• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

استغراق الأرش لجميع الثمن

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



وقع الكلام في إمكان استغراق الأرش لجميع الثمن، تارة في أرش العيب المقارن للعقد، وأخرى في أرش العيب العارض قبل القبض أو في زمان الخيار المضمون على البائع.أمّا في الصورة الأولى- أي صورة ورود العقد على المعيب والذي هو محلّ الكلام هنا- فقد ذهب الشيخ الأنصاري إلى عدم معقوليّة أن يكون الأرش مستغرقاً للثمن؛ لأنّ المعيب إن لم يكن ممّا يتموّل ويبذل في مقابله شي‌ء من المال بطل بيعه، وإلّا فلا بدّ من أن يبقى له من الثمن قسط.
إلّا أنّ بعض المحشّين فصّل بين ما إذا كان العيب خارجيّاً وممّا يخرج المعيب عن الماليّة كذهاب الحموضة عن الخلّ، أو كذهاب رائحة ماء الورد رأساً بحيث كان بلا فائدة أصلًا. وكذا إذا أوجب سلب الملكيّة مع بقاء حقّ الاختصاص كالخلّ المنقلب خمراً، ففي مثل ذلك يتمّ ما ذكره الشيخ من لزوم بطلان البيع من الأوّل؛ إذ يعتبر في صحّة البيع الماليّة، وبين ما إذا كان العيب اعتباريّاً كما لو كان حقّاً تعلّق بالمبيع كحقّ الجناية الموجب للاسترقاق أو القصاص أو الدية الكاملة، فلا وجه للبطلان؛ إذ وجه البطلان مع استيعاب الأرش للقيمة ليس إلّا السقوط عن الماليّة، وهو غير متحقّق في المقام؛ ضرورة أنّ تعلّق حقّ الجناية- مثلًا- لا يوجب سقوط الجاني عن الماليّة، ويؤيّد ذلك أو يدلّ عليه أنّه يجوز للمشتري العالم بالحال أن يشتري العبد الكذائي، مع أنّه حينئذٍ لا يرجع على البائع بالأرش.
[۳] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۲۹- ۲۳۰.
هذا مضافاً إلى أنّ الأرش غرامة لا نفس الثمن، فلا مانع من الصحّة.
[۵] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۳۰.
هذا، وقد ذهب السيدان الخوئي والخميني إلى عدم ثبوت الأرش المستغرق، ولكن لا لما ذكره الشيخ الأنصاري من استلزامه عدم بقاء الماليّة للمبيع، وإنّما لعدم الدليل على ذلك.
قال السيد الخوئي - ما محصّله-: عدم ثبوت الأرش في العيب المستغرق هو المتعيّن، والوجه في ذلك أنّا وإن لم نعتبر الماليّة في المبيع، إلّا أنّ المستفاد من أخبار الأرش هو ردّ مقدار من الثمن، وذلك لا يعلم إلّا بتقييم أهل الخبرة، ومن الواضح أنّه لا يتحقّق إلّا في الأشياء التي هي أموال في نظر العقلاء، فإنّ غير الأموال لا قيمة لها عند العقلاء، فيكون مورد الأرش بحسب الأخبار هي الأموال، وعلى هذا فكلّما ينقص من المال بحسب العيب فلا بدّ وأن يبقى للمعيب شي‌ء من الثمن، فإنّ المفروض هو ملاحظة التفاوت بحسب هذه المعاملة لا بحسب القيمة الواقعيّة، وعلى هذا فلا يعقل أن يكون الأرش مستوعباً لجميع الثمن.
وقال السيد الخميني - ما ملخّصه أيضاً-: إنّ القوم أتعبوا أنفسهم الزكيّة في تصوير الأرش المستوعب لجميع الثمن، وغفلوا عمّا هو مقتضى الأدلّة، ومن الواضح أنّه لا نتيجة لتصوير الصغرى ولا وقع لإثباتها ما لم تتمّ كبرى الحكم.والتحقيق: عدم الدليل على ثبوت الأرش المستوعب، لا بحسب البناء العقلائي إن قلنا بأنّ ثبوت الأرش حكم عقلائي، ولا بحسب الأدلّة الشرعيّة التعبّدية بناءً على أنّ ثبوته تعبّدي شرعي.أمّا بحسب بناء العقلاء فلأنّه لا ينبغي الإشكال في أنّه لا بناء منهم على أصل الأرش بالنسبة إلى العيب الحادث في زمان الخيار، فكيف بالمستوعب منه؟! كما أنّه يشكل ثبوت بنائهم على أصل الأرش في العيب الحادث قبل القبض.وأمّا في المقارن فأصل ثبوت الأرش وإن كان عقلائيّاً، لكنّه لم يثبت منهم بناء على ذلك في المستغرق منه فإنّه نادر الاتّفاق في الغاية، وفي مثله لا طريق إلى إثبات بنائهم، مع أنّ الظاهر بُعد التزامهم مع الاستيعاب بأخذ تمام الثمن ونفس المعيب، بل لا يبعد في مثله الحكم بانفساخ العقد أو بالردّ فقط.وأمّا بحسب الأدلّة الشرعيّة- بناءً على مسلك القوم من كون ثبوت الأرش بالتعبّد من الشرع- فلفقد الدليل على ثبوت المستوعب منه، فالروايات لا دلالة لشي‌ء منها على ثبوت المستوعب منه، بل هي ظاهرة في غير المستوعب، فلا دليل على ثبوت الأرش في العيب المستوعب في المقارن منه للعقد فضلًا عن غير المقارن ممّا يتفرّع ثبوت الأرش فيه على ثبوته في المقارن، فعلى ذلك يكون التعرّض لتصوير المستوعب بلا وجه.
هذا، ويظهر من العلّامة في جملة من كتبه القول بالأرش المستوعب في العيب المتقدّم على العقد، حيث قال في مسألة بيع العبد الجاني:إنّ المشتري إذا كان جاهلًا له الفسخ أو الأرش، فإن استوعبت الجناية القيمة فالأرش ثمنه أيضاً، وإلّا فقدر الأرش وقد نقل الشيخ الأنصاري في المكاسب نصّ عباراته في الكتب المذكورة..
[۱۳] المكاسب، ج۵، ص۳۹۹- ۴۰۱.
فإنّ ظاهره إرادة أرش العيب واستغراقه لتمام ثمنه، غاية الأمر بناءً على أنّ الأرش غرامة لا يتعيّن في عين الثمن ويكون المراد ما يوازي ثمنه، وبناءً على أنّ الأرش جزء من الثمن يتعيّن بعينه كان الأرش بعينه تمام الثمن وفي عبارات العلّامة احتمالات أخرى ذكرها الاصفهاني.. وأورد عليه الشيخ الأنصاري بأنّ العبد المتعلّق برقبته حقّ للمجنيّ عليه يستوعب قيمته، إمّا أن يكون له قيمة تبذل بإزائه أو لا، وعلى الأوّل فلا بدّ أن يبقى شي‌ء من الثمن للبائع بإزائه فلا يرجع بجميع الثمن عليه، وعلى الثاني فينبغي بطلان البيع . وأجيب عنه
[۱۸] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۲۹.
بما عرفت من أنّ تعلّق‌حقّ الجناية برقبة العبد لا يوجب خروجه عن الماليّة وعن صحّة تعلّق البيع به ولو كان مستوعباً للقيمة، فلا يرد على العلّامة ما أورده الشيخ الأنصاري.
هذا في أرش العيب الحادث قبل العقد، أمّا الحادث بعده وقبل القبض أو في زمان الخيار فقد اتّضح حكمه ممّا سبق؛ إذ العيب إذا كان اعتباريّاً كتعلّق حقّ الجناية، فقد اتّضح أنّ الجاني لا يخرج بذلك عن الماليّة ولا عن الملكيّة، ومجرّد استحقاق إزالة الملكيّة أو إتلافها ليس من تلف المبيع لا ذاتاً ولا ماليّة ولا ملكيّة فالأرش المستوعب لا يستدعي انفساخ العقد لبقاء المبيع على ماليّته وملكيّته.نعم، الكلام فيما إذا كان العيب خارجيّاً موجباً لسلب الماليّة أو الملكيّة فهل هو مندرج تحت عنوان التلف قبل القبض وفي زمان الخيار فيوجب الانفساخ فيكون الرجوع بتمام الثمن حينئذٍ أجنبيّاً عن الأرش المستوعب، أم لا يندرج تحت التلف فيوجب الخيار فيتعقّل فيه الأرش المستوعب؟
وأمّا إذا أوجب سلب الملكيّة أيضاً فظاهر الشيخ الأنصاري اندراجه في تلف المبيع، لكن قيّده المحقّق الاصفهاني فيما إذا لم يبق حقّ الاختصاص، لكن لا لصدق تلف المبيع، بل لأنّه ليس هناك شي‌ء له إقباض .وعلى كلّ حال ففي إلحاقه بالتلف فينفسخ العقد أو بتلف وصف الماليّة فيوجب الخيار كلام، تردّد فيه الشيخ الأنصاري، وظاهر المحقّق الاصفهاني الميل إلى أنّه ليس من تلف المبيع، بل من تلف وصف المبيع- وهو حيثيّة الماليّة- وهو موجب للخيار، فلا محالة يتعقّل الأرش المستوعب، وظاهر قوله عليه السلام:«كلّ مبيع تلف قبل قبضه» تلف ما هو مبيع بالحمل الشائع، وهو عين المال لا الماليّة، وتلف الماليّة من تلف الوصف. وذهب السيد الخوئي إلى أنّه لا ربط لهذه الصورة بالمقام أصلًا بداهة أنّ الكلام في الأرش، ومورده- على ما يستفاد من الأخبار- هو أن يكون الشي‌ء معيباً قبل العقد، ولا شبهة أنّ العيب الحادث قبل القبض أو في زمان الخيار خارج عن مورد أخبار الأرش، وعلى هذا فإن قلنا: إنّ العين هنا مضمونة على البائع يحكم بضمانه لها، بمعنى أنّ المعاملة تنفسخ ويأخذ المشتري الثمن من البائع ويأخذ البائع العين من المشتري وإن لم يكن مالًا، بل وإن لم يكن ملكاً أيضاً بحيث خرجت عن الإضافة الماليّة والملكيّة، لا أنّ المشتري يأخذ الأرش وتبقى العين تحت يده أيضاً كما هو مقتضى قانون أخذ الأرش، فالضمان هنا ليس ضمان أرش، بل ضمان خاصّ أجنبيّ عن الأرش، ويفترق عنه بانفساخ العقد ورجوع العين إلى ملك البائع إن كانت إضافة الملكيّة باقية، وإلّا فتكون متعلّقة لحقه.
ثمّ ذكر قدس سره صورة أخرى لإمكان تصوير الأرش المستوعب، وهي ما إذا اشترى متاعاً أو عبداً وظهر معيباً بحيث لو أصلح كان مصرفه أكثر من أصل قيمته، فيكون الأرش في مثل ذلك أكثر من قيمة أصل المعيب.وناقش فيه بأنّ العين في مثل ذلك أيضاً لا تسقط عن الماليّة بالكلّية، بل هي باقية على ماليّتها بمقدارها، فإنّها تقوّم صحيحة ومعيبة فعلًا، ويؤخذ نسبة التفاوت ما بينهما من الثمن، لا أنّ مجموع قيمة الصحيح يؤخذ من البائع حتى يكون مستوعباً.



 
۱. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۳۹۸.    
۲. حاشية المكاسب (الآخوند)، ج۱، ص۲۳۳.    
۳. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۲۹- ۲۳۰.
۴. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۵، ص۸۵.    
۵. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۳۰.
۶. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۲۷۷- ۲۷۸.    
۷. البيع، ج۵، ص۱۳۴- ۱۳۵.    
۸. التذكرة، ج۱۱، ص۲۰۶.    
۹. القواعد، ج۲، ص۷۶.    
۱۰. التذكرة، ج۱۰، ص۴۴.    
۱۱. التحرير، ج۲، ص۲۸۰- ۲۸۱.    
۱۲. التحرير، ج۲، ص۳۷۸- ۳۷۹.    
۱۳. المكاسب، ج۵، ص۳۹۹- ۴۰۱.
۱۴. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۵، ص۸۸.    
۱۵. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۲۸۴.    
۱۶. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۴۰۲.    
۱۷. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۵، ص۸۳- ۸۵.    
۱۸. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۲۲۹.
۱۹. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۳۹۸- ۳۹۹.    
۲۰. المستدرك، ج۱۳، ص۳۰۳، ب ۹ من الخيار، ح ۱.    
۲۱. حاشية المكاسب، ج۵، ص۸۳.    
۲۲. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۲۸۲- ۲۸۳.    
۲۳. مصباح الفقاهة، ج۷، ص۲۸۳.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۷۴-۷۸.    



جعبه ابزار