أحكام إسلام الزوجين
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه، سواء كان قبل الدخول أو بعده؛ ولو أسلمت زوجته دونه، انفسخ في الحال، إن كان قبل الدخول ووقف على انقضاء
العدة إن كان بعده؛ ولو أسلم
الذمي وعنده أربع فما دون لم يتخير، ولو كان عنده أكثر من أربع تخير أربعا.
واذا اسلم زوج الكتابية دونها فهو علي نكاحه، سواء كان قبل الدخول او بعده دائماً كان
التزويج او منقطعاً، كتابياً كان الزوج او وثنياً، جوّزنا نكاحها للمسلم ابتداءً أم لا، اجماعاً.
للخبرين الآتيين فيمن اسلم عن خمس، الدالّين علي بقاء
نكاح الاربع، وانفساخ الزائد خاصّة.
ولاطلاق الصحيحين: عن رجلهاجر وترك امراته في المشركين، ثم لحقت بعد ذلك، ايمسكها بالنكاح الاول؟ قال: «بل يمسكها وهي امراته»،
وينبغي تقييدهما بالكتابية؛ للمعتبرة الآتية.
ولو اسلمت زوجته اي
الكافر دونه، انفسخ النكاح في الحال، ان كان
الإسلام قبل الدخول لعدم
العدّة، وامتناع كون الكافر زوجاً للمسلمة.
ولا مهر لها؛ لمجيء الفرقة من قبلها، وللصحيح: في نصراني تزوّج نصرانية، فاسلمت قبل ان يدخل بها، قال: «قد انقطعت عصمتها، ولا مهر لها، ولا عدّة عليها منه».
والخبر المثبت للمهر
مع قصور سنده، وعدم مكافاته لما تقدّم شاذّ لا تعويل عليه. وبفحواه يستدلّ لحكم
الوثني.
ووقف الفسخ علي انقضاء العدّة
عدّة الطلاق كما ذكروه من حين الاسلام ان كان بعد الدخول، فان انقضت ولم يسلم تبين بينونتها منه حين الاسلام كما ذكروه، وان اسلم قبل انقضائها تبين بقاء النكاح.
وجميع ذلك موضع وفاق في الوثني؛ مدلول عليه في الخبرين، الآتي احدهما في الوثنيين المسلم احدهما. وفي الثاني: عن رجل مجوسي او مشرك من غير
اهل الكتاب، كانت تحته امراة، فاسلم او اسلمت، قال: «ينظر بذلك انقضاء عدّتها، فان هو اسلم او اسلمت قبل ان تنقضي عدّتها فهما علي نكاحهما الاول، وان هو لم يسلم حتي تنقضي العدّة فقد بانت منه».
ومشهور بين الاصحاب في الكتابي، بل في الخلاف: الوفاق علي انفساخ النكاح بخروجها من العدّة.
ويدلّ عليه عموم (وَلَنْ يجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)
.
والصحيح: عن الرجل يكون له الزوجة النصرانية فتسلم، هل يحلّ لها ان تقيم معه؟ قال: «اذا اسلمت لم تحلّ له» قلت: جعلت فداك، فانّ
الزوج اسلم بعد ذلك، ايكونان علي النكاح؟ قال: «لا، يتزوّج بجديد».
والصحيح: «اذا اسلمت امراة وزوجها علي غير الاسلام فرِّق بينهما».
والمراد باطلاق التفريق فيه كعدم الحلّ في الاول هما بعد انقضاء العدّة؛ اجماعاً.
وللخبر
المعتبر:
«انّ امراة مجوسية اسلمت قبل زوجها، فقال له
علي (علیهالسّلام): اسلم، فقال: لا، ففرّق بينهما، ثم قال: ان اسلمْتَ قبل انقضاء عدّتها فهي امراتك، وان انقضت عدّتها قبل ان تسلم ثم اسلَمْتَ فانت خاطب من الخطّاب».
وقيل هو الشيخ في
النهاية والتهذيبين
ـ: لم ينفسخ النكاح بانقضاء العدّة مطلقاً، بل ان كان الزوج ذمّيا قائماً، بشرائط الذمّة، كان نكاحه صحيحاً باقياً بحاله و لكن لا يمكن من الدخول عليها ليلاً، ولا من الخلوة بها نهاراً ولا من اخراجها الي
دار الحرب.
لاخبار قاصرة الاسانيد، ضعيفة التكافؤ للمعارض، اجودها
المرسل كالصحيح: «انّ اهل الكتاب وجميع من له ذمّة، اذا اسلم احد الزوجين فهما علي نكاحهما، وليس له ان يخرجها من
دار الإسلام الي غيرها، ولا يبيت معها، ولكنه ياتيها بالنهار».
مع احتمال بعضها الحمل علي عدم البينونة في العدّة لا مطلقاً، فلا ينافيها ثبوتها بعدها.
ومع ذلك فظاهر
الشيخ الرجوع عنها في
الخلاف؛ لدعواه فيه علي خلافها
الوفاق.
فلا عبرة بها وان كانت اخصّ من المعارض، وليس كلّ خاصّ يقدّم علي العام، ومع ذلك فبعض ما تقدّم خاصّ ايضاً، كالصحيح في انفساخ النكاح بالاسلام قبل الدخول.
ودعوي اختصاص هذا القول بصورة الدخول، فلا مدخل للصحيح في
المتنازع.
مدفوعة بتصريح
المسالك بعمومه لصورتي الدخول وعدمه،
كما يفصح عنه اطلاق عبارته وعموم دليله.
فلا وجه لتردّد بعض من تاخّر،
ومصير آخر اليه.
ولو اسلما معاً ثبت النكاح؛ لانتفاء المقتضي للفسخ.
وللخبرين، في احدهما: النصراني يتزوّج النصرانية علي ثلاثين دَنّاً (الدَّنّ: ما عظم من الرواقيد.)
من
خمر وثلاثين خنزيراً، ثم اسلما بعد ذلك، ولم يكن دخل بها، قال: «ينظر كم قيمة الخمر وكم قيمة
الخنازير، فيرسل بها اليها، ثم يدخل عليها، وهما علي نكاحهما الاول».
و لو اسلم احد الزوجين الوثنيين معاً، المنسوبين الي عبادة
الوثن وهو
الصنم وكذا من بحكمهما من الكفّار غير الكتابيين وكان الاسلام قبل الدخول، بطل النكاح مطلقاً؛ لانّ المسلم ان كان هو الزوج استحال بقاؤه علي نكاح الكافرة غير الكتابية؛ لتحريمه ابتداءً واستدامةً اجماعاً. وان كان الزوجة فاظهر؛ اذ لا سبيل للكافر عليها.
ويجب نصف
المهر او الجميع لما تقدّم من عدم ثبوت التشطير الاّ بالطلاق باسلام الزوج، دون اسلامها، فيسقط؛ لما مرّ.
وبعد الدخول يقف الفسخ علي انقضاء العدّة باسلام؛ الآية ما اتّفق فان انقضت ولم يسلم الآخر تبين انفساخه من حين الاسلام، وان اسلم فيها استمرّ
النكاح.
كلّ ذلك بلا خلاف، بل حكي عليه
الاجماع.
للخبرين في الثاني، تقدّم احدهما في اسلام زوجة الوثني وتوقّف الفسخ فيه علي انقضاء العدّة.
وثانيهما المرسل كالصحيح: «وامّا المشركون مثل: مشركي
العرب وغيرهم فهم علي نكاحهم الي انقضاء العدّة، فان اسلمت
المرأة، ثم اسلم الرجل قبل انقضاء عدّتها، فهي امراته، فان لم يسلم الاّ بعد انقضاء العدّة فقد بانت منه، ولا سبيل له عليها، وكذلك جميع من لا ذمّة له»
الخبر.
ولو اسلم الوثني ومن في حكمه، او الذمّي وعنده اربع فما دون كتابيات مطلقاً او وثنيات اسلمن معه، لم يتخير للاصل، وانتفاء المقتضي له من حرمة الجمع.
ولو كان عنده اكثر من اربع نسوة مذكورات تخير اربعاً منهنّ من دون تجديد
عقد، بشرط جواز نكاحهنّ في
شريعة الاسلام، وفارق سائرهنّ من دون طلاق، ان كان حرّا وهنّ حرائر، والاّ اختار ما عُين له سابقاً من حرّتين وامتين، او
امة وثلاث حرائر.
والعبد يختار حرّتين، او اربع اماء، او حرّة وامتين، ثم تتخير الحرّة في فسخ عقد الامة واجازته ان
قلنا به، والاّ بطل عقد الامة خاصّة كما مرّ.
قيل: ولو شرطنا في نكاح الامة الشرطين توجّه انفساخ نكاحها هنا اذا جامعت حرّة تحصل حاجته منها؛ لقدرته عليها، المنافية لنكاح الامة.
وفيه منع؛ لانّ المحكي عن
المبسوط و
التذكرة: الاجماع علي اختصاص المنع بصورة الابتداء دون الاستدامة.
وهو الاوفق بظواهر الادلّة؛ لعدم تبادر الاستدامة من الادلّة المانعة، فيرجع فيها الي
اصالة الاباحة.
وعلي المنع مطلقاً، لو تعدّدت الحرائر اعتبر رضاهنّ جُمَع، ما لم يزدن علي اربع، فيعتبر رضاء من يختارهنّ من النصاب.
ولا فرق في
التخيير بين من ترتّب عقدهنّ واقترن، ولا بين اختيار الاوائل والاواخر، ولا بين من دخل بهنّ وغيرهنّ.
ولو اسلم معه اربع وبقي اربع، فالاقوي بقاء التخيير؛ لاطلاق
النصّ. وفيه نظر.
وقيل بتعين المسلمات؛ لشرف الاسلام.
وهو
احوط.
وحكى على اصل الحكم الاجماع عن ظاهر المبسوط والتذكرة
؛ وهو المستند فيه كالخبر: في مجوسي اسلم وله سبع نسوة واسلمن معه، كيف يصنع؟ قال: «يمسك اربعاً ويطلق ثلاثاً».
وضعف الدلالة مع الاخصّية غير قادح في الحجّية بعد انجبارهما بفتوي
الطائفة، كعدم القدح فيها ب «يطلق ثلاثاً» نظراً الي مخالفته المتّفق عليه بينهم من حصول الفسخ بالاختيار خاصّة بلا طلاق؛ لاحتماله الاطلاق دون التطليق، ومعه ينتفي المناقشة كانتفائها مع عدمه؛ بناءً علي انّ خروج بعض الحديث عن الحجية لا ينافيها بالاضافة الي الباقي.
ونحوه
النبوي،
بل واظهر منه، من حيث عمومه للمسلمات وغيرهن، بل ظهوره في الاخيرة خاصّة.
والمستند في القيود المتقدّمة عموم ما تقدّم فيها من الادلّة، وان احتمل بعضها نوعاً من المناقشة، لكن كفانا مئونة الاشتغال بدفعها اجماع الطائفة، كما عن ظاهر المبسوط والتذكرة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۲۷۴-۲۸۱.