الاستمرار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
التلاحق والدوام بالاتصال.
الاستمرار لغة: دوام من دون
انقطاع ، يقال: استمرّت الجلسة إذا بقت طويلًا،
واستمرّ الشيء: إذا مضى على طريقة واحدة، واستمرّ بالشيء إذا قوي على حمله،
وقال
الليث : «كلّ شيء قد انقادت طريقته فهو مستمرّ».
ولا يخرج استعمال
الفقهاء للاستمرار عن
معناه اللغوي .
وهي بمعنى طلب دوام
الأمر أو الفعل، يقال: داومه أو
أدامه أو
استدامه ، إذا طلب دوامه.
تعرّض الفقهاء للأحكام المرتبطة بالاستمرار في أبواب
الطهارة والصلاة والصوم والاعتكاف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
يعتبر استمرار
النيّة شرطاً في صحّة
العبادات كالطهارات الثلاث والصلاة والصوم، فلا يصحّ العمل العبادي من
المكلّف إلّاإذا استمرّت نيّته إلى نهاية العمل على
الإتيان به قربةً إلى اللَّه تعالى.والمراد من استمرار النيّة في العبادات أن لا يأتي المكلّف بنيّة تخالف النيّة في أوّل العمل.
اعتبر الفقهاء في صحّة الاعتكاف استمرار
اللبث في
المسجد ثلاثة أيّام فصاعداً، فلا يصحّ أقلّ منها،
بلا خلاف في ذلك
نصّاً وفتوى ،
بل عليه
الإجماع .
ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع
الروايات ، ففي
صحيحة أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام...».
وفي رواية
داود بن سرحان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:«الاعتكاف ثلاثة أيّام يعني: السنّة».
وفي خبر
أبي عبيدة عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «من اعتكف ثلاثة أيّام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيّام اخر وإن شاء خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيّام».
وغيرها من الروايات.
وعليه فمن نذر اعتكافاً مطلقاً وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيّام مستمرة؛ لأنّها أقلّ ما يتحقّق به
المطلق المزبور، وله أن يأتي بالأزيد.
يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون هناك
إصرار على
ارتكاب المنكر أو ترك المعروف،
بمعنى أنّه إمّا أن يكون فاعلًا بالفعل للمنكر وتاركاً للمعروف، أو مريداً لاستمرار فعل المنكر وترك المعروف.
والمراد بالاستمرار ما يعمّ
الاتصال والمداومة وعدم
الانقطاع في الفعل الواحد المتصل،
كغصب دار الغير مثلًا أو الارتكاب ولو مرّة اخرى لا الدوام، فلو شرب
مسكراً وقصد الشرب ثانياً صدق الاستمرار
والاصرار ووجب النهي.
من استمرّ به
المرض من شهر
رمضان إلى شهر رمضان آخر سقط
قضاؤه وكفّر عن كلّ يوم من السالف بمدّ من الطعام على
المشهور ؛
للأخبار المستفيضة، كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض ولا يصحّ حتى يدركه شهر رمضان آخر، قال: «يتصدّق عن الأوّل ويصوم الثاني...».
وخالف في ذلك
ابن بابويه والعلّامة حيث اختارا القضاء وعدم
الكفّارة ؛ لعموم قوله تعالى: «وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ».
اتّفق الفقهاء على أنّ أقلّ الحيض ثلاثة أيّام فلا يحكم بحيضيّة الناقص عنها، ولكن اختلفوا في اشتراط الاستمرار والتوالي في الثلاثة وعدمه حيث اشترط ذلك المشهور،
بل نسبه بعض
المعاصرين إلى
الشهرة العظيمة.
وذهب
الشيخ الطوسي والقاضي
ابن البرّاج وجملة من
المتأخّرين إلى عدم الاشتراط مدّعين كفاية وقوعها متفرّقة بين
الأيّام العشرة من دون توالٍ واستمرار.
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۲۱۴-۲۱۷.