مسقطات خيار العيب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويسقط الردّ) بأُمور خمسة : (
بالبراءة من العيب) مطلقاً (ولو
إجمالاً ) كأن يقول : بعتك هذا بكل عيب، على الأشهر الأقوى، بل عليه في الغنية إجماعنا.
ولأنّ التبرّي الإجمالي يتناول كل عيب فيدخل تحته الجزئيات.ولتبايعهما على شرط التبرّي من كل عيب، فيثبت لهما ما شرطاه؛ لعموم قوله عليه السلام : «المؤمنون عند شروطهم»
وفي الوسائل: المسلمون عند شروطهم..
ولإطلاق المعتبرين، في أحدهما : «أيّما رجل اشترى شيئاً فيه عيب أو عوار ولم يتبرّأ إليه منه ولم يبيّن له، فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئاً وعلم بذلك العيب وبذلك العوار، أنه يمضي عليه
البيع ويردّ عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به».
وضعف سنده بموسى بن بكر على الأشهر مجبور بعمل الأكثر، وبرواية فضالة المجمع على تصحيح ما يصح عنه.
وفي الثاني : «المتاع بياع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي؛ فإذا نادى عليه تبرّأ من كل عيب فيه؛ فإذا اشتراه المشتري ورضيه ولم يبق إلاّ نقده الثمن فربما زهده، فإذا زهد فيه ادّعى فيه عيوباً أنّه لا يعلم بها، فيقول له المنادي : قد تبرّأت منها : فيقول المشتري : لم أسمع البراءة منها، أيصدّق فلا يجب عليه الثمن، أم لا يصدّق فيجب عليه الثمن؟ فكتب : «عليه الثمن»
فتأمّل.
خلافاً للمحكي عن الإسكافي والقاضي،
فلا يكفي التبرّي إجمالاً؛ للجهالة. والمناقشة فيها بعد ما عرفت واضحة.
وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق بين علم البائع والمشتري بالعيوب وجهلهما والتفريق، ولا بين الحيوان وغيره، ولا بين العيوب الباطنة و
في النسخ:الحادثة.وما أثبتناه أنسب. وعليه
الإجماع في صريح الخلاف والغنية وظاهر المسالك.
ولا بين الموجودة حالة العقد والمتجدّدة بعده حيث تكون على البائع مضمونة، وعليه الإجماع في التذكرة؛
وهو الحجة أيضاً مضافاً إلى العمومات، وأنّ الخيار بها ثابت
بأصل العقد وإن كان السبب حينئذٍ غير مضمون، فلا يرد كون البراءة ممّا لا يجب، مع أنّه لا دليل على المنع عنها كلّية ولو في نحو المسألة، فتأمّل.
(وبالعلم به) ممّن لولاه لثبت
الخيار له (قبل العقد) (وبالرضا) منه به (بعده) وأولى منه التصريح
بإسقاطه .بلا خلاف فيهما وفي السقوط بتأخير الردّ مع العلم بالعيب كما في الغنية؛
وهو الحجة.مضافاً في الأوّلين إلى الأصل،
واختصاص المثبت لهذا الخيار من النص والإجماع بغير محلّ الفرض، ومفهوم أوّل المعتبرين في الأوّل. إلاّ أنّ ظاهر أصحابنا المتأخّرين كافّة الخلاف في الثالث، فنفوا الفوريّة عن هذا الخيار من غير خلاف يعرف، كما صرّح به جماعة،
بل ربما احتمله بعضهم إجماعاً.
وهو أقرب؛
للاستصحاب ، وإطلاق النصوص، وخصوص بعضها كما
قيل. وحكاية الإجماع في الغنية
بمصير كافّة المتأخّرين إلى خلافه موهونة.
(وبحدوث عيب عنده) مضمون عليه، سواء كان حدوثه من جهته أم لا. واحترزنا بالقيد عمّا لو كان حيواناً وحدث العيب فيه في الثلاثة من غير جهة المشتري، فإنّه حينئذٍ لا يمنع من الردّ ولا الأرض؛ لأنّه مضمون على البائع.ولو رضي البائع بردّه مجبوراً بالأرض أو غير مجبور جاز. وفي حكمه ما لو اشترى صفقةً متعدّداً فظهر فيه عيب فتلف أحدهما، أو اشترى اثنان صفقةً وامتنع أحدهما من الردّ فإنّ الآخر يُمنع منه وله
الأرش وإن أسقطه الآخر، سواء اتّحدث العين أم تعدّدت، اقتسماها أم لا؛ لما مرّ من الأصل، واختصاص المثبت لهذا الخيار من الإجماع والنص بغير محلّ الفرض؛ مضافاً إلى حديث نفي الضرر، مع أنّه لا خلاف في ذلك سوى الأخير، كما يأتي.
(
وبإحداثه في المبيع حدثاً) يعدّ في العرف تصرّفاً (كركوب الدابة) ولو في طريق الردّ، ونعلها، وحلب ما يحلب، ولبس الثوب وقصارته، وسكنى الدار، ونحو ذلك ممّا يعدّ تصرّفاً.وينبغي تقييده بعدم قصد
الاختبار ونحوه ممّا دلّ على عدم الرضاء بالعقد وإمضائه، كما مضى في بحث الخيار .والأصل فيه بعد ما مرّ ثمة وعدم الخلاف فيه أوّل المعتبرين المتقدّمين، والمرسل كالصحيح المتقدّم ، لكنّه في الجملة، كالصحاح المستفيضة الآتية في وطء الأمة .
(و) إطلاقها يشمل (التصرّف الناقل) كالبيع ونحوه وغيره، والمغيّر للعين وغيره، عاد إليه بعد خروجه عن ملكه أم لا.(و) لا فرق فيه بين ما (لو كان قبل العلم بالعيب) أو بعده.خلافاً للمحكي عن
الطوسي في التصرف قبل العلم، فلم يسقط به الخيار؛
للأصل. ويندفع بما مرّ.وللخبر الأوّل، حيث جعل فيه العلم بالعيب قبل الحدث شرطاً لمضيّ البيع عليه به.
وفيه نظر؛ لتوقّفه على
اشتراط سبقه على الحدث في سقوط الخيار به. وليس بمعلوم، فيحتمل أنّ المراد أنّه لو أحدث فيه شيئاً ثم علم به لم يكن له الخيار، لا أنّ الحدث إذا كان بعد العلم ينفي الخيار فيستدلّ بمفهومه على أنّ الحدث قبله لا ينفيه، فتدبّر. ثم كلّ ذا في سقوط الردّ خاصّة بالخمسة، (وأمّا الأرش فيسقط بالثلاثة الأُول) خاصّة، بلا خلاف (دون الأخيرين) على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع في الغنية؛
استناداً إلى ما مرّ في الأوّل، وإلى استصحاب بقاء الأرش مع عدم المانع عنه من الرضا بالعيب وغيره في الثاني.
خلافاً لابن حمزة في الثاني من الثاني، وهو التصرّف إذا كان بعد العلم بالعيب، فأسقط به الأرش أيضاً؛ تمسّكاً بدلالته على الرضا بالعيب.
وهو كما ترى، مع أنّ ما مضى من
الأصل حجة عليه قطعاً. مضافاً إلى عموم النصوص بأخذ الأرش بالتصرّف، مع دون تقييد له بالواقع قبل العلم بالعيب.
رياض المسائل، ج۸، ص۳۸۰-۳۸۵.