الإجبار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
بمعنى الإكراه.
عرف الإجبار
لغةبالقهر والإكراه.
ويقال: جبر الرجل على الأمر يجبره جبراً وجبوراً وأجبره: أكرهه.
وقال
الزبيدي في
تاج العروس:
«إنّ
النحويين استحبوا أن يجعلوا جبرت لجبر
العظم بعد كسره وجبر
الفقير بعد فاقته، وأن يكون الإجبار مقصوراً على الإكراه...».
والاصطلاح الشرعي لا يخرج عن هذا المعنى، قال في
الفقه الرضوي: «الجبر هو الكره...، يجبر الرجل على ما يكره وعلى ما لا يشتهي..».
وفي خبر
عبد الله بن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «... الجبر من
السلطان، ويكون الإكراه من
الزوجة والام والأب...».
الإكراه لغة يساوق الإجبار كما عرّفه اللغويون، إلّا أنّ بعض
المحققين جعله أعم منه، حيث ذهب إلى أنّ الإجبار هو حمل
الإنسان غيره على الفعل مع الايعاد على
تركه. بينما قد يصدق الإكراه بالحمل على الفعل من دون إيعاد على تركه، كما إذا طلب منه أبوه أو امّه أو زوجته فعلًا ولم يكن مجبراً عليه، إلّا أنّه يريد
ارضاءهم وعدم
مخالفتهم، ومنه الطلاق مداراة
لأهله، وإلى هذا المعنى تشير
رواية عبد اللَّه بن سنان المتقدمة.
الاضطرار قد يأتي بعدة معاني يلتقي في بعضها مع الإجبار وفي الاخرى لا يلتقي معه.
فهناك ما يسمّى الاضطرار في الشيء بمعنى اللّااختيارية فيه، نظير حركة المرتعش، وهذا ليس من الإجبار بوجه.
وهناك الاضطرار إلى الشيء بمعنى قضاء
الضرورة إلى اختياره من غير أن يكون بحمل الغير له عليه، كما إذا اضطر إلى
بيع داره لحفظ
النفس أو
الإنفاق على
العيال أو
أداء الدين. وهذا المعنى أيضاً ليس من الإجبار.
وهناك الاضطرار إلى الشيء بسبب حمل الغير له عليه مع الإيعاد على تركه، وهذا يكون مساوقاً للإجبار، ويسمّى إكراهاً أيضاً.
الاختيار لغة هو
الانتقاء والاصطفاء، وخار الشيء واختاره:
انتقاه،
والاختيار أيضاً طلب ما هو خير وفعله.
وقد يراد به عند
الفقهاء بمعنى
القصد وصدور الفعل عن
الرضا وطيب النفس مقابل الكراهة. واخرى يراد به المعنى المقابل للإجبار
والإلجاء.
والرضا لغة أيضاً يأتي بمعنى الاختيار، يقال: رضيت بالشيء رضا اخترته.
وقد يستعمل بمعنى
الإذن أو
القبول أو
التسليم، يقال: الباكر سكوتها رضاها.
في لسان العرب: «ألجأه إلى الشيء: اضطره إليه، والتلجئة: الإكراه، وهي تفعلة من الإلجاء... كأنّه أحوجك إلى أن تفعل فعلًا تكرهه».
وفي الفروق اللغوية: «الإلجاء يكون فيما لا يجد الإنسان منه بدّاً من أفعال نفسه مثل
أكل الميتة عند شدة
الجوع، ومثل
العدو على
الشوك عند مخافة
السبع فيساوق الاضطرار».
الضغط لغة: الضيق والشدة والإكراه والقهر. وأخذت فلاناً ضغطة- بالضم- إذا ضيّقت عليه لتكرهه على الشيء.
الإجبار إمّا أن يكون
مشروعاً {بحق}، كإجبار
القاضي أو
الحاكم المدين المماطل على دفع ديونه،
والمفلس على بيع
أمواله ودفعها
للغرماء، وإجبار
المحتكر على بيع
الطعام.. ونحوه.
أو يكون غير مشروع {بغير حق}، وهو كل إجبار لم يكن
الشارع قد خوّله لأحد، ولم يكن فيه
مصلحة تقتضي
الإلزام بالإجبار، أو رفع
ضرر، أو دفع ظلم يقتضي الالزام به.
ومثل هذا الإجبار لا يرضى به الشارع ويحرم فعله، قال
الشهيد الأول- في شأن
الزوج الذي يجبر زوجته على
الخلع ودفع
الفدية-: «ولو أكرهها على الفدية فعل
حراماً، ولا يملكها
بالبذل...».
ونحوه أيضاً إجبار
السلطان الجائر إنساناً على بيع أرضه أو داره، أو إجبار بعض الناس غيره على ترك
المباح الذي حازه بلا مبرر ونحوه.
والإجبار بحق قد يكون واجباً، كما اختاره بعض الفقهاء في إجبار الحاكم الناس على
الحجّ وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو تركوه، وفي إجبار الحاكم
المولى الكافر على بيع
عبده المسلم، وفي إجبار الحاكم المماطل على أداء الدين الذي في
ذمته لو كان ميسوراً... وغير ذلك من الموارد.
وقد يكون
جائزاً، كما في إجبار
المالك مملوكه على
النكاح، أو إجبار مملوكته على
إرضاع ولده، وكجواز إجبار الحاكم المشتركين على قسمة المال المشترك لو طلب أحدهم
القسمة ولم يكن فيها ضرر على الباقين، وإجبار
المشتري للشقص على تركه للشفيع لو اختاره
بالثمن.
الموسوعة الفقهية ج۵، ص۱۳۴-۱۳۶.