إقرار المريض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ينفذ إقرار المريض إن برئ من مرضه الذي أنجز فيه ومات في غيره، وانفذت منجزاته.
ينفذ إقرار المريض إن برئ من مرضه الذي أنجز فيه ومات في غيره، وانفذت منجزاته؛
لعدم شمول الأخبار الدالّة على عدم نفوذ
منجّزات المريض له.
وعليه دعوى
الإجماع أيضاً.
ولا فرق في ذلك بين الإقرار للوارث أو غيره، وبالثلث أو الأكثر، مع
التهمة على الورثة أو الغرماء وعدمها، بعينٍ أو دين. كل ذلك عملًا بعموم أدلّة نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم، والفرض أنّه إقرار في ماله وعلى نفسه.
نعم، استشكل
العلّامة الحلّي في هذا
الإطلاق بالنسبة لفرض التهمة؛
استناداً إلى أنّه لمّا صدر في المرض مع التهمة كان كالوصيّة، وهي غير لازمة كما ثبت في محلّه.
واجيب عنه بأنّه مخالف لإطلاق الأصحاب والإجماع على نفوذ منجّزاته إن برئ، وهو شامل لموارد الإقرار أيضاً. وخروج الوصية إنّما هو لجواز عقد الوصية وعدم وجوب الوفاء به، لا لمانع في المقام.
وأمّا إن مات في مرضه الذي أقرّ فيه فلا خلاف أيضاً في أنّه يقبل إقراره في الجملة، ولكن وقع الخلاف بين الفقهاء في قبوله في أصل المال، أو في الثلث، وفي كونه كذلك مطلقاً- مع التهمة وبدونها، للوارث و
الأجنبي - أو فيه تفصيل على أقوال أهمّها ما يلي:
أنّه ينفذ من الأصل مطلقاً.
واستدلّ له
الشهيد الثاني بعموم « على أنفسهم جائز»،
وبأنّه لم يفوّت الوارث شيئاً في المرض وإنّما أخبر بما هو حقّ عليه في حال الصحّة؛ لأنّ هذا هو الفرض؛ إذ لو أقرّ بفعل ما يتوقّف على الثلث في المرض كالهبة، فلا إشكال في كونه من الثلث، وبأنّ المريض قد يريد
إبراء ذمّته من حقّ الوارث والأجنبي، فلا يمكن التوصّل إليه إلّابالإقرار، فلو لم يقبل منه بقيت ذمّته مشغولة، وبقي المقرّ له ممنوعاً من حقّه، وكلاهما مفسدة، فاقتضت الحكمة قبول قوله.
قبول إقراره من
الأصل إذا لم يكن متّهماً وإلّا فمن الثلث، بلا فرق في ذلك بين الوارث والأجنبي.
ونسب هذا القول إلى الأكثر.
وقد استدلّ
له بالنصوص التي دلّت على قبول وصيّته في المال إذا كان مرضيّاً كما في خبر
منصور بن حازم ،
أو مأموناً كما في خبر
العلاء بيّاع السابري ،
أو مصدّقاً كما في خبر أبي بصير.
والظاهر
إرادة معنى واحد منها، وهو عدم كونه متّهماً.
ولعلّه إلى هذا المعنى يرجع المليّ في صحيح الحلبي، قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: الرجل يقرّ لوارث بدين، فقال: «يجوز إذا كان مليّاً».
وخبره الآخر: أنّه سأل
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل أقرّ لوارث بدين في مرضه، أيجوز ذلك؟ قال: «نعم إذا كان مليّاً»
بناءً على ما في
الصحاح من قوله: «ملؤ الرجل: صار مليّاً، أي ثقة»،
أو على أنّ المراد من الملاءة ما هو الظاهر منه عرفاً، من كونه كناية عن كثرة المال، فيكون ذلك طريقاً لرفع التهمة.
ثمّ على الأوّل يرجع الضمير في (كان) إلى الرجل، وعلى الثاني إلى الوارث.
أنّه إن كان عدلًا مضى من الأصل، وإلّا فمن الثلث. ففي المفتاح عن العلّامة الحلّي في
التذكرة أنّه فهم من هذه الأخبار
اعتبار العدالة في المريض، وجعلها هي الدافعة للتهمة، وكأنّ مستنده
إرجاع تلك الأوصاف (أي المرضي والمأمون والمصدّق) في النصوص المتقدّمة إلى العدالة.
ونوقش فيه بأنّه لا شاهد عليه، ولا تنافي بين العدالة والتهمة المفروضة في كلام كثير من الأصحاب من القرائن الحاليّة أو المقاليّة، كما لا تنافي بين الفسق وعدمها.
التفصيل بين الإقرار للأجنبي و
الإقرار للوارث، فالإقرار للأوّل يخرج من الأصل مطلقاً، وأمّا الإقرار للثاني فمع عدم التهمة يخرج من الأصل، ومعها من الثلث، وقد ذهب إليه
ابن حمزة .
ونوقش فيه بأنّه يلزم منه طرح النصوص المقيّدة بالأجنبي أو المطلقة.
ما ذهب إليه
المحقّق الحلّي في المختصر النافع من أنّ الإقرار للوارث من الثلث، وللأجنبي من الأصل مطلقاً في المقامين.
ونوقش فيه بأنّه يلزم منه طرح النصوص المقيّدة في الوارث.
ما ذهب إليه
الشيخ المفيد في
المقنعة من أنّه إن كان بدين مضى من الأصل، وإن كان بعين وكان عليه دين يحيط بجميع التركة قبل إقراره إن كان عدلًا مأموناً، وإن كان متّهماً لم يقبل إقراره.
ونوقش فيه أيضاً بأنّه يلزم منه طرح بعض النصوص السابقة.
وتفصيل ذلك في بحث منجزات المريض؛ لأنّ منشأ عدم نفوذ إقراره إنّما هو عدم نفوذ منجّزات المريض بمرض الموت.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۳- ۳۶.