استلام الحجر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
من سنن
الطواف استلام
الحجر الأسود .
(واستلامه) قبل
الطواف كما في الصحيح المتقدم وغيره. وفيه، كما في الخبر : «كنت أطوف مع أبي وكان إذا انتهى إلى الحَجَر مسحه بيده وقبّله».
وظاهر الحسن أو الصحيح : «كان
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة».
وأخبار مطلقه كثيرة جدّاً.
قيل : بل في كلّ شوط كما في
الاقتصاد والجمل والعقود والوسيلة والمهذّب والغنية والجامع والمنتهى والتذكرة وفي الفقيه والهداية يحتملان الوجوب وذلك لثبوت أصل الرجحان بلا مخصّص. قال الصدوق في الكتابين : إن لم تقدر فافتح به واختم به. قلت : يوافقه الخبر : «كنّا نقول : لا بُدّ أن يستفتح بالحجر ويختم به، وأمّا اليوم فقد كثر الناس».
وما في
قرب الإسناد للحميري من خبر
سعدان بن مسلم قال : رأيت
أبا الحسن موسى عليه السلام استلم الحجر، ثم طاف حتى إذا كان أُسبوع التزم وسط البيت وترك الملتزم الذي يلتزمه أصحابنا، وبسط يده على
الكعبة ثم مكث ما شاء الله، ثم مضى إلى الحجر فاستمله وصلّى ركعتين خلف
مقام إبراهيم عليه السلام ثم استلم الحجر فطاف حتى إذا كان في آخر السبوع استلم وسط البيت، ثم استلم الحجر، ثم صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ثم عاد إلى الحجر واستلمه، ثم مضى حتى إذا بلغ الملتزم في آخر السبوع التزم وسط البيت وبسط يده، ثم استلم الحجر، ثم صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ثم عاد إلى الحجر واستلم ما بين الحجر إلى الباب.
و استلام الحجر كما في العين وغيره : تناوله باليد أو القبلة. قال
الجوهري : ولا يهمز، لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر، كما تقول : استنوق الجمل، وبعضهم يهمزه. وقال
الزمخشري : ونظيره : استهم القوم إذا جالوا السهام، واهتجم الحالب إذا حلب في الهجم، وهو القدح الضخم. قلت : وأقرب من ذلك : اكتحلت وادّهنت إذا تناول
الكحل والدهن وأصاب منهما. وكأنّ التمسح بالوجه والصدر و
البطن وغيرها أيضاً استلام، كما يعطيه كلام الفاضل في القواعد. وفي الخلاص إنه التقبيل.
وقال ابن سيدة : استلم الحجر واستلامه قبّله أو اعتنقه، وليس أصله الهمزة. وقال
ابن السكيت : همزته العرب على غير قياس لأنه من السلام وهي الحجارة.
وفي السرائر والتحرير والتذكرة والمنتهى عن تغلب : أنه بالهمزة من اللأمة أي الدرع، بمعنى اتخاذه جُنّة وسلاحاً. وقال
ابن الأعرابي : إن
الأصل الهمز وإنه من الملاءمة أي
الاجتماع .
وقال الأزهري : أنه
افتعال من السلام وهو التحية، واستلامه لمسه باليد تحرّياً لقبول السلام منه تبرّكاً به، قال : وهذا كما يقال : اقترأت منه
السلام ، قال : وقد أملى عليّ أعرابي كتاباً إلى بعض أهاليه فقال في آخره : اقترئ مني السلام، قال : وممّا يدل على صحة هذا القول أن
أهل اليمن يسمّون الركن الأسود : المُحيّا، معناه أن الناس يحيّونه بالسلام. انتهى.
وفي
المنتهى والتذكرة : إنه مأخوذ من السلام يعني إنه يحيّي نفسه عن الحجر، إذ ليس الحجر ممّا يحيّيه، كما يقال اختدم إذا لم يكن له خادم وإنما خدم نفسه.
وفي الصحيح : عن استلام الركن، قال : «استلامه أن تلصق بطنك، والمسح أن تمسحه بيدك»
وهو يحتمل الهمز من
الالتئام المنبئ عن
الاعتناق أو التلبس به كالتلبس بالأمة. ثم الركن غير الحجر وإن كان يطلق عليه توسّعاً، ويحتمل ركنه وغيره.
واستحبّ الفاضل في القواعد وفاقاً للمبسوط والخلاف استلامه ببدنه أجمع؛ لأن أصله مشروع للتبرك والتحبّب إليه، فالتعميم أولى، لكن لما يناسب التعظيم والتبرك والتحبب، وهو المراد بالجميع، أو المراد به الاعتناق و
الالتزام فهو تناول له بجميع
البدن وتلبس والتئام- إلى هنا تمام محكي القول في «قيل : بل في كلّ شوط» -.
(و) يستحب (تقبيله) بخصوصه وإن دخل في
الاستلام ؛ للنصوص بالخصوص.
قيل : ولم يذكر الحلبي سواه. وأوجبه سلاّر؛ ولعلّه لأن الأخبار بين آمر به أو بالاستلام، ومقيِّد لتركه بالعذر، وآمر للمعذور بالاستلام باليد أو بالإشارة و
الإيماء ، ولا يعارض ذلك
أصل البراءة .
أقول : سيّما إذا اعتضد بالمعتبرة الناصّة باستثناء المرأة وأنه ليس عليها استلام؛
فإنها كالصريحة في الوجوب على الرجل. لكن يضعّفها وسائر ما ورد
الأمر فيه بالاستلام كونه أعمّ من التقبيل، ولا قائل بوجوبه، وخلوّها أجمع عن الأمر بالتقبيل ربما كان قرينة على كون الأمر به حيثما ورد للاستحباب، سيّما مع اقترانه في مواضع بكثير من الأوامر التي هي له بإجماع الأصحاب، هذا، مع أن الظاهر انعقاد الإجماع على
الاستحباب كما صرّح به في المنتهى،
ولا يضرّ خروج الديلمي، لمعروفيّة نسبه، فيكون شاذّاً. ولكن مراعاته أحوط وأولى. ثم في القواعد : فإن تعذّر يعني الاستلام لجميع البدن فيعضه، أي بما تيسّر منه.
قيل : كما في المبسوط والخلاف، وفيه
الإجماع عليه وأن الشافعي لم يجتزئ به.
ثم فيه : فإن تعذّر فبيده.
قيل : كما في الصحيح
وغيره،
وفي الفقيه و
المقنع والمقنعة والاقتصاد والكافي والجامع والتحرير والتذكرة والمنتهى والدروس أنه يقبّل يده، ويؤيّده أنه المناسب للتبرك والتعظيم والتحبب، وأنه روي أنّ
النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يستلم بالمحجن وقبّل المحجن.
(فإن لم يقدر) من الاستلام باليد (أشار) إلى الحجر (بيده). قيل : كما نصّ عليه الأصحاب، والخبر : عن الحجر ومقاتلة الناس عليه، فقال : «إذا كان كذلك فأوم إليه إيماءً بيدك»
وفي
الفقيه والمقنع والجامع : ويقبّل اليد.
(ولو كانت) اليد (مقطوعة فـ) ليستلم (بموضع القطع) كما في الخبر : «انّ
علياً عليه السلام سئل : كيف يستلم الأقطع؟ يستلم الحجر من حيث القطع، فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله».
(ولو لم يكن له يد) أصلاً (أشار) إليه بوجهه، كما في القواعد.
قيل : ونصّ عليه المحقّق، ويشمله إطلاق الأكثر، والصحيح : «فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه»
بل والصحيح : «إن وجدته خالياً وإلاّ فسلّم من بعيد».
رياض المسائل، ج۷، ص۵۶- ۵۹.