينة معيّنة؛ لأنّها
السنة الشرعية - كما في
المبسوط ، أو لأنّها أغلب
استعمالًا وأظهر عند العرف فتحمل عليها- كما في
التذكرة أو لأنّها
الأصل في الشهر والسنة- كما في
الجواهر ونشير إلى بعض تطبيقاتهما فيما يلي:
فمن الشرع:
۱- اعتبار حلول الحول في تعلّق الزكاة
بالأنعام الثلاثة
والذهب والفضة شرعاً.
۲- مضيّ خمس عشر سنة هلالية على الذكر وتسع سنين كذلك على الانثى في تحقّق
البلوغ .
۳- اعتبار مضي شهر- متردداً في الإقامة وعدمها- للمسافر في إتمام صلاته وقد ورد في بعض نصوصه الشهر
وفي بعضها ثلاثين يوماً
ولذلك حكم بعضهم بالأوّل حملًا للثلاثين على الشهر الهلالي
وبعضهم بالثاني حملًا للمطلق على المقيّد.
۴- وجوب
الجهاد الابتدائي في زمان
المعصوم كلّ عام مرّة على الأقل.
۵- اعتبار الفحص أربع سنين عن حال الغائب في
طلاق زوجته إذا رفعت أمرها إلى الحاكم، فلو لم يجده بعد مضي أربع سنين من هذا الحين يفرق بينهما
وتعتدّ عدة
الوفاة .
۶- أداء
دية القتل الخطأ في ثلاث سنين إذا أدّاه نفس القاتل لعدم
العاقلة .
۷-
صيام شهرين متتابعين من خصال
الكفّارة .
ومن العرف:
ما لو قال
الموجر : آجرتك داري سنة كلّ شهر بدينار فلو وقعت
الإجارة في أوّل الشهر الهلالي فتحمل السنة والشهور على الهلاليّة قطعاً- مع عدم قرينة معيّنة-، وأمّا لو وقعت في وسط الشهر ففي لزوم اعتبار جميع الشهور بالعدد أو في خصوص الأوّل والأخير فيتم الأوّل من الأخير بالثلاثين أو غير ذلك وجوه، كما صرّح به صاحب
العروة في نظير المقام.
أو قال: أنت حرّ أو أنت طالق بعد شهر أو سنة فلو كان في أوّل الشهر يحتسب هلالياً وإن كان في وسط الشهر فكما مرّ، وقد صرّح
الشيخ في المبسوط باحتساب الأواسط هلالية والأوّل والأخير بالثلاثين تلفيقاً.وكذلك الكلام بالنسبة
للنذر والإقرار وغيرهما من
المعاملات القابلة للتقييد بالشهر والسنة
وأمثالهما.
إذا وقع
الإيلاء على المطلّقة الرجعيّة فصريح جماعة احتساب مدّة الإيلاء من زمان العدّة
ولكن هذا بناءً على أنّ مبدأها من حين الإيلاء، وأمّا على القول بأنّها من حين
المرافعة فلا؛ ضرورة أنّه ليس لها المرافعة ما دامت في العدة؛ لأنّها لا تستحق عليه
الاستمتاع ، فلا يحتسب منها- أي من مدّة الإيلاء- شيء من العدّة.
وكذا الحكم لو طلّقها رجعيّاً بعد الإيلاء وراجع.
خلافاً للشيخ الطوسي في المبسوط
والعلّامة الحلّي في
التحرير .
جنون المُؤلي بعد ضرب المدّة لا تمنع من احتساب المدّة عليه، وإن انقضت المدّة وهو مجنون تربّص به حتى يفيق.
نسب إلى الأكثر احتساب زمان الردّة عن ملّة من مدة الإيلاء التي تضرب له،
خلافاً للشيخ الطوسي حيث حكم بعدم الاحتساب.
ذهب الأكثر إلى أنّه يجب على المولى احتساب مال
الكتابة من الزكاة إذا كان عليه زكاة،
وصرّح بعض باستحباب ذلك.
يحتسب قيمة
المدبّر والمدبّرة من ثلث مال الميّت،
فإن خرجا منه وإلّا تحرّر منهما بقدر الثُّلث.
يحتسب قيمة
العبد الموصى بكتابته من ثلث مال الميّت.
لا يحتسب مال الكتابة من جملة التركة إذا أوصى بكتابة عبده واختار العبد الكتابة وأدّى المال، بل يكون حقّاً خالصاً للورثة، فلا يشمله الوصيّة بالثلث.
لا يجوز
إطعام الصّغار منفردين، ويجوز منضمين، فإن انفردوا احتسب كل اثنين بواحد.
اختلف فقهاؤنا في أنّ الحبوة
للولد الأكبر هل هي واجبة له وأنّه لا يجوز للورثة
الامتناع منها أو تستحب؟ وعلى كلّ حال اختلفوا في جواز احتساب قيمتها عليه وعدمه.فالظاهر من بعضهم أنّ الحبوة تؤخذ مجّاناً وأنّه لا حقّ لغير الولد الأكبر فيها لا عيناً ولا قيمة
وهو المنسوب إلى المشهور.
والظاهر من جماعة
انحصار حقّ الولد في العين دون القيمة فحينئذٍ يجوز للورثة احتساب قيمتها عليه.
وظاهر بعضهم التوقّف عن الحكم.
وهو المعبّر عنه بقصد
القربة ، وهذا واجب في العبادات كالصلاة والزكاة والصوم
والحجّ وغيرها ممّا صرّحوا به في
الفقه ، ومندوب في كل ما يمكن فعله احتساباً للَّه تعالى.ونشير إلى بعض ما ورد بهذا التعبير- أي الاحتساب- في لسان الفقهاء
والروايات :
قال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مؤمن يصوم شهر
رمضان احتساباً إلّا أوجب اللَّه تبارك وتعالى له سبع خصال...».
وفي
حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «شهر رمضان شهر فرض اللَّه عليكم صيامه، فمن صامه
إيماناً واحتساباً خرج من
ذنوبه كيوم ولدته امّه».
الصبر على الفقر احتساباً عند اللَّه، فعن كميل بن زياد قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: «يا
كميل لا تُري الناسَ
افتقارَك واضطرارك ، واصبر عليه احتساباً تعرف بستر».
فعن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:... «من صبر على سوء خلق امرأته احتساباً أعطاه اللَّه تعالى بكلّ مرّة يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى
أيوب عليه السلام على
بلائه ».
فعن
قدامة بن مالك عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من زار
الحسين احتساباً لا أشراً ولا بطراً ولا
رياءً ولا سمعةً محّصت عنه ذنوبه كما يمحّص الثوب في الماء، فلا يبقى عليه دنس، ويكتب له بكلّ
خطوة حجّة، وكلّما رفع قدماً
عمرة ».
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۴۷-۵۸.