أركان الإسلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي الامور المهمّة التي يبتني عليها ويقوم على أساسها
الدين الإسلامي الحنيف.
الركن عند
الفقهاء ما يتوقّف عليه وجود الشيء وقوامه،
وأركان
الإسلام هي الامور المهمّة التي يبتني عليها ويقوم على أساسها
الدين الإسلامي الحنيف،
كما يستفاد ذلك من روايات وردت فيها عناوين اخرى ليس فيها عنوان الأركان إلّا أنّها حاكية عنها، كأصل الإسلام و
ذروة سنامه
ودعائمه،
وأثافيّه
و
الأثافيّ - واحدها اثفية-: حجر مثل رأس
الإنسان تنصب القدور عليها.
وحدود
الإيمان وفرض اللَّه على عباده،
وغير ذلك.
وفي الجميع دلالة على ركنيّة بعض الامور ومحوريّتها في الإسلام رغم
اختلاف الأخبار في نوعها وعددها، فقد ورد في بعضها أنّها ثلاثة، وفي أكثر الأخبار أنّها خمسة، وفي بعضها أنّها سبعة أو عشرة، إلّاأنّ اختلاف الروايات لا يعني تعارضها؛ لعدم ورودها للحصر و
التحديد ، بل وردت للتمثيل و
التأكيد على بعض الأركان المهمّة.
والروايات الواردة في هذا المجال كثيرة:
منها: روايتا الثلاثة، فقد ورد عن
العرزمي عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «أثافيّ الإسلام ثلاثة:
الصلاة والزكاة و
الولاية ، لا تصحّ واحدة منها إلّا بصاحبتها».
وعن سليمان بن خالد عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «ألا اخبرك بالإسلام أصله وفرعه وذروة سنامه؟» قلت: بلى جعلت فداك، قال: «أمّا أصله فالصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد».
ومنها: روايات
الخمس ، حيث ورد عن
أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «بني الإسلام على خمس: على الصلاة و
الزكاة و
الصوم والحجّ والولاية، ولم يناد بشيء ما نودي بالولاية».
وورد عن
محمّد بن سالم عنه عليه السلام أيضاً قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا
اللَّه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، و
إقام الصلاة، و
إيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصيام
شهر رمضان ».
باعتبار الشهادتين أمراً واحداً.
ومنها: روايات الستّ، حيث ورد عن
سليمان بن خالد ، قال: قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام : أخبرني عن
الفرائض التي فرض اللَّه على العباد، ما هي؟ قال: «
شهادة أن لا إله إلّااللَّه، وأنّ محمّداً رسول اللَّه، وإقام الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصيام شهر رمضان، والولاية».
ومنها: رواية السبع، فقد ورد عن
أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السلام أنّه قال: «بني الإسلام على سبع دعائم: الولاية وهي أفضلها، وبها وبالوليّ يوصل إلى معرفتها، والطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، و
الجهاد ».
ومنها: رواية العشرة، فقد روى
زرارة ابن أعين عن أبي جعفر عن
آبائه عليهم السلام قال: «قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بني الإسلام على عشرة أسهم: على شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وهي الملّة، والصلاة وهي
الفريضة، والصوم وهو الجُنّة، والزكاة وهي المطَهّرة، والحجّ وهو
الشريعة ، والجهاد وهو العزّ، و
الأمر بالمعروف وهو
الوفاء ، والنهي عن المنكر وهو الحجّة، و
الجماعة وهي الالفة، و
العصمة وهي
الطاعة ».
وفي حديث آخر عن
أنس عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال: «جاءني
جبرئيل فقال لي: يا
أحمد الإسلام عشرة أسهم، وقد خاب من لا سهم له فيها، أوّلها: شهادة أن لا إله إلّااللَّه وهي
الكلمة ، والثانية: الصلاة وهي الطهر، والثالثة: الزكاة وهي
الفطرة ، والرابعة: الصوم وهو الجُنّة، والخامسة: الحج وهو الشريعة، والسادسة: الجهاد وهو العزّ، والسابعة: الأمر بالمعروف وهو الوفاء، والثامنة: النهي عن المنكر وهو الحجّة، والتاسعة: الجماعة وهي الالفة، والعاشرة: الطاعة وهي العصمة».
ونتعرّض هنا لبعض هذه الأركان للتعرّف على مكانتها في الإسلام:
وهي أوّل مراتب الإسلام،
وبها يكون الإنسان مسلماً،
وبها تحقن
الدماء وتجري المناكح والمواريث،
فهي أوّل الواجبات بعد
البلوغ ،
والعمدة والأساس
لسائر الأركان التي ليست هي إلّا
أثراً من آثارها وفرعاً من فروعها.
ويقصد بها
الاعتقاد بإمامة الأئمّة عليهم السلام و
الإذعان بها من جملة الاصول، وهي أفضل من جميع الأعمال،
كما تقدّم في رواية السبع، كما أنّها المقصودة من حديث: «بني الإسلام على خمس»؛
إذ بها تفتح أبواب معرفة التكاليف وحقائقها وشروطها و
آدابها ، وهي
مفتاح قبولهنّ،
ولم ينادَ أحد بشيء مثل ما نودي بالولاية، كما جاء في خبر أبي حمزة المتقدم، ولوقوع
النداء بها مكرّراً في جمع غفير في
غدير خم ،
ولأنّ اللَّه تعالى لم يرخّص في ترك الولاية على كلّ حال،
بينما رخّص في ترك الصلاة لفاقد الطهورين على قول، والزكاة لمن لم يبلغ ماله
النصاب ، والحجّ لمن لم يستطع، والصوم لمن لا يطيقه.
والسرّ في ذكرها آخر الأركان في الحديث الشريف- رغم أهميّتها- هو إمّا
مماشاة الجمهور
أو لكونها خاتمة الأركان؛
لقوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً».
علماً أنّ
تأخير الذكر لا يدلّ دائماً على قلّة
الأهمّية في
لغة العرب كما يشهد له خبر أبي حمزة المتقدّم، فإنّه مع تأخيره لها لكن ذكر أنّه لم يناد بمثل ما نودي بها.
وهي من الأركان المهمّة التي ورد أنّها
أصل الإسلام
وعمود الدين
و
ميزان الأعمال ومعيارها،
إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ ما سواها.
فلا غرو في أنّ تاركها- عند بعض الفقهاء- من الكافرين إن تركها
استخفافاً بالدين.
وهو من
أشرف الطاعات و
أفضل القربات، ولو لم يكن فيه إلّا
الارتقاء من حطيط النفس البهيمية إلى ذروة التشبّه
بالملائكة الروحانية لكفى به منقبة وفضلًا.
وهو جُنّة من النار؛
لكونه هادم الشهوات التي تجرّ صاحبها إلى الهلكات.
ولا ريب في وجوبه في
شهر رمضان المبارك ، بل هو من
ضروريات الدين ، والمنكر له عالماً به يكون من الكافرين إن أدّى إنكاره إلى
إنكار رسالة
خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم .
قال اللَّه سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».
وهي لغة:
الطهارة والزيادة والنموّ.
واستعملت في الشرع أيضاً في الحقّ الواجب من المال إذا بلغ حدّ النصاب، وإنّما سمِّيت زكاةً؛
لازدياد الثواب بها، و
إثمار المال وطهارته من حقّ المساكين.
ووجوبها ثابت بالكتاب و
السنّة المتواترة و
الإجماع ،
قال تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».
بل هي من ضروريات الدين بين كافّة المسلمين، حيث عُدّ منكرها في زمرة الكافرين
إذا أدّى إنكارها إلى
تكذيب سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
وهو في اللغة:
القصد .
وفي الشرع:
اسم لمجموع المناسك المعروفة.
وهو من أعظم شعائر الإسلام، وأفضل ما يتقرّب به
الأنام إلى الملك العلّام،
بل قيل: هو من أعظم الأركان.
قال اللَّه سبحانه وتعالى: «وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ».
وهو من أركان الإسلام،
بل من أعظم أركانه على ما قيل؛
إذ به قويت
شوكة الإسلام، وبه انتشر،
وحمي
المجتمع الإسلامي من شرور الأعداء، وبه اعتدل نظام العالم، وحفظت به الشرائع و
الأديان ،
فهو بحقّ ذروة سنام الإسلام،
بل القتل في
سبيل الله فوق كلّ ذي برّ، كما في الحديث.
وقد حثّ اللَّه تعالى على الجهاد في آيات كثيرة،
كقوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ».
وقوله سبحانه وتعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۵-۲۰.