الاستيلاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو وضع اليد على الشيء أو المال.
الاستيلاء في اللغة: وضع اليد على الشيء، والتمكّن منه،
والغلبة عليه.
ولم يستعمله
الفقهاء في غير ذلك.
وهو في اللغة: أخذ شيء من الغير ظلماً وعدواناً.
وعرّفه الفقهاء بتعاريف متعدّدة، كالاستيلاء على مال الغير بغير حقّ،
أو الاستيلاء على حقّ الغير عدواناً
بغير حقّ،
وغير ذلك من التعاريف التي يستفاد منها كون
الغصب أضيق دائرة من الاستيلاء؛ لاختصاصه بما إذا كان بغير حقّ، بينما يشمل الاستيلاء ما كان بحقّ أيضاً.
تستعمل اليد ويراد بها الاستيلاء على الشيء
وحيازته ، وقد تكون موجبة
للضمان عند وضعها على مال الغير بدون
إذنه ،
كما قد تكون موجبة للتملّك- كما في
المباحات الأصليّة
- وهي في نفس الوقت أمارة على
اختصاص صاحب اليد بالمال.
وهي في اللغة: كلّ فائدة مكتسبة،
أو كلّ ما اصيب من أموال
أهل الحرب وأوجف عليه
المسلمون بخيل وركاب.
وفي الاصطلاح: كلّ ما اخذ من
الكفّار بقتال، في مقابل ما اخذ بغير قتال، المسمّى
بالأنفال .
وهو جعل الشيء في
الحرز والموضع.
ويستعمل في
الاصطلاح في الحيازة، والنيل منه.
لا يجوز الاستيلاء على مال الغير
والتصرّف فيه بغير إذنه غصباً وعدواناً؛
لقوله عليه السلام: «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه»،
ولقيام
السيرة على ذلك.
وهذا
الحكم يجري في حقّ
الحاكم أيضاً، فلا يجوز له الاستيلاء على مال الغير بمجرد غيبته،
قال
الشهيد الثاني : من القواعد المقرّرة في بابها أنّ
الودعي ليس له دفع الوديعة إلى الحاكم مع إمكان الوصول إلى المالك، ولا مع غيبته إلّامع
الضرورة ، فإنّ ولاية الحاكم ليست
كولاية المالك مطلقاً، بل هي منوطة بالحاجة والمصلحة.
وأمّا المباحات الأصلية فيجوز الاستيلاء عليها والتصرّف فيها، كالماء والكلاء وغيرهما؛ لأصالة الإباحة،
وللإجماع ،
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحقّ به».
إلّاأنّ هذا الكلام لا يمكن الأخذ به بناءً على أنّ
الأصل في الأشياء الحظر إلّا ما قام على خلافه دليل.
هذا في المباحات الأصليّة. وأمّا في الأنفال
كالأراضي الموات والمفاوز وسيف البحار ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام فلا يجوز الاستيلاء عليها من دون إذن
الإمام عليه السلام.
يملك المسلم أموال
الكفّار الحربيّين بمجرّد الاستيلاء عليها في الحرب عند
أصحابنا ، بل في غير الحرب أيضاً.
وكذا يملك المستولي ما حازه من المباحات الأصلية، كالماء والكلاء والأشجار والأنهار؛
لقوله تعالى: «خَلَقَ لَكُم مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً»،
مع اختلافٍ في اشتراط الاستيلاء بنية التملّك وعدمه،
وقد ادّعي ظهور اشتراطه من قوله عليه السلام: «من حاز مَلَك»، لم نعثر على حديث بهذا اللفظ لا في كتب العامّة ولا الخاصّة. نعم، الموجود في بعضها: «للعين ما رأت ولليد ما أخذت».
وقول
الإمام الصادق عليه السلام في حديث
يونس بن يعقوب : «... من استولى على شيء منه فهو له».
قال
المحقّق النجفي : «نعم، ظاهر قوله عليه السلام: من أحيى، أو حاز، أو نحوهما
اعتبار قصد الفعل بعنوان الاستيلاء عليه،
والإدخال تحت سلطانه الذي هو الملك عرفاً في ترتّب الملك شرعاً، فهو حينئذٍ من
الأسباب الشرعيّة في حصول الملك».
وأمّا الأرض الموات فلا تملك بمجرد الاستيلاء عليها، بل لابدّ من
إحيائها .
قال
الشهيد الأوّل : «موات
الشرك كموات
الإسلام ، فلا يملك الموات بالاستيلاء وإن ذبّ عنه الكفّار، بل ولا تحصل به الأولوية، وربما احتمل الملك أو الأولوية تنزيلًا للاستيلاء كالإحياء أو
كالتحجير ، والأقرب المنع؛ لأنّ الاستيلاء سبب في تملّك المباحات المنقولة أو الأرضين المعمورة، والأمران منتفيان هنا».
وتردّد [[|العلّامة]] في
القواعد .
لكنّ المحقّق النجفي اعتبر تردّده واضح البطلان؛ وعلّله بأنّ «استيلاء الطائفة إن كان بإذن الإمام عليه السلام فهو من
المفتوح عنوة ، ومواته للإمام عليه السلام إجماعاً، وإلّا فهو
غنيمة بغير إذنه، (ويكون) للإمام عليه السلام أيضاً
إجماعاً ».
والاستيلاء كما يكون سبباً
للملكية يكون كاشفاً عنها أيضاً، فلو مات كلا الزوجين- مثلًا- مع
الجهل بتقدّم موت أحدهما على الآخر، وكانت لكلٍّ منهما أموال مخلوطة مع أموال الآخر، فإنّ استيلاءهما على المال يكون حينئذٍ كاشفاً عن ملكيتهما له، فيعطى ما كان مختصّاً بالرجل
لورثته ، وما كان مختصّاً بالمرأة لورثتها.
وقد ورد في هذه المسألة بالخصوص قول الصادق عليه السلام في رواية يونس بن يعقوب: «... من استولى على شيء فهو له».
ولابدّ في
أماريّة الاستيلاء على الملكية من احتمال نشوئه من سبب مملّك، فلا يكون كاشفاً عنها إذا علم بنشوئه من غصب أموال الآخرين مثلًا.
يضمن المستولي المال إذا كان قد استولى عليه بغير
إذن صاحبه ؛
وذلك بمقتضى أصالة
الضمان ،
واليد، وقيام
السيرة على ذلك، سواء كان المستولي عالماً بكون المال للغير أو جاهلًا به، وسواء كان صغيراً أو كبيراً،
عاقلًا أو
مجنوناً .
ومن هنا ذكر بعضهم أنّ الاستيلاء موجب للضمان حتى مع عدم صدق عنوان
الغصب ، كما لو أذن الغاصب لغيره في سكنى الدار مع جهل المأذون له بالغصب، فإنّه يكون ضامناً له بسبب استيلائه عليه بغير حقّ، فهو كالغاصب في ضمان العين والمنفعة؛ لعموم
قاعدة اليد وإن لم يطلق عليه غاصباً في
الاصطلاح .
لكن هناك من نفى ثبوت الضمان في هذه الصورة، إلّاأنّه لا وجه له برأي المحقّق النجفي، إلّاأن يراد به نفي الضمان من جهة الغصبيّة، وإثباته من جهة اخرى، كاليد ونحوها.
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۴۰۰-۴۰۳.