لأنّ ولايته عامّة، وهذا من مواردها.
وأمّا نائبه ومن نصبه للنظر في جهة يذمّ أهل تلك الناحية ، عموماً و خصوصاً على حسب ما يراه من المصلحة، وأمّا في غير تلك الناحية فهو كآحاد المسلمين؛
قال: «يجوز للإمام عقد الصلح إجماعاً؛ لأنّ امور الحربموكولة إليه كما كانت موكولة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فإن رأى المصلحة في عقده لواحد فعل، وكذا لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم ولجميع الكفّار بحسب المصلحة؛ لعموم ولايته، ولا نعلم فيه خلافاً.
وأمّا نائبه فإن كانت ولايته عامّة كان له ذلك أيضاً، وإن لم تكن عامّة جاز عقد أمانه لجميع من في ولايته ولآحادهم، وأمّا غير ولايته فحكمه حكم آحاد الرعايا ».
وأمّا آحاد المسلمين فيجوز أن يذمّ الواحدُ من المسلمين وإن كان أدناهم آحاداً من أهل الحرب، عشرة فما دون، ولا يجوز أن يذمّ عامّاً لسائر المشركين، ولا أهل إقليم أو بلدان منه؛ اقتصاراً فيما خالف عموم الأمر بقتل المشركين على ما يستفاد من الأدلّة .
ولكن قال أبو الصلاح الحلبي : «لا يجوز لأحد من المسلمين أن يجير كافراً، ولا يؤمّن أهل حصن ولا قرية ولا مدينة ولا قبيلة إلّا بإذنسلطانالجهاد ، فإن أجار بغير إذنه أثم ووجبت إجازةجواره ، ولم تحقر ذمّته وإن كان عبداً، وأمسك عمّن أجاره من الكفّار حتى يسمع كلام اللَّه».
وفي نكت الإرشاد قال في توضيح ذلك: « النهي إنّما هو أن يذمّ الواحد لقوم، فهذا لا يمضي ذمامه على الإمام عليه السلام، أمّا إذا أذمّ للواحد مضى ذمامه على الكلّ».
وقال: «إنّ المعروف بين الأصحاب أنّ حقّ الأمان الثابت لآحاد من المسلمين محدود إلى عشرة رؤوس من الكفّار وما دونهم، فلا يحقّ لهم أن يعطوا الأمان لأكثر من هذا العدد ، ولكن لا دليل على هذا التحديد ، فالظاهر أنّ لواحد من المسلمين أن يعطي الأمان لأكثر من العدد المزبور لأجل المناظرة في طلب الحقّ».
لكن قد يكون الأقرب حمل هذه الرواية على أنّها تبيّن حكماً في واقعة أو أنّ أهل الحصن عددهم محدود جداً. ولعلّ هذا ما دفع الكثير من الفقهاء للإعراض عنها، و النكتة في ذلك أنّه لو اعطي آحاد المسلمين حقّ إعطاء الأمان لكلّ الكافرين للزم الهرج والمرج، وصار بإمكان أيّ مسلم أن يوقف حروب المسلمين. وهذا كأنّه خلاف المركوز في الذهنالعقلائي والمتشرّعي فيمن له قرارالسلم والحرب.