الاكتساب بالمائعات النجسة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(و) يحرم التكسّب بـ (المائعات النجسة) بالذات، أو بالعرض مع عدم قبولها التطهير مطلقاً، ولو حصل لها نفع وأعلم بالنجاسة، إجماعاً كما في الغنية والمنتهى والمسالك
وغيرها؛ وهو الحجة، مضافاً إلى العمومات المتقدمة المانعة عن بيع النجس، والمعربة عن تحريم ثمن ما حرم أصله.
(عدا الدهن) بجميع أصنافه، فيجوز بيعه مع
الإعلام (لفائدة
الاستصباح ) للإجماع كما في الغنية وغيرها،
والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :
ففي الصحيح : «إذا وقعت
الفأرة في السمن فماتت، فإن كان جامداً فألقها وما يليها وكُلْ ما بقي، وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به، والزيت مثل ذلك».
وفيه جُرَذ مات في سمن أو زيت أو عسل، فقال : «أمّا
السمن والعسل فيؤخذ الجُرَذ وما حوله، وأمّا الزيت فيستصبح به»
وقال في بيع ذلك الزيت : «تبيعه وتبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به».
وليس فيها مع كثرتها التقييد بالاستصباح تحت السماء، كما عن الأكثر، بل في الروضة والمسالك أنّه المشهور،
وعن الحلّي
الإجماع عليه؛
ومستنده غير واضح سواه، فإن تمّ كان هو الحجة، وإلاّ
فالإطلاق كما عليه كثير من المتأخّرين
لا يخلو عن قوة، للأصل، وخلوّ النصوص عن القيد، مع ورودها في مقام بيان الحاجة، وكون أظهر أفرادها بالغلبة خلافه، لغلبة
الإسراج في الشتاء.
لكن الأحوط بل الأولى الأوّل؛
لاعتضاد الإجماع بالشهرة؛ وما ادّعاه في المبسوط من رواية الأصحاب
الصريحة في التقييد وإن اختار فيه خلافه، مع موافقته الأصحاب كما حكي في سائر كتبه وفي هذا الكتاب في المكاسب.
وأما ما علّل به من تصاعد شيء من أجزائه مع
الدخان قبل
إحالة النار له بسبب السخونة إلى أن يلقى الظلال فتتأثّر بنجاسته.فضعيف؛ فإنّ فيه بعد تسليمه أوّلاً : عدم جريانه في الأضلّة العالية، بل والقصيرة مع حصول الشك في
الملاقاة ، لأصالة الطهارة.وثانياً : عدم صلاحيته
لإثبات المنع إلاّ بعد ثبوت المنع عن تنجيس المالك ملكه، ولا دليل عليه، مع مخالفته الأصل، وإجماعنا المحكي هنا في الروضة وغيرها على عدم نجاسة دخان الأعيان النجسة.
ثم ظاهر العبارة كالجماعة وظواهر النصوص المتقدمة الواردة في بيان الحاجة
الاقتصار في
الاستثناء على الاستصباح خاصّة، خلافاً لمن شذّ،
فألحق به البيع ليعمل صابوناً، أو ليدهن به الأجرب؛ استناداً إلى الأصل، وصريح الخبر المروي عن نوادر الراوندي،
وحملاً للنصوص على النفع الغالب.
والأحوط الأول؛
لاندفاع الأوّل بعموم ما دلّ على المنع عن التكسّب به، خرج المجمع عليه وهو
البيع والشراء للاستصباح ويبقى الباقي.والثاني : بقصور السند.والثالث : بالضعف بالخلوّ عمّا عداه مع الكثرة، واعتضاده بفهم فقهاء الطائفة.وأما ما يقال في تعيين الاستصباح بالأمر به المستلزم للمنع عمّا عداه ولو من باب المقدّمة، فغير مفهوم بعد
الإجماع على عدم كون هذا
الأمر للوجوب، مع وروده مورد توهّم الحظر، وليس مفاده حينئذٍ إلاّ
الإباحة كما قرّر في محلّه.
(و) اعلم أنّ مقتضى الأصل المستفاد من العمومات المتقدّمة واختصاص النصوص المستثنية للاستصباح
بالدهن النجس بالمتنجّس منه : أنّه (لا) يجوز أن (يباع ولا يستصبح بما يذاب من شحوم الميتة وألياتها).
مضافاً إلى إطلاق المعتبرة المستفيضة المانعة عن الانتفاع بالميتة، ففي الصحيح : الميتة ينتفع بها بشيء؟ فقال : «لا».
وفي الخبر : «أن ما قطع منها ميّت لا ينتفع به».
وفي آخر : «لا ينتفع من الميتة
بإهاب ولا عصب»
فتأمل.
مع أن ظاهرهم
الاتفاق عليه كما قيل.
خلافاً للمحكي عن العلاّمة، فجوّز الاستصباح به حكاه في عن حواشي الشهيد عن العلاّمة.،
وتبعه من متأخّري المتأخّرين جملة؛
للأصل المخصّص بما مرّ؛ والروايات القاصرة الأسانيد الضعيفة هي كالأوّل عن المقاومة له.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۳۶-۱۴۰.