الأنصاب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي العلامات والأحجار التي تنصب فتعبد من دون الله تعالى في
الجاهلية أو
الأعلام لمنصوبة لتحديد حدود الحرم المكي أو الأعلام التي تنصب في الأماكن التي تحتاج لعلامة يهتدي به الضالّ، واستعمل ندرة ً جمعاً للنصاب في باب
زكاة المال.
الأنصاب: جمع نَصب ونُصُب، وهو العلم المنصوب والعلامة التي تنصب، وما كان ينصب فيعبد من دون اللَّه تعالى، أو حجر كان
أهل الجاهلية ينصبونه ويذبحون عنده وتصبّ عليه الدماء.
والأنصاب من الحرم: حدوده، وهي
أعلام تنصب هناك لمعرفتها.
استعمله الفقهاء بندرة- مضافاً لما ذكر في اللغة- جمعاً للنصاب في باب
زكاة المال،
إلّاأنّه على خلاف اللغة، فإنّ جمع نصاب نصب لا أنصاب كما جاء في عبائر الكثيرين منهم.
الأصنام : وهي ما اتّخذ من دون اللَّه تعالى، واحدها صنم، وهو الوثن.
و
الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم،
قال
ابن الأثير : «الفرق بين الوثن والصنم أنّ الوثن كلّ ما له جثّة معمولة من جواهر
الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة
الآدمي تعمل وتنصب، فتعبد. والصنم: الصورة بلا جثّة. ومنهم من لم يفرّق بينهما وأطلقهما على المعنيين».
والأنصاب بمعناها اللغوي أعم من الأصنام والأوثان وإن اشتهر إطلاقها فيها، كما أنّ الأنصاب التي تذبح لها لم تكن أصناماً وإنّما حجارة.
جمع تمثال وهو الصورة،
فإذا عبدت صارت أصناماً، كما في قوله تعالى: «مَا هذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُم لَهَا عَاكِفُونَ».
والنسبة بين الأنصاب و
التماثيل هي العموم والخصوص من وجه، فليس كلّ تمثال يعدّ علماً منصوباً وعلامة، كما ليس كلّ نصب يكون تمثالًا بل قد يكون شيئاً آخر.
جمع علم، وهو شيء ينصب في الأماكن التي تحتاج لعلامة يهتدي به الضالّ، ويطلق العلم أيضاً ويراد به
الراية التي يجتمع إليها الجند، وكذلك يطلق على أنصاب الحرم.
تعرّض الفقهاء للأنصاب في بعض المواضع في الفقه أهمّها:
ذكر
الفقهاء الأنصاب- بمعنى العلم المنصوب- في
كتاب الحجّ عند بيان حدّ الحرم المكّي، وهي أنصاب الحرم، أيّ العلامات الموضوعة لتشخيص حدود الحرم المكّي عن غيره من حيث ما يترتّب عليه من أحكام الصيد وغيرها.
وقد نقل عن بعض العلماء أنّ
آدم عليه السلام لمّا اهبط إلى الأرض لم يأمن مكر الشيطان، فبعث اللَّه له ملائكة فأحاطوا بمكّة من جوانبها يحرسونه، فمواضعهم حدود الحرم.
ثمّ لمّا بنى
إبراهيم عليه السلام الكعبة علّمه
جبرئيل عليه السلام المناسك وحدود الحرم التي كانت على عهد آدم عليه السلام فاعلمت بالعلائم.
يحرم بيع الأنصاب بمعنى الأوثان والأصنام كما فسّر في بعض الأخبار
وكتب
الفقه في باب
المكاسب المحرّمة ؛
لقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ».
وتفصيل أحكام الأصنام من حرمة عبادتها وبيعها وضمان
إتلافها وغير ذلك يراجع في محلّه.
ويجب
الاجتناب عن الأنصاب، بمعنى الأحجار التي يذبح عليها لغير اللَّه ويتقرّب بذلك لآلهة دونه سبحانه.
ففي الخبر عن
جابر عن
الإمام الباقر عليه السلام قال: «لمّا أنزل اللَّه على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ»، قيل: يا رسول اللَّه، ما الميسر؟ فقال: كلّ ما تقومر به حتى الكعاب والجوز، قيل: فما الأنصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم...».
وقال
الفاضل المقداد : «قوله (تعالى): «وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ»،
أي وحرّم عليكم ما ذبح على النصب، قيل: هو مفرد مثل: عنق، وجمعه: أنصاب كأعناق، وهي حجارة منصوبة حول البيت كانوا يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها يعظّمونها بذلك ويتقرّبون به إليها.
وقيل: هي الأصنام، و (على) إمّا بمعنى اللام، وإمّا على أصلها، فتقديره: وما ذبح مسمّى على الأصنام».
ولمّا حرّمت
الشريعة الذبح لهذه الأنصاب تقرّباً لغير اللَّه تعالى، أمرت بأن يكون الذبح له سبحانه، وأمرت بذكره على الذبيحة على تفصيل يراجع في محلّه.
وهي العلامات التي تنصب في أماكن محدّدة شرعاً- نحو الحرم، و
منى ، و
المشعر الحرام - لبيان حدود كلّ منها،
وهي حاليّاً أنصاب مبنية مكتوب عليها
اسم العلم باللغات العربية والأعجمية. و
الاهتمام بهذه الأعلام مطلوب شرعاً حتى لا تضيع حدود الحرم ومنى والمشعر الذي تترتّب عليه آثار شرعية خاصة.
وهي العلامات التي توضع في الطرق لتعيين المسافة أو حدّ السرعة أو عدم السبقة ونحوه، فقد أفتى الفقهاء بعدم جواز مخالفتها إذا كانت من ضمن قوانين
الجمهورية الإسلامية الشرعية.
وقال بعض آخر بعدم جوازه، فيما لو أوجب التصادم المؤدّي إلى الموت أو الجرح أو الضرر بحيث احتمل وقوع ضرر على نفسه أو غيره.
ولعلّه يمكن أن يضاف إليه لزوم
الالتزام بقوانين المرور وأنصاب الطرق في غير
الدولة الإسلامية الشرعية إذا كان ذلك مشمولًا لعقد واتّفاق بين تلك الدول وبين المسلم الوافد إليها، كما في تأشيرة الدخول أو رخصة
الإقامة في ذلك البلد.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۲۳۷-۲۴۰.