الإذن (أقسامه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإذن (توضيح).
الإذن من حيث المضمون تارة يكون في التصرّفات التكوينيّة ، كإذن المالك للغير في أكل طعامه.
الإذن من حيث المضمون تارة يكون في
التصرّفات التكوينيّة ، كإذن المالك للغير في أكل طعامه،
أو
الجلوس في داره، أو البناء على جدار بيته، فيكون حينئذٍ عمدة أثره
إباحة التصرّف، وحقّ
الانتفاع .
واخرى يكون في
التصرّفات الوضعيّة ، كالإذن في
البيع والشراء بماله، وفائدته
الوكالة أو
التفويض أو
التنفيد . قال
السيّد اليزدي : «لو أذن له في التصرّف في ماله صحّ وأفاد فائدة الوكالة، ولا يحتاج إلى
القبول عندهم أيضاً، وكذا لو أمره بالتصرّف أو التمس منه ذلك، بل يمكن أن يقال: إنّها وكالة...».
المستفاد من كلمات الفقهاء أنّ الإذن قد يكون عامّاً بالنسبة للمأذون، كما إذا أذن لعامّة
المسلمين أن يشربوا من الماء الذي يضعه على باب بيته أو في
المسجد والحسينيّة لانتفاع الناس به، وكالنثار في الأعراس، فإنّه يجوز أكله لمن كان حاضراً.
وقد يكون الإذن خاصّاً بشخص أو جهة خاصّة، كإذن المالك لشخص في أن يأكل من بستانه.
أمّا بالنسبة إلى المأذون فيه فهو أيضاً قد يكون الإذن فيه مطلقاً، واخرى مقيّداً، كإذن المعير للمستعير في البناء أو
الغرس مطلقاً أو إلى مدّة معيّنة،
وكما لو أذن الموكّل للوكيل في بيع السلعة مطلقاً أو حالًّا،
أو كإذن السيّد للعبد في التزويج مطلقاً أو مقيّداً بامرأة بعينها.
قد يكون الإذن عامّاً بالنسبة للتصرّف والوقت والمكان، وقد يكون خاصّاً، فالإذن العامّ كأن يأذن المالك للمضارب في التصرّف وأطلق، فحينئذٍ يكون الإذن عامّاً ويمكنه التصرّف كالمالك.
وقد يصرّح أيضاً بعموميّة الإذن، كأن يأذن كلّ من الشريكين لصاحبه في التصرّف في جميع المال والاتّجار به في جميع الأجناس أو فيما شاء منها، فيصحّ له
الاتّجار في كلّ الأنواع، وفي جميع الأزمنة والبلدان.
وأمّا الخاصّ فكما لو أذن كلّ من الشريكين أيضاً لصاحبه في التجارة في جنس واحد أو في بلد معيّن، فلا يجوز لأحدهما التخطّي إلى غيره.
وكذا لو اشترط المالك على العامل أن لا يسافر مطلقاً، أو إلى البلد الفلاني، أو إلّا إلى البلد الفلاني، أو اشترط عليه أن لا يشتري الجنس الفلاني، أو إلّا الجنس الفلاني، أو لا يشتري من شخص معيّن، أو إلّا من شخص معيّن، أو نحو ذلك، فلا يجوز له المخالفة.
وكذا لو أذن المولى لعبده في التجارة اقتصر على موضع الإذن، ولم يزدد عليه، بل حتى لو أطلق له ذلك اقتصر على ما يستفاد من التجارة، ولعلّه مختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة. نعم، لا يدخل التزويج فيها قطعاً، ولا
الصدقة ، ولا إجارة نفسه.
ولكن حكي عن
القاضي أنّه قال: «إذا أذن له يوماً فهو مأذون أبداً حتى يحجر عليه»، وكذا لو أطلق له التجارة يجوز له أن يؤجر نفسه، ويستأجر غيره، ويزارع، ويستأجر الأرض، إلّا أنّ
المحقق النجفي نقله عنه وضعّفه.
وأمثلة الإذن الخاصّ والعام كثيرة في أبواب الفقه.
الإذن قد يكون مجرّداً عن
العقد ، ويسمّى ابتدائيّاً، وهو مجرّد الرخصة والإباحة، ورفع المنع عن تصرّف تكويني، كما لو أذن للغير في أكل طعامه، أو وضعي، كما لو أذن له في بيع ماله، أو أذن لعبده في الزواج.
وقد يكون عقديّاً- أي ضمن عقد- وهو توافق على تفويض أو توكيل أو حقّ تصرّف
كالعارية والوكالة
والوديعة ، ويسمّى بالعقود الإذنيّة. وقد تقدّم شرحه.ويفترقان في الآثار، منها: أنّ الإذن المجرّد لا يتوقّف على قبول المأذون، كما لا يبطل بردّه، كما لو أذن له في تناول طعامه- مثلًا- فردّ الإذن، فعندئذٍ يجوز له الأكل بالإذن السابق.
وأمّا الإذن العقدي فهو بحاجة إلى موافقة الطرفين؛ لأنّه عقد. كما أنّه لو ردّ أو فسخ العقد ارتفع ذلك الأثر، وبقي المال أمانة شرعية في يده يجب ردّها.
ويفترقان أيضاً بأنّ الإذن المجرّد إيقاع،
فالشكّ في حصوله كافٍ في عدم ترتّب أثره ولو كان الشكّ بسبب طروّ حال مغاير لحاله الأوّل، بل قد يقال بكفاية
احتمال تغيّر الداعي في ذلك، بخلاف الإذن العقدي- كالوكالة ونحوها- فلا تبطل الوكالة بعد تحقّقها إلّا بالفسخ
والعزل ، بل في الوكالة يشترط
إعلام الوكيل بذلك.
الإذن في الشيء قد يكون بعوض كالإباحة بعوض، ومن هنا قال
الشهيد : إنّه ليس للحاكم أن يأذن في البناء أو وضع الخشب على جدار المسجد وشبهه من الوقوف العامّة بغير عوض.
وقد يكون الإذن مجّاناً وبلا عوض، سواء كان عقداً إذنيّاً كما في العارية، حيث إنّها إذن في الانتفاع بالعين مجّاناً،
أو إذناً مجرّداً كمن أذن للغير أن يصلّي في ملكه.
وينقسم الإذن من هذه الناحية إلى قسمين:
وهو ما صدر فيه الإذن عن
الشارع ، كإذنه في الأكل من بيوت الأقارب، أو إذنه في بيع
اللقطة .
وهو ما صدر فيه الإذن عن المالك أو من يقوم مقامه من الأولياء.
وينقسم الإذن من حيث الدلالة عليه إلى قسمين
:
وهو ما إذا أبرز الآذن رضاه وإذنه صريحاً، مثل أن يقول:أذنت لك بكذا.
وهو ما إذا لم يصرّح الآذن بذلك، وإنّما استفيد ذلك من إذنه في شيء آخر ضمناً أو
بالملازمة ، كمن أذن للغير بأن يسكن داره، فإنّه يتضمّن أو يدلّ بالفحوى على الإذن في
الصلاة فيه أيضاً، أو من أذن له أن يعطي الطعام للآخرين، فإنّه يدلّ بالفحوى على إذنه له بأن يأكل منه أيضاً، وهكذا.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۲۷۶-۲۷۹.