حرمة الاكتساب بالأعيان النجسة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأعيان النجسة حرام كالخمر والأنبذة و...والاكتساب بها حرام أيضا.
(الأوّل : الأعيان النجسة،
كالخمر ) المتّخذ من العنب.
(والأنبذة) جمع نبيذ، وهو الشراب المتّخذ من
التمر ، ويلحق بهما غيرهما من الأنبذة كالبِتع والمِزر والجعَة والفضيخ-البتْع هو النبيذ المتّخذ من العسل. والمِزر يتّخذ من الذرّة. والجِعَة يتّخذ من الشعير. والفضيخ يتخذ من البسر.
وضابطها
المسكر وإن لم يكن مائعاً، كالحشيشة، مطلقا، أو إن لم يفرض لها نفع آخر محلّل وقصد ببيعها المنفعة المحلّلة كما قيل.
وفيه نظر؛ لعموم أدلّة المنع.
(
والفقاع ) وإن لم يكن مسكراً؛ لأنه خُميرة استصغرها الناس.(والميتة) مطلقاً (والدم) كذلك (والأرواث،
والأبوال مما لا يؤكل لحمه) شرعاً ولو أُكل عادةً.فيحرم التكسب بجميع ذلك، بلا خلاف في شيء منه، بل عن المنتهى
إجماع أهل العلم في الأوّل والرابع والخنزير.
وفي
السرائر والغنية إجماعنا على الثالث
وفي المسالك وعن التذكرة على الآخرين.
والنصوص مع ذلك بالأوّل مستفيضة، منها : «لعن رسول صلى الله عليه وآله وسلم الخمر وعاصرها» إلى أن قال : «وبائعها ومشتريها»
الخبر. ومنها : «
السحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر».
ومنها : «السحت أنواع» وعدّ منها ثمنها.
وبها يستدل على حكم تالييها؛ نظراً إلى إطلاق الخمر عليهما في المعتبرة المستلزم لكونهما إمّا منها حقيقة، أو مشاركين لها في الأحكام التي ما نحن فيه منها.مضافاً إلى الصحيح في الأوّل : «السحت أنواع كثيرة» وعدّ منها «ثمن الخمر والنبيذ المسكر».
ومن الخبر الثاني وغيره
يظهر الحكم في الرابع.
ويستدل له وللخامس والبواقي بالخبرين، أحدهما الرضوي، وفيه :«إن كلّ مأمور به ممّا هو صلاح للعباد، وقوام لهم في أُمورهم، من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون فهذا كلّه حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته، وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه
وإمساكه لوجه الفساد، مثل الدم، والميتة، ولحم الخنزير، والربا، وجميع الفواحش، ولحوم
السباع ، والخمر، وما أشبه ذلك فحرام ضارٍّ للجسم» انتهى.
ونحوه الثاني المروي عن تحف العقول ورسالة المحكم والمتشابه للمرتضى بزيادة : «أو شيء من وجوه النجس» بعد الخمر، والتعليل بـ «أنّ ذلك منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه، فجميع تقلّبه في ذلك حرام»
الحديث، وهو طويل متضمن لوجوه المكاسب.وقصور سنده كباقي الروايات، مع
اعتبار سند بعضها غير ضائر بعد العمل بها، وخلوّها عن المعارض، سوى
الأصل والعمومات المخصَّصين بها.وبعض الروايات في الميتة، الدالّ بظاهره على جواز بيع ما يتّخذ من جلودها للسيوف وشرائها
شاذّ، قاصر السند، ضعيف الدلالة والتكافؤ لما مرّ من وجوه عديدة، فالاستشكال في المسألة غفلة واضحة.
ونحوه
الاستشكال في المنع عن بيع عذرة غير
الإنسان مطلقاً ولو كان غير مأكول اللحم، بل عذرته أيضاً لو انتفع بها؛ لنفي البأس عن بيع جميعها في بعض الأخبار.
لاندفاعه كالأصل، والعمومات بما مرّ، وزيادة معارضته بصريح الخبر : «ثمن العذرة من السحت»
والمرجحات معه، أوجهها عدم الخلاف فيه، بل الوفاق عليه كما مرّ . ولا ينافيه حمل الاستبصار الأوّل على ما عدا عذرة الإنسان،
الشامل لعذرة ما لا يؤكل لحمه من البهائم؛ لأن مثل ذلك لا يعدّ فتوى له، وإلاّ لما انحصر فتاواه في عدٍّ.
مع احتمال أن يريد به عذرة مأكول اللحم خاصة، فإنه يجوز
الاكتساب بها، كما هو ظاهر العبارة، وفاقاً للمرتضى والحلّي وأحد قولي الطوسي،
وأكثر المتأخّرين، بل لعله عليه عامّتهم؛ لطهارتها وجواز
الانتفاع بها، فيشملها الأصل والعمومات.مضافاً إلى الإجماع المحكي عن المرتضى،
والموثق المجوّز لبيعها ثانياً بعد المنع عنه أوّلاً،
بحمل الثاني على النجس، والأول على الطاهر، جمعاً، والشاهد ما مرّ من الإجماع وغيره.خلافاً للمفيد والديلمي،
فمنعا عنه وعن الأبوال إلاّ ما تضمّنه
الاستثناء الآتي؛
للاستخباث وعدم الانتفاع.
ولا دليل على ملازمة الأوّل للمنع بعد
إمكان الانتفاع به وجداناً. وبه يظهر وجه المنع عن الثاني.(وقيل :) كما عن
النهاية ،
وفي النسبة مناقشة؛ لتشويش العبارة (بالمنع من الأبوال) مطلقا خاصة (إلاّ بول
الإبل )
للاستشفاء مع الضرورة إليه للمنع : ما مرّ، وللجواز في المستثنى : الإجماع في الظاهر، وصريح النصوص : منها الموثق : عن بول البقر يشربه الرجل؟ قال : قال : «إن كان محتاجاً إليه يتداوى بشربه، وكذلك بول الإبل والغنم»
ومنها الموثق الآخر المروي في
الكافي والتهذيب في كتاب الحدود باب حدّ المحارب. (منه ;).
والخبر : عن شرب الرجل أبوال الإبل والبقر والغنم، ينعت له من الوجع، هل يجوز له أن يشرب؟ قال : «نعم لا بأس به».
(و) يحرم التكسّب بـ (الخنزير والكلب) إجماعاً، كما حكاه جماعة؛
وهو الحجة؛ مضافاً إلى صريح الرضوي وتاليه في الأول، وعموم الثاني من حيث تضمّنه المنع عن التقلّب بمطلق النجس في الثاني؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة فيه، منها : ما مرّ .
ومنها : الموثق بأبان المجمع على تصحيح رواياته وروايات فضالة الراوي عنه هنا، وفيه : «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت».
والخبر : «وثمن الكلب سحت، والسحت في النار»
وليس في سنده سوى سهل الثقة عند جمع،
وحكاه أيضاً عن بعض مشايخه المعاصرين. وسهل عند آخرين.
ونحوه آخر : عن ثمن الكلب الذي لا يصيد، فقال : «سحت، وأما الصيود فلا بأس».
==!==
ويستفاد منه صريحاً، ومن الموثق تقييداً
اختصاص المنع بما (عدا كلب الصيد) المعلّم، وهو إجماع أيضاً، كما في الغنية والمنتهى والمسالك،
وبذلك يقيّد ما أُطلق فيه المنع عن ثمن مطلق الكلب، مع اختصاصه بحكم
التبادر والغلبة بما عداه.وليس في النص والفتوى كما ترى التقييد بالسلوقي، كما في النهاية،
مع أنّ الأصل يدفعه، ولا وجه له أصلاً، ولذا رجع عنه في
المبسوط ، فأطلق.
(وفي
كلب الماشية والحائط) أي البستان، ونحوه الدار (والزرع قولان) للمنع كما في الشرائع والغنية وعن الخلاف والنهاية والمفيد والقاضي،
واختاره من المتأخّرين جماعة
ظواهر إطلاق المستفيضة المتقدمة، بل المتضمّنة منها لاستثناء كلب الصيد خاصّة وهي الموثقة وغيرها كالصريحة في العموم.
مضافاً إلى عموم المنع في رواية التحف عن كل نجس، وعموم النبوي : «إذا حرّم الله تعالى شيئاً حرم ثمنه»
وعن الخلاف الإجماع عليه أيضاً.
وللجواز كما عن الإسكافي والحلّي،
واختاره كثير ممن تأخّر
الأصل، والعمومات. ويخصّصان بما مرّ، وفيه المعتبر السند كما ظهر.
والاشتراك مع كلب الصيد في الانتفاع المسوّغ لبيعه قياس.
وما في المبسوط من الرواية على مماثلة الأوّلين له
لم نقف عليها فهي مرسلة، ومع ذلك عن
إفادة تمام المدّعى قاصرة.نعم في الصحيح : «لا خير في الكلام إلاّ كلب صيد أو ماشية»
وسياقه يعطي
الاتحاد مع الأوّل في الأحكام، ولا قائل بالفرق في المقام، لكن في الدلالة نوع كلام.وكيف كان فلا ريب أن الأحوط الأوّل.
•
الاكتساب بالمائعات النجسة،(و) يحرم التكسّب بـ (المائعات النجسة) بالذات، أو بالعرض مع عدم قبولها التطهير مطلقاً، ولو حصل لها نفع وأعلم بالنجاسة.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۳۰-۱۴۰.