الأسآر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هی جمع السؤر و السؤر في
الاصطلاح ماء قليل باشره جسم حيوان، ففي الحكم بطهارته و عدمه أقوال سيأتي.
وهي جمع سؤر، وهو في اللغة : البقية من كل شيء، (
السؤر : بقية الشيء، وبقية كل شيء سؤره )
أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب، أو من الماء خاصة مع القلة، فلا يقال لما يبقى في النهر أو
البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها.
والمراد به هنا ـ على ما يظهر من الفتاوي في الباب وبه صرّح جمع منهم
ـ ماء قليل باشره جسم حيوان.
ويشهد به بعض الأخبار، ففي موثقة عيص : عن سؤر
الحائض ، قال : «توضأ منه، وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها
الإناء ، وقد كان
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم هو وعائشة يغتسلان في إناء واحد».
فتأمّل.
(فكلّها طاهرة) إجماعا كما عن الغنية؛
للأصل والعمومات.
وإن كره بعضها : كسؤر الحائض مطلقاً، كما عن
الإسكافي والمصباح والمبسوط
لإطلاق النهي عنه في الخبرين،
مع ظهور القريب من الصحيح في الكافي فيه
وإن روي في التهذيبين بنحو يتوهم منه التقييد بغير المأمونة،
كما في
الشرائع وعن المقنعة والمراسم والجامع والمهذّب.
ودلّ عليه الموثق : في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحائض فقال : «إذا كانت مأمونة فلا بأس».
وهذا هو الأوفق بالأصل، سيّما مع
اعتضاده بالشهرة، فيقيّد به إطلاق الخبرين والظاهر في
الإطلاق لا يقاومه، سيّما مع
اختلاف نسخه.
ولكن الأول غير بعيد بالنظر إلى
الاحتياط من باب
المسامحة في أدلة السنن .
وربما نيطت الكراهة في القواعد وكذا عن النهاية و
الوسيلة والسرائر بالمتهمة.
ولا إشعار به في الأخبار لعدم التلازم بين المتهمة وغير المأمونة، فإن المتبادر من المأمونة من ظنّ تحفظها من النجاسات، ونقيضها من لم يظن بها ذلك، وهو أعم من المتهمة والمجهولة.
ثمَّ إن غاية ما يستفاد من الأخبار كراهة الوضوء، لا مطلق
الاستعمال ، بل المستفاد من بعضها عدم كراهة الشرب،
فالتعميم غير واض، ولكن المسامحة في أدلة الكراهة تقتضي لنا ذلك، بل الظاهر
الاتفاق عليه، ولعله كافٍ ولو قلنا بعدمها.
لكن عن المقنع : المنع عن الوضوء والشرب من سؤرها مطلقاً.
وهو جيد، لكن لا على إطلاقه، بل على التفصيل المتقدم لو لم ينعقد
الإجماع على خلافه، فتأمل.
وربما الحق بها كل من لا يؤمن، كما عن الشيخين والحلّي والبيان والمصنف في
الأطعمة للاحتياط، وفحوى الأخبار الناهية عن سؤرها، وبخصوص سؤر الجنب الغير المأمون خبر عيص. وهو غير بعيد.
كسؤر الحمير والخيل والبغال على المشهور؛ للموثق : هل يشرب سؤر شيء من الدواب ويتوضأ منه؟ فقال : «أما
الإبل والبقر والغنم فلا بأس»
وقريب منه غيره.
ولو لا الشهرة وتجويز المسامحة في أدّلة الكراهة لكان القول بنفيها في غاية القوة للمعتبرة المستفيضة التي أكثرها صحاح وموثقة، ومع ذلك صريحة الدلالة، ففي الصحيح : عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع، ولم أترك شيئا إلّا سألته عنه، فقال : «لا بأس» الحديث.
وكسؤر الدجاجة، كما عن الشيخ مطلقاً،
وعن المصنف في المعتبر في الجملة؛
«قال في
المبسوط : يكره سؤر الدجاج على كل حال»
، وهو حسن إن قصد المهملة، لأنها لا تنفك من
الاغتذاء بالنجاسة، لعلّة ضعيفة في مقابلة الأصل والمعتبرة المستفيضة، ففي الصحيح : «لا بأس بأن يتوضأ ممّا يشرب منه ما يؤكل لحمه».
وفي معناه الموثق.
وفي مثله : عن ماء شربت منه الدجاجة قال : «إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب، وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب» وقال : «كلّ ما يؤكل لحمه فليتوضأ منه وليشرب».
وفي الخبر : «فضل الحمامة والدجاجة لا بأس به والطير».
ومع هذا فالكراهة غير بعيدة بالنظر إلى المسامحة وفحاوي المعتبرة في الحائض المتهمة. فتأمّل.
(عدا
الكلب ) في الجملة (و
الخنزير ) والكافر وتفصيل الكلام فيها يأتي في بحث أحكام النجاسات.
(وفي) طهارة (سؤر ما لا يؤكل لحمه) أم نجاسته (قولان) الأشهر : الأول مع الكراهة.
تمسكا في الأول بالأصل والعمومات والمعتبرة الواردة بطهارة كثير مما وقع فيه النزاع، كالصحيح المتقدم في الحمول الثلاثة، والصحاح في سؤر
السنّور معللاً في بعضها بأنها من السباع،
وهو مشعر بالتعميم فيها، والصحيح في سؤر
الفأرة ،
والموثق : عمّا يشرب منه باز أو صقر أو عقاب، فقال : «كلّ شيء من الطير يتوضأ ممّا يشرب منه، إلّا أن ترى في منقاره دما، فإن رأيت في منقاره دماً، فلا توضأ منه ولا تشرب».
وفي الثاني بالاحتياط، والمرسل : إنه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه
ومفهوم الموثّق الآتي.
خلافاً للمبسوط والحلّي
في الانسي منه، فمنعا منه، عدا ما لا يمكن التحرّز عنه؛ لكن في الأول لم ينص على النجاسة بل إنما منع عن الاستعمال خاصة، وهو أعم منها.
للموثق : عن ماء شرب منه الحمام فقال : «كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب».
وهو ـ مع قصوره سنداً عن المقاومة لما تقدّم ـ لا دلالة فيه إلّا بالمفهوم الضعيف.
(وكذا في) طهارة (سؤر المسوخ) قولان، الأشهر هنا أيضاً
الكراهة ؛ لعين ما تقدم، خلافاً لمن شذّ
، ودليله غير واضح.
(وكذا) الكلام (فيما أكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة عن النجاسة). و
الجلّال . وما تقدّم من الخبر في
الباز والصقر والعقاب كالصريح في رفع المنع في الأول واختصاصه بوجود أثر الدم خاصة، ومع ذلك فدليل المنع فيهما غير واضح، فخلاف من شذّ،
ضعيف.
(و
الطهارة في الكل) لما ذكرنا (أظهر) وإن كره، لما تقدّم.
(وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم قولان، أحوطهما النجاسة).
تقدّم الكلام في المقام في مسألة القليل الراكد، وربما أشعر كلام المصنف بالطهارة، وهو ضعيف.
رياض المسائل، ج۱، ص۷۷- ۸۴.