الارتداد (أحكام المملوك المرتد)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الارتداد (توضيح) .
تتعلّق بالمملوك المرتدّ أحكام، إجمالها ما يلي:
لا خلاف ولا
إشكال في صحّة بيع
العبد المرتدّ إذا كان عن ملّة،
واستدلّ له العلّامة في
التذكرة بعدم تحتّم قتله، واحتمال رجوعه إلى الإسلام.
كما لا خلاف في صحّة بيع
الأمة المرتدّة وإن كانت عن فطرة؛
لعدم وجوب قتلها
بالارتداد مطلقاً، ووجوب الحبس- إن أثبتناه في حقّها- لا ينافي الملكيّة
والانتفاع .
وإنّما وقع البحث والخلاف في العبد المرتدّ عن فطرة، فذهب
الشهيد والمحدّث البحراني إلى عدم جواز بيعه،
وهو قول العلّامة على إشكال في
التحرير واستوجهه
المحقّق النجفي بناءً على عدم قبول توبته» ووجوب قتله المنافي لجواز البيع.ولكن نوقش فيه بأنّ المعرضيّة للقتل لا تمنع من جواز بيعه وإلّا يلزم القول بعدم جواز بيع العبد المريض المشرف على
الموت ولا قائل به، وبأنّ هذا الوجه إنّما يصلح للمانعيّة إذا حصل الجزم بالقتل لا مطلقاً، فالدليل أخصّ من المدّعى.
وذهب آخرون إلى جواز بيعه؛ لبقاء الملك.
وقد يظهر ذلك من رهن
المبسوط،
ذهب الأكثر إلى أنّه يصحّ رهن العبد المرتدّ وإن كان عن فطرة؛
لعموم أدلّة
الرهن مع عدم المانع؛ إذ ليس المانع إلّا الارتداد، وهو ليس بمانع؛ إذ قد لا يقتل وإن وجب قتله، ولم يخرج عن الملك فيباع في
الدين .
ولكنّ
العلّامة اختار الصحّة في القواعد على إشكال،
وفصّل في
المختلف والتذكرة بين المرتدّ إذا كان عن فطرة فلم يصحّ رهنه، وبين المرتدّ عن ملّة فيصحّ،
وهو الأصحّ عند فخر المحقّقين؛
وذلك لأنّ الفطري واجب القتل لا يحلّ
ابقاؤه ، فلا يجوز رهنه، وأمّا الملّي فلأنّه لم يخرج عن الملك بالارتداد فصحّ رهنه كغيره.
هذا كلّه في الرجل المرتد، وأمّا الأمة المرتدّة فيصحّ رهنها مطلقاً لنفس ما تقدّم في بيعها.
إذا كاتب المولى عبده المرتدّ صحّ عند الشيخ
والقاضي؛
استناداً إلى أنّها عقد معاوضة والمرتدّ يصحّ منه ذلك.هذا، مع أنّ الشيخ نفسه ذهب إلى عدم صحّة
مكاتبة العبد الكافر؛ استناداً إلى قوله تعالى: «فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً»،
وهذا لا خير فيه، ولقوله تعالى: «وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ»،
وهذا ليس من أهله؛ لأنّ ذلك من
الصدقة، وليس الكافر من أهلها.
ولذلك اورد عليه بأنّ هذين القولين من الشيخ متنافيان؛ إذ لا فرق بين المرتدّ والكافر في المنع والجواز، ودليلاه في الكافر آتيان في المرتدّ، فإن صحّا هناك صحّا هنا، وإن بطلا هناك بطلا هنا،
بل البطلان هنا أولى؛ لعدم
إقراره على ردّته.
وكذا يمكن أن يقال: إنّ
المرتدّ الفطري ينتقل بالارتداد أمواله، وعليه فما ملكه بالمكاتبة من رقبته ينتقل منه إذا كان الارتداد بعد المكاتبة، فليس له مال ليجعله قبال
عتقه .
قال العلّامة: «لو أعتقه ( المرتدّ) بعد رجوعه إلى
الإسلام فإن كان عن غير فطرة أجزأ، وإن كان عن فطرة فالوجه عدم
الإجزاء ».
وذهب المحقّق النجفي إلى القول بالصحّة مطلقاً؛ مستدلّاً عليه بأنّ مقتضى إطلاق الأدلّة وعمومها الصحّة؛ لأنّ وجوب القتل عليه حدّاً لا يخرجه عن الملكيّة، ولا عتقه ينافي إقامة
الحدّ عليه.
والبحث عن صحّة عتق المملوك المرتد في
الكفّارة ، أو مطلقاً موكول إلى مصطلح (عتق، كفّارة).
إذا ارتدّ العبد المدبّر لم يبطل تدبيره، إلّا أن يلتحق بدار الحرب، كما ذكره
الشيخ الطوسي والمحقّق والعلّامة الحلّيان وغيرهم،
بل لا خلاف في ذلك،
إلّا ما حكي عن
الإسكافي من اختياره بطلان التدبير بالارتداد.
واستدلّ لعدم
البطلان بالأصل وعمومات صحّة التدبير، وللبطلان إذا التحق بدار الحرب بما روي من أنّ إباق المدبّر يبطل تدبيره.
ويظهر من إطلاق عباراتهم- كصريح المحقّق النجفي
- عدم الفرق في ذلك بين المرتدّ الفطري والملّي. خلافاً للشيخ في الخلاف حيث قيّده بالمرتدّ الذي يستتاب؛
ولعلّه لأنّه يقتل في الفطري فكأنّه بطل تدبيره.
ولكنّه من الواضح أنّ وجوب قتله لا يمنع عن صحّة التدبير، بل حاله حال موت العبد المرتدّ بعد التدبير.
وكذلك يمكن أن يقال بجواز تدبير العبد المرتدّ أو الأمة المرتدّة؛ تمسّكاً بإطلاق أدلّة التدبير، ولا ينافي ذلك وجوب قتله إذا كان فطريّاً؛ لما تقدّم من عدم التمانع بينهما، غاية الأمر إذا قتل قبل موت المولى ينتفى أثر التدبير، كما إذا مات العبد المدبّر قبل موت مولاه.بل يستفاد ذلك أيضاً من القول بجواز تدبير العبد الكافر، كما ذهب إليه الشيخ والعلّامة
- في بعض كتبه- بناءً على صحّة عتق العبد الكافر، وعدم
اشتراط نيّة القربة في التدبير، وجواز التقرّب بالكافر.
لو ارتدّ العبد في يد الغاصب فقتل في يد المالك أو قبل ردّه إليه فإنّ الغاصب يضمن القيمة كما صرّح به العلّامة وغيره،
بل ظاهر المحقّق النجفي عدم الخلاف فيه؛
لثبوت القتل عليه في يده والفرض
ضمانه ، فيضمن تلفه غير مستحقّ عليه القتل.وقد يشكل عليه- كما في
القواعد - بأنّ المفروض أنّ تلفه في يد المالك غير مضمون على الغاصب، فلا يكون عليه سوى
أرش نقصه؛ لأنّ وصول العين إلى المالك موجب لبراءته منها، كما يأتي فيما إذا ارتدّ في يده ومات في يد المالك.ولكن اجيب عن ذلك بما مرّ من أنّ سبب القتل في يد الغاصب وهو مضمون عليه، فهو بمنزلة
الجناية التي تسري في يد المالك،
هذا.
وأمّا لو غصبه مرتدّاً فقتل في يده فذهب العلّامة في
التذكرة والمحقّق الكركي وبعض آخر إلى أنّه يضمنه مستحقّاً للقتل؛
ضرورة عدم خروجه بالارتداد ولو فطرياً عن الملك فله قيمته وهو مستحقّ القتل.ولكن توقّف العلّامة في القواعد، حيث قال: «ففي الضمان على الغاصب نظر».
ومنشأ ذلك: من سبقِ
استحقاق القتل في يد السيّد فلا يكون مضموناً على الغاصب، ومن أنّه تجدّد في يد الغاصب وليس من لوازم الاستحقاق في يد السيّد الوقوع، فإذا تجدّد في يد الغاصب التي هي محكومة بكونها يد ضمان وجب أن يكون مضموناً.ثمّ الظاهر أنّه لا فرق بين الردّة الفطريّة وغيرها،
خلافاً لفخر المحقّقين حيث قال: «والتحقيق: أنّ الردّة إن كانت عن فطرة لم يضمنه الغاصب؛ لأنّه في حكم الميّت، وإن كان عن غير فطرة لم يخرج عن ملكه قبل القتل...».
وكذا لو ارتدّ العبد في يد الغاصب ثمّ مات في يد المالك من غير قتل فإنّه يضمن الأرش خاصّة؛
لحصول نقص القيمة بالارتداد، ولكن حيث لم يكن تلفه مسبّباً عمّا حدث في يد الغاصب، فلا يكون عليه سوى الأرش.
وعلّق عليه
السيد العاملي بقوله: «وهو يتمّ في الملّي، وأمّا الفطري فيضمن قيمته تامّة على المختار».
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۴۳۷-۴۴۲.