• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الانفساخ

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



هو مصدر انفسخ، ومطاوع فسخ. ومن معانيه: النقض و الزوال ، يطلق الانفساخ في استعمال الفقهاء على انحلال العقد و ارتفاع التزام كلّ من المتعاقدين به؛ نتيجة فسخ كلا المتعاقدين أو أحدهما له، أو نتيجة عوامل غير اختيارية، مثل: تلف العوض، أو ظهور العوض مستحقّاً للغير، أو موت أحد المتعاقدين في بعض العقود.

محتويات

۱ - الانفساخ في اللغة
۲ - الانفساخ في الاصطلاح
۳ - الألفاظ ذات الصلة
       ۳.۱ - البطلان
       ۳.۲ - الفسخ
       ۳.۳ - الإقالة
۴ - الحكم الإجمالي ومواطن البحث
       ۴.۱ - محل الانفساخ (ما يرد عليه الانفساخ)
       ۴.۲ - الفرق بين الانفساخ والبطلان
       ۴.۳ - الانفساخ في الإيقاعات
              ۴.۳.۱ - قول المحقق النجفي
              ۴.۳.۲ - قول السيد الحكيم
              ۴.۳.۳ - قول العلامة الحلي
       ۴.۴ - الانفساخ في العقود الزمانية
              ۴.۴.۱ - قول الشيخ الطوسي
              ۴.۴.۲ - قول العلامة الحلي
              ۴.۴.۳ - قول السيد العاملي
              ۴.۴.۴ - قول السيد الخوئي
       ۴.۵ - الانفساخ في إجارة الأعمال
              ۴.۵.۱ - قول السيد اليزدي
              ۴.۵.۲ - قول الشيخ الطوسي
              ۴.۵.۳ - قول الكيدري
       ۴.۶ - الانفساخ في العقود الإذنية
              ۴.۶.۱ - قول السيد الخوئي
       ۴.۷ - زمان الانحلال بالانفساخ
              ۴.۷.۱ - النماء الحاصل بين العقد والانفساخ
              ۴.۷.۲ - الإجارة والاجرة مع حصول الانفساخ في المدة
       ۴.۸ - أسباب الانفساخ
       ۴.۹ - آثار الانفساخ
              ۴.۹.۱ - رجوع كل مال إلى صاحبه قبل العقد
              ۴.۹.۲ - انفساخ النكاح ورجوع المهر إلى الزوج
              ۴.۹.۳ - ضمان الخسارة الناشئة عن الانفساخ
              ۴.۹.۴ - بطلان الاستحقاق المترتب على العقد بانفساخه
۵ - المراجع
۶ - المصدر



الانفساخ: مصدر انفسخ، وهو مطاوع فسخ. ومن معانيه: النقض و الزوال ، يقال: فسخت الشي‌ء فانفسخ، أي نقضته فانتقض، وفسخت العقد، أي رفعته.
[۴] محيط المحيط، ج۱، ص۶۸۹.




يطلق الانفساخ في استعمال الفقهاء على انحلال العقد و ارتفاع التزام كلّ من المتعاقدين به؛ نتيجة فسخ كلا المتعاقدين أو أحدهما له، أو نتيجة عوامل غير اختيارية، مثل: تلف العوض، أو ظهور العوض مستحقّاً للغير، أو موت أحد المتعاقدين في بعض العقود.




۳.۱ - البطلان


وهو- لغة- بمعنى الفساد، وقيل: الضياع والخسران، ويأتي بمعنى النقض والسقوط.
[۷] المصباح المنير، ج۱، ص۵۲.

أمّا معناه الاصطلاحي فيختلف بحسب النظر في جهة مورد البحث في العبادات أو في المعاملات، فبطلان المعاملة يكون بمعنى عدم ترتّب آثارها وبقاء كلّ من العوضين على ملك مالكه. أمّا معنى البطلان في العبادات فهو كون ما أتى به المكلّف من العبادة غير مطابق لما امر به من حيث الأجزاء والهيئة والشرائط. وسيأتي بيان الفرق بين الانفساخ والبطلان قريباً.

۳.۲ - الفسخ


وهو حلّ الارتباط أو الرفع، يقال: فسخ العقد، إذا حلّ ارتباطه، ويكون من قبل أحد المتعاقدين أو كليهما، أو يكون بحكم الحاكم الشرعي أو القاضي. أمّا الانفساخ فهو انحلال ارتباط العقد وارتفاع التزام كلّ من المتعاقدين به، إلّاأنّ الانفساخ قد يكون أثراً للفسخ ومسبّباً عنه، وقد يكون نتيجة لعوامل قهرية أو غير اختيارية، كما في تلف العوض قبل القبض، أو ظهور العوض مستحقّاً للغير ونحو ذلك.

۳.۳ - الإقالة


إقالة البيع- لغة-: فسخه، وتقايلا، إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري. وقد استعملها الفقهاء بمعناها اللغوي. والإقالة من أسباب الانفساخ الاختيارية، وترد على العقود اللازمة عدا النكاح.
[۹] مصطلحات الفقه، ج۱، ص۸۱.
[۱۰] معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ج۱، ص۶۴.
[۱۱] معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ج۱، ص۱۲۱.




للانفساخ أحكام عديدة في الفقه نذكر أهمّها ضمن العناوين التالية:

۴.۱ - محل الانفساخ (ما يرد عليه الانفساخ)


لا يرد الانفساخ إلّافي المعاملات والعقود؛ لما تقدّم من أنّ معناه انحلال ارتباط العقد، ورجوع كلّ من الطرفين إلى ما كان عليه قبل العقد من جهة رفع الالتزام والتعهّد الذي ألزمه العقد به، ورجوع كلّ من العوضين إلى مالكه الأصلي في باب المعاوضات. نعم، قد يرد في كلمات فقهائنا أحياناً تعبير (انفساخ الإحرام)، ويراد به بطلانه أو فرضه بمنزلة عدم الإحرام ، وهذا يكون في بعض حالات الإحرام التي يشترط فيها المحرم عند عقده الإحرام أنّه في حلّ إذا صدّ أو حبس عن الحجّ، فالشرط في المقام يوجب انفساخ الإحرام والتحلّل فوراً عند الصدّ بلا حاجة إلى هدي .
وكذا ورد في كلماتهم في باب العقود: (انفساخ الشرط)، ويراد منه بطلان نفس الشرط، سواء انفسخ العقد معه أو لم ينفسخ.

۴.۲ - الفرق بين الانفساخ والبطلان


يستعمل الفقهاء أحياناً لفظي الانفساخ والبطلان أحدهما بدل الآخر، ومن يستعرض كلماتهم قد يتوهّم بأنّ المعنى والاستعمال واحد، خصوصاً وأنّهم في كثير من موارد بحوثهم في أبواب العقود والمعاملات يطلقون لفظ (الانفساخ) ويقصدون به المعنى الأعم الشامل له وللبطلان. ومن الواضح- وكما تقدّمت الإشارة إليه- بأنّ هناك فرقاً بين البطلان والانفساخ، من جهة أنّ الانفساخ لا يرد إلّا في المعاملات والعقود، بينما البطلان يعمّ المعاملات والعبادات.
ومن جهة اخرى أنّ معنى الانفساخ في العقود يفرق عن معنى البطلان فيها، حيث إنّ العقد قبل الانفساخ يكون موجوداً وله أثره، بينما العقد الباطل لا يعدّ موجوداً ولا يحسب له أيّ أثر في الواقع. فالانفساخ هو انحلال العقد، ومقتضاه عود كلّ من العوضين إلى مالكهما الأوّل إن كان العوض موجوداً، وإلّا فبدله، والبطلان في حقيقته أمر آخر، فهو ليس حلّاً للعقد، بل هو عبارة عن عدم ترتّب الأثر عليه. ولا يلزم فيه دخول كلّ من العوضين في ملك مالكه الأوّل، بل إن كان أحد العوضين موجوداً اعيد إلى صاحبه، وإلّا فالعوض الآخر يعود من دون اشتغال ببدل العوض الآخر،
[۱۳] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۴۵۱- ۴۵۲.
[۱۴] الخيارات (الأراكي)، ج۱، ص۶۰۳- ۶۰۴.
وإن كان قد يكون في البين ضمان اليد وهو غير الضمان المعاوضي بالبدل- كما هو محقّق في محلّه-.

۴.۳ - الانفساخ في الإيقاعات


ظاهر الفقهاء عدم جريان الانفساخ في الإيقاعات لابتنائها على النفوذ بمجرّد إجراء الصيغة، فلا يدخلها الخيار ولا الشرط؛ ولذا قالوا بأنّها تلزم بمجرّد إجراء الصيغة مع توفّر سائر الشرائط والأركان التي اخذت فيها، وبعد تحقّقها لا تنقلب عمّا هي عليه. من هنا ذهب الفقهاء إلى أنّ الإبراء - وغيره من الإيقاعات- لازم لا رجوع فيه ولا خيار حتى خيار الشرط، وقد صرّحوا بذلك:
قال الشيخ الطوسي وغيره: وأمّا الصلح فإن كان إبراء أو حطيطة- مثل: أن يقول أحدهما للآخر: (لي عندك مئة دينار وقد أبرأتك من خمسين ديناراً، أو حططتها عنك، وادفع لي الباقي) - فليس له الخيار فيما أبرأه منه أو حطّه عنه. وبأنّ حقيقة الإبراء هو الإسقاط ورفع اليد عن الحقّ على ذمّة الغير، والإسقاط يعني دفع موضوع الحقّ و إلغاء العلقة الوضعية التي كانت لصاحب الحقّ، فإذا كان هذا نافذاً صحيحاً كان مقتضاه اللزوم لا محالة؛ لأنّه بذلك قد ارتفع الحقّ وزالت تلك العلقة الوضعية. فرجوع الحقّ بعد ذلك يعني أن يكون حقّاً جديداً، وهو بحاجة إلى سبب جديد لا محالة، فالإبراء والإسقاط ونحوهما من الإيقاعات تستبطن اللزوم ذاتاً بحيث يكون الجواز مغايراً لمضمونه مناقضاً له.

۴.۳.۱ - قول المحقق النجفي


ومن هنا قال المحقّق النجفي : إنّ خيار الشرط لا يثبت في الإبراء والطلاق والعتق؛ للإجماع المحكي أوّلًا، ولأنّ هذه إيقاعات لا عقود، وهذا ينافي الخيار لابتناء الإيقاع على النفوذ لمجرّد الصيغة، فلا يدخله الخيار، والمفهوم من الشرط ما كان بين اثنين فلا يتأتّى في الإيقاع المتقوّم بواحد.

۴.۳.۲ - قول السيد الحكيم


قال السيّد الحكيم وغيره: «لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات كالطلاق والعتق».
[۱۹] المنهاج (الحكيم)، ج۲، ص۴۱، م ۱۱.


۴.۳.۳ - قول العلامة الحلي


قال العلّامة الحلّي : «العتق مع الصحّة لازم لا يصحّ الرجوع فيه، سواء اختار العبد ذلك أو لا». وعلّق عليه الفاضل الأصفهاني قائلًا: لأنّ الحرّ لا يسترقّ. وكذا الطلاق فإنّه اسم لإزالة العلقة الزوجية، وهي لمّا زالت بسبب الطلاق مع توفّر شرائط صحّته لم ترجع إلّابسبب خاص لها، بل قد يستشعر بأنّ الفسخ والانفساخ متلازمان، ففي كلّ مورد يجري الفسخ يمكن دعوى جريان الانفساخ فيه أيضاً، ومن المعلوم عدم جريان الفسخ في الإيقاعات.
ومن هنا قرَن بعض الفقهاء بين الفسخ والانفساخ، ففي كلّ مورد ثبت الفسخ اجري الانفساخ أيضاً، قال: «يعرض الفسخ والانفساخ بأقسام الخيار، وبفوات الشرط أو وصف عين فيه، وبالشركة قبل القبض وتلف العين مبيع وثمن، وفي زمان خيار المشتري وإن قبض، و الإقالة والتحالف عند التحالف على قول وبتفريق الصفقة... أمّا غيره (غير البيع من العقود) فاللازم من طرفيه: النكاح و الإجارة والوقف والصلح و المزارعة والمساقاة و الهبة في بعض وجوهها والضمان والحوالة، وهل المسابقة كذلك؟ إشكال. والجائز فيهما: الوديعة والعارية والقراض والشركة والوكالة والوصية والقرض، والجعالة قبل الشروع، والهبة في بعض وجوهها، و ولاية القضاء والوقف العام».

۴.۴ - الانفساخ في العقود الزمانية


ظاهر كلمات مشهور الفقهاء أنّ الانفساخ في العقود الزمانية هو الانفساخ في غيرها ممّا لم تقيّد بالزمان، حيث يبدو من عبائرهم في باب الإجارة أنّ الأجرة ترجع إلى المستأجر من حين التلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أنّ التلف كاشف عن بطلان العقد وعدم ملكيتها منذ البدء؛ لظهور تعبيراتهم بانفساخ الإجارة في الصحّة إلى حين التلف.

۴.۴.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال الشيخ الطوسي : «وإن تلف قبل القبض فإنّ العقد ينفسخ بتلف المعقود عليه كما لو اشترى فتلف في يد البائع قبل القبض، وإن تلف بعد القبض قبل استيفاء المنفعة فإنّه تنفسخ الإجارة، و... إذا استوفى بعض المنفعة ثمّ تلف... فلا خلاف في أنّ العقد فيما بقي يبطل وفيما مضى لا يبطل عندنا».

۴.۳.۳ - قول العلامة الحلي


قال: «ولو تلفت (العين المستأجرة) في الأثناء انفسخت في الباقي». وقال في موضع آخر: «ولو تلفت العين قبل القبض أو عقيب القبض بطلت مع التعيّن، وإلّا بطلت في الباقي».

۴.۴.۳ - قول السيد العاملي


وعلّق عليه السيّد العاملي : «كما صرّح بجميع ذلك في المبسوط و الشرائع و التذكرة و جامع المقاصد و المسالك والكفاية، وهو صريح من بقي في البعض».
[۲۸] مفتاح الكرامة، ج۷، ص۹۱.

بينما ذهب السيّد اليزدي وغيره إلى أنّ الانفساخ في الإجارة بمعنى البطلان من الأوّل، أي بطلان الإجارة، وأنّه لا تقاس الإجارة بالبيع؛ للفرق الواضح بينهما، وذلك لأنّ المبيع في البيع قبل قبضه شي‌ء موجود قوبل بالعوض، وهذا بخلاف المنفعة فإنّها لم تكن موجودة حين العقد، حيث قال: «ظاهر كلمات العلماء أنّ الاجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر بتمامها، وبالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة ترجع إلى المستأجر كلّاً أو بعضاً من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيتها من الأوّل، وهو مشكل؛ لأنّ مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة إلى تمام المدّة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلّف من الأوّل إليه، وفرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض وتلف العين هنا؛ لأنّ المبيع حين بيعه كان مالًا موجوداً قوبل بالعوض، وأمّا المنفعة في المقام فلم تكن موجودة حين العقد، ولا في علم اللَّه (سبحانه‌) إلّا بمقدار بقاء العين، وعلى هذا فإذا تصرّف في الاجرة يكون تصرّفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف فضولياً، ومن هذا يظهر أنّ وجه البطلان في صورة التلف كلّاً أو بعضاً انكشاف عدم الملكية للمعوّض».

۴.۴.۴ - قول السيد الخوئي


وهكذا ذكر السيّد الخوئي ، فإنّه بعد أن أقرّ إشكال السيّد اليزدي وأنّه في محلّه، قال: «ثبوت الفرق واضح بين الموردين؛ فإنّ الحكم المزبور مطابق لمقتضى القاعدة في باب البيع؛ نظراً إلى تعلّق الملكية فيه بنفس العين، وبما أنّها موجودة حال البيع فلا جرم كان المشتري مالكاً لها بعد العقد، فلو عرض التلف بعدئذٍ كان مقتضى القاعدة الأوّلية أن يكون في مال المشتري؛ لأنّه طرأ في ملكه، ولكنّه من أجل السيرة العقلائية مضافاً إلى النصّ الناطق بالضمان والانفساخ يلتزم برجوعه آناً مّا إلى البائع وكون التلف في ملكه، ولولا ذلك لم يكن أيّ مقتضٍ لكون التلف منه، بل كان من المشتري لعروض التلف في ملكه حسبما عرفت.
وهذا بخلاف الإجارة؛ فإنّ الملكية فيها تتعلّق بالمنفعة دون العين، والمفروض أنّ المنافع لا وجود لها في المدّة المضروبة لمكان تلف العين وقتئذٍ، فهي طبعاً لم تكن منتقلة إلى المشتري من الأوّل؛ لأنّها بعد افتراض انعدامها لم تكن مملوكة للموجر لكي يتمكّن من تمليكها للمستأجر؛ لعدم قابلية مثلها لتعلّق الملكية بها».

۴.۵ - الانفساخ في إجارة الأعمال


إذا تعذّر العمل بعد عقد الإجارة لعدم القدرة التكوينية بأن عجز عن العمل- كما إذا مرض فلم يتمكّن من العمل في المدّة المقرّرة- وكانت الإجارة بقيد المباشرة، أو لعدم قابلية المحلّ للعمل- كما لو آجر لحفر بئر في محلّ خاص، ثمّ تبيّن عدم إمكان الحفر هناك- أو لانتفاء الموضوع الذي استؤجر لأجله بأن آجر الطبيب للمعالجة فشفي قبل ذلك أو زال المرض، ففي مثل هذه الموارد يبدو أنّ الانفساخ بمعنى البطلان، يعني بطلان الإجارة من الأوّل.

۴.۵.۱ - قول السيد اليزدي


قال: «لا يبعد أن يقال: إنّه يوجب البطلان‌ إذا كان بحيث لو كان قبل العقد لم يصحّ معه العقد». وعلّق عليه بعض المحشّين: بأنّ هذا إذا لم يمض عليه زمان كان يمكن العمل فيه ولكنّه أخّره اختياراً ، وإلّا كانت الإجارة صحيحة للمقدورية والمملوكية، وإنّما كان من باب التفويت وعدم العمل الموجب للانفساخ.
وكذا إذا تعذّر الانتفاع للمزاحمة كما إذا آجرت الزوجة نفسها للإرضاع ولو لعدم المنافاة لحقّ الزوجية لسفر الزوج وغيبته أو مرضه، فاتّفق عود الزوج وزوال المرض وطالبها بالاستمتاع في الزمان المعيّن للإجارة، فالمشهور أنّه تنفسخ الإجارة عندئذٍ، والمراد من الانفساخ هو البطلان هنا.
[۳۵] الإجارة (بحوث في الفقه)، ج۱، ص۱۸۵.
نعم، إذا تعذّر العمل في الأثناء- كأن استأجر شخصاً لحفر بئر بمقدار معيّن وحفر بعض ما قوطع عليه، ثمّ تعذّر حفر الباقي لمانع يمنع من ذلك، أو آجرت الزوجة نفسها وفي أثناء المدة و الإرضاع حضر الزوج، وكان على وجه ينافي حقّه- فقد ذهب الفقهاء إلى انفساخ الإجارة بالنسبة إلى ما بقي من المدّة دون ما مضى.

۴.۴.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال: «وإن لم يمكن حفره ولا نقبه انفسخ العقد فيما بقي».

۴.۵.۳ - قول الكيدري


قال: «ولا يجوز الاستئجار لحفر البئر حتى يكون المعقود عليه معلوماً بتقدير المدّة وتقدير نفس العمل، كأن يقول: اكتريتك لتحفر لي بئراً يوماً فصاعداً في هذه الأرض في عرض كذا، وعمق كذا ذراعاً، فإن استقبله حجر ولم يمكنه حفره أو نقله، انفسخ العقد فيما بقي دون ما حفر».
[۳۸] إصباح الشيعة، ج۱، ص۲۷۹- ۲۸۰.
وقال السيّد اليزدي: «ولو كان (الزوج‌) غائباً فآجرت نفسها للإرضاع فحضر في أثناء المدّة وكان على وجه ينافي حقّه انفسخت الإجارة بالنسبة إلى بقية المدّة».

۴.۶ - الانفساخ في العقود الإذنية


وقبل التعرّض لذلك لابدّ من إيضاح أمر به يتّضح جريان الانفساخ فيها وعدم جريانه، وهو هل العقود الإذنية حاوية لملامسات العقد أو أنّها إنّما تسمّى عقوداً لمجرّد التشابه الظاهري؟ ظاهر عدّة من الفقهاء أنّ إدراج العقود الإذنية في العقود نوع مسامحة؛ وذلك لأنّ العقد عهد مؤكّد ولا عهد في العقود الإذنية، وإنّما قوامها بالإذن فقط، وإنّما أدرجوها في العقود لمكان اشتمالها على الإيجاب والقبول، ومن هنا قالوا بأنّها غير داخلة في العقد موضوعاً، فلا تشملها أدلّة الوفاء بالعقد تخصّصاً لا تخصيصاً.
[۴۳] مباني العروة (المضاربة)، ج۱، ص۴۱.

=====قول المحقق النائيني====
قال المحقّق النائيني : «وفي إدراجها في العقود مسامحة؛ لأنّ العقد عبارة عن العهد المؤكّد ولا عهد في العقود الإذنية؛ لأنّ قوامها إنّما هو بالإذن فقط، وإنّما أدرجوها في العقود لمكان اشتمالها على الإيجاب والقبول، وعلى هذا فلا يشملها عموم (قوله تعالى‌) «أَوفُوا بالعُقُودِ» تخصّصاً لا تخصيصاً، وإنّما قيّدنا الوكالة بالإذنية لإخراج ما كان منها مندرجاً تحت العقود حقيقةً، وهي التي تشتمل على شرائط العقد على ما قرّر في محلّه». وقال في موضع آخر: «أمّا العقود الإذنية فتسمّى عقوداً؛ لأنّها ترتبط بشخصين، لا أنّ فيها عهداً وعقداً، فقوله عزّ من قائل: «أَوفُوا بِالعُقُودِ» لا يشمل هذه العقود».
ومن هنا لا تجري فيها أصالة اللزوم، لأنّ قوامها بالإذن، فإذا ارتفع بفسخ المالك ونحو الفسخ يرتفع المنشأ قطعاً. وقال في موضع ثالث: بأنّ «ملاكه (ملاك الردّ) في العقود الإذنية- مثل الوكالة ونحوها- هو الرجوع عن الإذن ، فكلّ فعل يكون مصداقاً للرجوع يقع به الفسخ». وعلى هذا الأساس حيث إنّ العقود الإذنية لا تتضمّن تمليك ولا تملّك ولا التزام ، بل هي محض إذن فلم يكن للانفساخ فيها وجه.

۴.۴.۴ - قول السيد الخوئي


قال- تعليقاً على فتوى السيّد اليزدي: «إذا أذن في مضاربة الغير، فإمّا أن يكون بجعل العامل الثاني عاملًا للمالك، أو بجعله شريكاً معه في العمل والحصّة، وإمّا بجعله عاملًا لنفسه، أمّا الأوّل فلا مانع منه، وتنفسخ مضاربة نفسه على الأقوى» -: «بل الأقوى البقاء، بل لم يظهر للانفساخ وجه صحيح؛ فإنّ المضاربة من العقود الإذنية الجائزة، ولا تتضمّن أيّ تمليك أو تملّك، وإنّما هي عبارة عن الإذن في التصرّف بالمال».
[۵۰] مباني العروة (المضاربة)، ج۱، ص۹۴.

بل ليس فيها التزام،
[۵۱] التذكرة، ج۱۶، ص۳۵۱.
وما دام لم يكن التزام لا معنى للانفساخ، فإنّ الفسخ والانفساخ إنّما يتصوّر فيما كان هناك عقد وشدّ والتزام، وإذا كان كلّ ذلك مفقوداً في العقود الإذنية فلا وجه للانفساخ. ومع ذلك تجد في عبارات الفقهاء استعمال الانفساخ في موارد العقود الإذنية. قال العلّامة: تنفسخ الشركة بموت أحدهما أو جنونه وإغمائه والحجر عليه للسفه كالوكالة.
[۵۲] التذكرة، ج۱۶، ص۳۵۱.
وقد تقدّمت عبارة السيّد اليزدي: «فلا مانع منه، وتنفسخ مضاربة نفسه»، مع احتمال كونه بمعنى البطلان، حيث إنّهم كثيراً مّا يعبّرون مكان البطلان بالانفساخ، ويشهد لذلك ما قاله السيّد الخوئي- في مورد تلف المبيع الموجب لبطلان العقد-: «والتعبير بالانفساخ الواقع في بعض الكلمات المشعر بالفساد من الآن مسامحة في التعبير، يعنون به الصحّة ظاهراً إلى الآن».

۴.۷ - زمان الانحلال بالانفساخ


قد يتعرّض العقد إلى الانفساخ بأحد أسبابه المعروفة، سواء كانت من الأسباب الاختيارية- كالفسخ بالخيار أو بالإقالة- أو كانت من الأسباب القهرية (اللا اختيارية) كما في تلف العين المعقود عليها قبل قبضها، أو أيّ سبب آخر بحسب اختلاف العقود. وقد وقع الكلام بين الفقهاء في أنّ الانفساخ هل يؤثّر في انحلال العقد من حينه، أو يكون من أصل العقد وبدء انعقاده ، بحيث يفرض العقد كأنّه لم يكن؟ ووقع البحث بينهم أيضاً فيما يترتّب على القولين من ثمرة، فذهب البعض إلى أنّ الانحلال يكون من حين الفسخ أو أيّ سبب آخر للانفساخ، فمن ذلك الوقت يحكم بانحلال العقد، ولا أثر للفسخ فيما قبل حدوثه، فيكون العقد منتفياً من حين الفسخ لا من حين انعقاده.
واختار البعض الآخر الانحلال من الأصل ومن حين إنشاء العقد، بحيث يفرض العقد الواقع كأنّه لم يكن، قال السيّد الخوئي في باب الإجارة وفسخها أثناء المدّة: «وهذا (الانحلال من الأصل‌) هو الأظهر؛ لما عرفت... من أنّ مرجع جعل الخيار- إمّا مطلقاً أو مشروطاً بحصول شي‌ء- إلى أنّ التزامه بأصل العقد منوط ومعلّق على عدم الفسخ... وقد فسخ المستأجر خارجاً، فمعناه أنّه لم يكن ملتزماً بالعقد الموجود بينهما من لدن حدوثه، فالإنشاء وإن كان من الآن إلّاأنّ أثره من الأوّل، فالتأخّر إنّما هو في إنشاء الفسخ و إبراز حلّ العقد... وعليه فبعد الفسخ يفرض العقد كأن لم يكن».
وكيف كان، فيترتّب على القولين بعض الآثار، منها:

۴.۷.۱ - النماء الحاصل بين العقد والانفساخ


من القواعد التي ذكرها الفقهاء في أبواب العقود قاعدة (كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه)، وقد فسّرت القاعدة بانفساخ البيع عند تلف المبيع قبل إقباض البائع للمشتري ووجوب ردّ الثمن إليه. ويتفرّع عليها البحث في أنّ النماءات الحاصلة بعد العقد وقبل التلف هل هي للبائع- بناءً على انفساخ العقد وانحلاله من أصله- أم هي للمشتري بناء على انحلال العقد من حين التلف؟
ذهب إلى الثاني جمع من الفقهاء، منهم المحقّق النجفي، حيث قال: «وكيف كان، فالنماء بعد العقد قبل التلف للمشتري كما في المسالك وغيرها، بل قيل: إنّه يظهر منه دعوى الوفاق عليه؛ لأنّه نماء ملكه، فالقاعدة و استصحاب الحالة السابقة يقضيان بأنّ الفسخ من حينه، فاحتمال كون الفسخ من الأصل- كما عن التذكرة حكايته- ضعيف، لكن في الرياض أنّه ينافي الفسخ من حينه ظاهر النصّ وفتوى الجماعة، فيحتاج إلى تقدير دخوله في ملك البائع آناً مّا ويكون التلف كاشفاً... قلت: قد لا يحتاج إلى هذا التقدير، ويكون المراد من النص والفتوى أنّ حكم هذا التالف حكم ما لو كان مالًا للبائع، أي لا يستحقّ بالعقد ثمناً على المشتري».
وقال المحقّق البجنوردي : «والحقّ في هذا المقام بعد أن قلنا بحصول الملكية بنفس العقد وليس حصولها متوقّفاً على القبض- كما نسب إلى الشيخ قدس سره- وقلنا: إنّ التلف يوجب انحلال العقد آناً مّا قبل التلف لا من أوّل الأمر - كما هو الصحيح والمختار- فلا يبقى وجه لرجوع النماء المنفصل إلى المالك قبل العقد؛ لأنّ النماء حصل في ملك من انتقل إليه».

۴.۷.۲ - الإجارة والاجرة مع حصول الانفساخ في المدة


حكم مشهور الفقهاء في هذه المسألة بثبوت الاجرة المسمّاة بالنسبة إلى ما مضى من المدّة ويرجع منها بالنسبة إلى ما بقي، وقد أفاد السيّد الخوئي بأنّ المسألة مربوطة بكون الفسخ من حينه أو من أصل بدء العقد، فعلى القول بأنّه من حينه يتمّ ما ذكره المشهور من تحقّق الانفساخ للإجارة بالنسبة للمدّة الباقية دون الماضية؛ لأنّ العقد كان صحيحاً فيه، فتثبت الاجرة المسمّاة بالنسبة إلى ما مضى، وعلى القول بأنّ الفسخ من أصله يثبت الانفساخ في تمام المدّة، فيرجع تمام المسمّى، ويكون للمؤجر اجرة المثل عمّا مضى من المدّة. وقد اختار هو أنّ الفسخ وإن كان من حينه ولكنّه بنحو الكشف الحكمي، أي من حين الفسخ يفترض كأنّ العقد لم يكن من أوّل الأمر، فتترتّب تمام آثار عدمه من أوّل الأمر، ومنه رجوع تمام المسمّى.
وقد ناقشه في ذلك بعض الفقهاء المعاصرين حيث أفاد بأنّ المسألة لا ربط لها بمسألة الفسخ وأنّه من حينه أو من أصله، حيث قال: «حتى لو قيل بأنّ الفسخ حلّ للعقد من حينه إلّاأنّ هذا لا يعني صحّة العقد بالنسبة للمدّة المنصرمة من المنفعة؛ فإنّ هذا من الخلط بين أخذ الزمان الماضي ظرفاً للعقد أو ظرفاً لمتعلّقه، وهو المعوّض، فإنّ كون الفسخ من حينه لا من أصله معناه أنّ العقد بما هو عقد وقرار له حدوث وبقاء غير منحلّ قبل زمان الفسخ، وإنّما ينفسخ هذا القرار في الظرف الثاني، أي بعد زمان الفسخ ومن حينه، ولكن المتعلّق للعقد وللقرار هو تمام المسمّى في طرف العوض وتمام المنفعة في طرف المعوّض، وحيث إنّ المنفعة تدريجية الوجود فبعضها يكون في الزمان السابق قبل الفسخ، فعندما ينحلّ العقد في الزمان الثاني لا محالة يرجع ما هو طرفاه- وهو المنفعة في تمام ذلك الزمان حتى في الماضي- إلى الموجر؛ لأنّ المضي هنا قيد في متعلّق العقد لا ظرف له».
[۶۳] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۱، ص۲۹۴.


۴.۸ - أسباب الانفساخ


أسباب الانفساخ، لانفساخ العقود والمعاملات أسباب مختلفة، فمنها: ما هو اختياري بيد كلا المتعاقدين أو أحدهما، ومنها: ما هو قهري لا اختياري يتحقّق معه الانفساخ بلا إرادة من العاقدين، ولا يمكن معها استمرار العقد، فيقع البحث في بيان أسباب الانفساخ طبق هذا التقسيم.

۴.۹ - آثار الانفساخ


ذكر الفقهاء آثاراً لانفساخ العقود، وتختلف هذه الآثار باختلاف العقود واختلاف أسباب الانفساخ، واختلاف التعهّد والالتزام فيها، وطبيعة المعقود عليه وما يطرأ عليه من تغيير بعد العقد من زيادة أو نقصان ونحوهما، وما يترتّب عليه من استحقاق وغير ذلك. ومن الآثار التي ذكروها لانفساخ العقود ما يلي:

۴.۹.۱ - رجوع كل مال إلى صاحبه قبل العقد


من الواضح والمسلّم به في عقود المعاوضات أنّ انفساخ المعاوضة يقتضي دخول ما خرج من المال إلى كيس صاحبه، وخروج ما دخل فيه من عوض إلى كيس الطرف الآخر، وكأنّ شيئاً لم يكن. ومن الواضح أنّ هذا إمّا يكون في العقود الفورية التنفيذ- كالبيع- فمتى ما انفسخ عقد البيع- كما لو تلف المبيع قبل القبض- فسيرتفع العقد الذي كان قد وقع، وسيغدو الأمر وكأنّ شيئاً لم يحدث، فلا بيع ولا مبادلة بين عوضين لنرتّب عليهما الآثار بعد الانفساخ، ويرجع المشتري على البائع بالثمن إذا كان قد أقبضه.
أمّا في العقود المستمرّة التنفيذ- كالإجارة- فلا معنى لرفع العقد من أصله بالمعنى الذي ذكرناه إذا تلفت العين المستأجرة في أثناء المدّة، بل يبطل العقد إذا كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل؛ لانكشاف عدم إمكان استيفاء المنفعة، وإن كان أثناء المدّة فسيبطل العقد في المدّة الباقية. قال السيّد الخوئي: «إذا آجره داراً فانهدمت بحيث خرجت عن قابلية الانتفاع بتاتاً، فإنّه تجري حينئذٍ الأحكام المتقدّمة من أنّ الانهدام إن كان قبل القبض أو بعده بلا فصل يحكم بالبطلان؛ لانكشاف عدم المنفعة، وإن كان في أثناء المدّة بطلت الإجارة في المدّة الباقية».
ويتفرّع على رجوع المبيع أو الثمن إلى مالكه مسألة ما إذا كان العوض قد تغيّر عمّا كان عليه قبل العقد، أو تلف في يد من كان عنده، فمن الواضح أنّ انفساخ العقد يوجب زوال أثره وردّ المعقود عليه إلى من كان يملكه قبله، فإذا كان المبيع- مثلًا- أو الثمن قائماً بنفسه ولم يتغيّر يردّ بعينه إلى مالكه، أمّا إذا كان الثمن في يد البائع وتلف المبيع قبل إقباضه للمشتري فما عليه النص هو كون التلف من البائع ورجوع الثمن إلى المشتري. ولو كان الثمن قد تغيّر بزيادة أو نقيصة أو تلف في يد البائع فعلى البائع ضمان تلفه للمشتري بالمثل أو القيمة. وذكر الفقهاء أيضاً مسائل في المقام تتعلّق بالزيادة أو النماء الحاصل للمبيع أو الثمن، والحكم فيها لو تلف الأصل وانفسخ العقد، وتفصيلها في محالّها.

۴.۹.۲ - انفساخ النكاح ورجوع المهر إلى الزوج


قد يقع البحث في رجوع المهر إلى الزوج لو انفسخ النكاح لمانع من استمراره، كما لو كان للرجل زوجتان، إحداهما كبيرة والثانية رضيعة، فأرضعت الزوجة الكبيرة الصغيرة رضاعاً محرّماً. وقد ذكرت وجوه متعدّدة في القول بحرمة الكبيرة والصغيرة بذلك على الزوج، وقد نوقش فيها أيضاً. وكيف كان، فعلى القول بالانفساخ يقع الكلام في استحقاق الصغيرة للمهر بانفساخ نكاحها بإرضاع الزوجة الكبيرة لها أو سقوطه. وقد نسب إلى المشهور سقوط المهر مطلقاً، والوجه لهذا القول هو: أنّ مقتضى انفساخ العقد رجوع كلّ من العوضين إلى صاحبه الأوّل، وفي المقام حيث انفسخ العقد وبطل بسبب الرضاع فلازمه رجوع المهر إلى الزوج.
[۶۵] أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۵۷.

وقد نوقش هذا الوجه بأنّ عقد النكاح لا يقاس على العقود المتقوّمة بالمعاوضة- كالبيع والإجارة- فإنّه لا معاوضة في النكاح بين المهر والزوجية، ولا بينه وبين الاستمتاع بشهادة العرف والشرع، فإنّ عنوان الزوجية أو الاستمتاع بالزوجة لا يقابل بالمال لا عرفاً ولا شرعاً. ومن هنا لا يكون قاتل الزوجة ضامناً لمهر الزوجة، مضافاً إلى الدية، ولا يكون حابسها ضامناً لقيمة الاستمتاع بها حتى عند العرف، بل المعاوضة في باب النكاح بين نفس الزوجين، وثبوت المهر حكم شرعي تعبّدي، وليست له جهة العوضية في عقد النكاح. نعم، في صورة فسخ أحد الزوجين العقد باختياره بالعيوب المعلومة في الزوج أو الزوجة يرجع المهر إلى الزوج؛ وذلك لفرض العقد كأن لم يكن، فلا تستحقّ الزوجة مهراً.
وأمّا في صورة انفساخ العقد وبطلانه في الأثناء بغير إرادتهما فليس الأمر كذلك، بل تستحقّ الزوجة تمام المهر لثبوته بالعقد، ولا دليل على رجوعه إلى الزوج، إلّافي الطلاق قبل الدخول حيث جاء الدليل برجوع نصفه إلى الزوج، وفي موت أحدهما قبل الدخول كذلك، ولم يقم دليل على الرجوع في غير هذين الموردين.
[۶۸] أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۵۷- ۱۵۹.


۴.۹.۳ - ضمان الخسارة الناشئة عن الانفساخ


لو صدر فعلٌ من شخص لا يملك حقّ فسخ العقد، فانفسخ العقد بفعله، كما لو أتلف ثالثٌ العين المعقود عليها، أو أزال- عدواناً- أهلية أحد المتعاقدين، فهل يضمن الخسائر الناجمة عن انفساخ العقد أم لا؟ يمكن أن يستظهر من الفقهاء بقرينة ما ذكروه في مسألة إرضاع الزوجة الكبيرة للصغيرة وجود قول بالضمان مطلقاً، وقول بعدمه كذلك، وقول بالتفصيل، فقد طرحوا هناك مسألةً، وهي: أنّ المرضعة- سواء كانت الزوجة الكبيرة أو امّ الزوج أو بنتها أو اختها أو غيرهنّ ممّن يوجب إرضاعها بطلان نكاح الصغيرة- هل تضمن المهر للزوج على تقدير استحقاق الصغيرة له؟ ذكرت في المقام عدّة وجوه:
أ- ما نسب إلى المشهور وهو الضمان مطلقاً. واستدلّ له بقاعدة الإتلاف المتسالم عليها عند العقلاء والممضاة شرعاً، وبقاعدة نفي الضرر، بدعوى أنّ المرضعة صارت سبباً لتضرّر الزوج، حيث إنّه ببطلان النكاح تضرّر بتسليم مقدار المهر المسمّى الذي لم يحصل له في مقابله شي‌ء، وببعض الأخبار الضعيفة السند. وقد نوقش في هذه الأدلّة.
[۶۹] أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.

ب- ما ذهب إليه بعض المعاصرين من عدم الضمان مطلقاً.
[۷۰] أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.

ج- التفصيل بين الإرضاع الاختياري وغيره كالمضطرّة والمكرهة، فتضمن في الأوّل ولا تضمن في الثاني.
[۷۱] أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.
وعلى القول بثبوت الضمان عليها فهل تضمن المهر المسمّى أو مهر المثل؟ فيه بحث يأتي في محلّه.

۴.۹.۴ - بطلان الاستحقاق المترتب على العقد بانفساخه


من الواضح أنّه إذا ترتّب على عقدٍ من العقود استحقاقٌ مّا فإنّه يترتّب عليه بمجرّد تحقّقه، فلو انفسخ فإن كان الاستحقاق مترتّباً على مجرّد حدوثه ولو زال بقاءً كفى في بقائه ولو انفسخ العقد بعد ذلك، أمّا لو كان مترتّباً عليه ببقائه فإنّ الانفساخ يعدم بقاءه، فيبطل الأثر أو الاستحقاق. من أمثلة ذلك أنّ الفقهاء ذكروا في باب الشفعة أنّ الشفعة إنّما يستحقّها الشفيع لو أقدم الشريك على بيع حصّته من ثالث وكان الشفيع قادراً على الثمن دافعاً له غير مماطل، إلى غير ذلك من الشرائط المذكورة في محلّها.
وذكروا أيضاً بأنّ الشفعة الثابتة للشفيع تبطل فيما لو انفسخ عقد المشتري بأيّ سبب من أسباب الانفساخ؛ وذلك لأنّ الشفعة إنّما استحقّت به. قال المحقّق الحلّي : «ولو بان الثمن مستحقّاً بطلت الشفعة؛ لبطلان العقد...وكذا لو تلف الثمن المتعيّن قبل قبضه؛ لتحقّق البطلان، على تردّد في هذا».


 
۱. العين، ج۴، ص۲۰۲.    
۲. الصحاح، ج۱، ص۴۲۹.    
۳. لسان العرب، ج۳، ص۴۴-۴۵.    
۴. محيط المحيط، ج۱، ص۶۸۹.
۵. القاموس الفقهي، ج۱، ص۲۸۵.    
۶. معجم لغة الفقهاء، ج۱، ص۳۴۶.    
۷. المصباح المنير، ج۱، ص۵۲.
۸. معجم لغة الفقهاء، ج۱، ص۳۴۶.    
۹. مصطلحات الفقه، ج۱، ص۸۱.
۱۰. معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ج۱، ص۶۴.
۱۱. معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ج۱، ص۱۲۱.
۱۲. بلغة الفقيه، ج۱، ص۱۵۷.    
۱۳. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۳، ص۴۵۱- ۴۵۲.
۱۴. الخيارات (الأراكي)، ج۱، ص۶۰۳- ۶۰۴.
۱۵. المبسوط، ج۲، ص۸۰.    
۱۶. المهذّب، ج۱، ص۳۵۴.    
۱۷. التحرير، ج۲، ص۲۹۳.    
۱۸. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۶۴.    
۱۹. المنهاج (الحكيم)، ج۲، ص۴۱، م ۱۱.
۲۰. المنهاج (الخوئي)، ج۲، ص۳۰، م ۱۱۵.    
۲۱. المنهاج (السيستاني)، ج۲، ص۴۲، م ۱۲۰.    
۲۲. القواعد، ج۳، ص۲۰۱.    
۲۳. كشف اللثام، ج۸، ص۳۶۰.    
۲۴. الأقطاب الفقهية، ج۱، ص۱۱۶.    
۲۵. المبسوط، ج۳، ص۲۲۳.    
۲۶. القواعد، ج۲، ص۲۸۹.    
۲۷. القواعد، ج۲، ص۲۸۳.    
۲۸. مفتاح الكرامة، ج۷، ص۹۱.
۲۹. العروة الوثقى، ج۵، ص۴۳- ۴۴، م ۷.    
۳۰. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۱۸۰.    
۳۱. العروة الوثقى، ج۵، ص۵۲، م ۱۳.    
۳۲. العروة الوثقى، ج۵، ص۵۳، م ۱۳، تعليقة آقا ضياء.    
۳۳. العروة الوثقى، ج۵، ص۳۸، م ۱، تعليقة آقا ضياء.    
۳۴. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۳۶۳.    
۳۵. الإجارة (بحوث في الفقه)، ج۱، ص۱۸۵.
۳۶. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۳۶۳.    
۳۷. المبسوط، ج۳، ص۲۳۷.    
۳۸. إصباح الشيعة، ج۱، ص۲۷۹- ۲۸۰.
۳۹. العروة الوثقى، ج۵، ص۱۰۶، م ۸.    
۴۰. حاشية المكاسب (الآخوند)، ج۱، ص۲۰.    
۴۱. المكاسب والبيع، ج۱، ص۸۲.    
۴۲. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۵، ص۱۹۸- ۲۰۶.    
۴۳. مباني العروة (المضاربة)، ج۱، ص۴۱.
۴۴. المائدة/سورة ۵، الآية ۱.    
۴۵. المكاسب والبيع، ج۱، ص۸۱- ۸۲.    
۴۶. منية الطالب، ج۱، ص۸۹.    
۴۷. منية الطالب، ج۳، ص۱۶.    
۴۸. المكاسب والبيع، ج۲، ص۲۵۶.    
۴۹. العروة الوثقى، ج۵، ص۱۸۷.    
۵۰. مباني العروة (المضاربة)، ج۱، ص۹۴.
۵۱. التذكرة، ج۱۶، ص۳۵۱.
۵۲. التذكرة، ج۱۶، ص۳۵۱.
۵۳. العروة الوثقى، ج۵، ص۱۸۷.    
۵۴. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۱۷۴.    
۵۵. الدروس، ج۳، ص۲۴۳.    
۵۶. الروضة، ج۳، ص۵۰۲.    
۵۷. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۱۷۶.    
۵۸. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۲، ص۷۹.    
۵۹. المستدرك، ج۱۳، ص۳۰۳، ب ۹ من الخيار، ح ۱.    
۶۰. جواهر الكلام، ج۲۳، ص۸۴.    
۶۱. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۲، ص۹۴.    
۶۲. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۱۷۵-۱۷۶.    
۶۳. الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۱، ص۲۹۴.
۶۴. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۱۸۱-۱۸۲.    
۶۵. أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۵۷.
۶۶. الوسائل، ج۲۱، ص۳۱۳، ب ۵۱ من المهور.    
۶۷. الوسائل، ج۲۱، ص۳۲۶، ب ۵۸ من المهور.    
۶۸. أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۵۷- ۱۵۹.
۶۹. أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.
۷۰. أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.
۷۱. أحكام الرضاع، ج۱، ص۱۶۰.
۷۲. الشرائع، ج۴، ص۷۸۸.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۳۸۲-۴۱۱.    



جعبه ابزار