الشفعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي: استحقاق في حصة الشريك لانتقالها
بالبيع؛ والنظر فيه يستدعي أمورا: الاول: ما تثبت في الشفعة؛ الثاني: في
الشفيع؛ الثالث: في كيفية الاخذ؛ ومن اللواحق مسألتان.
وهي فُعْلَة من قولك: شفعت كذا بكذا إذا جعلته شفيعاً به أي زوجاً، كأنّ
الشفيع يجعل نصيبه شفيعاً بنصيب شريكه. وأصلها التقوية
والإعانة، ومنه
الشفاعة والشفع.
وشرعاً: ما عرّفه
الماتن هنا بقوله: الشفعة استحقاق حصّة الشريك لانتقالها
بالبيع وكذا في
الشرائع إلاّ أنّه بدّل حصّة الشريك بقوله: أحد الشريكين حصّة شريكه. ولعلّه أجود لما فيه من التنبيه على اتّحاد
الشريك المشترط في ثبوتها كما يأتي.
والاستحقاق بمنزلة الجنس يدخل فيه استحقاق الشخص مال آخر
بالإرث، والاستحقاق
بالحيازة والإحياء وغيره. وبقيد المستحقّ بكونه أحد الشريكين خرج منه استحقاق من ليس بشريك ولو بحصّة أُخرى ببيع وغيره. وخرج بقيد انتقالها بالبيع ما إذا استحقّ أحد الشريكين حصّة الآخر بهبة وغيرها.
وهذا التعريف وإن انتقض في طرده بأُمور، منها: ما لو باع أحد الشريكين حصّته للآخر، فإنّه يصدق عليه أنّ المشتري قد يستحقّ حصّة شريكه الآخر بسبب انتقالها بالبيع.
إلاّ أنّه أجود ممّا عرّفها به في
القواعد من أنّها استحقاق الشريك انتزاع حصّة شريكه المنتقلة عنه بالبيع
؛ لانتقاضه طرداً زيادة على ما ينتقض به الأوّل بأنّه قد يستحقّ الشريك حصّة شريكه المنتقلة عنه بالبيع لا بسبب الشفعة، بل بسبب آخر كالإرث وغيره. وإنّما لا ينتقض ما هنا به؛ لتعليل الاستحقاق بالانتقال بالبيع ليخرج عنه ما كان الانتقال لا به، بل بغيره من النواقل
كالهبة والإصداق والصلح ونحو ذلك، هذا.
والتحقيق أنّ هذه التعريفات اللفظيّة لا يقدح فيها ما يورد أو يرد عليها من النقض والمناقشة، فإنّما المقصود منها التمييز في الجملة ليتذكّر فيترتّب عليها الأحكام بسهولة، وإنما يحصل تمام التمييز بالعلم بالشرائط من الأدلّة.
والأصل فيها بعد الإجماع المحقّق المحكيّ في كلام جماعة
السنّة المستفيضة، بل
المتواترة من طريق الخاصّة والعامة، وستتلى عليك جملة منها في الأبحاث الآتية.
والنظر فيه أي في هذا الكتاب يستدعي أن نذكر فيه أُموراً.
•
متعلق الشفعة، تثبت في الأرضين والمساكن إجماعا
؛ وهل تثبت فيما ينقل كالثياب والأمتعة؟ فيه قولان
، والأشبه: الاقتصار على موضع
الإجماع؛ وتثبت في
النخل والشجر والأبنية تبعا للأرض
، وفي ثبوتها في الحيوان قولان
، المروي: أنها لا تثبت
؛ ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره
؛ ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضايد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الأشبه
؛ ويشترط انتقاله بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو
صدقة أو
إقرار؛ ولو كان
الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه
؛ وقال
المرتضى: تثبت
، وهو أشبه
.
•
الشفيع، وهو كل شريك بحصة مشاعة قادر على الثمن
؛ فلا تثبت
للذمي على
مسلم؛ ولا بالجوار
؛ ولا لعاجز عن الثمن
؛ ولا فيما قسم وميز
، إلا بالشركة في الطريق أو النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص
.
ونحوه خبر آخر
؛ وتثبت بين شريكن ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين
؛ ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام، فان لم يحضره بطلت؛ ولو قال أنه في بلد آخر، أجل بقدر وصوله وثلاثة أيام ما لم يتضرر المشتري
؛ وتثبت للغائب
والسفيه والمجنون والصبي ويأخذ لهم الولي مع الغبطة
، ولو ترك الولي فبلغ الصبي أو أفاق المجنون فله الأخذ
.
•
كيفية أخذ الشفيع، ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه
العقد، ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجواهر أخذه بقيمته
؛ وقيل: تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال
؛ وللشفيع المطالبة في الحال، ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته
؛ وفيه قول آخر؛ وكذا لو توهم زيادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان غيره
؛ ولو كان لعذر لم يبطل
؛ ويأخذ الشفيع من المشتري ودركه عليه
؛ ولو انهدم المسكن او عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن أو ترك
؛ وإن كان بفعل المشتري أخذ بحصته من الثمن
؛ ولو اشترى بثمن مؤجل قيل: هو
بالخيار بين الأخذ عاجلا، والتأخير، وأخذه بالثمن في محله
؛ وفي
النهاية يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ويلزم كفيلا إن لم يكن مليئا وهو أشبه
؛ ولو دفع الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم البائع أخذ ولو ترك الشفيع قبل
البيع لم تبطل
؛ أما لو شهد على البائع أو بارك للمشتري أو للبائع أو أذن في البيع ففيه التردد؛ والسقوط أشبه.
•
لواحق الشفعة، الأولى: قال
الشيخ: الشفعة لا تورث
؛ وقال
المفيد، وعلم الهدى: تورث، وهو أشبه
؛ ولو عفا أحد الورثة عن نصيبه أخذه الباقون ولم تسقط.
الثانية: لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن فالقول قول المشتري مع
يمينه لأنه ينتزع الشئ من يده
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۴، ص۵۳-۱۰۴.