أهل الذمة (مساكنهم)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
أهل الذمة (توضيح).
ذكروا أنّه لا
إشكال في عدم
المنع من
علوّ بيوت أهل الذمّة على بيوت
المسلمين إذا كان إحداثها قبل
إحداث بيوت المسلمين، كما لا إشكال في عدم
جواز علوّها على سائر بيوت المسلمين
المجاورة إذا كان إحداثها بعد ذلك،
بل هو موضع
وفاق سائر المسلمين؛
ل
قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «
الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»،
وقوله تعالى: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ»،
وغير ذلك ممّا دلّ على
رجحان رفعة المؤمن و
ضعة الكافر في جميع الأحوال.
إلّاأنّه إذا تمّ
إجماع كاشف غير مدركي فهو، وإلّا فهذه الوجوه يشكل
الاعتماد عليها؛ إذ ظاهر النبوي علوّ الإسلام على غيره.
أمّا علوّ منازل الكافرين على منازل المسلمين فلا يلازم علوّ
الكفر على الإسلام، هذا فضلًا عن ضعفه السندي
بالإرسال . وأمّا
الاستناد إلى
الآية الكريمة فهو غير ظاهر؛ لأنّ مجرّد
ارتفاع البيوت لا يساوق عزّة الكافرين على المؤمنين، فإنّ بيتاً هنا وآخر هناك لا يوجب صدق هذا
العنوان ، وأمّا ما دلّ على رجحان رفعة المؤمن فلا ربط له بالمقام وإن صدق في بعض الموارد. وعلى أيّة حال فقد وقع الإشكال فيما لو اشترى الذمّي بناءً كان أعلى من بيت
المسلم حيث ذهب الأكثر إلى جوازه؛ لعدم إحداث العلوّ فيه حتى يندرج في المنع، فهو إنمّا ملكه على هذه الحالة.
ونوقش في ذلك بأنّ
الخبر المتقدّم شامل لكلّ مورد يعلو به الذمّي على المؤمن، والمورد المذكور من هذا القبيل.
وبما تقدّم يظهر
التعليق على هذا الحكم، فالأصحّ في هذه الموارد وأمثالها
مراعاة نظر الحاكم الشرعي وما فيه
مصلحة الإسلام والمسلمين وعدم تضعيفهم أو هتكهم أمام الكافرين.
وأمّا في صورة مساواة البناء فقد ذهب
المشهور إلى عدم الجواز؛
مستدلّين بظاهر النصّ المتقدّم الدالّ على لزوم صدق علوّ الإسلام على غيره.
وخالف في ذلك
المحقّق الحلّي وغيره،
مدّعين جوازه؛
للأصل .
و
الكلام فيه كالكلام في غيره.
وكذا الكلام فيما لو اشترى المسلم داراً هي أقصر من دار الذمّي الذي إلى جانبه،
فإنّ ذلك لا يمنع الذمّي من
البقاء في داره؛ لأنّه لم يعلو به على المسلم، وإنّما كان كذلك، إلّاإذا قلنا بشمول الحديث المتقدّم لكلّ مورد يعلو به
الكافر على المؤمن.
ولو اشترى الذمّي بيتاً عالياً ثمّ انهدم من أصله أو ممّا علا به لم يجز أن يعلو به بعد ذلك إجماعاً،
بل يقتصر على
المساواة ، بناءً على جوازها، وإلّا فما دونها.
ولو انقلع شيء من البناء المرتفع ولم ينهدم جاز ترميمه و
إصلاحه ؛ لأنّ فيه
استدامة و
استبقاء للبناء لا تجديداً له.
ولابدّ من
الإشارة هنا إلى أنّ المنع من العلو ليس من حقوق
الجيرة ، بل هو من أحكام
الدين الحنيف ، فلا يكون قابلًا
للإسقاط من الجار المسلم.
وممّا أسلفناه في
التعليق السابق ظهر الحال في هذه الفروع.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۸۵-۸۷.