الإبراء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء (توضيح)
وهو
إسقاط حق له الذي في
ذمة المديون بلا
عوض .
إبراء: وزان إفعال من برئ.
قال
ابن فارس: «فأمّا الباء والراء والهمزة فأصلان إليهما ترجع
فروع هذا الباب: أحدهما
الخلق... والأصل الآخر: التباعد من الشيء
ومزايلته. من ذلك
البرء، وهو
السلامة من
السقم... وبارأت
الرجل أي برئت إليه وبرئ إليّ. وبارأت
المرأة صاحبَها على
المفارقة، وكذلك بارأت
شريكي وأبرأته من الدَّين
والضمان».
وقال
الراغب: «أصل البُرء والبَراء
والتبرّي: التقصّي ممّا يكره
مجاورته».
وبرئ زيد من دَينه يبرَأ- مهموز من باب تعِب- براءة: سقط عنه
طلبه، فهو بريء وبارئ وبَراء. وأبرأته منه وبرّأته من
العيب: جعلته بريئاً منه. وبرِئ منه مثل سلِم وزناً ومعنى فهو بريء أيضاً،
وقد أبرأه من مرضه إبراءً.
وأبرأته ممّا لي عليه وتبرّأته تبرئة.
وبرئ إليك من
حقّك براءة وبَراء وبُروء وتبرّءاً وأبرأك منه وبرّأك.
إنّ أكثر
الكلمات الواردة في الإبراء لم ترد
لبيان تعريف الإبراء ولا لبيان أحكامه بصورة مستقلّة، بل وردت
استطراداً في
كلام الفقهاء ضمن
بحوثهم في أبواب الفقه المختلفة، وعند
التفريق بين الإبراء وسائر
المعاملات.
وعلى هذا فما يشاهد من
الاختلاف في
التعبير عن الإبراء
محمول في
الحقيقة على بيان بعض
خصوصيات الإبراء بحسب ما تقتضيه
مناسبات البحث.
وكيف كان فقد عبّر الفقهاء عن الإبراء في مناسبات عديدة بتعابير مختلفة
أشهرها تعريفه بأنّه {إسقاط ما في الذمّة}.
وهذا التعريف- كما مرّ- ينحلّ إلى
عنصرين، هما: {إسقاط} و{ما في الذمّة}، ولا بدّ من البحث في كلّ واحد منهما
لمعرفة المراد:
الإبراء إسقاط: والمستظهر من التعريف المذكور أنّ الإبراء إسقاط، وليس
تمليكاً أو
نقلًا للحقّ بلا عوض. وقد أخذه بعضهم
قيداً في التعريف، قال
العلامة الحلي: «إنّ الإبراء إسقاط
محض»،
وقال
السيد جواد العاملي: «هو إسقاط محض بلا عوض».
واعتباره واضح، لكن
المقصود منه عدم كون الحق المبرأ مقابلًا بالعوض، فلا ينافي أن يكون نفس الإبراء
مشروطاً بعوض كما في
الهبة المعوضة.
الإبراء يتعلّق بما في الذمّة: كما أنّ
المستفاد من تعريفه المتقدّم اعتبار امور في
متعلّق الإبراء:
۱- أن يكون المبرأ حقّاً قابلًا للاسقاط لا
حكماً.
۲- أن يكون حقاً ثابتاً على الغير لا متعلّقاً
بعين في الخارج كملكية عين،
فالاعراض عنها ليس إبراءً، أو
بعقد ونحوه
كحق الخيار والشفعة فاسقاطهما ليس إبراءً.
۳-
ظاهر جملة من التعاريف أخذ قيد آخر في متعلّق الإبراء وهو أن يكون
مالًا في ذمّة الغير، فليس إسقاط كل حق على الغير إبراءً.
وقد تقدّم تصريح بعضهم بأنّه: «إسقاط ما في ذمّة المديون»، بل إنّ كلام من عبّر بأنّه: «إسقاط ما في الذمّة» أيضاً يمكن حمله على ذلك؛ لأنّ الذمة بالدقة
وعاء الأموال الاعتبارية، فتكون أخص من
العهدة، والمراد بالمال ما يعم
الأعمال والخدمات في الذمة، فاسقاط ما في ذمّة
الأجير من العمل إبراء أيضاً. وهذا بخلاف إسقاط مثل حق
القصاص أو
حد القذف، فانّه لا يكون إبراءً، بل
عفو.
إلّا أنّ المستظهر من استعمالات الفقهاء إطلاق الإبراء على أوسع من ذلك حيث أطلقوه على إسقاط
الحد والقصاص، كما أطلقوه على إسقاط المدة المتبقية
للزوجة المنقطعة وإبراء
الكفيل وغير ذلك ممّا ليست من الحقوق المالية.
فالابراء طبقاً لهذه الاستعمالات يشمل إسقاط كل ما على الغير من الحقوق الشخصية التي يكون ملزماً بوفائها سواء كان مالًا في ذمته أو حقاً عليه.
ولا ينبغي
الشك في أنّ غرض
الفقيه من بحث الإبراء
والآثار المترتبة عليه لا يختص بما إذا كان الحق تجاه الغير مالًا في ذمّته، بل يعم مطلق الحقوق الشخصية التي يمكن التنازل عنها بالاسقاط، سواء سمّي ذلك ابراءً أم لا؛ إذ لم يقع هذا
اللفظ موضوعاً لأثر وحكم معيّن في دليل لفظي ليتعيّن تحديد معناه اللفظي، كما أنّ الغرض العقلائي والمتشرعي في موارد الإبراء إنّما هو إسقاط الحق المتعلّق بالغير مما يقبل الإسقاط.
فتخصيص الإبراء بالمال بلا موجب.
وهو إسقاط العقوبة الثابتة على الغير، فهو من ناحية يعمّ الحق الثابت في الذمّة وغيره كحقّ القصاص وحدّ القذف، قال الشهيد الثاني: «لا اختصاص له {/ العفو} بما في الذمة بخلاف الإبراء»،
ويختص من ناحية اخرى بالعقوبة.
وهو مطلق التنازل عن الحق سواء كان ثابتاً تجاه الغير أم لا كحق الملكية والاختصاص المتعلّقين بعين في الخارج أو حقّ الخيار المتعلّق بالعقد، فيكون أعم من الإبراء.
وهو
انصراف الإنسان عن ماله
ورفع اليد عنه، فيعمُّ العين والدَّين، والإبراء مختصٌّ بما في
الذمة فقط.
وهي
تمليك الغير
العين بلا
عوض تمليكاً
منجّزاً مجرّداً عن
القربة، فتباين الإبراء؛ لأنّها تمليك والإبراء
إسقاط، والتمليك
مباين للاسقاط؛ لأنّ فيه
إخراجاً عن ملك نفسه
وإدخالًا في ملك الغير والإسقاط إخراج عن الملك فقط كما سيأتي،
والهبة مختصة بالعين وإطلاقها على
الدَّين مجازي، والإبراء مختصّ بما في الذمة، وهي مشروطة
بالتجرّد عن قصد القربة وإلّا كانت
صدقة، والإبراء غير مشروط ظاهراً.
وهو
جعل الشيء
حلالًا سواء كان المحلل
الشارع، أو من جعل الشارع
الحلية إليه
كالمالك والولي. وموضوعه أعم من الحقوق الذمية بل ومن الأموال. وبذلك يكون أعم من الإبراء وإن كان قد ينتج أثر الإبراء.
وهو
بذل المال في
سبيل الخير فيكون مع قصد القربة، والصدقة قد تطلق
بمعنى عام على كل
معروف، فيقال: كل معروف صدقة وتشمل
الوقف والإبراء وكل عمل يكون معروفاً
وخيراً. وقد تطلق بمعنى خاص وهو بذل المال وتمليكه للغير
لوجه اللَّه، فيكون مبايناً مع الإبراء.
والمعنى الأوّل العام للصدقة بينه وبين الإبراء
عموم من وجه، حيث يصدق على الإبراء وإسقاط ما في ذمّة الغير إذا كان
بنيّة القربة أو معروفاً كما يصدق على
التصدق بالأعيان، بينما لا يشترط في الإبراء أن يكون بنيّة القربة بل ولا أن يكون معروفاً.
اختلف في حقيقة الإبراء من حيث إنّه إسقاط أم تمليك وأنّه عقد أم إيقاع وأنّه يحتاج إلى القبول أم لا.
ولتفصيل أكثر انظر
حقيقة الإبراء.
لا إشكال في دلالة بعض الألفاظ على الإبراء صريحاً كلفظ الإبراء والإسقاط، وقد يكون ظاهراً فيه كالعفو والتحليل.
ولتفصيل أكثر انظر
ما يفيد الإبراء.
ويبحث تارة عن حكمه التكليفي واخرى عن حكمه الوضعي.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء حكمه.
للإبراء أحكام وضعية عديدة من أبرزها وأهمّها: الصحّة واللزوم والإجزاء.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء أركانه.
قد ينشأ من ثبوت حق في ذمّة شخص اشتغال أكثر من ذمّة به، بسبب كفالة شخص آخر أو ضمانه أو أي سبب آخر.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء وسريانه إلى الذمم الأخرى.
تعرّض بعض فقهائنا إلى حكم سريان الإبراء من محلّ الإبراء إلى غيره في موارد:
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء وسريانه إلى غير الذمم.
الإبراء عند فقهائنا لازم لا رجوع فيه ولا خيار- حتى خيار الشرط- وقد صرّح بذلك جمع منهم.
ولتفصيل أكثر انظر
لزوم الإبراء.
يظهر من كلمات جملة من الفقهاء المتقدمين القول بعدم جواز شفاعة الحاكم في الإبراء عن الحق وإسقاطه بعد ثبوت الحق عنده.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء والدعاوى.
الظاهر عدم الخلاف بين الفقهاء في عدّ الإبراء من الامور القابلة للنيابة والوكالة.
ولتفصيل أكثر انظر
التوكيل في الإبراء.
قد يجتمع دين وضمان لدين آخر فهنا صور عديدة للإبراء يختلف حكم السريان فيها باختلافها.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء في الدين والضمان.
هناك فروع وتطبيقات فقهية يتحقق فيهاالإبراء من قبل صاحب الحق قبل تحقق التلف أو أي سبب آخر من أسباب الضمان واشتغال الذمّة.
ولتفصيل أكثر انظر
الإبراء قبل الضمان.
لا خلاف ولا إشكال بين الفقهاء في ضمان الغاصب كل نقص أو تلف على الغير، ينشأ من تصرّفه العدواني في العين التي اغتصبها.
ولتفصيل أكثر انظر
إبراء الغاصب.
إذا أبرأ الضامن المدين قبل أن يسدّد دينه إلى دائنه، فهل يصح الإبراء؟ وهل يكون من إبراء ما لم يجب أم لا؟
ولتفصيل أكثر انظر
إبراء الضامن.
الموسوعة الفقهية ج۲، ص۳۱۰-۳۱۴.